لمعة الإعتقاد شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 105

شرح لمعة الإعتقاد الخلافة وحكم طاعة الخليفة
الأربعاء 24 شوال 1438 هـ   الموافق لـ : 19 جويلية 2017 م
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

الخلافة وحكم طاعة الخليفة

قال رحمه الله: ومن السنة السمع والطاعة لأئمة المسلمين وأمراء المؤمنين -بَرِّهم وفاجرهم- ما لم يأمروا بمعصية الله، فإنه لا طاعة لأحد في معصية الله.

ولاة الأمور يجب السمع والطاعة لهم في أمرين: الأمر الأول: إذا أمروا بطاعة الله ورسوله. والأمر الثاني: إذا أمروا بشيء مباح، يجب السمع والطاعة لهم، أما إذا أمروا بمعصية فلا يطاع أحد في معصية.

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إذا أمر ولي الأمر شخصا بشرب الخمر فلا يطيعه، أو يتعامل بالربا ما يطيعه، كما أن أباك، إذا كان الإنسان له أب أمره أبوه أن يشتري من الدكان دخان ما يطيعه؛ لأنها معصية، أو أمره بشرب الخمر، أو قال: لا تصلي مع جماعة في المسجد، لا يطيعه، وكذلك الزوجة إن أمرها زوجها بالمعصية لا تطيعه، والعبد إذا أمره سيده بالمعصية لا يطيعه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

لكن ليس معنى ذلك أنك تتمرد عليه، إذا أمرك ولي الأمر بالمعصية لا تطيعه، لكن لا تتمرد عليه، لا تخرج عليه، إذا أمرك أبوك بمعصية لا تطيعه في المعصية، لكن لا تتمرد عليه، في غير هذه المعصية تطيعه، والزوجة إذا أمرها زوجها بمعصية لا تتمرد عليه، لا تطيعه في المعصية، لكن تطيعه فيما سوى ذلك، وكذلك العبد لا يتمرد على سيده، إذا أمره سيده بالمعصية لا يطيعه، وما عدا المعصية يطيعه، واضح هذا، ليس معنى ذلك الخروج عليه، نعم.

وفي المسائل الخلافية إذا كان مسألة خلافية والخلاف واضح معناه يطيعه في هذا؛ لأنه مسألة خلافية، مثل حكم الحاكم يرفع الخلاف، نعم.

ومن ولي الخلافة، واجتمع عليه الناس ورضوا به، أو غلبهم بسيفه حتى صار الخليفة، وسمي أمير المؤمنين، وجبت طاعته، وحرمت مخالفته والخروج عليه، وشق عصا المسلمين.

نعم، تثبت له البيعة إذا غلب الناس بقوته وسيفه وسلطانه ثبتت له البيعة، كما أنه تثبت البيعة بولاية العهد من الإمام السابق، وتثبت البيعة أيضا باختيار المسلمين وانتخابهم.

ثلاثة أمور: اختاره المسلمون اختاروه أهل الحل والعقد تثبت له البيعة، كما ثبتت لأبي بكر باختيار المسلمين وكما ثبتت لعثمان وتثبت بولاية العهد، كما ثبتت لعمر بولاية العهد من الصديق وتثبت بالقوة والغلبة كما حصلت لجميع الخلفاء الآن بعد الخلفاء الراشدين كلها ثبتت بالقوة والغلبة، خلفاء بني أمية خلفاء بني العباس كلهم، كلها ثبتت بالقوة والغلبة + الخلافة بالاختيار والانتخاب إلا لعثمان وللصديق

نعم الخلفاء الراشدين بعد الخلفاء الراشدين وكذلك علي وكذلك عثمان بعد ولاية عمر بعد ولاية العهد، الخلفاء الراشدون بعدهم ما ثبتت لأحد بالاختيار والانتخاب إلا بالقوة والغلبة، ومع ذلك المسلمون يعتبرونهم ولاة أمور نعم.

قال الشارح حفظه الله: الخلافة منصب كبير، ومسئولية عظيمة، وهي تولي تدبير أمور المسلمين بحيث يكون هو المسئول الأول في ذلك، وهي فرض كفاية؛ لأن أمور الناس لا تقوم إلا بها.

وتحصل الخلافة بواحد من أمور ثلاثة:

الأول: النص عليه من الخليفة السابق، كما في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فإنها بنص من أبي بكر -رضي الله عنه-.

الثاني: اجتماع أهل الحل والعقد، سواء كانوا معينين من الخليفة السابق، كما في خلافة عثمان -رضي الله عنه-، فإنها باجتماع من أهل الحل والعقد المُعَيَّنين من قِبل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، أم غير مُعَيَّنين كما في خلافة أبي بكر -رضي الله عنه- على أحد الأقوال، وكما في خلافة علي -رضي الله عنه-.

الثالث: القهر والغلبة، كما في خلافة عبد الملك بن مروان حين قتل ابن الزبير وتمت الخلافة له.

وغيره كلها بالقوة والغلبة، كل خلفاء بني أمية وبني العباس كلها بالقوة والغلبة، وبعضهم بولاية العهد من الخليفة السابق، نعم.

فرض كفاية يعني لا بد منها، يعني لا بد من إقامتها، لا بد للمسلمين أن يقيموا إماما، الخلاف هل هي واجبة أو سنة أو فرض، يجب على المسلمين فرض أن يقيموا إماما يكون لهم، هذا لا بد منه، فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الباقين نعم.

حكم طاعة الخليفة وغيره من ولاة الأمور واجبة في غير معصية الله؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: السمع والطاعة على المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة متفق عليه وسواء كان الإمام برًّا -وهو القائم بأمر الله فعلا وتركا-، أو فاجرا -وهو الفاسق-؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ألا من ولي عليه والٍ .

في حديث عوف بن مالك الأشجعي في صحيح مسلم ألا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة وفيه الرد على الخوارج والمعتزلة والرافضة ؛ فإنهم لا يجيزون إمامة الفاسق، فالخوارج يقولون: الفاسق يجب قتله؛ لأنه حلال الدم والمال، كافر مخلد في النار، والمعتزلة كذلك، والرافضة يقولون: ما فيه إمام إلا الإمام المعصوم.

أما أهل السنة والجماعة فيرون أن الإمامة تثبت ولو للفاسق ولو للظالم، ظلمه وفجوره على نفسه، والمسلمون لهم ولايته، يؤمن الله به السبل، وتقام به الحدود، ويأمر فيهم بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويقام الجهاد، والله تعالى علق بولاة الأمور مصالح عظيمة -نعم- ولو كانوا فجارا، ولو كانوا ظلمة نعم.

لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ألا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة رواه مسلم والحج والجهاد مع الأئمة ماضيان نافذان، وصلاة الجمعة خلفهم جائزة، سواء كانوا أبرارا أو فجارا؛ لأن مخالفتهم في ذلك توجب شق عصا المسلمين والتمرد عليهم.

قد سمعتم حديث عمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، يدعوهم عمار إلى الجنة، يدعوهم إلى طاعة ولاة الأمور ؛ لأنه يدعوا أهل الشام إلى أن يطيعوا علي ؛ لأنه هو الخليفة الراشد، وهم يدعونه إلى النار، يدعونه إلى أن يخرج على الخليفة، وهو عليّ -رضي الله عنه-.

وهم لا يعلمون أنهم يدعونه إلى النار، لكن بفعلهم هذا يدعونه إلى النار، وهم لا يعلمون لأنهم مجتهدون، فهو يدعوهم إلى الجنة، وهم يدعونه إلى النار، يدعوهم إلى طاعة ولاة الأمور؛ لأنها طاعة لله، وهي من أسباب دخول الجنة، وهم يدعونه إلى النار والخروج على عليّ وهي الخروج على ولاة الأمور وهي من أسباب دخول النار؛ لأنها معصية، نعم.

والحديث الذي ذكره المؤلف: ثلاث من أصل الإيمان... إلى آخره، ضعيف كما رمز له السيوطي في الجامع الصغير، وفيه راو قال المزي إنه مجهول، وقال المنذري في مختصر أبي داود شبه مجهول، والثلاث خصال المذكورة فيه هي: الكف عمن قال لا إله إلا الله، والثانية: الجهاد ماض... إلى آخره، والثالثة: الإيمان بالأقدار.

والخروج على الإمام محرم؛ لقول عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان متفق عليه - ومنازعة الأمر أهله يعني الخروج على ولاة الأمور نعم-.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: يكون عليكم أمراء تعرفون وتنكرون، فمن أنكر فقد برأ، ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا، لا ما صلوا -أي من كره بقلبه، وأنكر بقلبه- رواه مسلم

ومن فوائد الحديثين: أن ترك الصلاة كفر بواح؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يجز الخروج على الأئمة إلا بكفر بواح، وجعل المانع من قتالهم فعل الصلاة، فدل على أن تركها مبيح لقتالهم، وقتالهم لا يباح إلا بكفر بواح، كما في حديث عبادة

والكفر البواح يعني الصريح، وهذا من أقوى الأدلة على كفر تارك الصلاة، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أجاز الخروج على ولاة الأمور إذا فعلوا كفرا بواحا، ونهى عن الخروج إذا كانوا يصلون، فدل على أنهم إذا لم يصلوا فقد أتوا كفرا بواحا، نعم.