لمعة الإعتقاد شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 70

شرح لمعة الإعتقاد فصل القضاء والقدر
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

فصل القضاء والقدر

الإيمان بالقضاء والقدر أصل من أصول الإيمان

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقال المؤلف -رحمه الله تعالى-: فصل القضاء والقدر.

ومن صفات الله تعالى أنه الفعال لما يريد، لا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس في العالم شيء يخرج عن تقديره، ولا يصدر إلا عن تدبيره، ولا محيد عن القدر المقدور، ولا يتجاوز ما خط في اللوح المستور، أراد ما العالم فاعلوه، ولو عصمهم لما خالفوه، ولو شاء أن يطيعوه جميعا لأطاعوه، خلق الخلق وأفعالهم، وقدر أرزاقهم وآجالهم، يهدي من يشاء بحكمته.

قال الله تعالى: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وقال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وقال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا وقال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا .

وروى ابن عمر: أن جبريل -عليه الصلاة والسلام- قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه، ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، فقال جبريل -صلى الله عليه وسلم-: صدقت رواه مسلم

نعم، الإيمان بالقضاء والقدر أصل من أصول الإيمان، التي لا يصح الإيمان، ولا يستقيم إلا بها، من لم يؤمن بالقدر فليس له إيمان، فلا يصح إيمانه، الإيمان له أصول ستة:

الإيمان بالله، والإيمان بالملائكة والإيمان بالكتب، والإيمان بالرسل والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره، من لم يؤمن بالقدر فليس بمؤمن، ولهذا قال ابن عمر لبعض التابعين الذين أخبروه أن أناسا +يتكلفون العلم، ويقولون: لا قدر، وأن الأمر أنف مستأنف، وجديد + القدر قال: أخبرهم إذا وجدتهم، أني منهم بريء، وأنهم برآء مني، والذي نفسي بيده، لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبا، ما قبله الله منهم حتى يؤمنوا بالقدر خيره وشره.

الإيمان بالقدر له مراتب أربع، لا بد من الإيمان بهذه المراتب الأربع:

المرتبة الأولى: مرتبة العلم، وهي اعتقاد المسلم أن الله تعالى علم الأشياء كلها، وأنه ليس شيء في الوجود إلا وقد علمه الله، وأن الله علم الأشياء قبل كونها، وعلم الأشياء الماضية، ويعلم الأشياء المستقبلة، ويعلم أيضا الأشياء التي لم تكن، ويعلم ما كان -سبحانه- ويعلم ما يكون، ويعلم ما كان في الماضي، ويعلم ما يكون في المستقبل، ويعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون، حتى الأشياء التي لم تكن، يعلمها لو كانت.

قال الله تعالى في المنافقين: وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ قال الله -سبحانه- في المنافقين في غزوة تبوك: وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ هم ما خرجوا لكن بين الله ما يحصل لو خرجوا، فالله علم ما لم يكن لو كان كيف يكون، فهو يعلم لو خرجوا ماذا سيكون منهم، لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ وقال في حق الكفار الذين سألوا الله أن يردهم إلى الدنيا؛ حتى يعملوا صالحا، قال الله تعالى: وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ .

فهذا علمه بما لم يكن لو كان كيف يكون -سبحانه وتعالى-، وهو يعلم الأشياء الماضية، ويعلم المستقبل، ما يكون في المستقبل، ويعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون.

والمرتبة الثانية من مراتب القدر: الكتابة، كتابة الله للأشياء في اللوح المحفوظ، الله تعالى كتب كل شيء، كل ما يحصل سيجري في هذا الكون، كله مكتوب في اللوح المحفوظ، قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، كما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء خمسين ألف سنة قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، رواه مسلم في صحيحه

كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء وثبت في الحديث الصحيح: أن الله تعالى أول ما خلق الله القلم، قال له: اكتب، قال: يا ربي وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة وهاتان المرتبتان وهما العلم والكتابة، من لم يؤمن بهما فهو كافر، وقد أنكرهما -أنكر هاتين المرتبتين- غلاة القدرية الذين قال فيهم الإمام الشافعي وغيره -رحمه الله-: ناظروا القدرية بالعلم، فإن أقروا به خصموا، وإن أنكروا به كفروا.

قال الله تعالى: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ هذه الآية فيها إثبات العلم والكتاب: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ قال سبحانه: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا وقال تعالى: وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ الإمام المبين هو اللوح المحفوظ.

المرتبة الثالثة من مراتب القدر: إرادة الله لجميع الأشياء التي تقع في هذا الكون، لا يقع شيء في الكون إلا الله أراده، فهو سبحانه يفعل ما يريد، لا يكون فيه شيء إلا أراده -سبحانه وتعالى- كونا وقدرا، والإرادة هنا الكونية، وهي مرادف المشيئة.

المرتبة الرابعة: الخلق والإيجاد، وهو الإيمان بأن الله خلق كل شيء في هذا الوجود، كل شيء في هذا الوجود الله خالقه، قال سبحانه: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا قال سبحانه: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ .

فهذه مراتب القدر الأربع، المرتبتان الأوليان، أنكرهما غلاة القدرية كفرهم العلماء لأن من أنكر العلم فقد وصف الله بالجهل، وهذا كفر، كذلك من أنكر الكتابة، لكن عامة القدرية -المتأخر منهم- أثبتوا المرتبتين الأوليين، أثبتوا العلم والكتابة، وأنكروا عموم الإرادة، وعموم الخلق، قالوا: إن عموم الإرادة وعموم الخلق، ليستا عامتين، بمعنى أن أفعال العباد ما أرادها الله، ولا خلقها هكذا يقولون، لشبهة عرضت لهم.

قالوا: إن الله ما أراد أفعال العباد، ولا خلق أفعال العباد، المعاصي والطاعات، العباد هم الذين أوجدوا أفعالهم استقلالا، الطاعات والمعاصي، وشبهتهم في هذا، يقولون: لو قلنا إن الله خلق المعاصي، وعذب عليها، لكان ظالما، والله عادل لا يجور، ففرارا من ذلك، قالوا: إن العباد هم الذين خلقوا أفعالهم، الله ما أرادها ولا خلقها، ولهذا قالوا - المعتزلة والقدرية -: إن العباد يستحقون الثواب على الله، كما يستحق الأجير أجرته، لأنهم خلقوا أفعالهم وأوجدوها.

وقالوا -أيضا-: يجب على الله عقلا أن يعذب العاصي، لأنه أخطأ، وأن يخلده في النار، هذا مذهب المعتزلة لأنه وعده بذلك، والله لا يخلف الميعاد، هكذا.

وهذا باطل وإن الله -سبحانه وتعالى- خلق أفعال العباد لحكمة بالغة، وخلق الطاعات والمعاصي لحكمة بالغة، فهو أرادها كونا وقدرا، لما له من الحكمة، فهي ليست مقصورة لذاتها، لكن لأنها تفضي إلى الحكمة، فالله تعالى حكيم، فيما يخلق، وفيما يقدر، وفيما يأمر، وفيما ينهى، حكيم في شرعه، حكيم في أمره، حكيم في نهيه، حكيم في خلقه، وإيجاده وتقديره.

فالمعاصي والكفر التي يفعلها العباد، خلقها الله، وأرادها كونا وقدرا، لأنه تفضي إلى الحكمة التي رتبها الله -سبحانه وتعالى- عليها، فهو حكيم، فليست مرادة لذاتها، ولكن مرادة لما تفضي إليه من الحكمة، فهذه مراتب الإيمان بالقدر، العلم، علم الله الشامل، وكتابة الله في اللوح المحفوظ، الإرادة لكل شيء يحصل في هذا الكون، الخلق والإيجاد، نعم. هذه مراتب الإيمان بالقدر، نعم.

+نعم، الإرادة والمشيئة واحدة، الإرادة والمشيئة مترادفان، الإرادة هي المشيئة، المشيئة السابقة لكل شيء يقع في هذا الوجود، كل شيء يقع في وجود الله، شاءه وأراده كونا وقدرا، ما يقع في ملك الله شيء لا يريده، ما في مشيئة حادثة، ما يقال مشيئة حادثة، نعم.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم: آمنت بالقدر خيره وشره، وحلوه ومره ومن دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي علمه الحسن بن علي -رضي الله تعالى عنهما- يدعو به

-آمنت بالقدر حلوه ومره، تكلم على التخريج- قال: إسناده ضعيف، أخرجه الحاكم لمعرفة علوم الحديث ومن طريقة العراقي في شرحه لألفيته، كمثال للحديث المسلسل في أحوال الرواة القولية والفعلية معا، من طريق يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك

يزيد الرقاشي ضعيف، لكنها يشهد لها أن تؤمن بالقدر خيره وشره، خيره وشره هو بمعنى حلوه ومره، يعني ما يسر الإنسان وما يسوءه، تؤمن بجميع ما قدر الله، سواء يسرك أو يسوءك، نعم.

ومن دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي علمه الحسن بن علي -رضي الله تعالى عنهما- يدعو به في قنوت الوتر: وقني شر ما قضيت نعم.

استني الله يهديك يا شيخ، نعم.

ما التوفيق بين قوله: وقني شر ما قضيت وقوله: لا راد لقضائه ؟

هذا الدعاء، وقني شر ما قضيت دعاء، ولا راد لما قضيت القضاء نوعان:

قضاء مبرم، وقضاء معلق.

فالقضاء المبرم: هو الذي لم يعلق بشيء، هذا لا بد أن يقع كما في الحديث: وإن ربي قال: يا محمد إذا قضيت قضاءا، فإنه لا يرد هذا ذكره الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب "التوحيد"، في باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبدون +، قال: وإن ربي قال: يا محمد إذا قضيت قضاءا، فإنه لا يرد هذا قضاء مبرم.

الثاني: قضاء معلق، معلق بشيء، مثل صلة الرحم سبب في طول العمر، هذا مقدر أنه يطول عمره بصلة الرحم، هذا معلق، ومثل ذلك القضاء المعلق على الدعاء، معلق حصول هذا الشيء بدعاء هذا الشخص، أنه يدعو ثم يحصل له هذا الشيء، فالدعاء المعلق هذا، يحصل بما علق به، وكل منهما مقدر، المعلق وغير المعلق، هذا الشيء الذي علق عليه القضاء مقدر، فالمقصود أن القضاء المبرم، هو الذي لم يعلق بشيء، والقضاء المعلق هو الذي..، وقني شر ما قضيت يعني الشيء المعلق، شيء معلق، نعم. + قال: وقني شر ما قضيت يعني لا يحصل له أذى، نعم. هذا له وجه في التفسير، لكن المقصود أن قضاءه له نوعان، نقف على الشرح السابق، وهو في الحديث: وقني شر ما قضيت نعم. أنه إذا حصل القضاء..، نعم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقال الشارح -حفظه الله تعالى-: هنا فائدة مهمة، قال الشيخ محمد صالح العثيمين حفظه الله في دروس وفتاوى في الحرم المكي في شرح دعاء القنوت، وقنا شر ما قضيت الله -عز وجل- يقضي بالخير ويقضي بالشر، أما قضائه بالخير فهو خير محض، في القضاء والمقضي، مثال أن يقضي الله -عز وجل- للناس بالرزق الواسع، والأمن والطمأنينة، والهداية والنصر إلى آخره، فهذا خير في القضاء والمقضي.

وأما قضائه بالشر فهو خير في القضاء، شر في المقضي، ومثال ذلك القحط، وامتناع المطر، فهذا شر، لكنَّ قضاء الله به خير، قال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ؛ فلهذا القضاء غاية حميدة، وهي الرجوع إلى الله تعالى، من معصيته إلى طاعته، فصار المقضي شرا، وصار القضاء خيرا.

ونحن نقول: شر ما قضيت، وما هنا اسم موصول، أي شر الذي قضيته، فإن الله تعالى قد يقضي بالشر، لحكمة بالغة حميدة، انتهى كلامه -حفظه الله-.

وينبغي أن يعلم أن الشر إنما هو بالنسبة للمخلوق، تسميته شر بالنسبة للمخلوق، أما بالنسبة للخالق فلا يسمى شر، لأن الله تعالى ما يقضي إلا لحكمة، قضائه مبني على الحكمة، وأمره مبني على الحكمة، -سبحانه وتعالى-، ونهيه مبني على الحكمة، فهو سبحانه تعالى يخلق لحكمة، ويرزق لحكمة، ويعطي لحكمة، ويمنع لحكمة، فهو مبني على الحكمة، فلا يسمى شرا بالنسبة إلى الله، فالشرور الموجودة كلها نسبية، كل الشرور الموجودة ليس هناك شر محض.

ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: والشر ليس إليك ثبت في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: والشر ليس إليك المعنى الشر المحض، الذي لا حكمة في إيجاده وتقديره، لا يوجد، ما يوجد، كل الشرور الموجودة الآن نسبية، بمعنى أنها شر بالنسبة إلى المخلوق، مثال ذلك: الكفر قدر الله، الكفر على الشخص، والمعصية على الشخص، فالله تعالى قضاها لحكمة، لحكم وأسرار.

من هذه الحكم مثلا: ما يترتب على هذه المعصية، مثلا: من العبوديات المساوءة، التي يحبها الله، يترتب على هذه المعصية لا قدر الله، التوبة وهي + لله، يترتب على تقدير الكفر والمعاصي، مثلا: انقسام الناس إلى مطيع وعاصي، عبودية الولاء والبراء، عبودية الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، عبودية الحب في الله، والبغض في الله، ثم أيضا قد يترتب على هذا التوبة، التوبة المحبوبة لله، والانكسار بين يدي الله، والاستغفار إلى غير ذلك من المصالح، والحكم العظيمة، فهي خير بالنسبة إلى تقدير الله لها، خير لكن هي شر بالنسبة للعبد الذي قدر عليه المعصية، والكفر شر بالنسبة إليه، لأنها أضرته وأساءته، وصارت سببا في عقوبته، فهي شر نسبي، أما بالنسبة إلى الخالق فلا تسمى شرا، ولهذا لا ينسب الشر إلى الله.

قال تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ فأضاف الشر إلى ما خلق: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وقال الله عن الجن أنهم قالوا: وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ ولم ينسبوه إلى الله: أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا فالرشد نسبوه إلى الله، الرشد نسبوه إلى الله، والشر ما نسبوه إلى الله، هذا من أدب الجن الذي أخبر الله عنهم: وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا فالرشد نسبوه إلى الله، والشر جاء بصيغة المبني للمجهول، ما نسبوه إلى الله، هذا من الأدب.

فالمقصود أن الشر إنما هو بالنسبة للمخلوق، وأما بالنسبة للخالق، فالله قدره لحكم وأسرار عظيمة، فهو خير بالنسبة إليه -سبحانه وتعالى-، فلا ينسب إليه -سبحانه-، لا ينسب إليه الشر -سبحانه وتعالى-، لأن كل ما قضاه مبني على الحكمة، والرحمة والمصلحة، نعم.