القواعد الأربع شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 2

شرح القواعد الأربع عنوان السعادة
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

مقدمة المؤلف

عنوان السعادة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وأزواجه أمهات المؤمنين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فقال الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى-:

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين، أسأل الله الكريم، رب العرش العظيم، أن يتولاك في الدنيا والآخرة، وأن يجعلك مباركا أينما كنت، وأن يجعلك ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، فإن هذه الثلاث عنوان السعادة.

نعم. فنصيحتي للشباب أن يتوبوا إلى الله -عز وجل- من هذه التفسيرات، وهذه التوهمات، وهذه التحزبات، وهذا التكفير للعلماء والحكام وغيرهم، وأن يُقبلوا على طلب العلم، وأن يتوبوا إلى الله من هذه الظنون السيئة، وهذه التفسيرات الخاطئة، فهذا يحتاج إلى توبة وندم وإعراض، واستغفار للعلماء ولمن اغتابوا منه، ولمن تكلموا في عرضه، أو استسماحهم، وإلا فليعلموا أنهم مخطئون، وأنهم مذنبون، وأنه سوف يؤخذ من حسناتهم إذا لم يتوبوا.

هؤلاء الذين ظلموهم واغتابوهم وكفروهم وتكلموا فيهم، سوف يأخذون من حسناتهم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أتدرون من المفلس؟ قالوا: يا رسول الله، المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. قال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وحج -وفي لفظ- يأتي بأعمال أمثال الجبال، ثم يأتي وقد ضرب هذا، وسَفَكَ دم هذا، وأخذ مال هذا، فيُعْطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يُقْضَى ما عليه، أُخِذَ من سيئاته، فطُرِحَتْ عليه، ثم طُرِحَ في النار .

فالمغتاب اعتدى على غيره، إذا اغتاب العالم، والعالم أشد؛ لحوم العلماء مسمومة، أو الحاكم، أو اغتاب إخوانه وزملاءه، فإنهم يأخذون من حسناته يوم القيامة، فإن لم يكن له حسنات، أُخِذَ من سيئاتهم، فطرحت عليه، إلا أن يستسمحهم أو يدعو لهم بظهر الغيب، ويكثر، ويذكر أوصافهم وصفاتهم الحميدة في الأماكن التي اغتابهم فيها.

فعلينا جميعا أن نتوب إلى الله -عز وجل-، وأن نعرض عن هذه الظنون السيئة، وأن نطهر ألسنتنا من هذه التخطئة والتكفير والتبديع والتفسيق، نطهر ألسنتنا، نطهر قلوبنا من هذه الظنون السيئة والتفسيرات الخاطئة، ونطهر ألسنتنا من هذه الكلمات النابية، ونتوب إلى الله -عز وجل- ونستسمح من اغتبناهم، أو ندعو لهم بظهر الغيب، مع ذكر الصفات في الأماكن التي اغتيبوا فيها، لعل الله أن يتوب عليهم، ولعل الله أن يرحمهم.

هذه الرسالة، وهي رسالة "القواعد الأربع" للإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمة الله عليه-، رسالة عظيمة، هي قصيرة تسمى القواعد الأربع لاشتمالها على قواعد أربع تُمَيِّز بين المشركين والمسلمين قواعد أربع يتميز بها المؤمن من الكافر، يتبين بها المشرك من الموحد.

قال الإمام الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمة الله عليه- في أولها: أسأل الله الكريم، رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة، وأن يجعلك مباركًا أينما كنت، وأن يجعلك ممن إذا أُعْطِيَ شكر، وإذا ابتُلِيَ صبر، وإذا أذنب استغفر، فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة.

المؤلف -رحمه الله- بدأ هذه الرسالة بالدعاء، وتوسل إلى الله بربوبيته، توسل إلى الله بصفاته واسمه الكريم، وربوبية العرش العظيم، ودعا لك يا طالب العلم، سأل الله أن يتولاك في الدنيا والآخرة، وأن يجعلك مباركا أينما كنت، وهذا من نصح هذا الإمام -رحمه الله-، نُصْحه، يعلمك ويدعو لك، يسأل الله ويتوسل الله باسمه الكريم، وبربوبية العرش العظيم، أن يتولاك في الدنيا والآخرة، ومن تولاه الله في الدنيا والآخرة سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، وأن يجعلك مباركًا أينما كنت، في أي مكان حللت، يجعلك مباركا.

وأن يجعلك ممن إذا أُعْطِيَ شكر، وإذا أذنب استغفر، وإذا ابتلي صبر، أن يجعلك ممن إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر، وإذا أذنب استغفر، فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة. يعني أن الإنسان يتقلب بين هذه الأحوال الثلاثة، إما أن يكون في نعمة فيحتاج إلى شكر، وإما أن يكون في مصيبة وبلية فيحتاج إلى صبر، وإما أن يكون يقع في ذنب فيحتاج إلى توبة واستغفار، فإذا كان الإنسان إذا أصابته نعمة، حصل على نعمة شكر، شكر الله بقلبه، يعني اعترف بأنها لله، من الله، وشكر بلسانه، أثنى على الله بها، ونسبها إلى الله، وبجوارحه استعملها في مرضاة الله، هذا الشكر بالقلب وباللسان وبالجوارح.

فإذا كان الإنسان إذا حصل له نعمة شكرها، وإذا حصل له بلية ومصيبة صبر، بمعنى: حبس نفسه عن التشكِّي، وحبس نفسه عن الجزع، وحبس لسانه عن التشكي، وحبس جوارحه عما يغضب الله. هذا الصابر يحبس نفسه عن الجزع، فلا يجزع، ويحبس لسانه عن التشكي، ويحبس جوارحه عما يغضب الله، هذا الصابر، وإذا أذنب تاب واستغفر.

قال المؤلف: هؤلاء الثلاثة عنوان السعادة، يعني علامة على السعادة، ما هي علامة السعادة؟ علامة سعادة العبد أنه إذا أصابته نعمة شكر، وإذا أصابته بلية أو مصيبة صبر، وإذا وقع في ذنب تاب واستغفر، إذا كنت كذلك، فاعلم أن هذه علامة السعادة؛ لأن الإنسان يتقلب بين هذه الأمور الثلاثة، إما في نعمة يحتاج إلى شكر، وإما في بلية أو مصيبة يحتاج إلى صبر، وإما في ذنب ومعصية فيحتاج إلى توبة واستغفار، نعم.