مقال الإستنكار الشديد و التنديد بجريمة التفجير التي استهدفت حافلة كانت تقل أفرادا من الأمن الرئاسي التونسي الشيخ علي بن عبد العزيز موسى

الإستنكار الشديد و التنديد بجريمة التفجير التي استهدفت حافلة كانت تقل أفرادا من الأمن الرئاسي التونسي
السبت 28 نوفمبر 2015    الموافق لـ : 15 صفر 1437
228.7K
1268

يتقدم مركز الإمام مالك للحديث و الأثر بمدنين بالتعزية  لكل أهالي البلاد التونسية و خاصة عائلات الضحايا بخصوص الحادث المشين الذي استهدف قواتنا الأمنية و ندعو الله جل و علا أن يرحمهم و يغفر لهم و أن يسكنهم فسيح جناته. كما ندعو الله للمصابين بالشفاء و المعافاة. ونشد على أيدي كل القوات الداخلية و العسكرية منها و نقف سندا لها  في مكافحة الإرهاب مهما كانت مصادره و نشر الأمن و الإيمان و نذكرهم بتقوى الله تعالى في عملهم و الإخلاص فيه لله فإن نعمة الأمن التي يسعون إليها جاهدين من أفضل النعم التي وعد الله بها عباده الموحدين ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ  ﱊ ﱋ ﱌ ﱠ وإنَّ ما وقع في العاصمة من تدمير وتخريب وتفجير لدليل واضح أنَّ من يقوم بمثل هذه التفجيرات لا عقل له ولا دين، فبأي عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهاداً؟ وكيف يدعي الجهاد من يقتل الأبرياء من الناس، فأي دين يأمر بقتل هؤلاء وغيرهم من المعاهدين والمستأمنين. إن حرمة دم المسلم أمر معلوم في ديننا الحنيف، لا ينكره إلا معاند مكابر، قد نزع الله الرأفة والرحمة من قلبه، و قد قال الله تعالى في كتابه مشددا ومحذرا من قتل امرئ مؤمن بغير حق، ومبينا سوء عاقبة من أقدم على قتل المؤمنين ﭧﭐﭨﱡﭐ ﲃ ﲄ ﲅ  ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ  ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﱠ

وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم يذكرنا بهذه الوصايا، ويحرم علينا دم المسلم فهذه وصيته لأمته صلى الله عليه وسلم، والسعيد من تبع وصاياه، وأخذ بما أمر به، والشقي من خالفه وتبع هواه، فأهدر دماء المسلمين، وقتل الأبرياء منهم والعاجزين، فصار ينكل بأبناء أمته، ويسومهم سوء العذاب:   روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو ﮒ عن النبي ﷺ قال: «مَن قتل نفساً معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإنَّ ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما» ، وفي لفظ  مَن قتل نفساً معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما». هذا في قتل المعاهد غير المسلم ؛ فكيف بالمسلم الذي يصلي ويصوم ويعبد الله الفرد الصمد، فقد وردت أحاديث كثيرة في تعظيم قتله.

فعن أبي هريرة ﮒ، عن النَّبيِّ ﷺ قال: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله! وما هنَّ؟ قال: الشرك بالله، والسِّحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحقِّ، وأكل الرِّبا، وأكل مال اليتيم، والتولِّي يوم الزَّحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات».
وعن ابن عمر ﮒ قال: قال رسول الله ﷺ:« لا يزال المؤمن في فُسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً ، وقال ابن عمر: إنَّ من وَرْطات الأمور التي لا مخرج لِمَن أوقع نفسَه فيها سفك الدم الحرام بغير حلِّه». رواهما البخاري في صحيحه وقال عبادة بن الصامت ﮒ: كنَّا مع رسول الله ﷺ في مجلس، فقال: «تُبايعوني على أن لا  تشركوا بالله شيئاً، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفسَ التي حرَّم الله إلاَّ بالحقِّ، فمَن وفَّى منكم فأجره على الله، ومَن أصاب شيئاً من ذلك فعوقب به فهو كفَّارةٌ له، ومَن أصاب شيئاً من ذلك فستره الله عليه فأمرُه إلى الله، إن شاء عفا عنه وإن شاء عذَّبه». رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظ مسلم. وعن ابن عمر، عن النَّبيِّ ﷺ قال: «مَن حَمَلَ علينا السِّلاحَ فليس منَّا». رواه البخاري ومسلم. وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يحلُّ دمُ امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلَّا الله وأنِّي رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيِّب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة». رواه البخاري، ومسلم.وعنه أيضاً: أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال:« سبابُ المسلم فسوق، وقتاله كفر». رواه البخاري، ومسلم.

وعن ابن عباس: أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «أبغضُ الناس إلى الله ثلاثة: مُلحدٌ في الحرَم، ومبتغ في الإسلام سنَّة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حقٍّ ليهريق دمه». رواه البخاري.

فهذه الأحاديث وردت في صحيحي البخاري ومسلم، ووردت أحاديث صحيحة في غير الصحيحين تحذر أشد الحذر من قتل المسلم وحرمة دمه وماله، أوردها الإمام المنذري في الترغيب والترهيب و الإمام الألباني في صحيح الترغيب والترهيب و صححها ومنها:
عن البراء ﮒ: أنَّ رسول الله ﷺ قال: لزوال الدنيا أهونُ على الله من قتل مؤمن بغير حق، ولو أنَّ أهلَ سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار». وعن عبد الله بن عمرو ﮒ: أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم».
وعن بُريدة ﮒ قال: قال رسول الله ﷺ: قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا».

وعن أبي سعيد وأبي هريرة ﮒ ، عن رسول الله ﷺ قال:  لو أنَّ أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبَّهم الله في النار».
وعن أبي بكرة ﮒ ، عن النَّبيِّ ﷺ قال: لو أنَّ أهل السموات والأرض اجتمعوا على قتل مسلم لكبَّهم الله جميعاً على وجوههم في النار».
وعن معاوية ﮒ عنه قال: قال رسول الله ﷺ: كلُّ ذنب عسى الله أن يغفره، إلا الرجل يموت كافراً، أو الرجل يقتل مؤمناً متعمِّدا ً».
وعن أبي موسى ﮒ ، عن النَّبيِّ ﷺ قال: إذا أصبح إبليسُ بثَّ جنودَه، فيقول: مَن أخذل اليوم مسلماً أُلبسُه التاج، قال: فيجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى طلَّق امرأته، فيقول: أوشك أن يتزوَّج، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى عقَّ والديه، فيقول: يوشك أن يبرَّهما، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك، فيقول: أنت أنت، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى قَتَل، فيقول: أنت أنت، ويُلبسه التاج».
وعن عبادة بن الصامت ﮒ ، عن رسول الله ﷺ قال : من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا ً». و في رواية عن خالد بن دهقان: سألت يحيى بن يحيى الغسَّاني عن قوله: فاغتبط فقال: «الذين يقاتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم، فيرى أحدهم أنَّه على هدى لا يستغفر الله، يعني من ذلك».

وعن أبي سعيد ﮒ ، عن النَّبيِّ ﷺ قال: «يخرج عُنق من النار يتكلَّم، يقول: وُكلتُ اليوم بثلاثة: بكلِّ جبَّار عنيد، ومَن جعل مع الله إلَهاً آخر، ومن قتل نفساً بغير حق، فينطوي عليهم فيقذفهم في غمرات جهنَّم».

وقد صنف العلماء قديما وحديثا في بيان عظم حرمة دم المسلم، في تعظيم القتل وتحريمه، ولم يبق لجاهل أن يجهل حرمة ذلك، ولا أن يدعي أنه يجاهد في سبيل إعلاء كلمة الله بالتفجير والتدمير، بل ذلك من وساوس الشيطان؛ الذي يلبس أولياءه تاجاً عند فشو القتل والقيام به. فما بال أقوام من بني جلدتنا يتكلمون بألسنتنا لا يبالون بوصية نبيِّهم، ولا يراعون حقَّ غيرهم، يتعلقون بشبهات كبيت العنكبوت، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان. و هذه نصوص صحيحة صريحة نسوقها لأهل تونس ثم للأمة جميعا و بخاصة لبقايا المفتونين بالتكفير والتفجير. وفتاوى كبار أهل العلم في حكم التفجير والاغتيالات معلومة و قد وزعتها مدرسة الإمام مالك للمسلمين من قبل.

نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين، وأن يردهم إلى الدين الحق ردًّا جميلا، وأن يكف عن المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن، ويعصم دماءهم وأموالهم، ويعامل القتلة الفجرة بعدله، إنه ولي ذلك والقادر عليه بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما يحبه ويرضاه، والحمد لله رب العالمين.                                                                                                 

راجعه الشيخ علي بن عبد العزيز موسى