لمعة الإعتقاد شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 108

شرح لمعة الإعتقاد الخلاف في الفروع
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

الخلاف في الفروع

قال رحمه الله: وأما بالنسبة إلى إمام في فروع الدين كالطوائف الأربع فليس بمذموم، فإن الاختلاف في الفروع رحمة، والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم، مثابون في اجتهادهم، واختلافهم رحمة واسعة، واتفاقهم حجة قاطعة.

نسأل الله أن يعصمنا من البدع والفتنة، ويحيينا على الإسلام والسنة، ويجعلنا ممن يتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحياة، ويحشرنا في زمرته بعد الممات، برحمته وفضله آمين.

وهذا آخر المعتقد، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.

قال حفظه الله تعالى: الفروع جمع فرع، وهو لغة: ما بني على غيره، واصطلاحا: ما لا يتعلق بالعقائد، كمسائل الطهارة والصلاة ونحوها، والاختلاف فيها ليس بمذموم، حيث كان صادرا عن نية خالصة واجتهاد، لا عن هوى وتعصب؛ لأنه وقع في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم ينكره.

حيث قال في غزوة بني قريظة لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فحضرت الصلاة قبل وصولهم، فأخر بعضهم الصلاة حتى وصلوا بني قريظة وصلى بعضهم حين خافوا خروج الوقت، ولم ينكر النبي -صلى الله عليه وسلم- على واحد منهم رواه البخاري

ولأن الاختلاف فيها موجود في الصحابة وهم خير القرون، ولأنه لا يورث عداوة ولا بغضاء ولا تفرق كلمة.

نعم، الخلاف في الفروع إذا كان الإنسان من أهل النظر فلا ينبغي الإنكار عليه، فإذا اجتهد العالم ورأى أن لحم الإبل ينقض الوضوء فله اجتهاده، وإذا اجتهد آخر ورأى أن لحم الإبل لا ينقض الوضوء فله اجتهاده، وإذا اجتهد المجتهد ويرى أن خروج الدم ينقض الوضوء، والمجتهد الآخر يرى أنه لا ينقض فلا بأس بهذا، ويصلي بعضهم خلف بعض.

قد ثبت أن الخليفة هارون الرشيد احتجم فأفتاه الإمام مالك -رحمه الله- بأن الحجامة لا تنقض الوضوء، فتقدم وصلى بالناس، وصلى خلفه أبو يوسف -الصاحب الأول لأبي حنيفة - وكان يرى أن الحجامة تنقض الوضوء، فقيل له: صليت خلفه وأنت تعتقد أن الحجامة تنقض الوضوء؟ قال: أمير المؤمنين -يعني أترك رأيي لرأيه- المسألة خلافية فرعية، نعم.

ولأنه لا يورث عداوة ولا بغضاء ولا تفرق كلمة، بخلاف الاختلاف في الأصول، وقول المؤلف رحمه الله: "المختلفون فيه محمودون في اختلافهم" ليس ثناء على الاختلاف؛ فإن الاتفاق خير منه، وإنما المراد به نفي الذم عنه، وأن كل واحد محمود على ما قال لأنه مجتهد فيه مريد للحق، فهو محمود على اجتهاده، واتباع ما ظهر له من الحق، وإن كان قد لا يصيب الحق.

وقوله رحمه الله: إن الاختلاف في الفروع رحمة، وإن اختلافهم رحمة واسعة، أي: داخل في رحمة الله وعفوه، حيث لم يكلفهم أكثر مما يستطيعون، ولم يلزمهم بأكثر مما ظهر لهم، فليس عليهم حرج في هذا الاختلاف، بل هم فيه داخلون تحت رحمة الله وعفوه، إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد.