قال الحسن البصري: (دخلت على بعض المجوس وهو يجود بنفسه عند الموت ، وكان حسن الجوار ، وكان حسن السيرة ، حسن الأخلاق ، فرجوت أن الله يوفقه عند الموت ، ويميته على الإسلام .
فقلت له: ما تجد، وكيف حالك ؟
فقال : لي قلب عليل ولا صحة لي ، وبدن سقيم ، ولا قوة لي ، وقبر موحش ولا أنيس لي ، وسفر بعيد ولا زاد لي، وصراط دقيق ولا جواز لي ، ونار حامية ولا بدن لي , وجنّة عالية ولا نصيب لي ، ورب عادل ولا حجة لي.
قال الحسن البصري : فرجوت الله أن يوفقه ، فأقبلت عليه ، وقلت له : لم لا تسلم حتى تسلم ؟
قال: إن المِفْتاح بيد الفَتَّاح ، والقفل هنا ، وأشار إلى صدره وغشي عليه.
قال الحسن البصري : فقلت : إلهي وسيدي ومولاي ، إن كان سبق لهذا المجوسي عندك حسنة فعجل بها إليه قبل فراق روحه من الدنيا ، وانقطاع الأمل.
فأفاق من غشيته ، وفتح عينيه ، ثم أقبل
وقال: يا شيخ ، إن الفَّتَّاح أرسل المِفْتَاح . أمدد يمناك. فأنا أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ،
ثم خرجت روحه وصار إلى رحمة الله
) [بحر الدموع لا بن القيم /11]