لمعة الإعتقاد شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 59

شرح لمعة الإعتقاد القول في القرآن
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

القول في القرآن

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وقوله -تعالى-: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا .

القول في القرآن:

القرآن الكريم من كلام الله -تعالى-، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، فهو كلام الله حروفه ومعانيه، دليل أنه من كلام الله قوله -تعالى-: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ .

نعم، القرآن كلام الله، يعني: من كلام الله. والتوراة والإنجيل والزبور والقرآن كلها من كلام الله، وكلام الله لا يتناهى، كما قال -سبحانه وتعالى-: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وقال -سبحانه وتعالى-: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ .

فالمعنى: لو جعل ما في الأرض من الأشجار كلها أقلام يكتب بها، والبحر يمده من بعده سبعة أبحر، جعل مدادا حبرا يكتب به، لنفد البحر وتكسرت الأقلام، ولم تنفد كلمات الله. قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ كلام الله بالحروف والمعاني، حرف ومعنى، صوت يسمع، نوعان:

صوت يُسمع، كلام الله بدون واسطة، كما كلم جبريل وكما كلم نبينا محمدا -صلى الله عليه وسلم-، وكما كلم موسى بدون واسطة، وكما يكلم أهل الجنة يوم القيامة وأهل الموقف، هذا بدون واسطة.

والنوع الثاني بواسطة: وهو أنا سمعنا كلام الله بواسطة إنزاله على النبي -صلى الله عليه وسلم-، الصحابة سمعوا كذلك بواسطة.

كلام الله حروفه ومعانيه، ألفاظ ومعان، هذا هو الصواب، خلافا للأشاعرة الذين يقولون: إنه معنى قائم بالنفس، وليس بصوت ولا بحرف.

هذا باطل، وهو كلام الله منزل غير مخلوق، خلافا للمعتزلة الذين يقولون: هو مخلوق، هذا باطل، كفر؛ ولهذا قال العلماء من قال القرآن مخلوق فهو كافر، يعني على العموم.

هو كلام الله منزل غير مخلوق، منزل من عنده -سبحانه- غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، منه بدأ تكلم الله به، وإليه يعود يوم القيامة، أي: يعود في آخر الزمان. إذا ترك الناس العمل به رفع في آخر الزمان، وهو من أشراط الساعة الكبار، فإذا ترك الناس العمل بالقرآن نزع في آخر الزمان، من أشراط الساعة الكبار، يصبح الناس لا يجدون في صدورهم آية، ولا في مصاحفهم آية، نعوذ بالله، وهذا من المصائب، هذا في آخر الزمان، شرط من أشراط الساعة الكبار، منه بدأ وإليه يعود. نعم.

ودليل أنه منزل قوله -تعالى-: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ ودليل أنه غير مخلوق قوله -تعالى-: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ فجعل الأمر غير الخلق، والقرآن من الأمر، لقوله تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا .

نعم سماه أمرا، والخلق غير الأمر، عطف أحدهما على الآخر: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ فالخلق شيء والأمر شيء: الأمر كلامه، والله -تعالى- يخلق بالكلام، ولو كان الكلام مخلوقا كما يزعمه المعتزلة لكان الكلام مخلوقا بكلام آخر، والآخر مخلوق بآخر، إلى ما لا نهاية، فيتسلسل الأمر وهذا باطل: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .

بكلمة "كن": إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ سبحانه وتعالى، وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ وحتى يسمع كلام الله، هذه العلامة بحرف وصوت، كلام الله يسمع. نعم.

وقوله -تعالى-: ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ .

سماه أمرا، كلام أمر، فدل على أن الأمر غير الخلق: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ كلام الله أمر نعم.

ولأن كلام الله صفة من صفاته، وصفاته غير مخلوقة.

نعم لو كانت مخلوقة..، هذا من أبطل الباطل، صفات الله غير مخلوقة، فالله -تعالى- بذاته وصفاته هو الخالق وغيره مخلوق: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فما سواه مخلوق، وهو -سبحانه وتعالى- هو الخالق بذاته وصفاته، سبحانه وتعالى. نعم.

ودليل أنه منه بدأ، أن الله أضافه إليه، ولا يضاف الكلام إلا إلى من قاله مبتدءا، ودليل أنه إليه يعود...

أضافه الله إليه، وهو المتكلم به -سبحانه وتعالى- كلام الله فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ فأضافه إليه، ولا يمكن أن يضاف إليه من المعاني إلا ما هو قائم به سبحانه. نعم.

ودليل أنه إليه يعود، أنه ورد في بعض الآثار: أنه يرفع من المصاحف والصدور في آخر الزمان.

نعم وهو من أشراط الساعة الكبار، نسأل الله العافية. نعم.