لمعة الإعتقاد شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 89

شرح لمعة الإعتقاد الموازين
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

الموازين

قال المؤلف - رحمه الله تعالى - والميزان له كفتان ولسان، توزن به الأعمال فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ .

نعم، وهو ميزان حسي عظيم، كفتاه كأطباق السموات والأرض، وله لسان توزن فيه الأعمال، ويوزن فيه الأشخاص، كما دلت على ذلك النصوص، خلافا للمعتزلة القائلين بأن الميزان ميزان معنوي، المعتزلة أنكروا الميزان قالوا: ما في ميزان حسي، الله تعالى ما يحتاج إلى ميزان حسي الذي يحتاج إلى ميزان حسي البقال والفوال، أما الله فلا يحتاج إلى ميزان حسي، وإنما المراد بالميزان العدل، الله يعدل بين عباده، ما في وزن أعمال ولا في ميزان ولا كفتان ولا شيء، إنما المراد العدل لأن الله لا يحتاج إلى هذا، الذي يحتاج إلى هذا البقال والفوال أما الله فلا يخفى عليه شيء فلا يحتاج إلى ميزان.

وهذا باطل بل من أبطل الباطل؛ هذا مصادم للنصوص، والمعتزلة أهل هوى ويحكِّمون عقولهم في مقابلة النصوص، ويعتمدون على العقل. والصواب أنه ميزان حسي حقيقي له كفتان وله لسان، كفتاه كأطباق السماء والأرض.

اختلف العلماء هل هي موازين متعددة أم ميزان؟ قيل إنه ميزان، وقيل إنها موازين متعددة لكل أمة ميزان أو لكل شخص ميزان، من قال إنه ميزان واحد -وهو الأقرب- يقول: جمعت الموازين وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ بالنسبة للموزونات، نعم.

الموازين جمع ميزان، وهو لغة: ما تقدر به الأشياء خفة وثقلا، وشرعا: ما يضعه الله يوم القيامة لوزن أعمال العباد. وقد دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف قال الله تعالى فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ وقال تعالى وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ .

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم متفق عليه

الشاهد قوله ثقيلتان في الميزان و وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ فيه إثبات الميزان. نعم.

وأجمع السلف على ثبوت ذلك. وهو ميزان حقيقي له كفتان لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صاحب البطاقة قال: فتوضع السجلات في كِفَّة والبطاقة في كفة الحديث رواه الترمذي وابن ماجه قال الألباني إسناده صحيح

واختلف العلماء هل هو ميزان واحد أو متعدد فقال بعضهم: متعدد بحسب الأمم أو الأفراد أو الأعمال؛ لأنه لم يرد في القرآن إلا مجموعًا، وأما إفراده في الحديث فباعتبار الجنس. وقال بعضهم هو ميزان واحد لأنه ورد في الحديث مفردا، وأما جمعه في القرآن فباعتبار الموزون، وكلا الأمرين محتمل والله أعلم.

والذي يوزن العمل لظاهر الآية السابقة والحديث بعدها، وقيل صحائف العمل؛ لحديث صاحب البطاقة، وقيل العامل نفسه؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة، لا يزن عند الله جناح بعوضة، وقال: اقرءوا فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا .

وثبت في الحديث أن عبد الله بن مسعود كان يمشي، فكشفت الريح عن ساقيه، فضحك الصحابة فقال لهم النبي: مم تضحكون؟ قالوا: من دقة ساقيه يا رسول الله، قال: والذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل من جبل أحد وذلك بسبب العمل، فخفة الإنسان ووزنه بحسب العمل.

فالرجل العظيم السمين لا يزن عند الله جناح بعوضة لسوء عمله، وابن مسعود ساقاه دقيقتان ومع ذلك أثقل في الميزان من جبل أحد، نعم. ولا مانع من أن يوزن الشخص والعمل والأعمال، نعم.

وجمع بعض العلماء بين هذه النصوص بأن الجميع يوزن، أو أن الوزن حقيقةً للصحائف، وحيث إنها تثقل وتخف بحسب الأعمال المكتوبة صار الوزن كأنه للأعمال، وأما وزن صاحب العمل فالمراد به قدره وحرمته، وهذا جمع حسن والله أعلم.