لمعة الإعتقاد شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 46

شرح لمعة الإعتقاد الصفة الثالثة عشرة الاستواء على العرش
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

الصفة الثالثة عشرة الاستواء على العرش

ومن ذلك قوله -تعالى-: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى .

الصفة الثالثة عشرة: الاستواء على العرش: استواء الله على العرش من صفاته الثابتة له بالكتاب والسُّنة وإجماع السلف

نعم، الاستواء ثابت في القرآن العظيم في سبعة مواضع كلها صرح الله -تعالى- فيها بالاستواء، وأتى بكلمة "على" التي تدل على العلو ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ في سورة "الأعراف" وفي سورة "يونس" وفي سورة "الرعد" وفي سورة "طه" وفي سورة "الفرقان" وفي سورة "السجدة" وفي سورة "الحديد"، في سبع سورٍ، في سبع مواضع كلِّها فيها التصريح.
في آية "الأعراف": إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ .
وفي سورة "الرعد": اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ .
وفي سورة "طه": الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى .
وفي سورة "يونس": إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ .
في سورة "الفرقان": ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا .
في سورة تنزيل "السجدة": اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ .
في سورة "الحديد" كذلك: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ كلها فيها التصريح بالاستواء على العرش بأداة "على" التي تدل على العلو والارتفاع.

والسُّنة جاءت بذلك، ومع ذلك أنكر "الاستواء" أهل التعطيل وأهل التحريف تأوّلوه، بعضهم قال: المراد بالاستواء: معناها الغَلَبة والاستيلاء، وهذا من أبطل الباطل، نعم.

الاستواء معناه في اللغة معروف: هو الاستقرار والصعود والعلو والارتفاع، كما قال الإمام مالك -رحمه الله-: الاستواء معلوم، لمَّا سئل الإمام مالك سأله رجل وهو في الحلقة قال: يا أبا عبد الله: يقول الله -تعالى-: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كيف استوى؟ فأطرق مالك وعَلَتْهُ الرُّحَضَاء -العرق-، ثم نظر إلى الرجل، فقال: الاستواء معلوم، والكَيْف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، ولا أراك إلا رجل سوء، ثم أمر به فأُخرج من مجلسه، يعني: رجل مبتدع، وهذا يقال في جميع الصفات.

"الاستواء معلوم" يعني: معناه معلوم في اللغة العربية، فسّره العلماء بهذه الكلمات الأربع: استقر وعلا وارتفع وصعد، وعبارات المفسرين تدور على هذه المعاني الأربعة.

أما كيفية الاستواء فلا يعلمها إلا الله، فالاستواء معلوم معناه في اللغة العربية، والكيفية مجهولة، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وهذا يقال في جميع الصفات، يقال: "النزول" معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، نعم، المعنى اللغوي معروف، أربع عبارات للعلماء استقر وعلا وارتفع وصعد، هذا المعنى اللغوي للاستواء، أما الكيفية، كيفية الاستواء فلا يعلمها إلا الله، نعم.

وذكر استواءه على عرشه في سبعة مواضع من القرآن، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي . رواه البخاري

هذا الكتاب عنده فوق العرش كتب فيه: إن رحمتي سبقت غضبي وهذا الكتاب فوقِيَّة خاصة مستثنى، وفيها أن إثبات الرحمة والغضب لله، وأن رحمة الله تغلب غضبه، نعم، وقوله فهو عنده فوق العرش، إثبات العندية، وأن الله -تعالى- فوق العرش.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقال المؤلف -حفظه الله تعالى-: وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو داود في سننه إن بُعد ما بين سماءٍ إلى سماء إمّا واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سَنة إلى أن قال: في العرش بين أسفلِه وأعلاه مثلما بين سماء إلى سماء، ثم الله -تعالى- فوق ذلك وأخرجه -أيضا- الترمذي وابن ماجه وفيه علة أجاب عنها ابن القيم -رحمه الله- في تهذيب سُنن أبي داود

نعم، وهذا الحديث له شواهد، -وإن كان فيه عِلة- له شواهد، فيه إثبات أن الله -تعالى- فوق العرش، وأدلة أن الله -تعالى- فوق العرش كثيرة من القرآن العزيز ومن السنة المطهرة.

وأدلة إثبات العلو وأن الله فوق عرشه فوق السماوات تزيد على ثلاثة آلاف دليل، فهذا الحديث وإن كان فيه علة لكن له شواهد كثيرة.

صرح الله -تعالى- بأنه استوى على العرش في سبعة مواضع من كتابه، كلها بلفظ "استوى" وكلهم عُدِّيَت بـ"على" التي تدل على العلو والارتفاع: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ، الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ، يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ، إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ، يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ، تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر .

كل هذه أدلة كثيرة كلها فيها إثبات العلو، وأن الله -تعالى- فوق السماوات وفوق العرش، فالله -تعالى- فوق مخلوقاته، مستوٍ على العرش، بائن من خلْقه، وهذا من هذا الحديث وإن كان فيه علة إلا أن له شواهد كثيرة، تكلم عن العِلة؟ تعليق؟ أيش قال؟

قال: حديث ضعيف، أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وحسَّنه، وابن ماجه والحافظ في المستدرك، وعثمان الدارمي في الرد على الجهمية وفي النقد على الإدريسي وابن أبي عاصم وابن خزيمة والآجرّي وذكر غيرهم كثيرا ثم قال والمزي وغيره من طرق عن سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب فذكره

وسنده ضعيف فيه أكثر من علة:

الأولى: تفرّد سماك بروايته، إذا نظرنا إلى حديث سماك حالة الانفراد وجدناه لا يُعتد به إذا انفرد، ففي "التهذيب" قال النسائي ربما لُقِّن فإذا انفرد بأصل لم يكن حُجة؛ لأنه كان يُلقن فيتلقن، وهذا جُرح بيِّن واضح من إمام ناقد، قد انفرد سماك في حديثه بذكر صفة حمَلَة العرش؟ الثاني: شهادة عبد الله بن عميرة وقد أعَلّ الحافظ الذهبي حديثه هذا في العلو بجهالته، وفي الميزان له قال: فيه جهالة. وقد قال الإمام البخاري لا يُعرف له سماع من الأحنف بن قيس إلا في "التاريخ الكبير". الثالث: الإشارة في المتن، وقد أشار أخونا المكرّم عبد الله بن يوسف في تعليقه على الفتيا وجوابها لابن عطاء أن في سياق المتن نكارة من وجهين: الأول: تشبيه الملائكة بالتيوس؛ فإنّ الأوْعال: جمْع وعل، وهو تَيْس الجبال، وإن كان هذا اللفظ مستعار للأشراف من الناس؛ فإنه واهٍ عن الأصل بقرينة ذكر الأظلاف؛ فإن من خواص ما يَجْتَر الحيوان.

لا، هذا الحديث معروف كلام العلماء فيه، لكن له شواهد، والأدلة في إثبات العلو كثيرة، ولو لم يصح هذا الحديث، فالأدلة كثيرة لا حصر لها، نعم.

وأجمع السلف على إثبات استواء الله على عرشه، فيجب إثباته من غير تحريفٍ ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وهو استواء حقيقي، معناه العلو والاستقرار على وجه يليق بالله -تعالى.

معناه يعني: في اللغة العربية، هذا الاستواء معلوم، لكن الكيف هو المجهول، الاستواء: معناه العلو والاستقرار والصعود والارتفاع، هذه معاني الاستواء في اللغة العربية، وتدور عليها تفاسير المفسرين الاستقرار والعلو والارتفاع والصعود.

قد استقر، وقد علا، وارتفع وصعد، استقر وعلا وارتفع وصعد، هذه العبارات الأربع تدور عليها تفاسير السلف في الاستواء، وتدور عليها كلام المفسرين هذا معنى قول الإمام مالك -رحمه الله- الاستواء معلوم، معلوم: يعني معناه الاستقرار والعلو والارتفاع والصعود.

أما الكيف مجهول، كيفية الاستواء على العرش لا يكيّف، إنما استواء المخلوق هو الذي يُكيّف، المخلوق تعرف استواءه، استواءك أنت جلوسُك على الدابة وعلى السطح، أما استواء الرب فلا يُشبَّه؛ لأن الرب لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، لا يشبه أحدا من خلْقه، قال -سبحانه-: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وقال: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا وقال: فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ .

فالله -تعالى- لا يماثل أحدًا من خلْقه، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أسمائه -سبحانه وتعالى- فلا يُكيّف، نعم.

وقد فسّره أهل التعطيل بالاستيلاء، ونردّ عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة، ونزيد وجها رابعًا: أنه لا يُعرف في اللغة العربية بهذا المعنى، ووجها خامسًا: أنه يلزم عليه لوازم باطلة، مثل أن العرش لم يكن مُلْكًا لله ثم استولى عليه بعد.

تأويل الاستواء بالاستيلاء هذا تأويل المعطلة قد ردّ عليهم شيخ الإسلام -رحمه الله- في اثني عشر وجهًا في مجموع الفتاوى، وردّ عليهم ابن القيم في "الصواعق" في اثنين وأربعين وجها لإبطال تأويلهم الاستواء بالاستيلاء، من ذلك أنه لا يُعرف في اللغة العربية تفسير استوى باستولى، وأنكر هذا أكابر أهل اللغة الخليل بن أحمد من أهل اللغة وابن الأعرابي وغيرهم، سئلوا: هل جاء في اللغة العربية تفسير استوى باستولى؟ فقالوا: لا، لا يُعرف ذلك.

وكذلك يلزم عليه ملازيم فاسدة، يلزم عليه المغالبة، الاستيلاء إنما تقال في المغالبة، والله -تعالى- لا يُغالب أحدا في العرش ولا غيره، ولا يقال: استولى إلا فيمن كان عاجزا ثم غَلب، والعرش لا يغالب الله في وقت من الأوقات، هذه كلها معاني باطلة لازمة للاستيلاء، نعم.

والعرش لغةً: السَّرير الخاص بالمَلك. وفي الشَّرع: العرش العظيم الذي استوى عليه الرحمن جل جلاله.

العرش في اللغة: هو عبارة عن السَّرير الذي للملك، يكون مرتفعا عن غيره، قال الله -تعالى- عن بلقيس وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وقال عن يوسف -عليه السلام-: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ قال ابن عباس -رضي الله عنه-: والاشتقاق اللغوي يشهد له، قال -تعالى-: مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ فالشجر المعروشات ما قامت على ساق، وغير المعروشات ما كان منبطح على الأرض.

فمادة "العين" و"الراء" و"الشين" تدل على الارتفاع، الشجر المعروش: ما قام على ساق، وغير المعروش: ما كان منبطح عن الأرض، فالعرش سرير الملك سمي عرشا لارتفاعه عليه؛ ولهذا مقعد الملك يكون أعلى من غيره، ولهذا قال -سبحانه وتعالى- عن بلقيس وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وقال عن يوسف وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ هذا المعنى في اللغة.

والمراد بالعرش في النصوص: سَريرٌ عظيم ذو قوائم تحمله الملائكة، مُقَبَّبٌ على العالم، أضافه الرب -سبحانه وتعالى- إلى نفسه؛ لقوله: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وهو سقف هذا العالم، سرير عظيم ذو قوائم تحمله الملائكة مقبب على العالم هو سقف هذه المخلوقات وأعلاها، نعم.

هذا الحديث فيه ضعف إن بُعد ما بين سماءٍ إلى سماء إمّا واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سَنة إلى أن قال: في العرش بين أسفلِه وأعلاه مثلما بين سماء إلى سماء، ثم الله -تعالى- فوق ذلك .

هذا الحديث فيه ضعف، لكن على صحته فسّره العلماء بأن هذا باختلاف السير، بحسب اختلاف السَّير، فالسائر إذا كان بطيئا يكون خمسمائة، وإذا كان مُجِدًّا يكون إحدى..، فسره العلماء باختلاف السَّير، السير يختلف، فيه سير سريع، وسير بطيء، هذا إذا صح معنى الحديث، فيه ضعف، نعم.

والعرش لغة: السَّرير الخاص بالملك. وفي الشَّرع: العرش العظيم الذي استوى عليه الرحمن جل جلاله، وهو أعلى المخلوقات وأكبرها وسَقْفُها.

أعلاها وأكبرها وسقْفُها: هو سقف هذه المخلوقات، ليس فوقه إلا الله -سبحانه وتعالى- فهذا العالم نهايته هو سقف عرش الرحمن، انتهاء العالم، العالم هذا نهاية سقفه عرش الرحمن، والله -تعالى- فوق العرش بعد أن تنتهي المخلوقات التي سقفها هو نهاية عرش الرحمن.

الله -تعالى- فوق العرش، مستوٍ على العرش بائن من خلْقه، الرب -سبحانه وتعالى- بائن من خلقه، ليس في ذاته شيء من خلقه، ولا في المخلوقات شيء من ذاته -سبحانه وتعالى- بل هو فوق العرش بعد أن تنتهي المخلوقات التي نهايتها وسقفها عرشُ الرحمن.

الله تعالى فوق العرش، بائن من خلقه، مستوٍ على عرشه -سبحانه وتعالى- استواء يليق بجلاله وعظمته، والله -سبحانه- ليس بحاجة إلى العرش ولا لغيره، فهو الحامل للعرش ولحملة العرش بقوته وقدرته، وهو الذي يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا .

فالله -سبحانه- ليس بحاجة إلى الاستواء على العرش، وليس محتاجا -سبحانه وتعالى- إلى أحد، فهو -سبحانه- الغني الحميد، هو غني عن العالمين إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ هو غني عن العرش وعن جميع المخلوقات، وهو الحامل للعرش ولحملة العرش بقوته وقدرته -سبحانه وتعالى- ولا قيام لهذه المخلوقات إلا به -سبحانه وتعالى-، فهو القائم بنفسه، المُقِيم لغيره -سبحانه وتعالى- هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ .

هذه المخلوقات: السماوات، والأرضين، والعرش، وحملة العرش، وجميع ما في هذا الكون: النجوم، والكواكب، والسماوات، والأرضين، والبحار، والأشجار، والطيور، والحشرات، والآدميون، والجن والإنس والملائكة وغيرهم، كلهم لا قِيَم لهم إلا بالله -عز وجل- لا قِيَم لهم إلا بالله -سبحانه وتعالى.

فهو -سبحانه وتعالى- القائم بنفسه المقيم لغيره، وهو الذي يدبرهم شئونهم، والخالق لهم، يرزقهم ويتصرف فيهم -سبحانه وتعالى- كما يشاء، كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ يخلق ويرزق، ويميت ويحيي، ويعز ويذل، ويبرئ ويسقم، ويقبض ويخفض ويرفع، سبحانه وتعالى.

وهو الحاكم بين عباده بشرعه الذي أنزله على أنبيائه ورسله، وهو يحكم بينهم يوم القيامة بنفسه الكريمة -سبحانه وتعالى- ويجازيهم ويحاسبهم، نعم.

وصفه الله بأنه عظيم، وبأنه كريم وبأنه مجيد.

يعني: العرش، كل هذه أوصاف للعرش: كريم ومجيد وعظيم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ نعم.

والكرسي غير العرش، لأن العرش هو ما استوى عليه الله تعالى.

نعم، الكرسي غير العرش، هذا هو الصواب، وهو موضع القدمين للرب -سبحانه وتعالى- وهو كالمرقاة بالنسبة للعرش، وجاء عن بعض العلماء أن الكرسي هو العرش، لكن هذا قول ضعيف، وقيل: إن الكرسي هو العلم، وهو قول باطل ليس بصحيح؛ لأن الله -تعالى- قال: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ .

فالصواب إن الكرسي غير العرش، ونسبة السماوات والأرضين إلى الكرسي كحلقة في فلاة من الأرض، ونسبة الكرسي إلى العرش كحلقة في فلاة من الأرض، فالكرسي مخلوق عظيم، السماوات والأرض نسبتها إليه شيء قليل، ومع ذلك فالكرسي نسبته إلى العرش شيء قليل، نعم.

والكرسي موضع قدميه، لقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: الكرسي موضع القدمين.

وهذا ثابت عن ابن عباس بسند صحيح أنه قال: الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقْدِرُ قَدْرَه إلا الله -سبحانه وتعالى-، نعم.

لقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يَقْدِر أحدٌ قَدْره رواه الحاكم في مستدركه، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه نعم، أيش بعده؟..