القواعد الأربع شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 4

شرح القواعد الأربع العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد

فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته، فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة، فإذا دخل الشرك فسدَت، كالحدث إذا دخل في الطهارة، كما قال تعالى: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ .

نعم. يقول المؤلف -رحمه الله-: إذا عرفت أن الله تعالى خلقك لعبادته، عرفت، كل إنسان يعرف أن الله خلقه لعبادته، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فاعلم وتيقن أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، والتوحيد هو الإخلاص، هو إخلاص الدين الله، والإخلاص معناه أن تتبرأ من عبادة كل معبود سواه، وهو الكفر بالطاغوت، الإخلاص هو الكفر بالطاغوت، العبادة لا تسمى عبادة إلا مع الإخلاص، يعني: إلا مع الكفر بالطاغوت.

والطاغوت كل معبود سوى الله، ومعنى الكفر بالطاغوت يعني البراءة، البراءة من كل عبادة معبود سوى الله، البراءة منها ونفيها وإنكارها وبغضها ومعاداتها، ومعاداة أهلها، هذا الكفر بالطاغوت، الكفر بالطاغوت: كل ما عُبِدَ من دون الله طاغوت، والكفر به معناه إنكاره ونفيه، والبراءة منه وبغضه ومعاداته، ومعاداة أهله.

فالعبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد؛ لأن الإنسان إذا صلى، هل يكون موحدا؟ ما يكون موحدا إلا إذا أخلص العبادة، يصلي ولّا يصلي لله، بمعنى ينكر وينفي ويتبرأ من عبادة كل معبود سوى الله، لا بد من هذا.

أما إذا كان الإنسان يصلي فقط، قد يصلي لله ويصلي لغيره، مرة يصلي لله ومرة يصلي لغيره، كما يفعل المشركون يعبدون الله ويعبدون غيره، هم مشركون يحجون على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجاهلية، يحجون ويصلون ويصومون، لكن يشركون، يعبدون الله ويعبدون غيره؛ ولهذا قال المشركون للنبي -صلى الله عليه وسلم-: اعبد إلهنا سنة ونعبد إلهك سنة، فأنزل الله: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ قطعا لأطماعهم، لأطماع المشركين.

لا يمكن أن نوافقكم، وأنتم لا يمكن أن توافقوني ما دمتم على شرككم، إذن العبادة ما تسمى عبادة إلا مع التوحيد، والتوحيد هو الإخلاص لله، والبراءة من كل معبود سوى الله.

كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة، لو صلى إنسان وهو لم يتطهر، هل تسمى صلاة؟ ما تسمى صلاة. فكما أن الصلاة إذا دخل الحدث بطلت، فكذلك العبادة إذا دخلها الشرك بطلت، الطهارة إذا دخلها الحدث، كان الإنسان متطهرا ومتوضئًا ثم أحدث، خرج منه بول أو غائط أو ريح، أين الطهارة؟ بطلت وزالت ولا تصح الصلاة.

كذلك التوحيد، الإنسان يوحد الله، يعبد الله، يصلي ويصوم، لكن أشرك، قال: يا رسول الله، اشفع لي، أو قال: مدد يا بدوي مدد يا عبد القادر أو ذبح للبدوي أو للرسول، أو للقمر، أو للنجم، أو طاف بغير بيت الله تقربا إليه، أو صلى أو ركع لغير الله، أيش يكون؟ بطل توحيده، دخل الشرك وبطل التوحيد، صار وثنيا، انتقل من كونه موحدا إلى كونه وثنيا؛ لأن الشرك دخل في العبادة فأبطلها.

فكذلك الإنسان إذا تطهر وصلى، صارت الصلاة صحيحة، لكن إذا أحدث، بعدما تطهر أحدث وبال أو تغوط، أو خرج منه ريح، بطلت الطهارة، ولا تصح الصلاة معه.

فكذلك العبادة إذا عبد الإنسان ربه ثم أشرك بطلت العبادة وفسدت، وصار من أهل الشرك والأوثان نسأل الله السلامة والعافية، كما قال الله -عز وجل-: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ "شاهدين على أنفسهم بالكفر" أعمالهم تشهد عليهم أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ المشركين ليسوا من عمار المساجد، ولو عمروها حسيًا ولو بنوها، المراد العمارة المعنوية، العمارة بالعبادة والتوحيد والطاعة، المشركين ليسوا من عُمَّار المساجد: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ نعم.