لمعة الإعتقاد شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 106

شرح لمعة الإعتقاد هجران أهل البدع وترك الجدال والخصومات في الدين
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

هجران أهل البدع وترك الجدال والخصومات في الدين

قال رحمه الله تعالى: ومن السنة هجران أهل البدع ومباينتهم، وترك الجدال والخصومات في الدين، وترك النظر في كتب المبتدعة، والإصغاء إلى كلامهم، وكل محدثة في الدين بدعة.

قال حفظه الله تعالى: الهجران مصدر هجر، وهو لغة: الترك، والمراد بهجران أهل البدع: الابتعاد عنهم، وترك محبتهم وموالاتهم والسلام عليهم وزيارتهم وعيادتهم، ونحو ذلك.

نعم أهل البدع - المعتزلة والخوارج والقدرية والرافضة وغيرهم- يجب هجرهم، وعدم الجلوس معهم، وعدم الأكل معهم، إلا على وجه الدعوة، إذا كان في الدعوة، دعوتهم، إذا زارهم لأجل الدعوة رجاء أن يهديهم فلا بأس، تزور الرافضي أو القدري أو المعتزلي وتنصحه، لا بأس، أما إذا كان ما فيه نصيحة لا، فاهجره وابتعد عنه لئلا يضرك، نعم.

وهجران أهل البدع واجب لقوله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هجر كعب بن مالك وصاحبيه حين تخلفوا عن غزوة تبوك لكن إن كان في مجالستهم مصلحة لتبيين الحق لهم، وتحذيرهم من البدعة، فلا بأس بذلك، وربما يكون ذلك مطلوبا لقوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وهذا قد يكون بالمجالسة والمشافهة، وقد يكون بالمراسلة والمكاتبة.

ومن هجر أهل البدع ترك النظر في كتبهم خوفا من الفتنة بها، أو ترويجها بين الناس، فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الدجال: من سمع به فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات رواه أبو داود قال الألباني رحمه الله: وإسناده صحيح

لكن إن كان الغرض من النظر في كتبهم معرفة بدعتهم للرد عليها فلا بأس بذلك لمن كان عنده من العقيدة الصحيحة ما يتحصن به، وكان قادرا على الرد عليهم، بل ربما كان واجبا؛ لأن رد البدعة واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

هذا للعلماء خاصة، أما المبتدئون فلا، المبتدئ لا ينظر في كتب أهل البدع؛ لأنه ما عنده بصيرة، لكن العلماء وأهل البصيرة لا بأس، نعم.

الجدال والخصام في الدين

الجدال مصدر جادل، والجدل منازعة الخصم للتغلب عليه، وفي القاموس: الجدل اللدد، اللدد في الخصومة، والخصام، والخصام المجادلة، فهما بمعنى واحد.

وينقسم الخصام والجدال في الدين إلى قسمين:

الأول: أن يكون الغرض من ذلك إثبات الحق وإبطال الباطل، وهذا مأمور به إما وجوبا أو استحبابا بحسب الحال؛ لقوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

الثاني: أن يكون الغرض منه التعنيت، أو الانتصار للنفس أو للباطل، فهذا قبيح منهي عنه؛ لقوله تعالى: مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا .

يعني الإيذاء، يقصد منه إيذاء الخصم، أما إذا كان مقصده الحق وبيان الحق فهذا مطلوب، وأما إذا كان قصده الخصام والجدال والإيذاء فهذا لا ينبغي، نعم.

وقوله تعالى: وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ .