لمعة الإعتقاد شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 72

شرح لمعة الإعتقاد الإيمان بالقدر لا يتم إلا بأربعة أمور
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

الإيمان بالقدر لا يتم إلا بأربعة أمور

والإيمان بالقدر لا يتم إلا بأربعة أمور:

الأول: الإيمان بأن الله عالم كل ما يكون جملة وتفصيلا بعلم سابق لقوله تعالى: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ .

وهذه المرتبة الأولى من مراتب القدر، كما سبق أربعة، وهي مراتب القدر، تسمى مراتب القدر، مراتب القدر أربعة:

الأولى: العلم ويشمل العلم في الماضي، والعلم في المستقبل، والعلم فيما لم يكن لو كان كيف يكون، كل هذا يعلمه الله، فالله تعالى يعلم ما كان في الماضي، ويعلم ما يكون في المستقبل، ويعلم ما لم يكن، لو كان كيف يكون، حتى الشيء الذي لم يكن يعلم كيف كان يكون، من ذلك قول الله تعالى عن الكفار لما طلبوا أن يرجعوا إلى الدنيا حتى يعملوا صالحا: قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا قال الله تعالى: وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ لو ردوا تقدير -شرط- لا يكون لو ردوا على الفرض، والتقدير لعادوا لما نهوا عنه، وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ .

هذا معلوم الله في الشيء الذي لم يكن، لو كان كيف يكون، لو ردوا مع أنهم لا يردون، هذا شرط تقديري لا يشترط وقوعه، لا يلزم وقوعه، الشرط المقدر لا يلزم وقوعه، لقول الله تعالى للنبي: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ هو معصوم من الشرك -صلى الله عليه وسلم-، هذا لا يقع وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ لو ردوا -على سبيل الفرض والتقدير- لعادوا لما نهوا عنه للمعاصي، لكنهم لا يردون.

ومثله قول الله تعالى على المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ما خرجوا، قال الله: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ أخبر الله ماذا يكون لو خرجوا لكن ما خرجوا: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ .

كل هذه المفاسد تحصل، هذه من الحكم، الحكم في كون الله ثبطهم ولم يخرجوا، لما يحصل من الشر، لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا وشرا، يضعفون الجيش ويقلقلونه، وينشرون بين صفوف الجيش الرعب والضعف، لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وفيكم ضعفاء، من يسمع لهم ويستجيب لهم، هذا من علم الله للشيء الذي لم يكن، لو كان كيف يكون، نعم.

الثاني: أن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء؛ لقوله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا

هذه المرتبة الثانية، مرتبة كتابة وهي عامة، كل شيء يكون في هذا الكون كتبه الله في اللوح المحفوظ، قال سبحانه: وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا في الآية الأخرى: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ هذا اللوح المحفوظ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، كل شيء مكتوب.

أما المقادير الأخرى، فهي مأخوذة منه، مثل التقادير الأخرى، كون الجنين يكتب رزقه وأجله وعمله، وشقي أم سعيد، وهو في بطن أمه، ما هذا مأخوذ، لا يخالف ما في اللوح المحفوظ، مأخوذ منه، كذلك التقدير السنوي، في ليلة القدر، يقدر الله ما يكون في تلك السنة، من صحة ومرض، وحياة وموت، وسعادة وشقاء، +واسقاء في ليلة القدر، تقدير سنوي، وهناك تقدير يومي: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ -سبحانه وتعالى-، هذه التقادير كلها مأخوذة، وتوافق الكتابة الأولى في اللوح المحفوظ، نعم.

كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ هذا تقديره اليومي، كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ يعني يعز ويذل، ويرفع ويخفض، ويسعد ويشقى، هذا التقدير اليومي، كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ تقدير يومي، تقدير سنوي، تقدير عمري، نعم.

أي نخلق الخليقة ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة رواه مسلم

وفي لفظ آخر: وكان عرشه على الماء فالمقادير مكتوبة قبل خلق السماوات والأرض، بخمسين ألف سنة، والعرش على الماء، نعم.

الثالث: إنه لا يكون شيء في السماوات والأرض إلا بإرادته.

والمرتبة الأولى، الثانية أنكرها غلاة القدرية أنكر المرتبة الأولى والثانية غلاة القدرية فكفرهم العلماء كفار لأن من أنكر العلم، نسب الله إلى الجهل، ولهذا يقول الشافعي وغيره -رحمه الله-: ناظروا القدرية بالعلم، فإن أقروا به خصموا، وإن أنكروه كفروا، أما عامة القدرية فإنهم يثبتون المرتبتين الأوليين، وينازعون في المرتبتين الأخريين، نعم.

الثالث إنه لا يكون شيء في السماوات والأرض إلا بإرادة الله ومشيئته الدائرة بين الرحمة والحكمة، يهدي من يشاء برحمته، ويضل من يشاء بحكمته.

يعني ما يقع شيء في هذا الكون إلا الله أراده، ما يقع شيء في هذا الكون إلا ما أراده الله، نعم. هذه الإرادة العامة، كل شيء يقع في الكون إرادة لله، إرادة كونية قدرية، نعم.

لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته وسلطانه، وهم يسألون، وما وقع من ذلك، فإنه مطابق لعلمه السابق، ولما كتبه في اللوح المحفوظ، لقوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وقوله تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا .

هذا إثبات الإرادة، الإرادة الكونية، هذه الإرادة الكونية في الآية، من يرد الله أن يهديه، ومن يرد أن يضله، يعني كونا وقدرا، نعم.

فأثبت وقوع الهداية والضلال بإرادته.

الرابع: أن كل شيء في السماوات والأرض مخلوق لله تعالى، لا خالق غيره، ولا رب سواه، لقوله تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وقال على لسان إبراهيم وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ .

وقال: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وهاتان المرتبتان أنكر عمومها عامة القدرية قالوا: إن الله أراد كل شيء إلا أفعال العباد، وخلق كل شيء إلا أفعال العباد، ما خلقها، بل هم العباد خالقون لأنفسهم، أرادوها وخلقوها، وشبهتهم في هذا يقولون: لو قلنا إن الله خلق المعاصي وعذب عليها لصار ظالما، ففرارا من ذلك، قالوا ما خلقه حتى بستحقوا العقاب عليها، هذه الشبهة صاروا بها ميتدعة، بدَّعهم العلماء

ويقال: إنه يلزم على هذا محاذير، إذا قلتم إن العباد خلقوا أفعالهم، لزم على ذلك أنه وقع في ملك الله ما لا يريد، ولزم من ذلك وجود خالق مع الله، وهذا فاسد، أما قولنا: وخلق المعاصي، خلقها لحكمة، وأسرار كما سبق لحكم وأسرار، فينسب إلى الله الحكمة، فهي خير من هذا الجانب، وإن كانت شرا بالنسبة إلى العبد الذي ساءته هذه المعصية، نعم.

ولا نجعل قضاء الله، + نعم. كل التقادير هذه، ما تخالف التقدير العام، التقدير العام في اللوح المحفوظ، كل التقادير توافقه، التقدير العمري، والسنوي واليومي، كلها توافق القدر، نعم.

+ لا الأحسن ألا يقول هذا وهذا أثر ينسب إلى عمر الأفضل أن يسأل ربه أن يوفقه للعمل الصالح، وأن يثبت على الإسلام، نعم.

فضيلة الشيخ، يقول:هل القدرية والمعتزلة والمرجئة مذاهب مندثرة، أم هي موجودة الآن؟

لا ليست مندثرة، موجودة، القدرية والمرجئة والجهمية والمعتزلة والخوارج كلهم موجودون، الخوارج موجودون الآن في المغرب وفي عمان الإباضية من الخوارج كذلك الشيعة طبقات أيضا، موجودون في كل مكان، والجهمية موجودون الآن، الجهمية بل الاتحادية الذين يقولون بوحدة الوجود، موجودون الآن، كلهم موجودون، كل هذه المذاهب موجودة، قائمة على قدم وساق، لها أصحاب ولها رواد، ولها مؤلفات، وتحقق المؤلفات، نعم.