تتمة قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... قوله : " وتقوم القيامة ... " إلخ ؛ يعني القيامة الكبرى ، وهذا الوصف للتخصيص ، احترز به عن القيامة الصغرى التي تكون عند الموت ؛ كما في الخبر : ( من مات فقد قامت قيامته ) .
وذلك أن الله عز وجل إذا أذن بانقضاء هذه الدنيا ؛ أمر إسرافيل عليه السلام أن ينفخ في الصور النفخة الأولى ، فيصعق كل من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، وتصبح الأرض صعيدا جرزا ، والجبال كثيبا مهيلا ، ويحدث كل ما أخبر الله به في كتابه ، لا سيما في سورتي التكوير والانفطار ، وهذا هو آخر أيام الدنيا .
ثم يأمر الله السماء ، فتمطر مطرا كمني الرجال أربعين يوما ، فينبت منه الناس في قبورهم من عجب أذنابهم ، وكل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب .
حتى إذا تم خلقهم وتركيبهم ؛ أمر الله إسرافيل بأن ينفخ في الصور النفخة الثانية ، فيقوم الناس من الأجداث أحياء ، فيقول الكفار والمنافقون حينئذ : (( يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا )) ، ويقول المؤمنون : (( هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون )) .
ثم تحشرهم الملائكة إلى الموقف حفاة غير منتعلين ، عراة غير مكتسين ، غرلا غير مختتنين ؛ جمع أغرل ، وهو الأقلف ، والغرلة : القلفة .
وأول من يكتسي يوم القيامة إبراهيم ؛ كما في الحديث .
وهناك في الموقف تدنو الشمس من رءوس الخلائق ، ويلجمهم العرق ، فمنهم من يبلغ كعبيه ومنهم من يبلغ ثدييه ، ومنهم من يبلغ ترقوته ؛ كل على قدر عمله ، ويكون أناس في ظل الله عز وجل .
فإذا اشتد بهم الأمر ، وعظم الكرب ؛ استشفعوا إلى الله عز وجل بالرسل والأنبياء أن ينقذهم مما هم فيه ، وكل رسول يحيلهم على من بعده ؛ حتى يأتوا نبينا صلى الله عليه وسلم ، فيقول : ( أنا لها ) ، ويشفع فيهم ، فينصرفون إلى فصل القضاء وهناك تنصب الموازين ، فتوزن بها أعمال العباد ، وهي موازين حقيقية ، كل ميزان منها له لسان وكفتان ، ويقلب الله أعمال العباد ... " .
تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ لشرح الواسطية .
قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... - وهي أعراض - أجساما لها ثقل ، فتوضع الحسنات في كفة ، والسيئات في كفة ؛ كما قال تعالى : (( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين )) .
ثم تنشر الدواوين ، وهي صحائف الأعمال ، (( فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا )) ، وأما من أوتي كتابه بشماله أو من وراء ظهره ، (( فسوف يدعو ثبورا ، ويصلى سعيرا )) ، ويقول : (( يا ليتني لم أوت كتابيه، ولم أدر ما حسابيه )) ؛ قال تعالى : (( ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا )) .
وأما قوله تعالى : (( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه )) ؛ فقد قال الراغب : " أي : عمله الذي طار عنه من خير وشر " .
ولكن الظاهر أن المراد بالطائر هنا نصيبه في هذه الدنيا ، وما كتب له فيها من رزق وعمل ؛ كما في قوله تعالى : (( أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب )) ، يعني : ما كتب عليهم فيه
قوله : " ويحاسب الله الخلائق ... " إلخ ؛ المراد بتلك المحاسبة تذكيرهم وإنباؤهم بما قدموه من خير وشر أحصاه الله ونسوه ؛ قال تعالى : (( ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون )) .
وفي الحديث الصحيح : ( من نوقش الحساب عذب ) ، فقالت عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله ! أوليس الله يقول : (( فسوف يحاسب حسابا يسيرا )) ؟ فقال : ( إنما ذلك العرض ، ولكن من نوقش الحساب يهلك ) .
وأما قوله : " ويخلو بعبده المؤمن " ؛ فقد ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الله عز وجل يدني منه عبده المؤمن ، فيضع عليه كنفه ، ويحاسبه فيما بينه وبينه ، ويقرره بذنوبه ، فيقول : ألم تفعل كذا يوم كذا ؟ ألم تفعل كذا يوم كذا ؟ حتى إذا قرره بذنوبه ، وأيقن أنه قد هلك ؛ قال له : سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ... " .
تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ لشرح الواسطية .
قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... وأما قوله : " فإنه لا حسنات لهم " ؛ يعني الكفار ؛ لقوله تعالى : (( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )) ، وقوله : (( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء )) .
والصحيح أن أعمال الخير التي يعملها الكافر يجازى بها في الدنيا فقط ، حتى إذا جاء يوم القيامة وجد صحيفة حسناته بيضاء ، وقيل : يخفف بها عنه من عذاب غير الكفر ... " .
تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ لشرح الواسطية .
قراءة قول المصنف شيخ الإسلام ابن تيمية : " ... وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي صلى الله عليه وسلم ، ماؤه أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى من العسل ، آنيته عدد نجوم السماء ، طوله شهر ، وعرضه شهر ، من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً . والصراط منصوب على متن جهنم ، وهو الجسر الذي بين الجنة والنار ، يمر الناس عليه على قدر أعمالهم ، فمنهم من يمر كلمح البصر ، ومنهم من يمر كالبرق ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كالفرس الجواد ، ومنهم من يمر كركاب الإبل ، ومنهم من يعدو عدواً ، ومنهم من يمشي مشياً ، ومنهم من يزحف زحفاً ، ومنهم من يخطف خطفا ويلقى في جهنم ؛ فإن الجسر عليه كلاليب تخطف الناس بأعمالهم ، فمن مر على الصراط دخل الجنة . فإذا عبروا عليه وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعض ، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة وأول من يستفتح باب الجنة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأول من يدخل الجنة من الأمم أمته وله صلى الله عليه وسلم في القيامة ثلاث شفاعات : أما الشفاعة الأولى : فيشفع في أهل الموقف حتى يقضى بينهم بعد أن يتراجع الأنبياء آدم ، ونوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ابن مريم عن الشفاعة حتى تنتهي إليه . وأما الشفاعة الثانية : فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة وهاتان الشفاعتان خاصتان له . وأما الشفاعة الثالثة : فيشفع فيمن استحق النار ، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم ، فيشفع فيمن استحق النار ألا يدخلها ، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها ويخرج الله من النار أقواما بغير شفاعة بل بفضله ورحمته ، ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا ، فينشئ الله لها أقواما فيدخلهم الجنة ... " .
تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ للواسطية .
بيان معنى الشفاعة الشرعية والتوسل .
ذكر قصة توسل الأعرابي بالنبي صلى الله عليه وسلم .
ذكر قصة توسل عمر بن الخطاب بالعباس رضي الله عنهما .
تتمة تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ للواسطية : " ... وله صلى الله عليه وسلم في القيامة ثلاث شفاعات : أما الشفاعة الأولى : فيشفع في أهل الموقف حتى يقضى بينهم بعد أن يتراجع الأنبياء آدم ، ونوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ابن مريم عن الشفاعة حتى تنتهي إليه . وأما الشفاعة الثانية : فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة وهاتان الشفاعتان خاصتان له . وأما الشفاعة الثالثة : فيشفع فيمن استحق النار ، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم ، فيشفع فيمن استحق النار ألا يدخلها ، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها ويخرج الله من النار أقواما بغير شفاعة بل بفضله ورحمته ، ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا ، فينشئ الله لها أقواما فيدخلهم الجنة ... " .
ذكر بعض أسباب الشفاعة .
قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... وأما قوله : " في عرصات القيامة ... " ؛ فإن الأحاديث الواردة في ذكر الحوض تبلغ حد التواتر ، رواها من الصحابة بضع وثلاثون صحابيا ، فمن أنكره ؛ فأخلق به أن يحال بينه وبين وروده يوم العطش الأكبر ، وقد ورد في أحاديث : ( إن لكل نبي حوضا ) .
ولكن حوض نبينا صلى الله عليه وسلم أعظمها وأحلاها وأكثرها واردا ، جعلنا الله منهم بفضله وكرمه .
تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ لشرح الواسطية .
قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... قوله : " والصراط منصوب ... " إلخ . أصل الصراط : الطريق الواسع ؛ قيل : سمي بذلك لأنه يسترط السابلة ؛ أي : يبتلعهم إذا سلكوه ، وقد يستعمل في الطريق المعنوي ؛ كما في قوله تعالى : (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه )) .
والصراط الأخروي الذي هو الجسر الممدود على ظهر جهنم بين الجنة والنار حق لا ريب فيه ؛ لورود خبر الصادق به ، ومن استقام على صراط الله الذي هو دينه الحق في الدنيا استقام على هذا الصراط في الآخرة ، وقد ورد في وصفه أنه : ( أدق من الشعرة ، وأحد من السيف ) .
قوله : " وأول من يستفتح باب الجنة محمد صلى الله عليه وسلم " ؛ يعني : أول من يحرك حلقها طالبا أن يفتح له بابها ؛ كما قال عليه السلام : ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر ، وأنا أول من يحرك حلق الجنة ، فأدخلها ويدخلها معي فقراء أمتي ) .
يعني : بعد دخول الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام يكون فقراء هذه الأمة أول الناس دخولا الجنة .
وأما قوله : " وله صلى الله عليه وسلم في القيامة ثلاث شفاعات "؛ فأصل الشفاعة من قولنا : شفع كذا بكذا إذا ضمه إليه ، وسمي الشافع شافعا لأنه يضم طلبه ورجاءه إلى طلب المشفوع له .
والشفاعة من الأمور التي ثبتت بالكتاب والسنة ، وأحاديثها متواترة ؛ قال تعالى : (( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه )) فنفي الشفاعة بلا إذن إثبات للشفاعة من بعد الإذن .
قال تعالى عن الملائكة : (( وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى )) .
فبين الله الشفاعة الصحيحة ، وهي التي تكون بإذنه ، ولمن يرتضي قوله وعمله .
وأما ما يتمسك به الخوارج والمعتزلة في نفي الشفاعة من مثل قوله تعالى : (( فما تنفعهم شفاعة الشافعين )) ، (( ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة )) ، (( فما لنا من شافعين )) ... إلخ ؛ فإن الشفاعة المنفية هنا هي الشفاعة في أهل الشرك ، وكذلك الشفاعة الشركية التي يثبتها المشركون لأصنامهم ، ويثبتها النصارى للمسيح والرهبان ، وهي التي تكون بغير إذن الله ورضاه ... " .
تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ لشرح الواسطية .
تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ لشرح الواسطية : " ... قوله : " وأول من يستفتح باب الجنة محمد صلى الله عليه وسلم " ؛ يعني : أول من يحرك حلقها طالبا أن يفتح له بابها ؛ كما قال عليه السلام : ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر ، وأنا أول من يحرك حلق الجنة ، فأدخلها ويدخلها معي فقراء أمتي ) .
يعني : بعد دخول الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام يكون فقراء هذه الأمة أول الناس دخولا الجنة ... " .
تعليق الشيخ على ما تقدم من قراءة القارئ لشرح الواسطية : " ... وأما قوله : " وله صلى الله عليه وسلم في القيامة ثلاث شفاعات "؛ فأصل الشفاعة من قولنا : شفع كذا بكذا إذا ضمه إليه ، وسمي الشافع شافعا لأنه يضم طلبه ورجاءه إلى طلب المشفوع له .
والشفاعة من الأمور التي ثبتت بالكتاب والسنة ، وأحاديثها متواترة ؛ قال تعالى : (( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه )) فنفي الشفاعة بلا إذن إثبات للشفاعة من بعد الإذن .
قال تعالى عن الملائكة : (( وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى )) .
فبين الله الشفاعة الصحيحة ، وهي التي تكون بإذنه ، ولمن يرتضي قوله وعمله .
وأما ما يتمسك به الخوارج والمعتزلة في نفي الشفاعة من مثل قوله تعالى : (( فما تنفعهم شفاعة الشافعين )) ، (( ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة )) ، (( فما لنا من شافعين )) ... إلخ ؛ فإن الشفاعة المنفية هنا هي الشفاعة في أهل الشرك ، وكذلك الشفاعة الشركية التي يثبتها المشركون لأصنامهم ، ويثبتها النصارى للمسيح والرهبان ، وهي التي تكون بغير إذن الله ورضاه ... " .