مقال من فضائل الصيام الشيخ محمد بن غيث غيث

من فضائل الصيام
الأربعاء 12 جويلية 2017    الموافق لـ : 17 شوال 1438

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أخي المسلم: يُعَرّف العلماء الصوم بأنه: التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

وهو ركن من أركان الدين، وفرض من فرائضه، قد تكاثرت فضائله، وتضاعفت أجوره، فمن ذلك:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»([1]).

وقوله: "الصوم لي"

قال العلماء: كفى بقوله "الصوم لي" فضلا للصيام على سائر العبادات، ومعنى "الصوم لي": أي خالصا لي، لأنه عبادة لا تظهر على الجوارح، ولا يعلمها إلا الله.

وقوله: "أنا أجزي به": أي أجازي عليه جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره، فما ظنك بأكرم الأكرمين إذا تولى الإعطاء بنفسه.

وقوله: "ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك": أي رائحة فم الصائم المتغيرة لخلو المعدة أطيب عند الله من ريح المسك.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ النَّارِ»([2]).

ومعناه: أن من كف نفسه عن الشهوات في الدنيا  بالصيام كان ذلك ساترا له في الآخرة من النار.

وعن أبي هريرةرضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»([3]).

وهذا فيه أن صوم رمضان سبب لمغفرة الذنوب.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ»([4]).

وعن سهل بن سعدرضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ»([5]).

وفي المقابل اشتدت عقوبة من يتساهل في الصيام أو في إتمامه:

فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ، فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ، فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا، فَقَالَا: اصْعَدْ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أُطِيقُهُ، فَقَالَا: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ، فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ، قُلْتُ: مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ؟ قَالُوا: هَذَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطُلِقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ، تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ...»([6]).

 

 

 


([1])  متفق عليه واللفظ لمسلم.

([2])  رواه أحمد.

([3])  متفق عليه.

([4])  رواه الترمذي.

([5])  متفق عليه.

([6])  رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم.