لمعة الإعتقاد شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 83

شرح لمعة الإعتقاد الأمر الثالث أشراط الساعة
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

الأمر الثالث أشراط الساعة خروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم

قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله-:

ومن ذلك أشراط الساعة، مثل: خروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- فيقتله، وخروج يأجوج ومأجوج وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وأشباه ذلك مما صح به النقل.

نعم، هذا من أشراط الساعة لا بد من الإيمان بها، وهي ثابتة، وأشراط الساعة كما ذكر العلماء هناك أشراط صغرى وأشراط كبرى، فالأشراط الصغرى مضى كثير منها، ولا زلنا فيها الآن، ومنها: بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه نبي الساعة، قال -عليه الصلاة والسلام-: بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى ومنها موته -صلى الله عليه وسلم-، ومنها فتح بيت المقدس ومنها -أيضا- ما حصل من الحروب في عهد الصحابة ومن بعدهم، ومنها ما جاء في الأحاديث، فتنة لا تترك بيتا إلا دخلته، والموتان يأخذ كقعص الغنم، والخسوف بالمشرق والمغرب، ومنها إضاعة الأمانة، وإضاعة الصلوات، ومنها تقارب الأسواق... إلى آخره مما جاء في الأحاديث.

ومنها أشراط الساعة الكبرى التي تتبعها الساعة، وهي عشر:

أولها: المهدي ولم يذكره المؤلف -رحمه الله-، وهو رجل من آل من سلالة النبي -صلى الله عليه وسلم- من سلالة فاطمة اسمه كاسم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكنيته كنيته محمد بن عبد الله المهدي هذا أول أشراط الساعة الكبار، يخرج في آخر الزمان يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، يبايع له بين الركن والمقام، في وقت ليس للناس فيه إمام، وفي زمنه تكثر فيه الفتن، فتن كثيرة، وأهل السنة والجماعة يحشرون في الشام جهة بيت المقدس

ثم يخرج في زمانه الدجال، رجل من بنى آدم -وهو العلامة الثانية- يدّعي الصلاح أولا، وأنه صالح، ثم ينتقل ويدعي النبوة، ثم ينتقل ويدعي الربوبية، ثلاثة أطوار: أولا يدعي أنه رجل صالح، ثم يدعي أنه نبي، ثم يدعي أنه يقول للناس: أنا ربكم -والعياذ بالله-، ومعه خوارق: يأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، ويفصل الرجل ويقطعه نصفين، ويستوى قائما، هذا كله أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- ثابت في الأحاديث الصحيحة، ويمكث في الأرض أربعين: اليوم الأول طوله كسنة، تطلع الشمس لا تغيب إلا بعد سنة، والثاني كشهر -طوله شهر-، والثالث كجمعة، وبقية الأيام مثل أيامنا.

العلامة الثالثة: ثم ينزل عيسى ابن مريم من السماء ويقتل الدجال، خروج الدجال بعد الحرب بعد فتح القسطنطينية تفتتح القسطنطينية ويعلق الناس سيوفهم بالزيتون، ويصيح الشيطان: إن الدجال خلفكم في أهليكم، ونزول عيسى ابن مريم في زمن الدجال فيقتله، ثم يخرج يأجوج ومأجوج في زمن عيسى

هذه أربع متواليات، أربعة أشراط متواليات: المهدي ثم الدجال، ثم عيسى ثم يأجوج ومأجوج ثم تتتابع بقية أشراط الساعة ويبقى ست، منها: الدخان الذي يملأ الأرض، يصيب المؤمن كهيئة الزكام، ويصيب الكافر بشدة عظيمة، ومنها هدم الكعبة -والعياذ بالله-، ومنها نزع القرآن من صاحبه من الصدور، ومن آخرها طلوع الشمس من مغربها والدابة، وهما مقترنتان، فأيهما ما خرجت فالأخرى على إثرها قريبا.

ثم آخر الأشراط، قبل ذلك تأتى ريح طيبة تقبض روح المؤمنين والمؤمنات ثم تأتي آخر ذلك النار تحشر الناس من قعر عدن تسوقهم إلى المحشر، تبيت معهم إذا باتوا وتقيل معهم إذا قالوا، كل هذا دلت عليه الأحاديث ومن تخلف أكلته، تأتى ريح طيبة تأخذ أرواح المؤمنين والمؤمنات فلا يبقى إلا الكفرة فعليهم تقوم الساعة والعياذ بالله. نعم.

الأمر الثالث: هو أشراط الساعة، الأشراط جمع شرط، وهو لغةً: العلامة، والساعة لغة: الوقت أو الحاضر منه، والمراد بها هنا القيامة، فأشراط الساعة شرعا: العلامات الدالة على قرب يوم القيامة، قال الله -تعالى-: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا .

وذكر المؤلف من أشراط الساعة ما يأتى:

أولا خروج الدجال, وهو لغة: صيغة مبالغة من الدجل، وهو الكذب والتمويه، وشرعا: رجل مموه يخرج في آخر الزمان، يدعى الربوبية، وخروجه ثابت بالسنة والإجماع، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: قولوا: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات رواه مسلم وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعوذ منه في الصلاة متفق عليه

وأجمع المسلمون على خروجه، وقصته: أنه يخرج من طريق بين الشام والعراق فيدعو الناس إلى عبادته، فأكثر من يتبعه اليهود والنساء والأعراب ويتبعه سبعون ألفا من يهود أصبهان فيسير في الأرض كلها كالغيث استدبرته الريح، إلا مكة والمدينة فيمنع منهما، ومدته أربعون يوما: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وباقى أيامه كالعادة.

وهو أعور العين، مكتوب بين عينيه ( ك ف ر )، يقرأه المؤمن فقط، وله فتنة عظيمة، منها: أنه يأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، معه جنة ونار، فجنته نار، وناره جنة، حذر منه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: من سمع به فلينأَ عنه، ومن أدركه فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، أو بفواتح سورة الكهف -نعم، كل هذا ثابت في الأحاديث-.

ثانيا: نزول عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام-، وهو ثابت بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين قال الله -تعالى-: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ أى: موت عيسى وهذا حين نزوله.

قال -تعالى-: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وفي قراءة: "وإنه لعَلَمٌ" أى: نزول عيسى هذا من الأدلة: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وفي قراءة: "وإنه لعَلَمٌ" وفي قوله: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ في سورة الزخرف

أي: موت عيسى وهذا حين نزوله، كما فسره أبو هريرة -رضي الله عنه- بذلك.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: والله لينزلن عيسى ابن مريم حكما وعدلا الحديث متفق عليه وقد أجمع المسلمون على نزوله، فينزل عند المنارة البيضاء في شرقي دمشق واضعا كفيه على أجنحة ملكين، فلا يحل لكافر يجد من ريح نَفَسِه إلا مات، ونَفَسُه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلب الدجال حتى يدرك بباب لُدٍّ فيقتله، ويكسر الصليب ويضع الجزية، وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين، ويحج ويعتمر.

يكسر الصليب لبيان بطلان ما عليه النصارى من عبادة الصليب، ويقتل الخنزير، وتكون السجدة لله، في الحديث: تكون السجدة أحب إلي من الدنيا وما فيها ؛ لأنهم رأَوْا أشراط الساعة ورأَوْا قرب قيامها. نعم.

كل هذا ثابت في صحيح مسلم وبعضه في الصحيحين كليهما, وروى الإمام أحمد -رحمه الله- وأبو داود أن عيسى يبقى بعد قتل الدجال أربعين سنة، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون

قال: حديث صحيح، رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وابن أبي شيبة وابن جرير من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند".

المسألة فيها اختلاف بين أهل العلم في مكثه: قال بعضهم: يمكث أربعين سنة، في بعضها أن مدة عمره -يعني: قبل رفعه إلى السماء مع نزوله- فتكون سبع سنوات، رفع وهو ابن ثلاث وثلاثين، جاء في بعض الروايات: "يمكث سبع سنين"، فالله أعلم، تحتاج إلى جمع بين أدلة الأحاديث في ++هذا نعم.

وذكر البخاري في تاريخه أنه يدفن مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فالله أعلم.