العقيدة الواسطية شرح الشيخ محمد أمان بن علي الجامي الدرس 14

شرح العقيدة الواسطية الدرس الرابع عشر
الخميس 4 جوان 2015    الموافق لـ : 16 شعبان 1436
تحميل الشريط

عناصر الشريط

  1. تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... وأما قوله : (( فلا تجعلوا لله أندادا )) ... إلخ .فالأنداد جمع ند ، ومعناه كما قيل : النظير المناوئ ، ويقال : ليس لله ند ولا ضد ، والمراد نفي ما يكافئه ويناوئه ، ونفي ما يضاده وينافيه . وجملة : (( وأنتم تعلمون )) وقعت حالا من الواو في (( تجعلوا )) ، والمعنى : إذا كنتم تعلمون أن الله هو وحده الذي خلقكم ورزقكم ، وأن هذه الآلهة التي جعلتموها له نظراء وأمثالا وساويتموها به في استحقاق العبادة لا تخلق شيئا ، بل هي مخلوقة ، ولا تملك لكم ضرا ولا نفعا ؛ فاتركوا عبادتها ، وأفردوه سبحانه بالعبادة والتعظيم ... " .
  2. تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... وأما قوله : (( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداد يحبونهم كحب الله )) .
  3. تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... فهو إخبار من الله عن المشركين بأنهم يحبون آلهتهم كحبهم لله عز وجل ؛ يعني : يجعلونها مساوية له في الحب (( والذين آمنوا أشد حبا لله )) من حب المشركين لآلهتهم ؛ لأنهم أخلصوا له الحب ، وأفردوه به ، أما حب المشركين لآلهتهم ؛ فهو موزع بينها ، ولا شك أن الحب إذا كان لجهة واحدة كان أمكن وأقوى . وقيل : المعنى : أنهم يحبون آلهتهم كحب المؤمنين لله ، والذين آمنوا أشد حبا لله من الكفار لأندادهم ... " .
  4. فائدة : الذين يعبدون من دون الله تعالى ينقسمون إلى قسمين .
  5. تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... وأما قوله تعالى : (( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا )) ... الآية ؛ فقد تقدم الكلام في معنى الحمد ، وأنه الثناء باللسان على النعمة وغيرها ، وقلنا : إن إثبات الحمد له سبحانه متضمن لإثبات جميع الكمالات التي لا يستحق الحمد المطلق إلا من بلغ غايتها . ثم نفى سبحانه عن نفسه ما ينافي كمال الحمد من الولد والشريك والولي من الذل ؛ أي : من فقر وحاجة ، فهو سبحانه لا يوالي أحدا من خلقه من أجل ذلة وحاجة إليه ثم أمر عبده ورسوله أن يكبره تكبيرا ؛ أي : يعظمه تعظيما وينزهه عن كل صفة نقص وصفه بها أعداؤه من المشركين ... " .
  6. قراءة قول المصنف شيخ الإسلام ابن تيمية : " ... وقوله : (( يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير )) ... " .
  7. وأما قوله : (( يسبح لله )) . . إلخ ؛ فالتسبيح هو التنزيه والإبعاد عن السوء ؛ كما تقدم . ولا شك أن جميع الأشياء في السماوات وفي الأرض تسبح بحمد ربها ، وتشهد له بكمال العلم والقدرة والعزة والحكمة والتدبير والرحمة ؛ قال تعالى : (( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم )) . وقد اختلف في تسبيح الجمادات التي لا تنطق ؛ هل هو بلسان الحال أو بلسان المقال ؟ وعندي أن الثاني أرجح ؛ بدليل قوله تعالى : (( ولكن لا تفقهون تسبيحهم )) ؛ إذ لو كان المراد تسبيحها بلسان الحال ؛ لكان ذلك معلوما ، فلا يصح الاستدراك . وقد قال تعالى خبرا عن داود عليه السلام : (( إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أواب )) ... " .
  8. تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ .
  9. قراءة قول المصنف شيخ الإسلام ابن تيمية : " ... وقوله : (( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً ، الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً )) ، وقوله : (( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بماخلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون ، عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون )) ، (( فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون )) ... " .
  10. تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... وأما قوله تعالى : (( تبارك الذي )) ... إلخ ؛ فقد قلنا : إن معنى (( تبارك )) من البركة ؛ وهي دوام الخير وكثرته ، ولكن لا يلزم من تلك الزيادة سبق النقص ، فإن المراد تجدد الكمالات الاختيارية التابعة لمشيئته وقدرته ، فإنها تتجدد في ذاته على وفق حكمته ، فالخلو عنها قبل اقتضاء الحكمة لها لا يعتبر نقصا . وقد فسر بعضهم التبارك بالثبات وعدم التغير ، ومنه سميت البركة ؛ لثبوت مائها ، وهو بعيد . والمراد بـ ( الفرقان ) القرآن ، سمي بذلك لقوة تفرقته بين الحق والباطل والهدى والضلال . والتعبير بـ ( نزل ) بالتشديد ؛ لإفادة التدرج في النزول ، وأنه لم ينزل جملة واحدة .
  11. الرد على من يقول نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه .
  12. تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... والمراد بـ ( الفرقان ) القرآن ، سمي بذلك لقوة تفرقته بين الحق والباطل والهدى والضلال . والتعبير بـ (( نزل )) بالتشديد ؛ لإفادة التدرج في النزول ، وأنه لم ينزل جملة واحدة . والمراد بـ (( عبده )) محمد صلى الله عليه وسلم ، والتعبير عنه بلقب العبودية للتشريف كما سبق . و (( العالمين )) ؛ جمع عالم ، وهو جمع لما يعقل ، واختلف في المراد به ، فقيل : الإنس . وقيل : الإنس والجن . وهو الصحيح ؛ فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل إلى الجن أيضا ، وأنه يجتمع بهم ، ويقرأ عليهم القرآن ، وأن منهم نفرا أسلم حين سمع القرآن وذهب ينذر قومه به ؛ كما قال تعالى : (( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين )) . والنذير والمنذر هو من يعلم بالشيء مع التخويف ، وضده البشير أو المبشر ، وهو من يخبرك بما يسرك .... " .
  13. قراءة قول المصنف شيخ الإسلام ابن تيمية : " ... : (( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة تعالى الله عما يشركون ... )) .
  14. تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... تضمنت هذه الآية الكريمة أيضا جملة من صفات التنزيه التي يراد نفي ما لا يليق بالله عز وجل عنه ، فقد نزه سبحانه نفسه فيها عن اتخاذ الولد وعن وجود إله خالق معه ، وعما وصفه به المفترون الكذابون ؛ كما نهى عن ضرب الأمثال له ، والإشراك به بلا حجة ولا برهان ، والقول عليه سبحانه بلا علم ولا دليل . فهذه الآية تضمنت إثبات توحيد الإلهية ، وإثبات توحيد الربوبية ... " .
  15. تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... فإن الله بعدما أخبر عن نفسه بعدم وجود إله معه أوضح ذلك بالبرهان القاطع والحجة الباهرة ، فقال : (( إذا )) ؛ أي : إذ لو كان معه آلهة كما يقول هؤلاء المشركون ؛ (( لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض )) . وتوضيح هذا الدليل أن يقال : إذا تعددت الآلهة ؛ فلا بد أن يكون لكل منهم خلق وفعل ، ولا سبيل إلى التعاون فيما بينهم ؛ فإن الاختلاف بينهم ضروري ، كما أن التعاون بينهم في الخلق يقتضي عجز كل منهم عند الانفراد ، والعاجز لا يصلح إلها ، فلا بد أن يستقل كل منهم بخلقه وفعله ، وحينئذ فإما أن يكونوا متكافئين في القدرة ، لا يستطيع كل منهم أن يقهر الآخرين ويغلبهم ، فيذهب كل منهم بما خلق ، ويختص بملكه ؛ كما يفعل ملوك الدنيا من انفراد كل بمملكته إذا لم يجد سبيلا لقهر الآخرين ، وإما أن يكون أحدهم أقوى من الآخرين ، فيغلبهم ، ويقهرهم ، وينفرد دونهم بالخلق والتدبير ، فلا بد إذا مع تعدد الآلهة من أحد هذين الأمرين : إما ذهاب كل بما خلق ، أو علو بعضهم على بعض . وذهاب كل بما خلق غير واقع ؛ لأنه يقتضي التنافر والانفصال بين أجزاء العالم ، مع أن المشاهدة تثبت أن العالم كله كجسم واحد مترابط الأجزاء ، متسق الأنحاء ، فلا يمكن أن يكون إلا أثرا لإله واحد . وعلو بعضهم على بعض يقتضي أن يكون الإله هو العالي وحده . ... " .
  16. تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ : " ... وأما قوله تعالى : (( فلا تضربوا لله الأمثال )) ؛ فهو نهي لهم أن يشبهوه بشيء من خلقه ؛ فإنه سبحانه له المثل الأعلى الذي لا يشركه فيه مخلوق . وقد قدمنا أنه لا يجوز أن يستعمل في حقه من الأقيسة ما يقتضي المماثلة أو المساواة بينه وبين غيره ؛ كقياس التمثيل وقياس الشمول . وإنما يستعمل في ذلك قياس الأولى الذي مضمونه أن كل كمال وجودي غير مستلزم للعدم ولا للنقص بوجه من الوجوه اتصف به المخلوق ، فالخالق أولى أن يتصف به ؛ لأنه هو الذي وهب المخلوق ذلك الكمال ، ولأنه لو لم يتصف بذلك الكمال مع إمكان أن يتصف به لكان في الممكنات من هو أكمل منه ، وهو محال ، وكذلك كل نقص يتنزه عنه المخلوق ، فالخالق أولى بالتنزه عنه ... " .