مقال من جوائز رمضان الشيخ حسن آيت علجت

من جوائز رمضان
الأربعاء 12 جويلية 2017    الموافق لـ : 17 شوال 1438

لَقَدْ وَفَدَ عليْنَا ضَيْفٌ جليلٌ، وأظَلَّنَا شَهْرٌ فَضِِيلٌ، ألاَ وهو شهْرُ رَمَضَان، شَهْرُ القُرْآن، شَهْرُ مَغْفِرَةِ الذُّنُوب والعِتْقِ من النِّيران.

فَحَرِيٌّ بالمسْلِمِ أنْ يُعِدَّ لِهَذَا الضَّيْفِ الكريمِ الموائِدَ والقِرَى مِنْ أنْوَاعِ القُرُبَاتِ، والأعْمَال الصَّالحات، مع تَصْحِيحِ الِنيَّات والإرَادَات، شُكْرًا لرَبِّ البريَّات، لِمَا أوْدَعَ هذا الشَّهْرَ من الجَوائِزِ والصِّلات.

ومن جوائز هذا الشَّهْرِ المُبَارَك، جائزتان عظيمتان مُتَلازِمَتَان:

أُولاهما: وَلاَيَةُ الله تبارك وتعالى.

ويا لَلَّه؛ ما أعْظمَها مِنْ جائزةٍ تَشْرَئِبُّ لَهَا الأعْنَاق، وتَتَطَلَّعُ إلَيْهَا الأفْئِدَةُ بالأَشْوَاق!

ذلك بِأَنَّ أعْظَمَ ثَمَرَةٍ يجْنِيهَا العَبْدُ مِنَ الصِّيَام هي تَقْوى اللهِ عز وجل؛ إذْ قال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون[البقرة:183].

والتَّقْوى شَرْطٌ لِنَيْلِ وِلايَة الله عز وجل، كما قال سبحانه: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُون[يونس:62-63]، وكَمَا قال أيضًا: ﴿إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ[الأنفال:34] (1).

الجائزة الثانية: نَيْلُ كَرَامَةِ اللهِ المنَّان بدُخُول جَنَّةِ الرِّضْوَان.

ذلك بأنَّ هذه التَّقْوى الَّتي هي ثَمَرةُ الصِّيَام، يَنْشَأُ عنها دُخُولُ الجنَّةِ دَارِ السَّلام؛ فقد ذَكَرَ اللهُ عز وجل في كتابِه الكريم أنّ أهْلَ الجَنََّة هُمْ أهْلُ التَّقْوى، فقال سبحانه: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين[آل عمران:133]، وقال أيضًا: ﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا *وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلاَ كِذَّابًا * جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا[النبأ:31-36]، وقال أيضًا سبحانه: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِين * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونيَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِين * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِين * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِين * لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيم * فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم[الدخان:51-57]، والآياتُ في هذا المعْنَى َكِثيرَةٌ جِدًّا.

وقد تقرَّرَ فيما سَبَقَ أنَّ الصَّائمِينَ هُمْ أَوْلَى النَّاسِ ِبوَصْفِ التَّقْوَى، لذَلِكَ كانُوا هُمْ أهْلَ جَنَّةِ المَأْوَى.

وقَدْ جَاءَ مِنَ الأحَادِيثِ النَّبَويَّةِ ـ مَا يُؤَيِّدُ هذا المَنْحَى، ويُعَضِّدُ هذا المَعْنَى ـ الطَيِّبُ الكَثِيرُ، وهَذِهِ بَاقَةٌ مِنْها:

روى الشَّيْخَان عن سَهْلِ بن سَعْدٍ السَّاعِديِّ رضي الله عنه، عن النبِيِّ ﷺ قال: «إِنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ؛ يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ؛ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

وعن جابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رضي الله عنه عن نَبِيِّ الله ﷺ قال: «إِنَّما الصِّيامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بهَا العَبْدُ مِنَ النَّار»(2).

وعَنْ حُذَيْفَةَ بن اليَمان رضي الله عنه قال: أَسْنَدْتُ النبيَّ ﷺ إلى صَدْرِي فقال: «مَنْ صامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بِها: دَخَلَ الجنَّة»(3).

وعن أبي أُمَامَةَ الباهِلِيِّ رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يا رَسُولَ الله، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ أَدْخُلُ به الجَنَّةَ؟ قال: «عَلَيْكَ بالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لا مِثْلَ له»(4).

مِنْ أجْلِ ذلك فإنَّ أبْوابَ الجَنَّةِ تُفْتَحُ في رمَضَانَ  خاصَّةً  ـ دُونَ غَيْرِهِ من الشُّهور ـ بُشْرَى للصَّائِمِين بِأَنَّهُمْ لَلجَنَّةِ مِنَ الدَّاخِلِين، كَمَا أخْبَرَ بذلك الصَّادِقُ الأَمِين ﷺ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ».

وفي حديث آخر عَنْهُ رضي الله عنه مرفوعًا: «إذا كان أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أبْوَابُ النَّارِ؛ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ؛ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْها بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ كُلَّ لَيْلَةٍ: يا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، ويا بَاغِىَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، ولِلَّهِ عُتَقَاءُ من النَّارِ، وذلك كُلَّ لَيْلَةٍ»(5).

وهُنَاكَ سِرٌّ لَطِيفٌ في سَبَبِ نَيْلِ صَائِمِي رمضان كَرَامَةَ الرَّحْمَن بدُخُولِ جنَّة الرِّضوان، ويتَجَلَّى هذا السِّرُّ مَلِيًّا مِنْ خِلاَلِ الأحاديثِ الآتية:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئِلَ رسولُ الله ﷺ عنْ أَكْثَرِ ما يُدْخِلُ النّاسَ الجنَّةَ؟ قال: «تَقْوَى اللهِ، وحُسْنُ الخُلُقِ»، وسُئِلَ عن أكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ؟ فقال: «الفَمُ، والفَرْجُ»(6).

وفي «الصَّحِيحَيْن» عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ يَضْمَنْ لي ما بَيْنَ لَـحْيَيْهِ، وما بَيْنَ رِجْلَيْهِ؛ أَضْمَنْ لَهُ الجنَّةَ».

فَتَبَيَّنَ مِنَ الحَدِيثَيْن السَّابِقَيْن أنَّ أكثَرَ ما يُدْخِلُ النّاسَ الجنَّةَ هو تَقْوَى اللهِ وحُسْنُ الخُلُقِ عُموماً، وحِفْظُ الفَرْجِ واللِّسَانِ خُصُوصاً.

وشهْرُ رمَضَانَ مَظِنَّةُ تحْصِيلِ كُلٍّ مِنْ هَذه الخِصَالِ الطَّيِّبَةِ:

فأمّا تَقْوَى الله عز وجل، فقَدْ سبَقَ بيانُ أنَّهُ ثَمْرَةُ الصِّيامِ وجَنْيُهُ.

وأمّا حُسْنُ الخُلُق، وحِفْظُ الفرْج واللِّسَان، فلا يَجِدُ المرْءُ مَيْدَانًا للحُصُولِ عليْهِما، واكْتِسَابِِهِمَا أفْضَلَ مِنْ شَهْرِ رمَضَانَ.

وسبَبُ ذلك أَنَّ الشَّارِعَ الحكيمَ قَدِ اعْتَنَى بهذه الأمُورِ الثَّلاثَة أيَّمَا اعْتِنَاءٍ في شَهْرِ رمضانَ خُصُوصًا؛ فقَدْ جاءَ فِيمَا يَخُصُّ حُسْنَ الخُلُقِ، وحِفْظَ اللِّسَان حديثُ الصَّحِيحَيْن عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُم، فَلاَ يَرْفُثْ، ولاَ يَصْخَبْ، فإنْ سابَّهُ أَحَدٌ، أوْ قَاتَلَه؛ فليقُلْ: إنِّي امرؤٌ صائِمٌ».

وفي رواية أخرى عنه رضي الله عنه: «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ؛ فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ، أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ، فَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ»(7).

وروى الإمامُ البخاريُّ رحمه الله عنه أيضا رضي الله عنه أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ».

أمّا فيما يَخُصُّ حِفْظَ الفَرْجِ، فَقَدْ جَعَلَ النبيُّ ﷺ الصَّوْمَ قَاطِعاً لِشَهْوَة الجِماعِ، وكَابِحاً لِجِمَاحِها؛ ففي الصَّحيحيْن عن ابْنِ مسْعُودٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «يا مَعْشَرَ الشَّبابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُم الباءَةَ فليَتَزَوَّجْ؛ فإنَّه أغَضُّ للبَصَرِ، وأَحْصَنُ للفَرْجِ، ومَنْ لم يسْتَطِعْ، فعَلَيْه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ».

قالَ ابْنُ الأثير في «النهاية في غريب الأثر»: «الوِجَاءُ أنْ تُرَضَّ أُنْثَيَا الفَحْل رَضّاً شَدِيدًا يُذْهِبُ شَهْوةَ الجِماع، ويَتَنَزَّلُ في قَطْعِه: مَنْزلةَ الخَصْيِ، وقد وُجِئَ  وِجَاءً، فَهُوَ مَوْجُوءٌ.

 وقِيلَ: هو أنْ تُوجَأَ العُرُوقُ، والخُصْيَتَانِ بِحَالِهِمَا.

أرادَ أنَّ الصَّومَ يَقْطَعُ النِّكَاحَ كما يَقْطَعُهُ الوِجَاءُ» اهـ.

فتَبَيَّن حِينَئِذٍ، أنَّه بحِفْظِ الصّائمين ألسِنَتَهُم وفُروجَهُم مِن المعَاصي والآثَام، وتَحْسِينِهِم أخْلاقَهُم بحُسْنِ مُعامَلَتِهِم للأنَام، تَشَرَّفوا بنَيْلِ كرامَةِ الله عز وجل بدخول الجَنَّةِ دار السَّلام.

هَذَا مِنْ جِهَةٍ؛ ومِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فإنَّ مِمَّا قَرَّرَهُ اللهُ تعالى في كتابِه الكَرِيم، أنَّ الجنّة لا ينالُها العبْدُ إلاَّ بمغْفِرَة اللهِ تبارك وتعالى ذُنُوبَهُ.

لهذا قَرَنَ اللهُ تعالى بين الجنَّة والمغْفِرَة في غَيْرِ ما آيَةٍ، وذلك في مِثْلِ قوله جلَّ وعلا: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين[آل عمران:133]، وفي مثْلِ قوْلِه سبحانه: ﴿وَالله يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ[البقرة:221]، وقوْلِه أيْضًا ـ جَلَّ مِنْ قائِلٍ ـ: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ[محمد:15].  

ولمَّا كانَ الأمْرُ بهذه المثابَةِ؛ فإنَّ شهرَ رمضان هو شهرُ المغْفِرَةِ الَّتي هي سبَبٌ لِدُخُول الجِنَانِ، كما ثَبَتَ ذلك في الحديث المُتَّفَقِ عليْه عن أبي هريرة رضي الله عنه عَن النَّبِيِّ ﷺ قال: «مَنْ صامَ رمضانَ إيماناً، واحْتِسابا: غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

وعَنْه ـ أيْضًا ـ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ ﷺ صَعِدَ المِنْبَرَ فقال: «آمينَ، آمِينَ، آمينَ»، قيل: يا رسول الله، إنَّكَ صعِدْتَ المنبَرَ فقُلْتَ آمين، آمِينَ، آمين؟ فقال: «إنَّ جبرائيلَ أتَانِي، فقال: مَنْ أَدْرَكَ شهْرَ رمضَانَ، فلَمْ يُغْفَرْ له، فدَخَلَ النَّارَ؛ فأبْعَدَهُ اللهُ، قُلْ: آمين، فقُلْتُ: آمين...» الحديث(8).

فهلُمَّ أيُّها المسلمون إلى السَّعْيِ لنَيْلِ هذه الجوائِزِ الرَّبَّانيَّة، والمِنَحِ الإِلَهِيَّة، واَهْتَبِلُوا أيَّامَ رَمَضَانَ الهَنِيَّة، للتعَرُّضِ لنَفَحَاتِ رَحْمَةِ رَبِّ البريَّة، كما أمَرَ بذلك الرسولُ الكريمُ ﷺ فيما يَرْوِيهِ عَنْهُ خَادِمُهُ أنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه؛ إذْ قال: «افْعَلوا الخيْرَ دَهْرَكُم، وتَعَرَّضوا لِنَفَحاتِ رحْمَةِ الله؛ فإنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمََتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يشاءُ مِنْ عِبَادِهِ»(9).

وَرَمضانُ نَفْحَةٌ مِنْ نَفَحَاتِ رحْمَةِ اللهِ تبارك وتعالى؛ ففي صحيحِ مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ  النبيَّ ﷺ قال: «إِذَا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ».

ولِلَّهِ دَرُّ مَنْ قال:

مَـــــنْ نَـــــالَــــــهُ دَاءٌ دَوٍ بِــــــــذُنُــوبِــهِ فَلــْيَأْتِ في رَمَـــضَانَ بَابَ طَـبـِيـبِـه
فخُلُوفُ هذا الصَّوْمِ  يا قَوْمِ اعْلَمُوا أشْهى مِنَ المِسْكِ السَّحيقِ وطِيبِه
أوَلَيْسَ هذا القَوْلُ قَوْلَ مَلِيكِكُمْ: الصَّـــوْمُ لِـي وأنَــا أَجْـــــزِي بــِــهِ؟!(10)

واللهُ المسْتَعَان، وعليه التِّكلان، ولا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلاَّ بالله العظيم.

 



(1) وانظر تفسير هذه الآية بهذا الوجه عند الإمام الطبري في «تفسيره» (9 /156ـ157)، وشيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (11 /164).

(2)  حسن: رواه أحمد. انظر: «صحيح الترغيب»(981).

(3) صحيح: رواه أحمد. انظر: «صحيح الترغيب» (985).

(4)  صحيح: رواه ابن حبان. انظر: «صحيح الترغيب» (986).

(5) حسن: رواه الترمذي وابن ماجة. انظر: «صحيح الترغيب» (998).

(6) حسن: رواه الترمذي، والبخاري في «الأدب المفرد»، انظر: «صحيح الترغيب» (1723).

(7) صحيح: رواه ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ, وَالْحَاكِمُ، انظر: صحيح الترغيب (1082).

(8) صحيح: رواه ابن حِبَّان و ابن خزيمة. انظر: «صحيح الترغيب» (997).

(9) حسن: رواه الطبراني. انظر «الصحيحة» (1890).

(10) ذكر هذه الأبيات ابن الجوزي في «التَّبْصِرَة» (2 /63).

 

* منقول من مجلة الإصلاح «العدد 4»