لمعة الإعتقاد شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 41

شرح لمعة الإعتقاد ذكر بعض أحاديث الصفات
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

ذِكر بعض أحاديث الصفات

الصفة العاشرة النزول

ذِكر بعض أحاديث الصفات:

ومن السُّنة قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى سماء الدنيا .

الصفة العاشرة: النزول:

نزول الله إلى السماء الدنيا من صفاته الثابتة له بالسنة وإجماع السلف قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: مَن يدعوني فأستجيب له الحديث متفق عليه

وأجمع السلف على ثبوت النزول لله

وهذه الأحاديث -أحاديث النزول- من الأحاديثٌ المتواترة، التي بلغت حد التواتر، رواها الشيخان البخاري ومسلم وأصحاب السُّنن وغيرهم، وفيه إثبات النزول لله -عز وجل- كما يليق بجلاله وعظمته، وهو من الصفات الفعلية أنه -تعالى- ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له؟

وهذا النزول يليق بجلال الله وعظمته، لا يشبه المخلوق في نزوله، وهو -سبحانه وتعالى- فوق العرش، وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا بما يليق بجلال الله وعظمته؛ لأن نزوله لا يشبه نزول المخلوق فلا إشكال؛ لأنه فعل يفعله -سبحانه وتعالى- بمشيئته واختياره كما يشاء، وكما يليق بجلاله وعظمته، وهو فوق العرش، لأن أدلة الفوقية هو فوق خلقه، وفوق العرش، مستوٍ على عرشه، بائنٌ من خَلْقه. وهو ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا على ما يليق بجلال الله وعظمته.

هل يخلو منه العرش؟ اختلف العلماء هل يخلو منه العرش؟ قال قوم: يخلو منه العرش، وقال آخرون: لا يخلو، وتوقف آخرون.

ثلاثة أقوال، والأرجح أنه -سبحانه وتعالى- لا يخلو من العرش، فهو -سبحانه- فوق العرش ولا إشكال في هذا، فأنت في أي مكان من الأرض إذا جاء ثلث الليل الآخر فالله -تعالى- ينزل.

قد استشكل بعض الناس هذا وقالوا: إن الليل يختلف في الكرة الأرضية، وأنه في جهة من الأرض يكون هنا ثلث الليل، وفي جهة أخرى يكون فيه النهار عندهم، فلا يزال الله ينزل في جميع أجزاء الليل، لأنه إذا انقضى ثلث الليل في هذه الجهة جاء ثلث الليل في الجهة الثانية، وإذا انقضى في الجهة الثانية جاء في الجهة الثالثة، فلا يزال الرب ينزل، هكذا استشكل بعض الناس.

وهذا ناشئ عن كونهم شبَّهوا الخالق بالمخلوق، ما فهموه من نزول الخالق إلا كما يفهمون من نزول المخلوق؛ فلهذا أشكل عليهم.

كتب أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- رسالة عظيمة في هذا سمّاها "شرح حديث النزول" ردّ على هؤلاء، على سائل سأل فكتب هذا الكتاب العظيم "شرح حديث النزول" مُجلّد، وبيّن -رحمه الله- أن النزول صفة تليق بجلال الله وعظمته، وأن هذا الإشكال الذي قاله بعض الناس ناشئ عن كونهم شبّهوا نزول الخالق بنزول المخلوق، فلذا أشكل عليهم، لكن نقول أن الله ينزل كما يليق بجلاله وعظمته، لا نُكيِّف، لا ندري ما كيفية النزول.

وعلى هذا فالله ينزل كما يليق بجلاله وعظمته في أي مكان من الدنيا إذا جاء ثلث الليل الآخر، فهذا وقت التنزُّل الإلهي، نعم.

وأجمع السلف على ثبوت النزول لله، فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.

قد أوّل بعض المعطِّلة قالوا: ينزل أي: ينزل أمْرُه، وقال بعضهم: ينزل أي: ينزل مَلَك. هذا تأويل باطل، الصواب: أن الربّ -تعالى- ينزل، هذا وصف لله ليس وصف للملَك، نزولُه هو -سبحانه- ليس نزول أمْرِه؛ أمر الله ينزل في كل وقت... في كل وقت أمر الله ينزل، ليس مخصص في ثلث الليل الآخر يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ في كل وقت.

وبعضهم يؤول يقول: تنزل رحمتُه. هذا تأويل باطل؛ رحمة الله في كل وقت تنزل.

كل هذا من التأويل الباطل، كون "نزوله": ينزل أمْره، أو تنزل رحمته، أو ينزل ملَك، كل هذا من أبطل الباطل، كل هذا باطل من تأويلات المعطلين

الصواب: أن الله -تعالى- هو الذي ينزل -هذا وصف لله- نزولًا يليق بجلاله وعظمته، لا يشبه المخلوقين في نزوله، نعم.

وهو نزول حقيقي يليق بالله، وفسره أهل التعطيل بنزول أمْرِه، أو رحمته، أو ملَك من ملائكته. ونردّ عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة وبوجه رابع أنّ "الأمر" ونحوه لا يمكن أن يقول: مَن يدعوني فأستجيب له... إلى آخره.

نعم، لو كان المَلَك -كما يقولون: الذي نزل ملك- هل الملك يستطيع أن يقول: مَن يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له، هل يمكن أن يكون ملك ! هل يجرؤ مخلوق أن يقول هذا الكلام؟

لا يمكن هذا كلام الله، يقول من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، هذا كلام الله، فلا يمكن أن يقول ملك من الملائكة من يدعوني فأستجيب له، ما يقدر أن يقول هذا مخلوق! نعم.