لمعة الإعتقاد شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 80

شرح لمعة الإعتقاد الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم

السمعيات المراد بالسمعيات

فصل: ويجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- وصح به النقل عنه فيما شاهدناه أوغاب عنا، نعلم أنه حق وصدق، وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه ولم نطلع على حقيقة معناه، مثل: حديث الإسراء و المعراج، وكان يقظة لا مناما، فإن قريشا أنكرته وأكبرته ولم تنكر المنامات.

ومن ذلك أن ملك الموت لما جاء إلى موسى عليه السلام ليقبض روحه، لطمه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه فرد عليه عينه.

نعم، وهذا أن الواجب على كل مسلم أن يؤمن بكل ما أخبر الله به ورسوله، سواء علم معناه وعقله أو لم يعلم، يؤمن بالمغيبات، يؤمن بما أخبر الله به في الإسراء والمعراج: أسري بالنبي -صلى الله عليه وسلم- على البراق مع صحبة جبرائيل من مكة إلى بيت المقدس ثم عرج به عليه السلام من بيت المقدس إلى السماء، صعد إلى السماء الدنيا، ثم إلى السماء الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة، ثم السابعة: وجد في السماء الأولى آدم فرحب به وأقر بنبوته، وفي السماء الثانية يحيى وعيسى -ابني الخالة- فرحَّبا به وأقرَّا بنبوّته، ووجد في الثالثة إدريس فرحَّب به وأقر بنبوته، وفي السماء الرابعة يوسف وفي السماء الخامسة هارون وفي السماء السادسة موسى وفي السماء السابعة إبراهيم كل واحد يرحب به ويقر بنبوته.

ثم تجاوز السبع الطباق -عليه السلام- ووصل إلى مكان يسمع فيه صريف الأقلام، وفرض عليه رب العزة والجلال الصلواتِ الخمسَ، كلمه من دون واسطة من وراء حجاب، ثم خففت إلى خمس صلوات، كل هذا في ليلة واحدة.

++ينكره يقول: ما يمكن أن يكون هذا، كيف يسافر بلا راحلة من مكة إلى بيت المقدس وهي مسافة شهر، وكذلك كيف يصعد في السموات! لا يمكن هذا؛ لأن البشر أجسامهم ثقيلة فلا يمكن أن تصعد إلى العلو، بخلاف الأرواح.

هؤلاء حكَّموا عقولَهم، الله على كل شيء قدير: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ قال بعضهم: إن الإسراء كان في المنام، وقيل: إنه بروحه دون جسده. وقيل: إن الإسراء مرارًا. والصواب أنه مرة واحدة، الإسراء والمعراج مرة واحدة في ليلة واحدة، يقظة لا مناما، بروحه وجسده، هذا هو الصواب.

والإسراء ذكره الله تعالى في القرآن: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وكذلك يجب على الإنسان أن يؤمن بالمغيبات، تكون في المستقبل في آخر الزمان -أشراط الساعة-: خروج المهدي والدجال والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ويأجوج ومأجوج وكذلك ما أخبر الله به من أحوال البرزخ، وما أخبر به من الحشر والنشر والبعث والجزاء، والصراط والميزان والجنة والنار، كل هذا يجب أن نؤمن بما أخبر به.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقال الشارح حفظه الله -تعالى-:

السمعيات كل ما ثبت بالسمع -أي: بطريق الشرع-، ولم يكن للعقل فيها مدخل، وكل ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من أخبار فهي حق يجب تصديقه، سواء شاهدناه بحواسنا أو غاب عنا، وسواء أدركناه بعقولنا أو لم ندركه؛ لقوله -تعالى-: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ

نعم السمعيات المراد بها: الأدلة التي جاء بها السمع، وهو القرآن والسنة يقال له: سمعيات؛ لأنها مسموعة، يسمعها المسلم ويصدق بها سواء أدركها العقل أو لم يدركها، فالأدلة تنقسم إلى قسمين: أدلة سمعية، وأدلة عقلية. فالأدلة السمعية هي الكتاب والسنة؛ سميت سمعية لأنها تسمع ويعمل بها.

أما الأدلة العقلية فهي التي يدركها العقل، الأدلة السمعية تقابلها الأدلة العقلية، وواجب على المسلم أن يعمل بالكتاب والسنة، سواء أدركه بعقله أو لم يدركه بعقله؛ لأن هذا هو شأن المؤمن يصدق ويعمل، لكن إذا عرف الحكمة وعرف العلة كان هذا نور على نور، وإن لم يعرف فإن الواجب عليه التسليم، يقول: "سمعنا وأطعنا"؛ هكذا شأنه: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .

المؤمن يسمع ويطيع، سواء علم الحكمة أو لم يعلم، ما جاءه في كتاب الله أو في سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، يسلم للأمر، يقول: سمعنا وأطعنا، ويمتثل أمر الله، وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-.