اقتضاء الصراط المستقيم شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين الدرس 63

شرح اقتضاء الصراط المستقيم الدرس الثالث والستون
الخميس 4 جوان 2015    الموافق لـ : 16 شعبان 1436
تحميل الشريط

عناصر الشريط

  1. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأما من علق قلبه بأحد من المخلوقين ، يرجوه ويخافه ؛ فهذا من أبعد الناس عن الشفاعة . فشفاعة المخلوق عند المخلوق تكون بإعانة الشافع للمشفوع له ، بغير إذن المشفوع عنده ، بل يشفع إما لحاجة المشفوع عنده إليه ، وإما لخوفه منه ، فيحتاج أن يقبل شفاعته . والله تعالى غني عن العالمين ، وهو وحده سبحانه يدبر العالمين كلهم ، فما من شفيع إلا من بعد إذنه ، فهو الذي يأذن للشفيع في الشفاعة ، وهو يقبل شفاعته ، كما يلهم الداعي الدعاء ، ثم يجيب دعاءه ، فالأمر كله له . فإذا كان العبد يرجو شفيعا من المخلوقين ، فقد لا يختار ذلك الشفيع أن يشفع له ، وإن اختار فقد لا يأذن الله له في الشفاعة ، ولا يقبل شفاعته . وأفضل الخلق : محمد ثم إبراهيم صلى الله عليهما وسلم. وقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لعمه أبي طالب ، بعد أن قال : " لأستغفرن لك ما لم أنه عنك " ، وقد صلى على المنافقين ودعا لهم ، فقيل له : { ولا تصل على أحدٍ منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره } ، وقيل له أولا : { إن تستغفر لهم سبعين مرةً فلن يغفر الله لهم } . فقال : " لو أعلم أني لو زدت على السبعين يغفر لهم لزدت " ، فأنزل الله : { سواءٌ عليهم أأستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم } . وإبراهيم وقال تعالى : { فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوطٍ. إن إبراهيم لحليمٌ أواهٌ منيبٌ. يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذابٌ غير مردودٍ } . ولما استغفر إبراهيم عليه السلام لأبيه، بعد وعده بقوله: { ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب } . قال تعالى: { قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك } . وقال تعالى: { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إياه فلما تبين له أنه عدوٌ لله تبرأ منه }
  2. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " والله سبحانه له حقوق لا يشركه فيها غيره ، وللرسل حقوق لا يشركهم فيها غيرهم ، وللمؤمنين بعضهم على بعض حقوق مشتركة ؛ ففي الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لي : " يا معاذ ، أتدري ما حق الله على عباده . ؟ " . قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : " حقه عليهم : أن يعبدوه لا يشركوا به شيئا . يا معاذ ، أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك ؟ " . قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : " حقهم عليه أن لا يعذبهم " . فالله تعالى مستحق أن نعبده لا نشرك به شيئا ، وهذا هو أصل التوحيد الذي بعثت به الرسل ، وأنزلت به الكتب ، قال الله تعالى { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهةً يعبدون } وقال تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } ، وقال تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولًا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } . ويدخل في ذلك أن لا نخاف إلا إياه ، ولا نتقي إلا إياه ، كما قال تعالى : { ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون } . فجعل الطاعة لله وللرسول ، وجعل الخشية والتقوى لله وحده . وكذلك قال تعالى : { ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون } . فجعل الإيتاء لله وللرسول . كما قال تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ، فالحلال ما حلله الرسول ، والحرام : ما حرمه الرسول ، والدين : ما شرعه الرسول . وجعل التحسب بالله وحده ، فقال تعالى : { وقالوا حسبنا الله } ، ولم يقل ورسوله . كما قال تعالى : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } . وقال تعالى : { يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين } ، أي حسبك وحسب من اتبعك : الله ، فهو وحده كافيكم ، ومن ظن أن معناها : حسبك الله والمؤمنون ، فقد غلط غلطا عظيما من وجوه كثيرة مبسوطة في غير هذا الموضع . ثم قال : { وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله } ، فجعل الفضل لله ، وذكر الرسول في الإيتاء ، لأنه لا يباح إلا ما أباحه الرسول ، فليس لأحد أن يأخذ ما تيسر له إن لم يكن مباحا في الشريعة . ثم قال : { إنا إلى الله راغبون } ، فجعل الرغبة إلى الله وحده ، دون ما سواه ؛ كما قال : { فإذا فرغت فانصب. وإلى ربك فارغب } ، فأمر بالرغبة إليه .
  3. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ولم يأمر الله قط مخلوقا أن يسأل مخلوقا ، وإن كان قد أباح في موضع من المواضع ذلك ، لكنه لم يأمر به ، بل الأفضل للعبد أن لا يسأل قط إلا الله . كما ثبت في الصحيح في صفة الذين يدخلون الجنة بغير حساب : " هم الذين لا يسترقون ، ولا يكتوون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " فجعل من صفاتهم أنهم لا يسترقون : أي لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم ، ولم يقل : لا يرقون . وإن كان ذلك قد روي في بعض طرق مسلم فهو غلط ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رقى نفسه وغيره ، لكنه لم يسترق ، فالمسترقي طالب للدعاء من غيره ؛ بخلاف الراقي غيره ، فإنه داع له .
  4. تنبيه على شذوذ رواية مسلم :" لا يرقون ولا يسترقون "
  5. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " فإن النبي صلى الله عليه وسلم رقى نفسه وغيره ، لكنه لم يسترق ، فالمسترقي طالب للدعاء من غيره ؛ بخلاف الراقي غيره ، فإنه داع له . وقد قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس : " إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله " فهو الذي يتوكل عليه ، ويستعان به ، ويستغاث به ويخاف ويرجى ، ويعبد وتنيب القلوب إليه ، لا حول ولا قوة إلا به ، ولا ملجأ منه إلا إليه ، والقرآن كله يحقق هذا الأصل . والرسول صلى الله عليه وسلم يطاع ويحب ويرضى ، ويسلم إليه حكمه ، ويعزر ، ويوقر ، ويتبع ، ويؤمن به وبما جاء به ، قال تعالى : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } . وقال تعالى : { وما أرسلنا من رسولٍ إلا ليطاع بإذن الله } . وقال تعالى : { والله ورسوله أحق أن يرضوه } . وقال تعالى : { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم } إلى قوله : { أحب إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره } . وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاث من كن فيه وجد حلاة الإيمان : من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار " .
  6. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقال : " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " . وقال له عمر : يا رسول الله ، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، قال : " لا يا عمر ، حتى أكون أحب إليك من نفسك " . قال : فلأنت أحب إلي من نفسي ، قال " الآن يا عمر " . وقال تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم }
  7. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقال تعالى : { إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا. لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه } ، أي : الرسول خاصة { وتسبحوه بكرةً وأصيلًا } ، أي : تسبحوا الله تعالى . فالإيمان بالله والرسول ، والتعزير والتوقير للرسول ، والتسبيح لله وحده . وهذا الأصل مبسوط في غير هذا الموضع . وقد بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بتحقيق التوحيد وتجريده ، ونفي الشرك بكل وجه ، حتى في الألفاظ ، كقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يقولن أحدكم : ما شاء الله وشاء محمد ، بل : ما شاء الله ثم شاء محمد " ، وقال له رجل : ما شاء الله وشئت ، فقال : " أجعلتني لله ندا ؟ بل : ما شاء الله وحده ".
  8. ينبغي للداعية أنه إذا بين للناس ما نهى الله عنه يبين لهم ما أباح الله لهم، وبيان فائدة ذلك .
  9. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " والعبادات التي شرعها الله كلها تتضمن إخلاص الدين كله لله ، تحقيقا لقوله تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة } ، فالصلاة لله وحده ، والصدقة لله وحده ، والصيام لله وحده ، والحج لله وحده ، وإلى بيت الله وحده ؛ فالمقصود من الحج : عبادة الله وحده في البقاع التي أمر الله بعبادته فيها ، ولهذا كان الحج شعار الحنيفية ، حتى قال طائفة من السلف : " حنفاء لله ، أي حجاجا " ، فإن اليهود والنصارى لا يحجون البيت . قال طائفة من السلف : لما أنزل الله تعالى : { ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه } . قالت اليهود والنصارى: نحن مسلمون، فأنزل الله تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا } . فقالوا : لا نحج ؟ فقال تعالى { ومن كفر فإن الله غنيٌ عن العالمين } ، وقوله تعالى : { ومن يبتغ غير الإسلام دينًا } عام في الأولين والآخرين ، فإن دين الإسلام هو دين الله الذي عليه أنبياؤه ، وعباده المؤمنون ، كما ذكر الله ذلك في كتابه من أول رسول بعثه إلى أهل الأرض : نوح ، وإبراهيم ، وإسرائيل ، وموسى ، وسليمان ، وغيرهم من الأنبياء والمؤمنين . قال الله تعالى في حق نوح : { واتل عليهم نبأ نوحٍ إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمةً ثم اقضوا إلي ولا تنظرون. فإن توليتم فما سألتكم من أجرٍ إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين }.
  10. هل يجوز التفدية لغير النبي صلى الله عليه وسلم ؟
  11. هل يجوز لطالب العلم أن يفدي بنفسه العالم الرباني ؟
  12. هل تقديم محبة النبي صلى الله عليه وسلم على النفس والأهل والولد هو من كمال الإيمان الواجب أو كمال الإيمان المستحب ؟
  13. سؤال حول صلاة الفاتح عند التيجانية .
  14. ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " . وقال له عمر : يا رسول الله ، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، قال : " لا يا عمر ، حتى أكون أحب إليك من نفسك " . قال : فلأنت أحب إلي من نفسي ، قال " الآن يا عمر " ؟
  15. بيان معنى الإسلام وأنه دين كل نبي .
  16. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقال تعالى في إبراهيم وإسرائيل: { ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين. إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين }. وقال تعالى عن يوسف: { رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين } . وقال تعالى عن موسى وقومه : { وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين } . وقال في أنبياء بني إسرائيل: { إنا أنزلنا التوراة فيها هدًى ونورٌ يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله } . وقال تعالى عن بلقيس: { رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين } . وقال تعالى عن أمة عيسى: { وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون }. وقال تعالى: { ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين }. وقال تعالى: { ومن أحسن دينًا ممن أسلم وجهه لله وهو محسنٌ واتبع ملة إبراهيم حنيفًا واتخذ الله إبراهيم خليلًا }. وقال تعالى: { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. بلى من أسلم وجهه لله وهو محسنٌ فله أجره عند ربه ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون }.
  17. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقد فسر إسلام الوجه لله بما يتضمن: إخلاص قصده لله ، وهو محسن بالعمل الصالح المأمور به ، وهذان الأصلان جماع الدين : أن لا نعبد إلا الله ، وأن نعبده بما شرع ، لا نعبده بالبدع . وقال تعالى: { فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا } . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في دعائه: " اللهم اجعل عملي كله صالحا ، واجعله لوجهك خالصا ، ولا تجعل لأحد فيه شيئا " . وقال الفضيل بن عياض في قوله تعالى : { ليبلوكم أيكم أحسن عملًا } . قال : " أخلصه وأصوبه " . قالوا : يا أبا علي ، ما أخلصه وأصوبه ؟ قال : " إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل ، حتى يكون خالصا صوابا ، والخالص : أن يكون لله ، والصواب : أن يكون على السنة " .