اقتضاء الصراط المستقيم شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين الدرس 59

شرح اقتضاء الصراط المستقيم الدرس التاسع والخمسون
الخميس 4 جوان 2015    الموافق لـ : 16 شعبان 1436
تحميل الشريط

عناصر الشريط

  1. ما حكم عقد الإجارة إذا لم يعلم العوض ؟
  2. هل يشرع للرجل أن يضر أولاده وأهله ليقدم والديه ؟
  3. أيهما أفضل من خاف الله ابتداء أم من خافه بعد العقوبة ؟
  4. هل يجوز للرجل ذكر عمله الصالح لبعض الناس تشجيعا لهم ؟
  5. ما حكم التوسل بالعمل الصالح ؟
  6. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " فسؤال الله والتوسل إليه بامتثال أمره ، واجتناب نهيه ، وفعل ما يحبه ، والعبودية والطاعة ، هو من جنس فعل ذلك ؛ رجاء لرحمة الله ، وخوفا من عذابه ، وسؤال الله بأسمائه وصفاته كقوله : " أسألك بأن لك الحمد أنت الله المنان بديع السماوات والأرض " ، و " بأنك أنت الله الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد " ونحو ذلك يكون من باب التسبب ، فإن كون المحمود المنان يقتضي منته على عباده ، وإحسانه الذي يحمده عليه . وكونه الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد يقتضي توحده في صمديته ، فيكون هو السيد المقصود ، الذي يصمد الناس إليه في كل حوائجهم ، المستغني عما سواه ، وكل ما سواه مفتقرون إليه لا غنى بهم عنه ، وهذا سبب لقضاء المطلوبات ، وقد يتضمن معنى ذلك : الإقسام عليه بأسمائه وصفاته .
  7. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأما قوله في حديث أبي سعيد : " أسألك بحق السائلين عليك ، وبحق ممشاي هذا " ، فهذا الحديث رواه عطية العوفي ، وفيه ضعف . لكن بتقدير ثبوته : هو من هذا الباب ، فإن حق السائلين عليه سبحانه ، أن يجيبهم ، وحق المطيعين له أن يثيبهم ، فالسؤال له ، والطاعة سبب لحصول إجابته وإثابته ، فهو من التوسل به ، والتوجه به ، والتسبب به ، ولو قدر أنه قسم لكان قسما بما هو من صفاته ؛ لأن إجابته وإثابته من أفعاله وأقواله . فصار هذا كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " والاستعاذة لا تصح بمخلوق ، كما نص عليه الإمام أحمد وغيره من الأئمة ، وذلك مما استدلوا به على أن كلام الله غير مخلوق ، ولأنه قد ثبت في الصحيح وغيره ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يقول " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " قالوا : والاستعاذة لا تكون بمخلوق ، فأورد بعض الناس لفظ ( المعافاة ) فقال جمهور أهل السنة : المعافاة من الأفعال ، وجمهور المسلمين من أهل السنة وغيرهم يقولون : إن أفعال الله قائمة به ، وأن الخالق ليس هو المخلوق ، وعلى هذا جمهور أصحاب أحمد والشافعي ومالك ، وهو قول أصحاب أبي حنيفة ، وقول عامة أهل الحديث ، والصوفية ، وطوائف من أهل الكلام والفلسفة .
  8. كلام مهم حول قبول الحق ممن قاله ورد الباطل ممن قاله ولو كان المحق والمبطل مهما كان .
  9. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وبهذا يحصل الجواب عما أوردته المعتزلة ونحوهم من الجهمية نقضا . فإن أهل الإثبات ، من أهل الحديث وعامة المتكلمة الصفاتية : من الكلابية والأشعرية والكرامية وغيرهم ، استدلوا على أن كلام الله غير مخلوق ، فإن الصفة إذا قامت بمحل ؛ عاد حكمها على ذلك المحل لا على غيره ، واتصف به ذلك المحل لا غيره ، فإذا خلق الله لمحل علما أو قدرة أو حركة ، أو نحو ذلك ؛ كان هو العالم به القادر به ، المتحرك به ، ولم يجز أن يقال : إن الرب المتحرك بتلك الحركة ، ولا هو العالم القادر بالعلم والقدرة المخلوقين ، بل بما قام به من العلم والقدرة . قالوا : فلو كان قد خلق كلاما في غيره ، كالشجرة التي نادى منها موسى ؛ لكانت الشجرة هي المتصفة بذلك الكلام ، فتكون الشجرة هي القائلة لموسى : { إنني أنا الله } ولكان ما يخلقه الله من : إنطاق الجلود والأيدي وتسبيح الحصى وتأويب الجبال في ، وغير ذلك ، كلاما له كالقرآن والتوراة والإنجيل ، بل كان كل كلام في الوجود كلامه ؛ لأنه خالق كل شيء ، وهذا قد التزمه مثل صاحب ( الفصوص ) وأمثاله من هؤلاء الجهمية الحلولية الاتحادية . فأوردت المعتزلة صفات الأفعال : كالعدل والإحسان ، فإنه يقال : إنه عادل محسن بعدل خلقه في غيره ، وإحسان خلقه في غيره ، فأشكل ذلك على من يقول : ليس لله فعل قائم به ، بل فعله هو المفعول المنفصل عنه ، وليس خلقه إلا مخلوقه . وأما من طرد القاعدة وقال أيضا : إن الأفعال قائمة به ، ولكن المفعولات المخلوقة هي المنفصلة عنه ، وفرق بين الخلق والمخلوق ، فاطرد دليله واستقام .
  10. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " والمقصود هنا: أن استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم بعفوه ومعافاته من عقوبته ، - مع أنه لا يستعاذ بمخلوق - كسؤال الله بإجابته وإثابته ، وإن كان لا يسأل بمخلوق . ومن قال من العلماء : لا يسأل إلا به ، لا ينافي السؤال بصفاته ، كما أن الحلف لا يشرع إلا بالله ، كما ثبت في الحديث الصحيح ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " ، وفي لفظ للترمذي : " من حلف بغير الله فقد أشرك " قال الترمذي : " حديث حسن " ومع هذا ، فالحلف بعزة الله ، ولعمر الله ، ونحو ذلك مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الحلف به ، لم يدخل في الحلف بغير الله ؛ لأن لفظ ( الغير ) قد يراد به المباين المنفصل "
  11. هل شيخ الإسلام يأخذ بالأحاديث الضعيفة ؟
  12. هل لفظة " لعمري " و " وأبيه " تعد قسما بغير الله ؟
  13. هل يمكن أن يستدل على مسألة واحدة بعدة أدلة ؟
  14. ما معنى قوله تعالى: " لا يمسه إلى المطهرون " وهل يستدل به على منع مسح المصحف لغير المتطهر ؟
  15. هل يجوز التوسل بالشهادتين ؟
  16. هل يجوز الحلف بغضب الله ؟
  17. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ومع هذا فالحلف بعزة الله ، ولعمر الله ، ونحو ذلك مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الحلف به ، لم يدخل في الحلف بغير الله ؛ لأن لفظ ( الغير ) قد يراد به المباين المنفصل ، ولهذا لم يطلق السلف وسائر الأئمة على القرآن وسائر صفات الله ، أنها غيره ، ولم يطلقوا عليه أنها ليست غيره ؛ لأن لفظ ( الغير ) فيه إجمال ، قد يراد به : المباين المنفصل ؛ فلا يكون صفة الموصوف أو بعضه داخلا في لفظ : الغير . وقد يراد به : ما يمكن تصوره ، دون تصور ما هو غير له ؛ فيكون غيرا بهذا الاصطلاح . ولهذا تنازع أهل النظر في مسمى : ( الغير ) والنزاع في ذلك لفظي ، ولكن بسبب ذلك حصلت في مسائل الصفات من الشبهات ما لا ينجلي إلا بمعرفة ما وقع في الألفاظ من الاشتراك والإبهامات ، كما قد بسط في غير هذا الموضع . ولهذا يفرق بين قول القائل: الصفات غير الذات ، وبين قوله : صفات الله غير الله ، فإن الثاني باطل ؛ لأن مسمى اسم ( الله ) يدخل فيه صفاته ، بخلاف مسمى ( الذات ) فإنه لا يدخل فيه الصفات ، ولهذا لا يقال : صفات الله زائدة عليه سبحانه ، وإن قيل : الصفات زائدة على الذات ؛ لأن المراد أنها هي زائدة على ما أثبته المثبتون من الذات المجردة ، والله تعالى هو الذات الموصوفة بصفاته اللازمة ، فليس اسم الله متناولا لذات مجردة عن الصفات أصلا ، ولا يمكن وجود ذلك ، ولهذا قال أحمد رحمه الله في مناظرته للجهمية : لا نقول : الله وعلمه ، والله وقدرته ، والله ونوره ، ولكن نقول : الله بعلمه وقدرته ونوره : هو إله واحد . وقد بسط هذا في غير هذا الموضع .
  18. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأما قول الناس : أسألك بالله وبالرحم ، وقراءة من قرأ : ( تساءلون به والأرحام ) فهو من باب التسبب بها ، فإن الرحم توجب الصلة ، وتقتضي أن يصل الإنسان قرابته ، فسؤال السائل بالرحم لغيره ، يتوسل إليه بما يوجب صلته : من القرابة التي بينهما ، ليس هو من باب الإقسام ، ولا من باب التوسل بما لا يقتضي المطلوب ، بل هو توسل بما يقتضي المطلوب ، كالتوسل بدعاء الأنبياء ، وبطاعتهم ، والصلاة عليهم . ومن هذا الباب : ما يروى عن عبد الله بن جعفر أنه قال : " كنت إذا سألت عليا رضي الله عنه شيئا فلم يعطنيه ، قلت له : بحق جعفر إلا ما أعطيتنيه فيعطينيه " أو كما قال . فإن بعض الناس ظن أن هذا من باب الإقسام عليه بجعفر ، أو من باب قولهم : أسألك بحق أنبيائك ، ونحو ذلك وليس كذلك ، بل جعفر هو أخو علي ، وعبد الله هو ابنه ، وله عليه حق الصلة ، فصلة عبد الله صلة لأبيه جعفر ، كما في الحديث : " إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي " ، وقوله : " إن من برهما بعد موتهما : الدعاء لهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وصلة رحمك التي لا رحم لك إلا من قبلهما " . ولو كان هذا من الباب الذي ظنوه ؛ لكان سؤاله لعلي بحق النبي وإبراهيم الخليل ونحوهما ، أولى من سؤاله بحق جعفر ، فكان علي إلى تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته وإجابة السائل به أسرع منه إلى إجابة السائل بغيره . لكن بين المعنيين فرق ، فإن السائل بالنبي ، طالب به متسبب به ، فإن لم يكن في ذلك السبب ما يقتضي حصول مطلوبه ، ولا كان يسأل ما به ، لكان باطلا . وإقسام الإنسان على غيره بشيء يكون من باب تعظيم المقسم للمقسم به ، وهذا هو الذي جاء به الحديث من الأمر بإبرار القسم ، وفي مثل هذا قيل : " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " ، وقد يكون من باب تعظيم المسؤول به . فالأول يشبه ما ذكره الفقهاء في الحلف الذي يقصد به الحض والمنع ، والثاني : سؤال للمسؤول بما عنده من محبة المسؤول به وتعظيمه ورعاية حقه . فإن كان ذلك مما يقتضي حصول مقصود السائل ، حسن السؤال ، كسؤال الإنسان بالرحم وفي هذا سؤال الله بالأعمال الصالحة ، وبدعاء أنبيائه وشفاعتهم . وأما بمجرد الأنبياء والصالحين ، ومحبة الله لهم وتعظيمه لهم ، ورعايته لحقوقهم التي أنعم الله بها ، فليس فيها ما يوجب حصول مقصود السائل إلا بسبب بين السائل وبينهم ، إما محبتهم وطاعتهم فيثاب على ذلك ، وإما دعاؤهم له فيستجيب الله شفاعتهم فيه . فالتوسل بالأنبياء والصالحين يكون بأمرين : إما بطاعتهم واتباعهم ، وإما بدعائهم وشفاعتهم . فمجرد دعائه بهم من غير طاعة منه لهم ، ولا شفاعة منهم له ، فلا ينفعه ، وإن عظم جاه أحدهم عند الله تعالى . وقد بسطت هذه المسائل في غير هذا الموضع . والمقصود هنا : أنه إذا كان السلف والأئمة قالوا في سؤاله بالمخلوق ما قد ذكر ، فكيف بسؤال المخلوق الميت ؟ سواء سئل أن يسأل الله أو سئل قضاء الحاجة ، ونحو ذلك ، مما يفعله بعض الناس ، إما عند قبر الميت ، وإما مع غيبته ، وصاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم حسم المادة وسد الذريعة ، بلعنه من يتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد ، وأن لا يصلى عندها لله ، ولا يسأل إلا الله ، وحذر أمته ذلك . فكيف إذا وقع نفس المحذور من الشرك، وأسباب الشرك ؟ وقد تقدم الكلام على الصلاة عند القبور ، واتخاذها مساجد .
  19. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقد تبين أن أحدا من السلف لم يكن يفعل ذلك ، إلا ما نقل عن ابن عمر " أنه كان يتحرى النزول في المواضع التي نزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة في المواضع التي صلى فيها ، حتى إن " النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وصب فضل وضوئه في أصل شجرة " . ففعل ابن عمر ذلك " وهذا من ابن عمر تحر لمثل فعله ، فإنه قصد أن يفعل مثل فعله ، في نزوله وصلاته ، وصبه للماء وغير ذلك ، لم يقصد ابن عمر الصلاة والدعاء في المواضع التي نزلها . والكلام هنا في ثلاث مسائل : إحداها : أن التأسي به في صورة الفعل الذي فعله ، من غير أن يعلم قصده فيه ، أو مع عدم السبب الذي فعله ، فهذا فيه نزاع مشهور ، وابن عمر مع طائفة يقولون بأحد القولين ، وغيرهم يخالفهم في ذلك ، والغالب والمعروف عن المهاجرين والأنصار أنهم لم يكونوا يفعلون كفعل ابن عمر رضي الله عنهم وليس هذا مما نحن فيه الآن . ومن هذا الباب : أنه لو تحرى رجل في سفره أن يصلي في مكان نزل فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وصلى فيه ، إذا جاء وقت الصلاة ؛ فهذا من هذا القبيل . المسألة الثانية : أن يتحرى تلك البقعة للصلاة عندها من غير أن يكون ذلك وقتا للصلاة ، بل أراد أن ينشئ الصلاة والدعاء لأجل البقعة ، فهذا لم ينقل عن ابن عمر ولا غيره ، وإن ادعى بعض الناس أن ابن عمر فعله ، فقد ثبت عن أبيه عمر أنه نهى عن ذلك ، وتواتر عن المهاجرين والأنصار : أنهم لم يكونوا يفعلون ذلك ؛ فيمتنع أن يكون فعل ابن عمر - لو فعل ذلك - حجة على أبيه ، وعلى المهاجرين والأنصار . والمسألة الثالثة : أن لا تكون تلك البقعة في طريقه ، بل يعدل عن طريقه إليها ، أو يسافر إليها سفرا قصيرا أو طويلا ، مثل من يذهب إلى حراء ليصلي فيه ويدعو ، أو يذهب إلى الطور الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام ليصلي فيه ويدعو ، أو يسافر إلى غير هذه الأمكنة من الجبال وغير الجبال ، التي يقال : فيها مقامات الأنبياء أو غيرهم ، أو مشهد مبني على أثر نبي من الأنبياء ، مثل ما كان مبنيا على نعله ومثل ما في جبل قاسيون ، وجبل الفتح ، وجبل طورزيتا الذي ببيت المقدس ، ونحو هذه البقاع . فهذا ما يعلم كل من كان عالما بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال أصحابه من بعده ، أنهم لم يكونوا يقصدون شيئا من هذه الأمكنة ، فإن جبل حراء الذي هو أطول جبل بمكة ، كانت قريش تنتابه قبل الإسلام وتتعبد هناك ، ولهذا قال أبو طالب في شعره : وراق ليرقى في حراء ونازل ...