لمعة الإعتقاد شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 9

شرح لمعة الإعتقاد الصفات الثبوتية تنقسم إلى ذاتية وفعلية
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

الصفات الثبوتية تنقسم إلى ذاتية وفعلية

الفرع الثالث: الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين ذاتية وفعلية:

فالذاتية هي التي لم يزل ولا يزال متصفا بها كالسمع والبصر.

والفعلية هي التي تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها كالاستواء على العرش والمجيء.

وربما تكون الصفة ذاتية فعلية باعتبارين كالكلام، فإنه باعتبار أصل الصفة صفة ذاتية؛ لأن الله لم يزل ولا يزال متكلما، وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية؛ لأن الكلام متعلق بمشيئته، يتكلم بما شاء ومتى شاء.

الصفات كما سبق تنقسم إلى سلبية وثبوتية، والسلبية كما تقدم هي متضمنة لإثبات ضدها من الكمال كنفي السنة والنوم لإثبات كمال الحياة والقيومية، نفي العزوب عن شيء أو عزوب شيء عنه لإثبات كمال علمه لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وهكذا نفي الظلم بإثبات كمال عدله، هذه إثبات الصفات السلبية، لا ترد في صفات الله سبحانه وتعالى لا ترد صفة ثبوتية إلا وتتضمن إثبات ضدها من الكمال، لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لكمال حياته وقيوميته، لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ لإثبات كمال علمه، وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا لكمال قوته واقتداره، وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا لكمال عدله وهكذا؛ لأن النفي الذي لا يتضمن إثبات ضده من الكمال نفي محض، والنفي المحض لا كمال فيه، يوصف به الجماد كالجدار وغيره يوصف بالصفات السلبية التي لا تتضمن كمالا، من ذلك المخلوق الذي يوصف بصفة لا تتضمن إثبات ضدها من الكمال مثل الشاعر كما سبق يذم قبيلة:

قُبَيِّلـة لا يغدرون بذمة

ولا يظلمون الناس حبة خردل

نفى عنهم الغدر ونفى عنهم الظلم لكن نفى عنهم الغدر وعنهم الظلم مع عجزهم لا يسمى كمالا، لا يغدرون؛ لأنهم عاجزون، ولو قدروا لغدروا ولا يظلمون لكونهم عاجزين، ولا تكون كمالا إلا إذا كانت مع القدرة، الذي لا يغدر مع القدرة على الغدر هذا هو الكمال، والذي لا يظلم مع القدرة على الظلم هذا هو الكمال، أما إذا كان عاجزا، فلا يفيد ولا يكن كمالا، ثم الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين كما سمعنا، صفات ذاتية وصفات فعلية.

الصفات الذاتية ضابطها أنها لا تنفك عن البارئ في وقت من الأوقات كالسمع والبصر والعلم والقدرة والحياة والعلو والعظمة والكبرياء والعزة هذه ملازمة للرب، ما يقال في وقت عالم وفي وقت ليس بعالم، هذه صفات ثبوتية ذاتية لا تنفك عن البارئ، أما الصفات الفعلية فهي التي تتعلق بالمشيئة والاختيار مثل الكلام والخلق والرزق والإماتة والإحياء والاستواء والنزول هذه صفات فعلية، ينزل إذا شاء، استوى على العرش هذا بعد خلق السماوات والأرض دل على أنه في وقت كان مستويا وفي وقت لم يكن مستويا.

والكلام يقال: إنه صفة ذاتية وصفة فعلية باعتبار ذات أصل الكلام فهو ذاتي لأن نوع الكلام قديم، أما أفراد الكلام فهي حديثة يتكلم إذا شاء، لكن أصل الكلام قديم، لم يزل ولا يزال خلافا للكرامية الذين يقولون إن الرب كان معطل عن الكلام، هناك فترة كان الكلام ممتنعا عن الرب، ثم انقلبت فترة فصار ممكنا هذا من أبطل الباطل كلام الكرامية

شبهتهم في هذا أنهم يقولون: إذا قلنا: إن الرب يتكلم لزم من ذلك تسلسل الحوادث؛ لأن الله يخلق بالكلام، فتكون الحوادث متسلسلة، فإذا تسلسلت انسد عليها طريق إثبات الصانع، فلا نستطيع أن نثبت أن الله هو الأول إلا بإثبات فترة، نقول: هذا من أبطل الباطل، إثبات فترة ما عليها دليل.

ثانيا أنه يلزم منها خلو الرب من الكمال من الخلق، والكلام صفة كمال والخلق والفعل كمال إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ما دليلكم على هذه الفترة، أما الشبهة هنا تزول؛ لأننا نقول: كل فرد من أفراد المخلوقات المتسلسلة مسبوق بالعدم، أوجده الله بعد أن لم يكن، خلقه الله بعد أن لم يكن، مسبوق بالعدم أوجده الله ويكفي هذا، كون فرد من الأفراد المخلوقات المتسلسلة أوجده الله بعد أن لم يكن ويكفي هذا، أما إيجاد فترة أو إثبات فترة فهذا باطل ليس عليه دليل، ويلزم نفي نقص للرب -سبحانه وتعالى- وتعطيلهم من صفات الكمال الخلق والفعل، نعم.+

نكرر الأمثلة مثل الكلام والنزول والاستواء والخلق والرزق والإماتة هذه كلها صفات فعلية + التي تتعلق به، ضابطها أنها بمشيئته تقول مثلا: ينزل إذا شاء، يتكلم إذا شاء، لكن لا تقول: يعلم إذا شاء ما يصح، يدل على أن العلم صفة ثبوتية، ويرحم من يشاء فالله -سبحانه وتعالى- متصف بالرحمة في كل وقت، لكن الرحمة رحمتان، رحمة خاصة ورحمة عامة، الرحمة العامة يعطيها لكل مخلوق، أما الرحمة الخاصة فهي خاصة بالمؤمنين وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ نعم.