وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال : ( نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال هل كان فيها وثن فن أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال : فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟، قالوا: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم ) رواه أبو داود، وإسناده على شرطهما
" قوله : ( عن ثابت بن الضحاك ) أي : ابن خليفة الأشهلي، صحابي مشهور، روى عنه أبو قلابة وغيره، مات سنة أربع وستين "
" قوله : ( ببوانة ) بضم الباء، وقيل : بفتحها .
قال البغوي : موضع في أسفل مكة دون يلملم .
قال أبو السعادات : هضبة من وراء ينبع "
" قوله : ( فهل كان فيها وثمن من أوثان الجاهلية يعبد؟ ) فيه: المنع من الوفاء بالنذر إذا كان في المكان وثن، ولو بعد زواله. قاله المنصف رحمه الله تعالى، وهو شاهد الترجمة "
" قوله : ( فهل كان فيها عيد من أعيادعم ؟ ) "
" قال شيخ الإسلام : العيد : اسم لما يعود من الإجتماع العام على وجه معتاد ؛ عائد إما بعود السنة، أو بعود الأسبوع، أو الشهر ونحوه .
والمراد به هنا : الإجتماع المعتاد من اجتماع أهل الجاهلية، فالعيد يجمع أمورا : منها : يوم عائد ؛ كيوم الفطر، ويوم الجمعة . ومنها : اجتماع فيه . ومنها : أعمال تتبع ذلك ؛ من العبادات أو العادات
وقد يختص العيد بمكان بعينه، وقد يكون مطلقا "
" وكل من هذه الأمور قد يسمى عيدا، فالزمان : كقول النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة ( إن هذا يوم جعله الله للمسلمين عيدا ) "
" والإجتماع والأعمال : كقول ابن عباس رضي الله عنه : شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم "
" والمكان : كقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تتخذوا قبري عيدا ) "
" وقد يكون لفظ ( العيد ) اسما لمجموع اليوم والعمل فيه، وهو الغالب "
" كقول النبي صلى الله عليه وسلم ( دعهما يا أبا بكر ؛ فإن لكل قوم عيدا ) انتهى "
" وقد أحدث هؤلاء المشركون أعيادا عند القبور التي تعبد من دون الله، ويسمونها عيدا ؛ كمولد البدوي في مصر وغيره، بل هي أعظم ؛ لما يوجد فيها من الشرك والمعاصي العظيمة "
"قال المصنف رحمه الله تعالى : وفيه استفصال المفتي، والمنع من الوفاء بالنذر بمكان عيد الجاهلية، ولو بعد زواله "
" قلت : وفيه المنع من اتخاذ آثار المشركين محلا للعبادة ؛ لكونها صارت محلا لما حرم الله من الشرك والمعاصي "
" والحديث - وإن كان في النذر - فيشمل كل ما كان عبادة لله "
" إذ لا فرق، فلا تفعل في هذه الأماكن الخبيثة، التي اتخذت محلا لما يسخط الله تعالى "
" وبهذا صار الحديث شاهدا للترجمة، والمصنف رحمه الله تعالى لم يرد التخصيص بالذبح، وإنما ذكر الذبح كالمثال "
" وقد استشكل جعل محل اللات بالطائف مسجدا "
" والجواب - والله أعلم - : أنه لو ترك هذا المحل في هذه البلدة، لكان يخشى أن تفتتن به قلوب الجهال "
" فيرجع إلى جعله وثنا كما كان يفعل فيه أولا، فجعله مسجدا - والحالة هذه - ينسي ما كان يفعل فيه، ويذهب به أثر الشرك بالكلية، فاختص هذا المحل لهذه العلة، وهي قوة المعارض، والله أعلم "
"قوله : ( فأوف بنذرك ) وذلك لعدم المانع "
قوله : ( فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ) فالحديث دل على أن اتخاذ أماكن الشرك والمعاصي لا يجوز أن يعبد الله فيها، ونذر ذلك معصية لا يجوز الوفاء به "
" قوله : ( ولا فيما لا يملك ابن آدم ) قال في - شرح المصابيح - : يعني إذا أضاف النذر إلى معين لا يملكه"
" قال في - شرح المصابيح - : يعني إذا أضاف النذر إلى معين لا يملكه، بأن قال : إن شفى الله مريضي فلله علي أن أعتقد عبد فلان، ونحو ذلك "
" فأما إذا التزم في الذمة شيئا، بأن قال : إن شفى الله مريضي، فلله علي أن أعتق رقبة، وهو في تلك الحال لا يملكها ولا قيمتها، فإذا شفى الله مريضه ثبت ذلك في ذمته "
" قوله : ( رواه أبو داود، وإسناده على شرطهما ) أي : البخاري ومسلم .
وأبو داود اسمه سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد، الأزدي السجستاني، صاحب الإمام أحمد بن حنبل، ومصنف - السنن - و - المراسيل - وغيرها، ثقة إمام حافظ من كبار العلماء مات سنة خمس وسبعين ومائتين رحمه الله تعالى "
" فيه مسائل :
الأولى : تفسير قوله (( لا تقم فيه أبدا )) "
" الثانية : أن المعصية قد تؤثر في الأرض، وكذلك الطاعة "
" الثالثة : رد المسألة المشكلة إلى المسألة البينة ليزول الإشكال "
" الرابعة : استفصال المفتي إذا احتاج إلى ذلك "
" الخامسة : أن تخصيص البقعة بالنذر لا بأس به إذا خلا من الموانع "
" السادسة : المنع منه إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية، ولو بعد زواله "
" السابعة : المنع منه إذا كان فيه عيد من أعيادهم، ولو بعد زواله "
" الثامنة : أنه لا يجوز الوفاء بما نذر في تلك البقعة ؛ لأنه نذر معصية
" التاسعة : الحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم ولو لم يقصده "
" العاشرة : لا نذر في معصية
" الحادية عشرة : لا نذر لابن آدم فيما لا يملك "
باب من الشرك النذر لغير الله
وقول الله تعالى (( يوفون بالنذر ))
وقوله (( وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه ))
وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه )
" قوله باب من الشرك النذر لغير الله
وقول الله تعالى (( يوفون بالنذر ))
قال العماد ابن كثير رحمه الله تعالى "
" قال العماد ابن كثير رحمه الله تعالى : أي : يتعبدون الله تعالى فيما أوجبه عليهم من فعل الطاعات الواجبة بأصل الشرع، وما أوجبوه على أنفسهم بطريق النذر "
" قوله : (( وما أنفقتم من نفقةٍ أو نذرتم من نذرٍ فإن الله يعلمه )) قال ابن كثير : يخبر تعالى بأنه عالم بجميع ما يعمله العاملون من النفقات والمنذورات، وتضمن ذلك مجازاته على ذلك أوفر الجزاء للعاملين به ابتغاء وجهه "
" قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى : وأما النذر لغير الله ؛ كالنذر للأصنام، والشمس، والقمر ونحو ذلك، فهو شرك
وقال - فيمن نذر للقبور ونحوها دهنا لتنور به "
" وقال - فيمن نذر للقبور ونحوها دهنا لتنور به، ويقول : إنها تقبل النذر ! كما يقوله بعض المشركين - : فهذا النذر معصية باتفاق المسلمين ؛ لا يجوز الوفاء به، وكذلك إذا نذر مالا للسدنة، أو المجاورين العاكفين بتلك البقعة "
" وكذلك إذا نذر مالا للسدنة، أو المجاورين العاكفين بتلك البقعة فإن فيهم شبها من السدنة التي كانت عند اللات والعزى ومناة ؛ يأكلون أموال الناس بالباطل "
" يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله، والمجاورون هناك فيهم شبه من الذين قال فيهم الخليل عليه السلام (( ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون )) "
"فالنذر لأولئك السدنة والمجاورون في هذه البقاع نذر معصية، وفيه شبه من النذر لسدنة الصلبان والمجاورون عندها . انتهى "
" وذلك لأن الناذر لله وحده قد علق رغبته به وحده لعلمه بأنه تعالى ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع . فتوحيد القصد هو توحيد العبادة، ولهذا ترتب عليه وجوب الوفاء فيما نذره طاعة لله "
" فتوحيد القصد هو توحيد العبادة ، ولهذا ترتب عليه وجوب الوفاء فيما نذره طاعة لله والعبادة إذا صرفت لغير الله صار ذلك شركا بالله ؛ لالتفاته إلى غيره تعالى فيما يرغب فيه أو يرهب، فقد جعله شريكا لله في العبادة، فيكون قد أثبت ما نفته ( لا إله إلا الله ) من إلهية غير الله، ولم يثبت ما أثبتته من الإخلاص "
" وكل هذه الأبواب التي ذكرها المصنف رحمه الله تعالى تدل على أن من أشرك مع الله غيره بالقصد والطلب، فقد خالف ما نفته ( لا إله إلا الله ) فعكس مدلولها ؛ فأثبت ما نفته، ونفى ما أثبتته من التوحيد، وهذا هو الشرك، وهو معنى قول شيخنا : وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب "
" فكل شرك وقع - أو قد يقع - فهو ينافي كلمة الإخلاص وما تضمنته من التوحيد "
" قال الرافعي في - شرح المنهاج
" وأما النذر للمشاهد التي على قبر ولي أو شيخ، أو على اسم من حلها من الأولياء أو تردد في تلك البقعة من الأولياء والصالحين ؛ فإن قصد الناذر بذلك وهو الغالب أو الواقع من قصود العامة تعظيم البقعة، أو المشهد، أو الزاوية، أو تعظيم من دفن بها، أو نسبت إليه، أو بنيت على اسمه : فهذا النذر باطل غير منعقد، فإن معتقدهم أن لهذه الأماكن خصوصيات، ويرون أنها مما يدفع به البلاء، ويستجلب به النعماء، ويستشفى بالنذر لها من الأدواء، حتى إنهم لينذرون لبعض الأحجار لما قيل لهم : إنه استند إليها عبد صالح ! "
" وينذرون لبعض القبور السرج والشمع والزيت، ويقولون : القبر الفلاني يقبل النذر ! يعنون بذلك أنه يحصل به الغرض المأمول ؛ من شفاء مريض، أو قدوم غائب، وسلامة مال، وغير ذلك من أنواع نذر المجازاة "
" فهذا النذر على هذا الوجه باطل لا شك فيه، بل نذر الزيت والشمع ونحوهما باطل مطلقا
ومن ذلك نذر الشموع الكثيرة العظيمة وغيرها لقبر إبراهيم الخليل عليه السلام، ولقبر غيره من الأنبياء والأولياء، فإن الناذر لا يقصد بذلك إلا الإيقاء على القبر إلا تبركا وتعظيما ؛ ظانا أن ذلك قربة، فهذا مما ريب في بطلانه، والإيقاء المذكور محرم ؛ سواء انتفع به منتفع أم لا "
مسجد ضرار هل مشهده معروف الآن ؟ وهل لو صلي فيه الآن يجوز ذلك أم أن البقعة ثبتت حرمة الصلاة فيها إلى الأبد ؟
من نذر أن يصلي عند قبر ومن نذر أن يصلي للقبر هل كلا النذرين شرك أم أن الأول كبيرة والثاني شرك ؟
هل من أسباب إجابة الدعاء النذر " أنذر قربة لله لكي يجيب الله دعوتي " ؟
ذكرتم حفظكم الله في درس سابق في الإجابة على إحدى الأسئلة بأنه يجوز تحويل الكنائس إلى مساجد فكيف يجمع بين ذلك وبين قول المؤلف فيه المنع من اتخاذ آثاري المشركين محلا للعبادة ؟
هل تجوز الصلاة أو قراءة القرآن في مكان عصي الله فيه مثل مكان شرب فيه الدخان أوالخمر أو حصل فيه زنا ؟
من نذر أن يصلي ركعتين بعد صلاة العصر هل يوفي بنذره ؟
هل في نذر المعصية أو في ما لا يملك أو في النذر في الأمور الواجبة أصلا هل في هذه كفرات ؟
إذا قال الشخص لله علي إن رجع غائبي أن أذبح ناقة فلان وهو يستطيع أن يشتريها ويذبحها أو يشتري العبد ويعتقه فماذا يكون هذا النذر ؟
لو نذر شخص بأن يذبح لله في الطائف فهل نقول له لا يجوز لك أن توفي بنذرك لوجود الصنم اللات سابقا وكونه عبد في هذه البقعة ؟
إذا كان يوجد أرض ومسجد وفي وسط هذه الأرض بني مسجدا ويوجد قبر في جانب المسجد ولكنه في داخل محيط أرض المسجد وخارج المبنى فهل تجوز الصلاة في هذا المسجد والتبرع لتوسعت هذا المسجد مع العلم أن إزالة هذا القبر سوف يحدث فتنة عظيمة ؟
يوجد من يقف عند قبر بعد الدفن للدعاء ويرفع يديه فهل يمنع من رفع اليدين من باب سد الذريعة لأنه يوجد عمالة يظنون أن من يرفع اليدين يدعوا صاحب القبر ؟
كيف نجمع بين كون النذر مكروه وكونه عبادة والعبادة محبوبة إلى الله تعالى ؟
هل يقاس على تحريم الذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله تحريم حظور أماكن إقامة المعاصي بغير إنكارها ؟ وهل يقاس عليها إقامة عبادة الله في أماكن إقامة المعصية ؟
الإحتفار بالتراث وبالآثار في كل سنة أوفي كل شهر هل يعتبر ويدخل ظممن الأعياد الزمانية ؟
ما هو الهدي النبوي في التعزية ؟ وما حكم الجلوس في المنزل من أجل التعزية لأنه يأتي أناس من خارج البلد ؟
التكبير المطلق أيام عشر ذي الحجة هل يدخل فيه تكبير الإنسان بعد الصلوات المفروضة أم لا يكبر في هذا الموضع ويكون خاص بالكبير المقيد فقط ؟
أخبرنا عن التكبير المقيد الذي بعد الصلوات هل يكون بعد الأذكار أم متى يكون ؟
إذا دخل المأموم والإمام راكع فهل يكبر تكبيرتين ؟ وإذا لم يكبر إلا تكبيرة واحدة فما حكم صلاته ؟
هل يجوز أن أصلي مع من فاتته صلاة الجماعة بحيث أحتسبها صدقة عليه ولكن هذا في وقت نهي ؟
بالنسبة لشيشان إذا كنت لا أعلم عقيدتهم فهل يجوز أن أذهب للجهاد معهم ؟