مقال في ترجيح العلة المتعدية الشيخ محمد علي فركوس

في ترجيح العلة المتعدية
الأحد 11 سبتمبر 2016    الموافق لـ : 08 ذي الحجة 1437

-الجزء الثاني والعشرون-

 

[ في ترجيح العلة المتعدية ]

 

• قال الباجي -رحمه الله- في [ص 345]:

«وَالسَّابعُ: أَنْ تَكُونَ إِحْدَى العِلَّتَيْنِ وَاقِفَةً، وَالأُخْرَى مُتَعَدِّيَةً، فَتَقَدُّمُ المُتَعَدِّيَةِ أَوْلَى».

 

[م] وتقديمُ العِلَّةِ المتعدِّية على الواقفة هو مذهب الجمهور، وبه قال أبو منصور البغدادي(١) والآمدي وابن بَرهان وابن الحاجب(٢)، ورجَّحَ أبو حامد الإسفرائيني العِلَّةَ الواقفة (القاصرة)، واختار الغزالي هذا الرأي في المستصفى(٣)، لأنَّ العِلَّة الواقفةَ متأيَّدَةٌ بالنصِّ، والخطأ فيها أقلُّ، يَأمن فيها المجتهد من الزلل في حكم العِلَّةِ فكانت أَوْلَى، وسَوَّى أبو بكر الباقلاَّنيُّ بينهما، وإلى هذا الرأي مال الغزالي في المنخول(٤)، واختاره الجويني، فلا ترجيح لإحدى العِلَّتين على الأخرى؛ لأنَّ صِحَّةَ العِلَّة مرتبطةٌ بما يُصحِّحُها وهو الدليل، فلا يرجَّح دليلٌ على آخر بالأغزر فائدة؛ لأنَّ الترجيح إنما يكون حقيقة بما هو مثار الدليل على الصِّحَّة.

والذي قرَّر به المصنِّف مذهب الجمهور أقوى؛ لأنَّ العِلَّة المتعدِّية أتمُّ فائدةً من العِلَّة القاصرة وأكثر منفعة كترجيح الضروريات على المكمِّلات ومصالح الدِّين على مصالح الدنيا؛ ولأنَّ المتعدِّيةَ مُجمعٌ على صِحَّتها عند القائلين بالقياس، والعِلَّة الواقفة المستنبطة(٥) مُختلَف في صِحَّتها، والمختلف فيه أضعف من المُجمَعِ عليه(٦)؛ ولأنَّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتمسَّكون بالمتعدِّية دون القاصرة(٧)، وما تمسَّكوا به أَوْلَى بالقول به.

وقد مثَّل له المصنِّف «بقول المالكي: إنَّ عِلَّةَ تحريم الخمر أنه شراب فيه شِدَّةٌ مُطربة فيتعدَّى هذا إلى النبيذ، فيقول الحنفي: بل عِلَّة التحريم كونها خمرًا، فيقول المالكي: عِلَّتنا أَوْلَى؛ لأنها مُتعدِّية، لأنَّ عندكم أنَّ الواقفة باطلةٌ، وعندنا -وإن كانت صحيحة- فإنَّ المتعدِّيةَ أَوْلَى منها، فقد حصل الاتفاق على تقديم المتعدِّية عليها»(٨).

 

[ في ترجيح العلة العامة لجميع فروعها ]

 

• قال الباجي -رحمه الله- في [ص 346]:

«وَالثَّامِنُ: أَنْ تَكُونَ إِحْدَاهُمَا لاَ تَعُمُّ فُرُوعَهَا وَالأُخْرَى تَعُمُّ فُرُوعَهَا، فَتَكُونُ العَامَّةُ أَوْلَى».

 

[م] أي أَنْ تكونَ العِلَّة عامَّة الأصل، بحيث توجد في جميع جزئياته؛ لأنها أكثر فائدة ممَّا لا تعمُّ.

ومن أمثلة ذلك تعليل الشافعي منع الرِّبا في البُرِّ بالطُّعم مع تعليل الحنفي بالكيل، فإنَّ العِلَّة الأُولى عامَّة موجودة في جميع البُرِّ على كلِّ حالٍ من أحواله، قليلاً كان أو كثيرًا، بينما الكيل فلا توجد العِلَّة في بيع الحفنة بالحفنتين، فعِلَّةُ الطُعم عامَّةٌ في جميع أفراد الأصل بخلاف عِلَّة الكيل لذلك رُجِّحت لكونها عامَّة وأتمّ فائدة(٩).

هذا، وقد مَثَّل المصنِّف لهذا الضرب من الترجيح بالعلل «باستدلال المالكي في أنَّ من عدا الوالدين والمولودين والإخوة من الأقارب لا يُعتقون بالملك؛ لأنه مَن ملك من تجوز شهادته له لم يجب عليه عتقه كالأجنبي، فيعارضه الحنفي بأنَّ هذا ذو رحم فوجب أن يعتق بالملك كالوالدين(١٠)، فيقول المالكي: عِلَّتنا أَوْلَى؛ لأنها تعمُّ فروعها، وعِلَّتكم لا تعمُّ فروعها؛ لأنَّ البنت تعتق على الأم والابن على الأب، ولا توجد هذه العِلَّة فيهم، ولا توصف البنت بأنها ذات محرم لأمِّها، فتكون العامَّة أَوْلَى»(١١).

 

[ في ترجيح العلة الأعم فروعًا ]

 

• قال الباجي -رحمه الله- في [ص 346]:

«وَالتَّاسِعُ: أَنْ تَكُونَ إِحْدَى العِلَّتَيْنِ عَامَّةً وَالأُخْرَى خَاصَّةً، فَتَكُونُ العَامَّةُ أَوْلَى؛ لأَنَّ كَثْرَةَ الفُرُوعِ تَجْرِي مَجْرَى شَهَادَةِ الأُصُولِ لَهَا».

 

[م] وترجيح العِلَّة العامَّة على الخاصَّة هو مذهب الجمهور، وخالف الأحناف وبعضُ الشافعية والحنابلة في ذلك وقالوا: «هما سواء» فلا ترجيح بالأعمِّ على الأخصِّ مُطلقًا، ويرى آخرون بتقديم الأخصِّ على الأعمِّ أخذًا بالمحقَّق في المحدود(١٢).

وهذه المسألة تتعلَّق بعِلَّتين مُتعدِّيتين إذا كانت إحداهما أكثر فروعًا، ويرجع سببُ اختلافهم فيها إلى الاختلاف في ترجيح العِلَّة المتعدِّية على الواقفة (القاصرة)، فمن رجَّح العِلَّةَ المتعدِّية على القاصرة، قال بالترجيح بكثرة الفروع، ومَنْ رَجَّحَ العِلَّةَ القاصرة على المتعدِّية أو سَوَّى بينهما قال: لا يُرجَّح بكثرة الفروع(١٣)، والصحيحُ مذهب الجمهور -لما تقدَّم بيانُه- من ترجيح العِلَّة المتعدِّية على القاصرة؛ ولأنَّ العِلَّة إذا تضمَّنت فروعًا كثيرةً أفادت أحكامًا لا تفيدها الأخرى؛ ولأنَّ الفروع تجري مجرى شهادة الأصول لها بالصِّحة، فوجب أن تكون العِلَّةُ العامَّةُ أَوْلَى من الخاصَّة(١٤).

ومثاله: تعليل الشافعية منع بيع الكلب بالنجاسة، وتعليل الحنفي جواز بيعه بالانتفاع، فالعِلَّة الأُولى أعمُّ؛ لأنها تنطبق على الجَرو(١٥)، بينما العِلَّةُ الثانية لا تنطبق عليه لعدم الانتفاع به، فالعامَّةُ أَوْلى بالترجيح(١٦).

ومثَّل له المصنّف «باستدلال المالكي على جواز التحرِّي في الإناءين إذا كان أحدهما نجسًا بأن هذا جنس يجوز فيه التحرِّي، فوجب أن يجوز التحرِّي في حال استواء المحظور والمباح أو بزيادة أحدهما على الآخر كالثياب(١٧)، فيعارضه الحنفي بأنَّ هذين إناءان، أحدهما طاهر والآخر نجس فلا يجوز التحرِّي فيهما، أصله إذا كان أحدهما بولاً والآخر ماءً، فيقول المالكي: قياسنا أَوْلَى؛ لأنه عامٌّ في المياه والثياب وجهات القِبلة(١٨)، وقياسكم خاصٌّ في إناء الماء فكان ما قلناه أَوْلَى»(١٩).

 

[ في ترجيح العلة المنتزعة من أصل منصوص عليه ]

 

•  قال الباجي -رحمه الله- في [ص 347]:

«وَالعَاشِرُ: أَنْ تَكُونَ إِحْدَى العِلَّتَيْنِ مُنْتَزَعَةً مِنْ أَصْلٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ، وَالأُخْرَى مُنْتَزَعَةً مِنْ أَصْلٍ لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ، فَتَكُونُ المُنْتَزَعَةُ مِنْ أَصْلٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ أَوْلَى».

 

[م] فالعِلَّة ترجَّح بقُوة حكمها، فإذا تعارضت عِلَّتان، وكان ما ثبت به حكم إحداهما أقوى ممَّا ثبت به حكم الأخرى، فإنَّ قوة حكمها مرجِّحة لها؛ لأنَّ قوة الأصلِ تؤكِّد قُوَّةَ العِلَّة، ومن الأسباب التي تقوي أحد الحكمين أن يكون أحدهما منصوصًا والآخر مستنبطًا(٢٠)، فعلة المنصوص عليها تقدم على العِلَّة المستنبطة، ومثاله: ما لو قال أحد المجتهدين: الأرز يمنع فيه الربا قياسًا على البُرِّ بجامع الكيل، ويعارضه المخالف بأنَّ الأرز يمنع فيه الرِّبا قياسًا على الذُّرة بجامع الاقتيات والادخار، فالعِلَّة الأُولى ترجَّح بالنظر إلى أنَّ أصلها هو البُرُّ منصوص على تحريم الرِّبا فيه في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «البُرُّ بِالبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالمِلْحُ بِالمِلْحِ مِثْلاً بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ..»(٢١)، بخلاف الذرة فهي أصل عرف بالاستنباط، وما عرف بالنصِّ أَوْلَى بالتقديم(٢٢).

وقد مثَّل المصنِّف لهذا الضرب «باستدلال المالكي على أنَّ ما غنمته الطائفة القليلة يخمَّس بأن كلّ غنيمة لو تقدمها إذن الإمام خُمِّست، فإذا لم يتقدَّمها إذن الإمام وجب أن تخمَّس –أيضًا- كغنيمة الطائفة الكثيرة، فيعارضه الحنفي بأنَّ هذا مالٌ مأخوذ من غير غلبة ولا إذن إمام، فلم يجب تخميسه كالحشيش، فيقول المالكي: عِلَّتنا أَوْلَى؛ لأنها منتزعة من أصل منصوصٍ عليه، وهو قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ﴾ [الأنفال: 8]، وعِلَّتُكم منتزعة من أصل غير منصوص عليه، فكانت عِلَّتنا أَوْلى لاستنادها إلى النصِّ»(٢٣).

 

[ في ترجيح العلة الأقل أوصافًا ]

 

• قال الباجي -رحمه الله- في [ص 347]:

«وَالحَادِي عَشَرَ: أَنْ تَكُونَ إِحْدَى العِلَّتَيْنِ أَقَلَّ أَوْصَافًا وَالأُخْرَى كَثِيرَةَ الأَوْصَافِ، فَتُقَدَّمُ القَلِيلَةُ الأَوْصَافِ لأَنَّهَا أَعَمُّ فُرُوعًا، وَلأَنَّ كُلَّ وَصْفٍ يَحْتَاجُ في إِثْبَاتِهِ إِلَى ضَرْبٍ مِنَ الاِجْتِهَادِ، وَكُلَّمَا اسْتَغْنَى الدَّلِيلُ عَنْ كَثْرَةِ الاِجْتِهَادِ كَانَ أَوْلَى».

 

[م] ترجيح العِلَّةِ التي هي أقلُّ أوصافًا على التي هي أكثر أوصافًا هو مذهب الجمهور واختاره الشيرازي(٢٤)، لمشابهتها للعِلَّة العقلية من جهة، وهي -من جهة أخرى- أحرى في الأصول، وأسلم من الفساد(٢٥)، ويرى بعض الشافعية عكس ذلك: أي أنَّ كثيرة الأوصاف أَوْلَى بالترجيح؛ لأنَّ كثرة أوصاف العِلَّة الجامعة بين الأصل والفرع تدلُّ على كثرة الشَّبَه بينهما(٢٦)؛ ولأنَّ الشريعة حنيفية فالباقي على النفي الأصلي أكثر(٢٧)، وذهب الأحناف وبعض الشافعية إلى أنهما سواء(٢٨)، واختاره أبو الخطاب من الحنابلة(٢٩)؛ لأنَّ العِلَّةَ ذات الأوصاف وذات الوصف الواحد سواء في إثبات الحكم فوجب أن تكونا سواء عند التعارض؛ لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهما من جنس الأخرى، وهما كالمتساويين في الإفادة بالحكم والسلامة من الفساد.

والظاهرُ أنَّ ما ذهب إليه الجمهور أقوى؛ لأنَّ «الحكم الثابت به المخالف للنفي الأصلي أكثر فكان تأثيره أكثر فروعًا فهي أكثر تأثيرًا»(٣٠)، ولأنَّ تطرُّق البطلان في قليلة الأوصاف أقلُّ من الكثيرة؛ لأنَّ المركب يسري إليه البطلان ببطلان كلِّ واحدٍ من أوصافه فاحتمال البطلان في كثيرة الأوصاف أكثر منه في قليلة الأوصاف؛ ذلك لأنَّ تطرُّق الخَلَل للمتعدِّد كالعِلَّة المركَّبة من وصفين فأكثر أقوى احتمالاً من تطرُّقه لغير المتعدِّد كالعِلَّة ذات وصفٍ واحدٍ كما كان أقوى احتمالاً في الأكثر أوصافًا من الأقلِّ أوصافًا(٣١).

وقد بيَّن المصنِّف غَلَطَ من جعل العِلَّة ذات الأوصاف الكثيرة مُقدَّمَةً لكثرة شبه الفرع بالأصل بأنَّ سبب الغلط يكمن في أنَّ كثرة الأوصاف إنما تورد احترازًا من النَّقض وتمييزًا لها عَمَّا يخالفها من الأصول، لذلك لو لم يَردْ فيها احتراز لما احتاجت إلى تركيب، ولم يعتبر بكثرة شبه الفرع بها، ومن جهة أخرى أنَّ كُلَّ وَصْفٍ يحتاج في إثباته إلى نوعٍ من الاجتهاد، فإذا استغنى الدليلُ عن كثرة الاجتهاد دَلَّ على أولويته ووضوحه(٣٢).

أمَّا القول باستوائهما في إثبات الحكم فيتساويان عند التعارض فجوابه: أنَّ استواء الأدلَّة في إثبات الحكم لا يلزم استواؤهما في القُوَّة عند التعارض كالخبر مع القياس(٣٣) ومثاله: ترجيح عِلَّة الحنفي والحنبلي في تحريم الرِّبا في البُرِّ بالكيل(٣٤) وهو وصفٌ واحد على عِلَّة المالكي المركَّبة من أكثر من وصف وهي الاقتيات والادِّخار(٣٥)؛ لأنَّ العِلَّة قليلة الأوصاف أكثر فروعًا، وأسلم لقِلَّة الاعتراض عليها فضلاً عن استغناء الدليل عن كثرة الاجتهاد فيها بخلاف العِلَّة المركَّبة.

وقد مثَّل لها المصنِّف «باستدلال المالكي في أنَّ الواجب بقتل العمد القَوَد فقط، فإنَّ هذا قتل فوجب به بدل واحد كقتل الخطأ. فيعارضه الشافعي وبعضُ المالكيين بأنه قتل مضمون تعذَّر فيه القود من غير عفو عن المال ولا عدم الاستيفاء، فوجب أن يثبت فيه الدِّيَة من غير رضى القاتل كالأب، فيقول المالكي: ما قلناه أَوْلَى؛ لأنَّ عِلَّتنا أقلُّ أوصافًا من عِلَّتكم، والعِلَّة إذا قلَّتْ أوصافها دلَّ على شهادة الأصول لها وقِلَّة مخالفتها عليها»(٣٦).

وبهذا الباب من ترجيح المعاني ختم المصنِّف كتابَه «الإشارة»، واختار على اتساعها ما يصحُّ به الترجيح ويجب الاعتماد عليه، ولم يتعرَّض في فصول إلى الترجيح بين الإجماعات والأقيسة والحدود، كما لم يعقد على ما جرت عليه عادة الأصوليِّين بابًا في الاستدلال كما نبَّهتُ عليه في المقدِّمة، وإنما تعرَّض لوجوه من الترجيحات -في إحكام الفصول- ألحقها بها بعض أهل النظر وهي لا تصحُّ عنده -رحمه الله-، وذكر منها ما يكثر ويتردَّد، وطرح ما يثقل ويبعد(٣٧).

وإلى هذا الحدِّ انتهيتُ من جمعه وشرحه وتدريسه، وفرغت من رسمه

يوم الأربعاء 24 شوال 1427ﻫ

 الموافق ﻟ: 15نوفمبر 2006م.

يسَّر اللهُ فهمَه، وغفر اللهُ ذنوبَ مؤلِّفه.

والحمدُ لله ربِّ العالمين أوّلاً وآخرًا، وصَلَّى اللهُ على مُحمَّدٍ، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.


 


١- هو الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمَّد التميمي، البغدادي الشافعي، الفقيه الأصولي النحوي، له تصانيف كثيرة، منها: «تفسير القرآن»، و«فضائح المعتزلة»، «الفرق بين الفرق»، و«التحصيل» في أصول الفقه، توفي سنة (429ﻫ).

انظر ترجمته في: «طبقات الشافعية» للسبكي (5/136)، «وفيات الأعيان» لابن خلكان (3/203)، «فوات الوفيات» للكتبي (2/370)، «مرآة الجنان» لليافعي (3/520)، «البداية والنهاية» لابن كثير (12/44)، «تبيين كذب المفتري» لابن عساكر (253)، «طبقات المفسرين» للداودي (1/332)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (17/572)، «بغية الوعاة» للسيوطي (310).

٢- انظر المصادر الأصولية المثبتة على هامش «الإشارة» (345).

٣- «المستصفى» للغزالي (2/403، 404).

٤- «المنخول» للغزالي (445).

٥- العِلَّة الواقفة المنصوص عليها أو المجمع عليها يجوز التعليل بها اتفاقًا بخلاف المستنبطة. [انظر: ص 379]، والعِلَّة المتعدِّية والقاصرة وإن كانتَا تقرِّران الحكمَ في المنطوق إلاَّ أنَّ العِلَّة المتعدِّية تزيد على القاصرة في كونها أمارة على الحكم في الفرع، وبها يلحق المسكوت بالمنطوق.

٦- انظر: «شرح اللمع» للشيرازي (2/959)، «التمهيد» للكلوذاني (2/243).

٧- «المنخول» للغزالي (445).

٨- «إحكام الفصول» (760)، «المنهاج» كلاهما للباجي (236)، «شرح اللمع» للشيرازي (2/959).

٩- «شرح المحلي مع البناني» (2/375)، «المذكِّرة» للشنقيطي (333).

١٠- ذهب أبو حنيفة وأصحابه وأحمد في إحدى الروايتين عنه وابن حزم الظاهري إلى أنَّ من ملك عمَّه أو خالَه عتق عليه سواء كان المالك صبيًّا أو مجنونًا، فإنَّ ذا الرحم مَحْرَم يُعتق عليه مُطلقًا، وهو قول مروي عن عمر بن الخطَّاب وابن مسعود، وهو قول الحسن وجابر بن زيد وعطاء والشعبي وابن حزم، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ» [أخرجه أبو داود (4/260)، والترمذي (3/646)، وابن ماجه (2/843) من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه، والحديث صحَّحه ابن حزم في «المحلى» (9/203)، وعبد الحقِّ وابن القطان. [انظر: «نصب الراية» للزيلعي (3/278)، «التلخيص الحبير» لابن حجر (4/212)، «إرواء الغليل» للألباني (6/169)]. وفي الحديث دليل على أنه من ملك من بينه رحامة محرمة للنكاح فإنه يعتق عليه، وهو شامل للآباء وإن علوا، والأولاد وإن سفلوا، والإخوة وأولادهم والأعمام والأخوال لا أولادهم. [انظر: «شرح معاني الآثار» للطحاوي (3/110)، «المحلى» لابن حزم (9/200)، «تحفة الفقهاء» للسمرقندي (2/397)، «المحرر» لأبي البركات (2/4)، «تبيين الحقائق» للزيلعي (3/70)].

هذا، وقد ذهب مالك إلى القول بأنه يعتق عليه: أصوله وفروعه، والفروع المشاركة له في أصله القريب دون غيرهم، وقال الشافعي: لا يعتق عليه إلاَّ آباؤه وأولاده. [انظر: «التفريع» لابن الجلاب (2/25)، «معالم السنن» للخطابي (4/260)، «بداية المجتهد» لابن رشد (2/370)، «مغني المحتاج» للشربيني (4/499)، «القوانين الفقهية» لابن جزي (361)].

١١- «إحكام الفصول» (761)، «المنهاج» كلاهما للباجي (236)، وانظر المثال نفسه على مذهب الشافعية في «شرح اللمع» للشيرازي (2/964).

١٢- انظر المصادر الأصولية المثبتة على هامش «الإشارة» (346).

١٣- انظر: «نشر البنود» للعلوي (2/310)، «المذكِّرة» للشنقيطي (332).

١٤- «شرح اللمع» للشيرازي (2/958).

١٥- الجَرو: ولد الكلب والسباع، ويطلق على صغير كلِّ شيء حتى الحنظل والبطيخ ونحوه. [انظر: «القاموس المحيط» للفيروز آبادي (1639)، «مختار الصحاح» (101)].

١٦- «البرهان» للجويني (2/1291)، قال الجويني: «رأينا في مسألة الكلب أن التعلُّق بالنجاسة شبه لا يتأتى الوفاء بتقديرها معنى فقهيًّا ولكنه شبه مطرد، وقول أبي حنيفة في الانتفاع معنى فقهي، ولكنه منتقض، والشبه المطرد مقدم على المخيل المنتقض».

١٧- يجوز طلب أحرى الأمرين أو أولاهما إذا اشتبه ماء طهور بنجس إذا لم يكن عنده طهور بيقين، وهو مذهب الجمهور، وبه قال المالكية والشافعية والأحناف ورواية عن الحنابلة، أمَّا ما استقرَّ عليه المذهب الحنبلي أنه إذا اشتبه ماءٌ طَهور بِنَجِسٍ أراقهما وتيمَّم؛ لأنَّ اجتنابَ النجس واجبٌ ولا يتمُّ الواجبُ إلاَّ باجتنابه، وما لا يتمُّ الواجبُ إلاَّ به فهو واجبٌ؛ ولأنَّه إذا اشتبه المباح والمحظور فيما لا تبيحه الضرورة فلم يجز التحرِّي كما لو اشتبهت أخته بأجنبيات، والأحناف وافقوا الجمهور إلاَّ أنهم اشترطوا زيادة عدد الطاهر؛ لأنَّ الغلبة لو كانت للنجس أو استويا لا يتحرى بل يتيمم. [انظر: «المغني» لابن قدامة (1/60)، «الإنصاف» للمرداوي (1/129)، «منتهى الإرادات» للفتـوحي (1/28)، «المنتقى» للباجي (1/59، 60)، «البحر الرائق» (2/267)، «المجموع» للنووي (1/180)].

والظاهر أنَّ مذهب الجمهور أقوى لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيمن شكَّ في صلاته: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، ثُمَّ لْيَبْنِ عَلَيْهِ». [أخرجه البخاري في «الصلاة» (1/503) باب التوجُّه نحو القِبلة حيث كان، ومسلم في «المساجد» (5/61) باب السهو في الصلاة والسجود له من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه]. ففيه دليلٌ على ثبوت التحرِّي في المشتبهات، وإذا جاز التحرِّي في الصلاة في حالة الشكِّ وهي أعظم من الطهارة فلأن يتحرَّى في شرطها من بابٍ أَوْلَى، ويؤيِّدُه القياس على مشروعية التحرِّي في إصابة القِبلة وفي الاجتهاد في الأحكام وتقويم المتلفات؛ أمَّا اشتباه الأخت بالأجنبية فنادر والماء بخلافه فالحاجة داعية إلى التحرِّي فيه، وبيَّن النووي في «المجموع» (1/182) فسادَ الاشتباه؛ لأنَّ الأخت مع الأجنبية لا يجري فيهنَّ التحري بحال، بل إن اختلطت الأخت بمحصورات لـم يجز نكاح واحدة منهنَّ وإن اختلطت بغير محصورات نكح من أراد منهنَّ بلا تحرٍّ، وإذا لم يجز فيهنَّ التحرِّي بحال مع الاتفاق على جريانه في الماء إذا كان الطاهر أكثر لم يصحَّ إلحاق أحدهما بالآخر.

١٨- «المنتقى» للباجي (1/60).

١٩- «إحكام الفصول» (761)، «المنهاج» كلاهما للباجي (236).

٢٠- ترجّح العلَّة سواء كانت مستندة إلى أصل منصوص عليه أو مجمع عليه. [«البرهان» للجويني (2/1285)].

٢١- سبق تخريجه، انظر: (ص 369).

٢٢- «المذكِّرة» للشنقيطي (337).

٢٣- «إحكام الفصول» (762-763)، «المنهاج» كلاهما للباجي (236).

٢٤- «شرح اللمع» للشيرازي (2/957)، وانظر: المصادر الأصولية المثبتة على هامش «الإشارة» (347).

٢٥- المصدر السابق، و«التمهيد» للكلوذاني (4/246)، «المحلي على جمع الجوامع» (2/347)، والمراد بسلامة العِلَّة قليلة الأوصاف من الفساد، أي: لقلَّة الاعتراض عليها فأقلُّها أوصافًا أقلُّها اعتراضًا، ومثال الأكثر أوصافًا تعليل وجوب القصاص بالقتل العمد العدوان لمُكافي غير ولد، وتعليله بالقتل العمد العدوان.

٢٦- «حاشية البناني» (2/347)، «المذكِّرة» للشنقيطي (332).

٢٧- «المستصفى» للغزالي (2/402).

٢٨- «شرح اللمع» للشيرازي (2/957)، «ميزان الأصول» للسمرقندي (739)، «أصول السرخسي» (2/265)، «فتح الغفار» لابن نجيم (3/57)، «حاشية نسمات الأسحار» لابن عابدين (237).

٢٩- «التمهيد» للكلوذاني (4/246)، «المسودة» لآل تيمية (378).

٣٠- «المستصفى» للغزالي (2/402).

٣١- «المذكِّرة» للشنقيطي (332).

٣٢- انظر: «إحكام الفصول» للباجي (764).

٣٣- انظر: «شرح اللمع» للشيرازي (2/958)، و«التمهيد» للكلوذاني (2/246).

٣٤- انظر: «تحفة الفقهاء» للسمرقندي (2/31)، «البدائع» للكاساني (5/183)، «المغني» لابن قدامة (4/5).

٣٥- «بداية المجتهد» لابن رشد (2/130)، «القوانين الفقهية» لابن جزي (245).

٣٦- «إحكام الفصول» (763)، «المنهاج» كلاهما للباجي (237).

٣٧- المصدر السابق (766).