مقال رسالة عاجلة إلى رجل الأمن السعودي وفقه الله الشيخ علي بن يحيى الحدادي

رسالة عاجلة إلى رجل الأمن السعودي وفقه الله
الخميس 3 مارس 2016    الموافق لـ : 23 جمادة الأولى 1437

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة عاجلة إلى رجل الأمن السعودي وفقه الله
أخي رجل الأمن:
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إن فاتني الشرف الذي حباك الله به حيث اختارك لتكون من المجاهدين بدفاعك عن بلاد التوحيد بالنفس، فأرجو ألا يفوتني شرف الجهاد بالقلم من خلال هذه الرسالة التي أوجهها إليك أهنئك بها أولاً، وأشد بها من أزرك ثانياً، فقد مرّ سلمان الفارسي رضي الله عنه على مرابط فحدثه بحديث في فضل الرباط يشد به من أزره _رواه الترمذي _ ، وتأسياً به وانطلاقا من قوله تعالى (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر3:1) أكتب إليك رسالتي هذه.
أخي رجل الأمن:
تمر بلادنا _ حرسها الله _ بمحنة عصيبة هي محنة العصبة المارقة التي خرجت تسفك الدماء، وتنقض العهود، وتروع الآمنين، وتسيء إلى الإسلام والمسلمين، وكنتَ من أوائل المبادرين لمجابهة هذه الفئة الضالة الباغية الخارجة، وقد ضربت أنت وإخوانك أروع الأمثلة في الشجاعة، والبسالة والفدائية، حتى صرتم مضرب المثل. ومع ذلك فإني أذكرك بما لست تجهل، و (الذكرى تنفع المؤمنين) أذكرك إن شاء الله بما يزيدك ثباتاً وحماساً، ويقيناً بصواب موقفك، وعدالة قضيتك.
أولاً:
سر حيث شئت من أرض الله الواسعة فلن تجد بلداً أحسن من بلدك عقيدة، وأخلاقاً، وأمناً واستقراراً. وتحكيماً للشرع المطهر، وأي نعمة أجل من تحكيم السنة والقرآن، والأمن في الأوطان، فأنت حينما تدافع عن هذه البلاد إنما تدافع عن خير بلاد الله عز وجل في هذا العصر، قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: (فالعداء لهذه الدولة _يعني الدولة السعودية _ عداء للحق، عداء للتوحيد. أي دولة تقوم بالتوحيد الآن؟!! ) [من شريط فتاوى العلماء في حكم التفجيرات والاغتيالات والمظاهرات] وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (لا يضر السحاب نبح الكلاب، لا يوجد الحمد الله مثل بلادنا اليوم في التوحيد وتحكيم الشريعة)[الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية ص58].
ثانياً:
هذه الفئة خارجة على ولي أمر المسلمين، باغية معتدية على المعصومين، تعتقد التكفير، وترى الإصلاح بالتدمير والتفجير، لا تفرق بين مسلم ولا كافر، ولا صغير ولا كبير، ولا ذكر ولا أنثى والعياذ بالله، فقتالها من أعظم الجهاد، وأفضل القربات عند الله، لأن هذا الطريق الذي سلكوه هو طريق الخوارج الذين حذر منهم النبي صلى الله عليه وسلم، فدينهم الخروج على ولاة الأمور، و شق عصا الطاعة عند رؤية المعاصي والأخطاء، قال الشيخ ابن باز رحمه الله : (ننصح الجميع بوجوب السمع والطاعة كما تقدم والحذر من شق العصا والخروج على ولاة الأمور بل هذا من المنكرات العظيمة بل هذا دين الخوارج هذا دين الخوارج والمعتزلة الخروج على ولاة الأمور وعدم السمع والطاعة لهم إذا وجدت معصية، وهذا غلط، خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم) [الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية ص 54] وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال الخوارج وقتلهم ووعد من قتلهم أو قتلوه بالأجر العظيم، وإليك هذه النصوص النبوية المختارة في هذا الشأن:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل الذي أنكر عليه في قسمة المال بعد أن ولى ( إن من ضئضئ هذا قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد) متفق عليه. وفي رواية لهما (فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة).
وعن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الخوارج (هم شر الخلق ، طوبى لمن قتلهم أو قتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا من الله في شيء. فمن قاتلهم كان أولى بالله منهم) رواه أبو داود.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (سيخرج من أمتي ناس ذلقة ألسنتهم بالقرآن لا يجاوز تراقيهم فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإنه يؤجر قاتلهم) رواه أحمد وصححه الألباني رحمه الله. وفي رواية (فإذا خرجوا فاقتلوهم فإذا خرجوا فاقتلوهم).
وعن سعيد بن جهمان قال دخلت على ابن أبي أوفى وهو محجوب البصر فسلمت عليه فرد علي السلام فقال من هذا فقلت: أنا سعيد بن جهمان. فقال: ما فعل والدك؟ فقلت: قتلته الأزارقة. قال: قتل الله الأزارقة كلها، ثم قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا إنهم كلاب أهل النار) قال: قلت: الأزارقة كلها أو الخوارج؟ قال الخوارج كلها. رواه أحمد وابن أبي عاصم واللفظ له، وإسناده حسن قاله الألباني.
ومن خلال هذه النصوص تعلم أن الخوارج شر قتلى تحت أديم السماء، وأن خير قتيل من قتله الخوارج نسأل الله أن يكف بأسهم وشرهم عن المسلمين.
ثالثاً:
تذكر أن سهرك ونصبك في حماية أمن البلاد، وصد أهل البغي والفساد هو رباط وحراسة في سبيل الله مع إخلاص النية لله عز وجل، وقد وعد الله من رابط في سبيله، أو بات يحرس في سبيل الله بأعظم الثواب وأجزله قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران:200)  ، ومن الأحاديث الواردة في فضل الرباط والحراسة في سبيل الله ما يلي:
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها. رواه البخاري عن سلمان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجرى عليه رزقه وأمن الفتان. رواه مسلم.
عن عثمان رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رباط يوم في سبيل الله أفضل من ألف يوم فيما سواه فليرابط امرؤ كيف شاء هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد. رواه أحمد.
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله. رواه الترمذي وحسنه.
وختاماً: أخي رجل الأمن:
لا تلفت إلى الشعارات البراقة التي ترفعها هذه الفئة الباغية لتسويغ أعمالها الإجرامية، بل وتجابه بها من يقف في وجهها، فجعلوا من أنفسهم مجاهدين، ومن إفسادهم جهاداً وقد قال سبحانه وتعالى عن المنافقين (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُون أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ) البقرة 11-12 وقال سبحانه (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْأِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) (البقرة:204- 206)   وسموا من يتصدى لهم عدواً للجهاد ولأهله، فهذه كلها من تسمية الباطل بأسماء الحق حتى يغتر بهم عوام الناس ممن لا بصيرة عندهم بحقيقة دين الإسلام. وقد قال فرعون لقومه عن موسى عليه السلام (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ)(غافر: من الآية26)
لقد أفتاك جهابذة الإسلام وأئمته بأن أعمال هذه الفئة من أعظم البغي والعدوان، وأن جهادك لهذه الفئة الباغية من أعظم الجهاد، وهي الفتوى الحق، والقول الصدق الذي ليس بعده إلا الإفك المبين، والضلال والتضليل.
وقبل أن أختم رسالتي:
أسأل الله أن يرفع درجتك، وأن يعظم مثوبتك، وأن يثبت قدمك، وأن يربط على قلبك، وأن يسدد رميك، وأن يحفظك، ويكلأك برعايته، كما أسأله أن يهلك هذه الفئة الباغية الآثمة، وأن يهتك سترها، ويكشف أمرها، وأن يمكن منها جنود الحق إنه قوي عزيز، سميع مجيب، كما أسأله أن يحفظ ولاة أمرنا، وعلماءنا، وأن يديم على هذه البلاد السعودية أمنها واستقرارها، وأن يطفئ نار الفتنة عنها وعن سائر بلاد المسلمين، إنه رؤوف رحيم.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
  الفقير إلى عفو ربه
علي بن يحيى الحدادي