لمعة الإعتقاد شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 37

شرح لمعة الإعتقاد الصفة السادسة المحبة
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

الصفة السادسة المحبة

وقال ابن قدامة وقوله -تعالى-: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ .

كذلك إثبات المحبة لله وأن الله -تعالى- يوصف بالمحبة بما يليق بجلاله وعظمته، وقد فسرها أهل التعطيل بالثواب أيضًا، "يحبهم" أي: يثيبهم، والأشاعرة يفسرونها إما بالثواب أو يفسرونها بالإرادة يقولون: "يحبهم" يعني: يريد أن يحبهم؛ لأن الأشاعرة ما يثبتون غير سبع صفات: الحياة، والكلام، والبصر، والسمع، والإرادة، والعلم، والقدرة، وليس منها المحبة.

فالصفات الخارجة عن السبع يفسرونها إما بالإرادة أو يفسرونها بأثر الصفة: بالمحبة، يحبهم أي: يريد أن يحبهم أو يثيبهم، وأول من أنكر المحبة والخُلة هو الجعد بن درهم أوّل من تكلم في نفي الصفات الجعد بن درهم أنكر صفتين: الصفة الأولى هي الخُلة، والخلة: هي غاية المحبة، أو نهاية المحبة.

قال: إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، كلمتين فقط، لكن هاتان الصفتان ترجع إليهما بقية الصفات؛ لأن إنكار المحبة وإنكار الخُلة يستلزم إنكار الرسالات والنبوات؛ لأن الرسالة والنبوة كلام، الله -تعالى- أرسل الرسل وأنزل الكتب، فمن أنكر المحبة فقد أنكر الرسالات، وكذلك شبهتهم في هذا من أنكر التكليم أنكر الرسالة.

وكذلك إنكارهم للمحبة، يقول الجعد ليس هناك صلة بين القديم والمُحدَث، بين الخالق والمخلوق توجب المحبة، فقطَع الصلة بين الله وبين عباده؛ ولهذا ضحَّى به خالد بن عبد الله القسري أمير العراق والمشرق الواسط ++ كان من علماء زمانه، وأكثرهم من التابعين، وكان يخطب الناس ويصلي بالناس صلاة العيد على عادة الأمراء، وصلى بالناس العيد، وخطب في آخر الخطبة -وقد أتى بالجعد مقيَّدًا بالأغلال- وقال في نهاية الخطبة: ضحُّوا تقبّل الله ضحاياكم، فإني مضحٍّ بالجعد بن درهم ؛ فإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما، ثم نزل وذبحه بالسكين أمام الناس، فشكره العلماء ولذلك ابن القيم شكره في الكافية الشافية، قال:

ولذا ضحّــى بِجَعْـدٍ خـالــد

القَسْـرِيُّ يـوم ذبـائح القُربـانِ

إذ قـال ليس إبـراهيـم خليلـه

كلا ولا موسـى الكـليم الـدّانـي

شَكَر الضَّحِيّة كـلُّ صاحـب سُنَّةٍ

للـه درُّكَ مــن أخِـي قُرْبَـانِ

وكان إنكاره لهاتين الصفتين: "الخُلة" وهي نهاية المحبة، و"التكليم"، وكان قد اتصل به الجَهْم فالجهم توسّع في عقيدة نفي الصفات، وأنكر الصفات، ونشر المذهب على نطاق أوسع؛ فنُسب إليه المذهب فقيل: مذهب الجهمية وإلا الأصل أن يقال: مذهب الجعدية، لكن الجَعد قُتل قبل أن يستفحل أمره، نعم.

الصفة السادسة: المحبة:

المحبة من صفات الله الثابتة له بالكتاب والسنة وإجماع السلف قال الله تعالى: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم خيبر لأعطين الراية غدًا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله متفق عليه.

وأجمع السلف على ثبوت المحبة لله: يُحِبُّ ويُحَبّ، فيجب إثبات ذلك حقيقة من غير تحريفٍ ولا تعطيلٍ ولا تكييفٍ ولا تمثيلٍ.

فمن قال: إن المحبةَ الإرادةُ أو الثوابُ فقد حرَّف، وهو من المحرِّفين، نعم.

وهي محبة حقيقية تليق بالله -تعالى- وقد فسرها أهل التعطيل بالثواب، والردّ عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة.