مقال باب أحكام القِيَاس 2 الشيخ محمد علي فركوس

باب أحكام القِيَاس 2
الأحد 11 سبتمبر 2016    الموافق لـ : 08 ذي الحجة 1437

-الجزء الحادي عشر-

 

 باب أحكام القِيَاس «تابع»

 

فـصلٌ
[ جريان القياس في الحدود والكفارات والمقدرات والأبدال ]

 

• قال الباجي -رحمه الله- في [ص 309]:

«إِذَا ثَبَتَ أَنَّ القِيَاسَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ تُثْبَتَ بهِ الحُدُودُ وَالكَفَّارَاتُ وَالمُقَدَّرَاتُ وَالأَبْدَالُ».

 

[م] الحدُّ في الاصطلاح: هو عقوبة مقدَّرة شرعًا سواء كانت مقرَّرة رعاية لحقِّ الله أم لحقِّ الأفراد(١).

والكفارة: هي تَصَرٌّفُ أوجبه الشرعُ لمحوِ ذَنْبٍ مُعَيَّنٍ: كالإعتاق والصيام والإطعام ونحو ذلك(٢).

والمقدَّرُ هو: ما يتعيَّن مقداره بالكيل، أو الوزن، أو العدد، أو الذراع، ونحو ذلك من قِبَل الشرع(٣).

والبَدَلُ هو: قيامُ المكلَّفِ بأمرٍ عِوَضًا عن أمرٍ مُطالَبٍ به شرعًا عجز عن القيام به مع اعتبار العلاقة بينهما في المعنى، كمن ترك واجبًا في الحجِّ ولم يجد ما يهرق دمًا، انتقل إلى الصوم بدلًا عنه، قياسًا على دم التطيّب واللباس لكونه دمًا تعلَّق وجوبه بالإحرام.

ومذهب جمهور العلماء دخول القياس في الكفَّارات والحدود والمقدّرات والأبدال واختاره الباقلاَّنيُّ، والشيرازي، والمصنِّفُ، والغزالي، والفخر الرازي، والآمدي وغيرُهم، خلافًا للأحناف في المشهور عندهم، والشافعي(٤) فإنه لا يجوز إجراء القياس عليها(٥).

والأقوى مذهب الجمهور لعموم أدلّة القياس بالنصّ والإجماع السكوتي، ولم يَرِدْ ما يخصِّصُها أو يُقيِّدُها، فكانت شاملةً للحدود والكفَّارات والمقدَّرات والأبدال لكونها معدودة من الأحكام يثبت فيها خبر الواحد مع أنَّ طريقه غلبة الظنّ لاحتمال الخطإ والسهو فيه، وإذا جاز بالخبر الواحد جاز بالقياس أيضًا، إذ لا فرقَ بينهما من هذا الوجه؛ لأنَّ كُلاًّ منهما يفيد الظنَّ، ولأنَّ عمر ابن الخطاب رضي الله عنه جلد ثمانين جلدةً في الخمر إلحاقًا بالقاذف في الحدِّ عملًا بالقياس الذي أشار له به عليٌّ رضي الله عنه حيث قال: «نرى أن نَجلدَه ثمانين، فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فحدُّوه حدَّ المفترين»(٦).

 

[ في أدلة المانعين للقياس في الحدود والكفارات ونحوهما ]

 

• قال الباجي -رحمه الله- في [ص 310]:

«قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ(٧): «لاَ يَجُوزُ أَنْ يُثْبَتَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بالقِيَاسِ...»».

 

[م] ذهبتِ الحنفيةُ إلى عدم إثبات الحدود والكفَّارات والمقدَّرات والأبدال بالقياس، واستدلُّوا على ذلك بأدلَّةٍ منها:

w إنَّ الحدود والكفَّارات وغيرهما من الأمور المقدّرة شرعًا لا يمكن تعقّل المعنى الموجب لتقديرها، والقياس فرع تعقّل عِلَّة حكم الأصل، فما لا تُعلَم مصلحته التي من أجلها شُرِعَت هذه الأمور لا يمكن إجراء القياس عليها، إذ القياس متعذِّرٌ فيما لا تدرك عِلَّتُه كما في أعداد الركعات، وأنصبة الزكاة ومقاديرها ونحو ذلك، والعِلَّة ركن القياس وشرطُه، وإذ انتفى الشرط ينتفي المشروط.

w إنَّ الحدود عقوباتٌ، والكفَّارات فيها شائبة عقوبة، والقياس ظنِّي يدخله احتمال الخطأ، وذلك شبهة، وإذا كان كذلك فإنه لا يصحُّ أن يثبت فيها القياس؛ لأنَّ العقوبات تدرأ بالشبهات(٨)، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ادْرَؤُوا الحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ»(٩).

وقد أُجيب بأنَّ الحكم المعدَّى من الأصل إلى الفرع إنَّما هو وجوب الحدِّ والكفارة والتقديرِ والبدلِ من حيث هو وجوب، وذلك معقول بما علم من مسائل الخلاف، ولو كان طريقًا لنفي القياس في العقوبات للزم نفي القياس في سائر الأحكام، وإذا كان اللازم باطلًا فالملزوم مثله؛ ولأَنَّ القائلين بالقياس لا يجرونه إلاَّ إذا توفَّرت شرائطُهُ.

وعلى فرض التسليم بصِحَّة الحديث فإنَّه لا يسلَّم أنَّ ظهور الظنّ يكون شبهة، فلو كان مطلق الظنّ مانعًا من إقامة الحدود لما وجبت الحدود بالأدلة الظنِّية كأخبار الآحاد، وظواهر النصوص والشهادات ونحو ذلك، وهي مقبولة مع احتمال الخطإ فيها، وكذلك يقبل في نصاب السرقة تقويم المقوِّم مع احتمال الخطإ عليه، لذلك كان القياس مع ظَنِّيته لا يثير شبهة فلا يمنع من إجرائه في عموم العقوبات والأبدال والمقدّرات(١٠).

هذا، وللخلاف آثارٌ فقهية سواء في الكفَّارات أو الحدود أو المقدَّرات أو الأبدال، نذكر بعضًا منها فيما يلي:

w بالنسبة للكفَّارات: ما ذهبت إليه الشافعية من وجوب الكفَّارة على قاتل النفس عمدًا بالقياس على المخطئ؛ لأنها إذا وجبت في القتل الخطإ ففي العمد أولى وحاجته إلى تكفير الذنب أشدّ، وذهبت الحنفية إلى أنه لا كفارة على قاتل العمد؛ لأنه لا قياس في الكفَّارات والحدود، وهو قول مالك والمشهور عن الإمام أحمد(١١).

والظاهر أنَّ مذهب الحنفية أقوى لا من جهة عدم جواز العمل بالقياس، وإنما القياس ضعيف معارض بمفهوم المخالفة في قوله تعالى: ﴿وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: 92]؛ ولأنه لم يثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أنه أوجب الكفَّارة في القَوَد، وبالقياس على الزاني المحصن فإنه فعل أوجب القتل فلا يوجب الكفارة(١٢).

- ومن ذلك اشتراط الإيمان في رقبة الظِّهار قياسًا على رقبة القتل بجامع أنَّ كُلاًّ منهما كفارة، فمن أجرى القياسَ أوجب الإيمان في كفَّارة الظهارِ، ومن لم يجر القياس في الكفَّارات لم يشترط ذلك.

- ومن هذا القبيل قياس كفَّارة اليمين على كفَّارة القتل الخطأ في اشتراط الإيمان في الرقبة(١٣)، وكذلك الكفَّارة في الإفطار عمدًا بغير جماع، فمن قال بجريان القياس في الكفَّارات قال: بأن من أفطر متعمِّدًا بأكل أو شرب فعليه القضاء والكفَّارة إلحاقًا بالمجامِع في رمضان، وهو مذهب مالك وأصحابه وأبي حنيفة وأصحابه، أمَّا الشافعية والحنابلة فيذهبون إلى عدم الإلحاق فلا تجب الكفَّارة، لا من أجل أنهم لا يرون القياس في الكفَّارات، وإنما ينتفي القياس لعدم صلاحية العِلَّة لهذا الحكم، ويرون أنَّ هذه العقوبة أشدّ مناسبة للجماع منها لغيرها(١٤).

w بالنسبة للحدود، فمثاله: قطع يد النباش قياسًا على السارق بجامع أخذ المال خُفية من حرز، وهو مذهب القائلين بالقياس، خلافًا لأبي حنيفة فإنه لا يقول بقطع يد النباش لأنَّ القبر ليس بحرز(١٥)، وقياس اللائط على الزاني بجامع إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعًا محرّم شرعًا(١٦).

w ومثاله في المقدّرات: جعل أقلّ الصداق ربع دينار قياسًا على قطع اليد في السرقة بجامع أنَّ كُلاًّ منهما فيه استباحة عضو(١٧)، وتقدير الخرق الذي يعفى عنه في الخفّ بثلاثة أصابع قياسًا على مسحه(١٨).

w ومثاله في الأبدال: انتقال المحصر إلى الصوم إذا لم يجد قياسًا على سائر الهدايا بجامع كون الهدي تعلّق وجوبه بالإحرام(١٩).

 

فصلٌ
[ في صحة العلة الواقفة ]

 

•  قال الباجي -رحمه الله- في [ص 310]:

«العِلَّةُ الوَاقِفَةُ -عِنْدَنَا- صَحِيحَةٌ، نَحْوُ: عِلَّةِ مَنْعِ التَّفَاضُلِ فِي الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِمِ؛ لأَنَّهَا أُصُولُ الأَثْمَانِ وَقِيَمُ المُتْلَفَاتِ».

 

[م] المراد بالعِلَّة الواقفة تلك التي لم تتعدَّ الأصل إلى الفرع(٢٠)، ويعبِّر عنها الأصوليُّون بالعِلَّة القاصرة، ومحلّ الخلاف في جواز التعليل بها إذا كانت مستنبطة، أمَّا الثابتة بنصٍّ أو إجماعٍ فقد أطبق العلماءُ على جواز التعليل بها إلاَّ ما نقله القاضي عبد الوهاب عن قوم أنه لا يصحُّ التعليلُ بها، وتعقّبه صاحب الإبهاج بقوله: «ولم أر هذا القول في شيء ممَّا وقفت عليه من كتب الأصول سوى هذا»(٢١).

ومثال العِلَّة الواقفة المنصوص عليها التي يجوز التعليل بها اتفاقًا: تعليل وجوب الكفَّارة بوقاع المكلَّف في نهار رمضان.

وأمَّا العِلَّة الواقفة المستنبطة فما عليه مالك والشافعي وأكثر أصحابهما، وإحدى الروايتين عن أحمد صِحَّة التعليل بها، وبه قال بعضُ الحنفية، ومال إلى هذا القول أبو إسحاق الشيرازي والغزالي والفخر الرازي والآمدي وغيرُهم، وخالف أبو حنيفة وأكثر أصحابه والحنابلة ورأوا عدم صِحَّة التعليل بها وهي الرواية الثانية عن أحمد(٢٢).

وقد مثَّل لها المصنِّف بعِلَّة منع التفاضل في الذهب والفضَّة بأنها أصول الأثمان وقيم المتلفات، وبهذا التعليل قالت المالكية والشافعية ورواية عن أحمد، وهو المعنى البارز الذي يعدُّ معيارًا ضابطًا يعرف به تقويم المبيعات فلا يخضع للارتفاع والانخفاض على عكس السلع، وبخلاف التعليل بالوزن الذي عليه الحنفية ورواية عن أحمد(٢٣)، فإنه وإن كانت عِلَّة متعدِّية إلاَّ أنَّ التعليل بها طرد محض ليس فيه مناسبة، فإذن لا يوجد معنى أخطر من الثمنية في الذهب والفِضَّة إذ بها حياة الأموال، وحاجة الناس إليها ضرورية وعامَّة، ولأنها غير مقصودة لذاتها بل للتوصّل بها إلى السلع، وهذا المعنى معقول يختصّ بالنقود، فلا يتعدَّى سائر الموزونات(٢٤)، ويُمثِّلون للعلة القاصرة -أيضًا- بالسفر المبيح للفطر، والرمَل في الأشواط الثلاثة الأولى من الطواف لإظهار القوة والنشاط للمشركين.

 

[ في الدليل على صحة العلة الواقفة ]

 

• قال الباجي -رحمه الله- في [ص 311]:

«وَقَالَ أَصْحَابُ أَبي حَنِيفَةَ: «لَيْسَتْ بصَحِيحَةٍ»، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ القِيَاسَ أَمَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَجَازَ أَنْ تَكُونَ خَاصَّةً وَعَامَّةً كَالخَبَرِ».

 

[م] الحنفية نظروا إلى شروط صلاحية العِلَّة للقياس، ولاحظوا ضرورة أن تكون العِلَّة متعدِّيةً لاستخدامها في عملية القياس، ولما كانت العلة الواقفة لا تتعدَّى إلى الفرع فلا جدوى من التعليل بها، إذ ما لا فائدة فيه لا يرد به الشرع، لذلك يبطل التعليل بها، ومن جهة أخرى فالعِلة الواقفة لا تكشف عن الأحكام لقصورها، ومن شرط العِلَّة الشرعية أن تكون أمارة كاشفة عن الأحكام لذلك لا تصلح أن تكون علة لانتفاء شرطها.

وقد أجاب الجمهور عن دليل الأحناف: بأنَّ العلة الواقفة تفيد المكلَّف في معرفة بناء الحكم على وجه المصلحة وَفْقَ الحكمة، وهو تعليل باعث على الامتثال والطاعة، ولأنَّ التعدية وسيلة إلى إثبات الحكم فالواقفة وسيلة إلى نفيه، وكلاهما مقصودان، فإنَّ إثبات الحكم في محلِّ النفي محذور، كما أنَّ نفيه في محلّ الإثبات محذور، وهذه النتيجة من الأهمية بمكان؛ لأنَّ معرفة الاقتصار على محلِّ النصِّ وانتفائه به من أعظم الفوائد(٢٥)، فإن ثبتت الثمنية عِلة الذهب والفضَّة، فإنَّ عدم الثمنية مُشعر عن طريق مفهوم المخالفة بانتفاء تحريم الرِّبا في غيرهما، وقد استدلَّ الجمهور بفوائد أخرى يُترك ذِكرُها خشية التطويل اكتفاءً بما تقدَّم، وعليه تكون العِلة الواقفة كاشفة عن الأحكام من جهة كشفها منع استعمال القياس، فصحَّ أن تكون أمارة شرعية قاصرة على حكم خاصٍّ مثل المتعدِّية فهي أَمَارة شرعية عامَّة غير قاصرة على حكم نصِّ الأصل، فاتصاف العِلة بالتعدية إنما هو فرع عن صِحَّتها وصلاحيتها لإضافة الحكم إليها، ولا يكون فرع الشيء شرطًا لوجوده، ولا مقومًا له، فمثل العِلَّة الواقفة والمتعدِّية مثل الخبر في عمومه وخصوصه؛ ولأنَّ العِلة الواقفة المستنبطة كالعِلة الواقفة المنصوص عليها أو المجمع عليها ولا فرق، فإذا جاز التعليل بالمنصوص عليها والمجمع عليها جاز التعليل بالمستنبطة، وإذا نفينا الفرق بين العلة المتعدِّية المنصوص عليها أو المجمع عليها وبين العلة المتعدِّية المستنبطة فإنَّ القياس يقتضي نفيه في العِلة الواقفة المستنبطة أيضًا.

والخلاف بين أهل العلم لفظيٌّ لا ثمرةَ له ولا نتيجةَ تترتب عليه، فالجمهور لم يشترطوا التعدِّي لأنهم لاحظوا حقيقة العِلِّية باستخراج المناسبة وإبداء الحكمة لا من أجل القياس، بينما الأحناف لاحظوا عملية القياس وشروط صلاحية العِلَّة للقياس ومنها التعدِّي، لذلك لم يصحِّحوا العِلَّة الواقفةَ؛ لأنَّ قصور العِلَّة يمنع القياس لعدم وجود العِلة الواقفة في الفرع الذي يراد إثباته، فلا يتحقَّق إلاَّ بالعِلَّة المتعدِّية، وهذا لا يخالف فيه من أجاز التعليل بالواقفة، كما أنَّ الأحناف من جهتهم لم يمنعوا التعليل باستخراج المناسبة وإبداء الحكمة من العِلَّة الواقفة.

 

فصل
[ في معنى الاستحسان وحُجِّيته ]

 

• قال الباجي -رحمه الله- في [ص 312]:

«ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ خُوَيْزَ مِنْدَادٍ أَنَّ مَعْنَى الاِسْتِحْسَانِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ -رحمه الله- هُوَ القَوْلُ بأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ، مِثْلَ تَخْصِيصِ بَيْعِ العَرايَا(٢٦) مِنْ بَيْعِ الرُّطَب بخِرْصِهَا للسُّنَّةِ الوَاردةِ في ذَلِكَ».

 

[م] الاستحسان بالمعنى الذي نقله ابنُ خويز منداد حُجَّةٌ باتفاق العلماء؛ لأنَّه لا يخالف أحدٌ في الأخذ بالدليل الراجح، لكن الذي لا يُثبت الاستحسانَ لا يُسمي الأخذ بما ترجَّح من الدَّليلين المتعارضين استحسانًا، وهذا الذي ذهب إليه هو الدليل، وإن كان يُسمِّيه استحسانًا على سبيل المواضعة، ولا يمتنع ذلك في حقِّ أهل كلِّ صناعة، إلاَّ أنَّ هذا يحتاج إلى بيان وكشف مثل أن يرد الشرع بالمنع من بيع الرطب بالتمر ويطرد في جميع الحالات، ثمَّ يرد من الشرع جواز بيع ثمرة العرية بخرصها من التمر إلى الجذاذ، وهذا، وإن سمَّاها بعضُهم استحسانًا فلا مشاحة في التسمية، لكن مسماه يرد على باب بناء العامِّ على الخاصِّ، والحكم بالخاصِّ والقضاء به على ما قابله من العام فلا يكون هذا موضع الاستحسان(٢٧).

هذا، وقد عرَّفه أهل المذاهب بتعريفاتٍ مختلفة نذكر منها:

w تعريف الكرخي من الأحناف بأنَّ الاستحسان هو: «أَنْ يَعْدِلَ الإِنْسَانُ عَنْ أَنْ يَحْكُمَ فِي المَسْأَلَةِ بِمِثْلِ مَا حَكَمَ بِهِ فِي نَظَائِرِهَا إِلَى خِلاَفِهِ لِوَجْهٍ أَقْوَى يَقْتَضِي العُدُولَ عَنِ الأَوَّلِ»(٢٨).

w وعرَّفه ابن العربي المالكي بأنَّه: «تَرْكُ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ عَلَى طَرِيقِ الاِسْتِثْنَاءِ وَالتَّرَخُّصُ لِمُعَارَضَةِ مَا يُعَارَضُ بِهِ فِي بَعْضِ مُقْتَضَيَاتِهِ»(٢٩)، وعرفه ابن رشد المالكي بأنَّه: «طَرْحٌ لِقِيَاسٍ يُؤَدِّي إِلَى غُلُوٍّ فِي الحُكْمِ وَمُبَالَغَةٍ فِيهِ، فَيُعْدَلُ عَنْهُ فِي بَعْضِ المَوَاضِعِ لِمَعْنًى يُؤَثِّرُ فِي الحُكْمِ يَخْتَصُّ بِهِ ذَلِكَ المَوْضِعُ»(٣٠)، أمَّا تعريفه عند الشاطبي المالكي فهو: «الأَخْذُ بِمَصْلَحَةٍ جُزْئِيَّةٍ فِي مُقَابَلَةِ دَلِيلٍ كُلِّيٍّ»(٣١).

w وعرَّفه الغزالي الشافعي بأنَّه: «مَا يَسْتَحْسِنُهُ المُجْتَهِدُ بِعَقْلِهِ»(٣٢).

w أمَّا ابن قدامة الحنبلي فعرفه بأنَّه: «العُدُولُ بِحُكْمِ المَسْأَلَةِ عَنْ نَظَائِرِهَا لِدَلِيلٍ خَاصٍّ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ»(٣٣).

w وعرَّفه أبو الحسين البصري بأنَّه: «تَرْكُ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الاِجْتِهَادِ غَيْر شَامِلٍ شُمُولَ الأَلْفَاظِ لِوَجْهٍ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَهُوَ فِي حُكْمِ الطَّارِئِ عَلَى الأَوَّلِ»(٣٤)، واختار الآمديُّ هذا التعريفَ وقال: «غَيْرَ أَنَّ حَاصِلَهُ يَرْجِعُ إِلَى تَفِسيرِ الاِسْتِحْسَانِ بِالرُّجُوعِ عَنْ دَلِيلٍ خَاصٍّ إِلَى مُقَابِلِهِ بِدَلِيلٍ طَارِئٍ عَلَيْهِ أَقْوَى مِنْهُ مِنْ نَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلاَ نِزَاعَ فِي صِحَّةِ الاِحْتِجَاجِ بِهِ وَإِنْ نُوزِعَ فِي تَلْقِيبِهِ بِالاسْتِحْسَانِ»(٣٥).

 

[ في حقيقة الاستحسان المختلف فيه ]

 

• قال الباجي -رحمه الله- بعد ذلك في [ص 313]:

«وَالاسْتِحْسَانُ الَّذِي يَخْتَلِفُ أَهْلُ الأُصُولِ فِي إِثْبَاتِهِ هُوَ: اخْتِيَارُ القَوْلِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَلاَ تَقْلِيدٍ، ذَهَبَ بَعْضُ البَصْرِيينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِ أَبي حَنِيفَةَ إِلىَ إِثْبَاتِهِ، وَمَنَعَ مِنْهُ شُيُوخُنَا العِرَاقِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ».

 

[م] إطلاقُ الاستحسانِ على ما تميلُ إليه النفسُ وتهواه من الصُّوَرِ والمعاني -وإن كان مُستقبَحًا عند غير صاحب الهوى- لم يقل به أحدٌ من العلماء، ولا يسوغ نِسبتُه إلى أهل العلم، إذ لا خلافَ بينهم على عدم جوازه، لاتفاقهم على امتناع القول في الدِّين بالتشهِّي والهوى.

والظاهر أنَّ الخلافَ بين العلماء في الاستحسان ليس جوهريًّا، بل هو خلافٌ لفظيٌّ، فالذي يحتجُّ به يُعَرِّفُهُ بتعريفٍ لا يُخالفُ أحدٌ في العمل به، كالأخذ بالدليل الأقوى، أو أنه العدولُ عن موجبِ قياسٍ إلى قياسٍ أقوى منه، والذي يَرُدُّه ولا يحتجُّ به يُعَرِّفُهُ بحدٍّ لا يقولُ بجواز العمل به أحدٌ من المسلمين، كمن عَرَّفَهُ بأنَّه «اختيارُ القَوْلِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ ولاَ تَقْلِيدٍ»، أو بأنَّه «دَلِيلٌ يَنْقَدِحُ في ذِهْنِ المُجْتَهِدِ لاَ تُسَاعِدُهُ العِبَارَةُ عَنْهُ حَتَّى يُفْصِحَ عَنْهُ»، أو «مَا يَسْتَحْسِنُهُ المُجْتَهِدُ بِنَظَرِهِ بِعَقْلِهِ»، وما إلى ذلك من التعريفات الضعيفة التي لم يقل بها أهلُ العلم لحرمة القول على الله بدون علم وبالتشهِّي واتباع الهوى، فما أثبته المحتجُّون به غير الذي نفاه المانعون له، فينتفي الخلاف في الحقيقة لانتفاء التعارض بين النفي والإثبات لعدم تواردهما على محلٍّ واحدٍ، ويبقى الخلافُ في العبارة واللفظ، وبهذا قال جماعةٌ من المحقِّقين كابنِ الحاجب والآمديِّ وابن السُّبْكِي والإسنوي وغيرِهم(٣٦)، قال الشوكاني: «فَعَرَفْتَ بمجموعِ ما ذكرنا أنَّ ذِكْرَ الاستحسان في بحثٍ مستقلٍّ لا فائدةَ فيه أصلًا؛ لأنه إن كان راجعًا إلى الأدلَّة المتقدِّمة فهو تَكرارٌ، وإن كان خارجًا عنها فليس من الشرع في شيء، بل هو من التقوُّل على هذه الشريعة بما لم يكن فيها تارة، وبما يضادُّها أخرى»(٣٧).

هذا، وينقسم الاستحسانُ تبعًا للدليل الذي يثبت به إلى:

w الاستحسان بالنصِّ: وهو العُدُولُ عَنْ حُكْمِ القِيَاسِ فِي مَسْأَلَةٍ إِلَى حُكْمٍ مُخَالِفٍ لَهُ ثَبَتَ بِالنَّصِّ، وهو ينقسم إلى استحسانٍ بالقرآن الكريم أو بالسُّنَّة المطهَّرة:

- مثال الاستحسان بالقرآن: تنفيذ الوصية، فإنَّ القياس يقتضي عدم جوازها؛ لأنَّها تمليك مُضافٌ إلى ما بعد الموت وهو زمن زوال الملكية إلاَّ أنها استثنيت من تلك القاعدة العامَّة بقوله تعالى:  ﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: 12].

- ومثاله من السُّنَّة: بقاءُ صومِ المفطِر ناسيًا، فإنَّ القياس يقتضي فساد الصوم لعدم الإمساك عن الطعام، لكنه استثني بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ»(٣٨)، ومعنى هذا الاستحسان أن يَرِدَ نَصٌّ في المسألة يتضمَّن حُكمًا بخلافِ الحكم الكُلِّيِّ الثابتِ بالدليل العامِّ، وقد تقدَّم أنَّ هذا لا يُنكر وإنَّما الخلافُ يرجع إلى العبارة(٣٩).

w الاستحسان بالإجماع: وهو العُدُولُ عَنْ حُكْمِ القِيَاسِ فِي مَسْأَلَةٍ إِلَى حُكْمٍ مُخَالِفٍ لَهُ ثَبَتَ بِالإِجْمَاعِ، ومثاله: عقد الاستصناع(٤٠)، فإنَّ مقتضى القياس بطلانه؛ لأنَّ المعقود عليه وقتَ العقد معدومٌ لكن عُدِلَ عن هذا الحُكم إلى حكمٍ مخالفٍ له وهو جوازُ عقدِ الاستصناع لتعامل الناس به في كلِّ الأزمان من غيرِ نكيرٍ فكان إجماعًا يترك به القياس.

w الاستحسان بالقياس الخفيِّ: وهو العُدُولُ عَنْ حُكْمِ القِيَاسِ الجَلِيِّ ظَاهِرِ العِلَّةِ إِلَى حُكْمٍ آخَرَ بِقِيَاسٍ خَفِيٍّ أَدَقّ مِنَ الأَوَّلِ وَأَصَحّ نَظَرًا، ويتحقَّق ذلك في كلِّ مسألةٍ فيها قياسان: قياس جليّ لظهور العِلَّة فيه، وقياس خفي لخفاء العِلَّة فيه، ومثاله: سؤر سباع الطير، فإنَّ القياس يقتضي نجاسة سؤرهم لمساواة سؤرهم بسباع البهائم؛ لأنَّ الحكم على السؤر باعتبار اللحم، ولحم كلٍّ منهما نجس، غير أنَّ مقتضى الاستحسان طهارته قياسًا على الآدمي في أنَّ كُلاًّ منهما غير مأكول اللحم؛ ولأنَّ سباع الطير تشرب بمناقيرها وهي عظم طاهر جاف لا رطوبةَ فيه، فضعف تأثير قياس مخالطة اللعاب النجس للماء في سؤر سباع البهائم.

w الاستحسان بالعُرف والعادة: وهو العُدُولُ عَنْ حُكْمِ القِيَاسِ فِي مَسْأَلَةٍ إِلَى حُكْمٍ يُخَالِفُهُ، عَمَلًا بِالعُرْفِ وَجَرْيًا عَلَى مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ، مثاله: إجارة الحَمَّام بتعيين الأُجرة مع الجهالة لقدر الماء المستعمل في الاستحمام ومُدَّة الإقامة فيه، فالقياس يقتضي بطلان عقد الإجارة؛ لأنَّها عقدٌ على مجهولٍ، والجَهالة تُبْطِلُ العقدَ وتُفْسِدُهُ، لكن عُدل عن هذا الحكم إلى حكم مخالفٍ وهو جواز الإجارة له عملًا بالعُرْفِ استحسانًا لما في ترك بيان المنفعة منعًا للمضايقة على ما اعتاده الناس رعايةً لمصالحهم وحاجياتهم(٤١).

w الاستحسان بالضرورة: وهو العُدُولُ عَنْ حُكْمِ القِيَاسِ إِلَى حُكْمٍ آخَرَ مُخَالِفٍ لَهُ ضَرُورَةً وَحَاجَةً، ومثاله: الغَبْنُ اليسير في المعاملات مُغتفر، فالقياس يقتضي أنَّ كُلَّ غَبْنٍ أَكْلٌ لأموالِ الناس بالباطل للدليل العامِّ المانع، لكن الغبن اليسير معفوٌ عنه، وتصحُّ المعاملة معه لضرورة عدم إمكانية الاحتراز عنه.

ومثاله -أيضًا-: جواز الشهادة بالسماع في النسب والموت والنكاح والدخول، وإن لم يعاين الشهود ما شهدوا عليه، والقياس يقتضي اشتراط المعاينة، لكن عُدِلَ عن هذا الحكم إلى حكمٍ آخرَ؛ لأنَّ الناسَ لو كُلِّفُوا إحضار شهودٍ عاينوا الولادةَ أو الدخولَ لوقعوا في حرجٍ ظاهرٍ، لذلك جوزت الشهادة بالسماع ضرورة.

 

فصل
[ في سد الذرائع وحُجِّيَّته ]

 

•  قال المصنِّف -رحمه الله- في [ص 314]:

«مَذْهَبُ مَالِكٍ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- المَنْعُ مِنَ الذَّرَائِعِ...».

 

 «يتبع».

 


١-  وهذا بخلاف الأحناف فإنَّ الحدَّ عندهم هو: عقوبة مقدَّرة واجبة حقًّا لله تعالى، فلا يسمَّى التعزير حدًّا؛ لأنَّه ليس بمقدر، ولا يسمَّى القصاص حدًّا لأنَّه وإن كان مقدَّرًا لكنه حقّ العباد، فيجري فيه العفو والصلح، وسميت هذه العقوبات حدودًا لكونها مانعة من ارتكاب أسبابها. [«المبسوط» للسرخسي (9/36)، «بدائع الصنائع» للكاساني (7/23)، «تبيين الحقائق» للزيلعي (3/163)]، وعند الجمهور يدخل ضمن الحدود: القصاص وحد الردَّة وغيرها.

٢- «معجم لغة الفقهاء» للقلعجي وحامد (382)، «التعريفات الفقهية» للمجددي (334).

٣- «التعريفات» للمجددي (501)، «نشر البنود» للعلوي (2/111).

٤- وذلك بناء على قول الشافعي في عدم تحمل العاقلة الأطراف، وأُرُوش الجنايات، والحكومات حيث قال: «ورد النص في أنَّ العاقلة تتحمّل النفس، فيقتصر عليه، ولا يقاس؛ لأنَّ تحمل العاقلة على خلاف القياس، ولكن ورد في النصّ فلا يتعدَّى عن محلّ النَّص». [«البحر المحيط» للزركشي (5/51 - 52) بتصرف].

٥- انظر المصادر الأصولية المثبتة على هامش «الإشارة» (310).

٦- أخرجه مالك في «الموطأ» (3/55)، والدارقطني في «سننه» (3/166)، والبيهقي في «سننه» (8/320)، والحاكم في «المستدرك» (4/375)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه عليه الذهبي، وضعفه الألباني في «الإرواء» (7/111).

٧- وإن كان أبو حنيفة يرى عدم جريان القياس في الحدود والكفَّارات؛ إلاَّ أنه قاس في الكفارات فأوجب الكفارة في الإفطار بالأكل والشرب كما هي واجبة بالإفطار بالجماع، وأوجب الكفارة في قتل الصيد خطأ كما أوجبها في قتله عمدًا في الحرم، فحقيقة القياس موجودة وإن اعتذرت الحنفية أنَّ ذلك من باب تنقيح المناط لا من باب القياس في الكفارات. [انظر مناقشة الغزالي لهم في «المستصفى» (2/334)، والإسنوي في «التمهيد» (467)].

٨-  «الإحكام» للآمدي (3/127).

٩- أخرجه ابن أبي شيبة (5/507)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (19/171)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (5/231)، وسنده ضعيف مرفوعًا.

[انظر: «المقاصد الحسنة» للسخاوي (74)، «إرواء الغليل» للألباني (7/343، 8/26)]، وقد أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (8/238) موقوفًا عن ابن مسعود رضي الله عنه بسند حسن «السلسلة الضعيفة» للألباني (5/222)].

١٠- انظر المصادر الأصولية المثبتة على هامش «الإشارة» (310).

١١- «المغني» لابن قدامة (8/514)، «مغني المحتاج» للشربيني (4/107).

١٢- «المغني» لابن قدامة (8/514).

١٣- «أسباب اختلاف العلماء» للتركي (117).

١٤- «المغني» لابن قدامة (3/105)، «أثر الاختلاف في القواعد الأصولية» للخن (484).

١٥- «المغني» لابن قدامة (9/109)، «التمهيد» للإسنوي (467).

١٦- «المعونة في الجدل» للشيرازي (227)، «المنهاج في ترتيب اللجاج» للباجي (154).

١٧- «نشر البنود» للعلوي (2/111).

١٨- «المعونة في الجدل» للشيرازي (227). [انظر ما أثبته الشافعي -رحمه الله- من تناقض الحنفية في مسألة المقدّرات والرخص في «الأم» (1/4) وما بعدها، ونقل عنه الجويني في «البرهان» (2/896)، والرازي في «المحصول» (2/2/474)، والإسنوي في «التمهيد» (467)].

١٩- «المنهاج في ترتيب اللجاج» للباجي (154).

٢٠- والعلة الواقفة إذا ثبتت في معنى من المعاني كانت مقصورةً عليه وغير موجودة في سواه، فوصفت لذلك بأنها موقوفة عليه، ممنوعة من أن تتعدَّى إلى سواه «الحدود» للباجي (74).

٢١- «الإبهاج» للسبكي وابنه (3/144).

٢٢- انظر المصادر الأصولية المثبتة على هامش «الإشارة» (311).

٢٣- انظر: «تحفة الفقهاء» للسمرقندي (2/31)، «البدائع» للكاساني (5/183)، «بداية المجتهد» لابن رشد (2/130)، «المهذب» للشيرازي (1/277)، «المغني» لابن قدامة (4/5)، «مختارات من نصوص حديثية» للمؤلف (221).

٢٤- «إعلام الموقعين» لابن القيم (2/156).

٢٥- «إعلام الموقعين» لابن القيم (2/156).

٢٦- العرايا جمع عَرِيَّة، وهي في الأصل: عطية ثمر النخل دون الرقبة، وهي في الاصطلاح: بيع الرطب على رؤوس النخل بقدر كيلة من التمر خرصا فيما دون خمسة أوسق بشرط التقابض، وقد اتفق الجمهور على جواز رخصة العرايا. [انظر: «فتح الباري» لابن حجر (4/388 - 390)، «سبل السلام» للصنعاني (3/45)، «نيل الأوطار» للشوكاني (6/345 - 356)].

٢٧- انظر: «إحكام الفصول» (687)، «الحدود» كلاهما للباجي (65)، «إرشاد الفحول» للشوكاني (241).

٢٨- «كشف الأسرار» للبخاري (4/3).

٢٩- « الموافقات» للشاطبي (4/207 - 208)، «الاعتصام» للشاطبي (2/139).

٣٠- «الاعتصام» للشاطبي (2/139).

٣١- «الموافقات» للشاطبي (4/206).

٣٢- «المستصفى» للغزالي (1/274).

٣٣- «روضة الناظر» لابن قدامة (1/407).

٣٤- «المعتمد» لأبي الحسين (2/840).

٣٥- «الإحكام» للآمدي (3/202).

٣٦- انظر المصادر الأصولية المثبتة على هامش «الإشارة» (314).

٣٧- «إرشاد الفحول» للشوكاني (241).

٣٨- أخرجه البخاري (4/155)، ومسلم (8/35)، وأبو داود (2/790)، والترمذي (3/100)، وابن ماجه (1/535)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

٣٩- « المستصفى» للغزالي (1/139).

٤٠- الاستصناع هو: عَقْدٌ مَعَ صَانِعٍ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ فِي الذِّمَّةِ نَظِيرَ ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ. [انظر: «فقه البيع والاستيثاق» للسالوس (484)، و«الفقه الإسلامي وأدلَّته» للزحيلي (4/631)].

٤١- ويصلح هذا المثال للاستحسان بالإجماع -أيضًا- لتحقُّق الإجماع على جواز إجارة الحمام مع حصول الجهالة في قدر الماء المستعمل والمدَّة.