كشف الشبهات شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 108

شرح كشف الشبهات عذر المكره على كلمة الكفر
الأربعاء 24 شوال 1438 هـ   الموافق لـ : 19 جويلية 2017 م
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

عذر المكره على كلمة الكفر

والآية الثانية قوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ فلم يعذر الله من هؤلاء إلا من أكره مع كون قلبه مطمئنا بالإيمان، وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه، سواء فعله خوفا أو مداراة أو مشحة لوطنه أو أهله أو عشيرته أو ماله أو فعل على وجه المزح أو لغير ذلك من الأغراض إلا المكره.

والآية تدل على هذا من وجهين:
الأول قوله: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ فلم يستثن الله -تعالى- إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لا يكره إلا على العمل أو الكلام وأما عقيدة القلب فلا يكره أحد عليها.
والثاني قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ فصرّح أن هذا الكفر والعذاب لم يكن بسبب الاعتقاد أو الجهل أو البغض للدين أو محبة الكفر، وإنما سببه أن له في ذلك حظا من حظوظ الدنيا، فآثره على الدين، والله -سبحانه وتعالى- أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

هذه الآية أيضا آية عظيمة كما قال المؤلف، يجب على المسلم أن يتدبرها، وهي قول الله -تعالى- في سورة النحل: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ وهي أن من كفر فإنه لا يعذر في الكفر إلا حالة واحدة وهي حالة الإكراه، بشرط أن يكون قلبه مطمئنا بالإيمان، فإذا أكره بأن وضع السيف على رقبته، وقيل له: اكفر وإلا قتلناك، جاز له أن يتكلم بكلمة الكفر، أو يفعل الكفر، أو هدد من إنسان أو سلطان ظالم، بأن يقول كلمة الكفر، وهو قادر على التنفيذ، ثم تكلم بكلمة الكفر أو فعل الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان هذا معذور، بهذا الشرط الأول: الإكراه الثاني: أن يكون قلبه مطمئنا بالإيمان.

فإن انشرح صدره للكفر كفر ولو أكره، أما غير المكره فلا يكون معذورا، إذا كان في حالة سعة، ثم تكلم بكلمة الكفر كفر، وإذا كان خائفا، لكن لم يكره فلا يكون معذورا، متى يكون معذورا؟ في حالة الإكراه فقط بشرط أن يكون قلبه مطمئنا بالإيمان، فإن لم يطمئن قلبه بالإيمان وانشرح صدره بالكفر كفر حتى مع الإكراه.

والآية تدل على هذا من وجهين:
الوجه الأول: أن الله قال: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ فلم يستثن إلا المكره، فغير المكره كالخائف وغير الخائف لا يكون معذورا، والحالة الثانية قوله: وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ .
الأمر الثاني يقول: ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ بين أن كفرهم ليس عن جهل، ولا عن اعتقاد ولا عن بغض للدين، وإنما الذي حملهم على ذلك أن لهم حظا من حظوظ الدنيا، ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ .

الأمر جد خطير، كون الإنسان يتكلم بكلمة الكفر أو يعمل الكفر لا يكون معذورا حتى ولو كان خائفا، لا يكون معذورا في أي حالة من الحالات إلا في حالة الإكراه، ومعلوم أن الإنسان لا يكره إلا على الكلام، أو على العمل، لكن ما يكره على عقيدة القلب، عقيدة القلب لا يقدر عليها أحد إلا الله -سبحانه وتعالى-، فإذا أكره، تكلم بكلمة الكفر نعم يكره باللسان أو يكره على العمل فعقيدة القلب لا يملكها إلا الله، فإذ أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ومنشرح بالإيمان فالحمد لله لا يضر هذا أما إذا انشرح صدره بالكفر كفر حتى مع الإكراه.

فإذا تكلم بكلمة الكفر لا من أجل الإكراه بل من أجل الشح بأهله أو الشح بوطنه، أو الشح بماله، أو الشح بعشيرته كفر ولا يكون معذورا؛ لأنه لم يأت الاستثناء إلا في هذه الصورة لا بد من الأمرين: الإكراه واطمئنان القلب بالإيمان فإذا تخلف واحد منهما فلا يكون، إذا أكره ولم يطمئن قلبه بالإيمان كفر، إذا اطمئن قلبه بالإيمان، ولكن تكلم بكلمة الكفر لا عن إكراه كفر.