وأفادك -أيضًا- الخوف العظيم؛ فإنك إذا عرفت أن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه، وقد يقولها وهو جاهل، فلا يعْذر بالجهل، وقد يقولها وهو يظن أنها تقربه إلى الله تعالى -كما ظن المشركون - خصوصًا إنْ ألهمك الله ما قصّ عن قوم موسى -مع صلاحهم وعلمهم- أنهم أتوه قائلين: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ فحينئذ يعظم حرصك وخوفك على ما يخلِّصك من هذا وأمثاله.
الفائدة الثانية: تخاف على نفسك أن تقع فيما وقع فيه غالب الناس من الشرك وأنت لا تشعر، فقد يقول الإنسان كلمة يخرجها من لسانه، وهو لا يظن أن تبلغ ما بلغته، فيكون بها مرتدًّا، كما لو سخِر أو استهزأ بالله، أو بكتابه، أو برسوله، أو بدينه، كما في قصة الجماعة الذين في غزوة تبوك قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه: ما رأينا مثل قرّائنا هؤلاء أرْغَب بطونا ولا أكْذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء. يعني الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فنزلت الآية: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ .
فهؤلاء كفروا بكلمة أخرجوها بألسنتهم.
إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام- إمام الحنفاء، الذي وقف وقوف الجبال الراسيات، أمام عباد الأصنام -من أبيه وقومه- وصمد صمودا عظيما، وصبر صبرا عظيما، حتى ألقوه في النار، وكسر الأصنام بيده -عليه الصلاة والسلام- ورزقه الله أنبياء: إسماعيل وإسحاق ومن سلالة إسماعيل نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومن سلالة إسحاق يعقوب ومن سلالة يعقوب يوسف
يدعو ربه ويقول: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ أي: اجنبني يا الله وبني أن نعبد الأصنام، قال إبراهيم التيمي -رحمه الله-: ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، الخليل إبراهيم الذي كان أمة واحدة، إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا والذي قال الله لنبينا: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ يخاف على نفسه وبنيه من عبادة الأصنام، فكيف نحن لا نخاف؟ ومن نحن بالنسبة لإبراهيم الخليل -على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-؟
مواعيد أكتوبر 2025
الآن 20
هذا اليوم 974
بالامس 4616
لهذا الأسبوع 10163
لهذا الشهر 116566
لهذه السنة 1789412
منذ البدء 16250688
تاريخ البدء 2015/05/05
أعلى إحصائية 18201
بتاريخ 2019/11/14