العقيدة الطحاوية شرح الشيخ محمد أمان بن علي الجامي الدرس 44

شرح العقيدة الطحاوية الدرس الرابع والأربعون
الخميس 4 جوان 2015    الموافق لـ : 16 شعبان 1436
تحميل الشريط

عناصر الشريط

  1. تتمة التعليق على قوله في شرح الطحاوية " .... ولفظ" الملك "يشعر بأنه رسول منفذ لأمر مرسله، فليس لهم من الأمر شيء، بل الأمر كله لله الواحد القهار، وهم ينفذون أمره: (( لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ))، (( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم )) ، (( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون )) ، (( يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون )) فهم عباد مكرمون، منهم الصافون، ومنهم المسبحون، ليس منهم إلا له مقام معلوم، ولا يتخطاه، وهو على عمل قد أمر به. لا يقصر عنه ولا يتعداه، وأعلاهم الذين عنده: (( لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون )) ...".
  2. قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... ورؤساؤهم الأملاك الثلاثة: جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، الموكلون بالحياة، فجبريل موكل بالوحي الذي به حياة القلوب والأرواح، وميكائيل موكل بالقطر الذي به حياة الأرض والنبات والحيوان، وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور الذي به حياة الخلق بعد مماتهم. فهم رسل الله في خلقه وأمره، وسفراؤه بينه وبين عباده، ينزلون الأمر من عنده في أقطار العالم، ويصعدون إليه بالأمر، قد أطت السماوات بهم، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك قائم أو راكع أو ساجد لله، ويدخل البيت المعمور منهم كل يوم سبعون ألفا لا يعودون إليه آخر ما عليهم. والقرآن مملوء بذكر الملائكة وأصنافهم ومراتبهم، فتارة يقرن الله تعالى اسمه باسمهم، وصلاته بصلاتهم، ويضيفهم إليه في مواضع التشريف، وتارة يذكر حفهم بالعرش وحملهم له، وبراءتهم من الدنو، وتارة يصفهم بالإكرام والكرم، والتقريب والعلو والطهارة والقوة والإخلاص. قال تعالى: (( كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله )) ، وقال (( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم )) ، وقال (( هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور )) ، وقال ((الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا )) وقال (( وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم )) ، وقال تعالى (( بل عباد مكرمون )) ، وقال (( إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون )) ، وقال تعالى (( فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون )) ، وقال (( كراما كاتبين )) ، (( كرام بررة )) ،(( يشهده المقربون )) ، (( لا يسمعون إلى الملإ الأعلى )) . وكذلك الأحاديث طافحة بذكرهم. فلهذا كان الإيمان بالملائكة أحد الأصول الخمسة التي هي أركان الإيمان. وقد تكلم الناس في المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر، وينسب إلى أهل السنة تفضيل صالحي البشر والأنبياء فقط على الملائكة، وإلى المعتزلة تفضيل الملائكة، وأتباع الأشعري على قولين: منهم من يفضل الأنبياء والأولياء، ومنهم من يقف ولا يقطع في ذلك قولا. وحكي عن بعضهم ميلهم إلى تفضيل الملائكة. وحكي ذلك عن غيرهم من أهل السنة وبعض الصوفية. وقالت الشيعة: إن جميع الأئمة أفضل من جميع الملائكة. ومن الناس من فصل تفصيلا آخر. ولم يقل أحد ممن له قول يؤثر إن الملائكة أفضل من بعض الأنبياء دون بعض. وكنت ترددت في الكلام على هذه المسألة، لقلة ثمرتها، وأنها قريب مما لا يعني، و ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) . والشيخ رحمه الله لم يتعرض إلى هذه المسألة بنفي ولا إثبات، ولعله يكون قد ترك الكلام فيها قصدا، فإن الإمام أبا حنيفة رحمه الله وقف في الجواب عنها على ما ذكره في" مآل الفتاوى " ، فإنه ذكر مسائل لم يقطع أبو حنيفة فيها بجواب، وعد منها: التفضيل بين الملائكة والأنبياء. وهذا هو الحق، فإن الواجب علينا الإيمان بالملائكة )) ، (( وما كان ربك نسيا )) .. وفي الصحيح : ( إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء - رحمة بكم غير نسيان - فلا تسألوا عنها ) . فالسكوت عن الكلام في هذه المسألة نفيا وإثباتا والحالة هذه أولى. ولا يقال: إن هذه المسألة نظير غيرها من المسائل المستنبطة من الكتاب والسنة؛ لأن الأدلة هنا متكافئة، على ما أشير إليه، إن شاء الله تعالى. وحملني على بسط الكلام هنا: أن بعض الجاهلين يسيئون الأدب بقولهم: كان الملك خادما للنبي صلى الله عليه وسلم ! أو: أن بعض الملائكة خدام بني آدم !! يعنون الملائكة الموكلين بالبشر، ونحو ذلك من الألفاظ المخالفة للشرع، المجانبة للأدب، والتفضيل إذا كان على وجه التنقص أو الحمية والعصبية للجنس -: لا شك في رده، وليس هذه المسألة نظير المفاضلة بين الأنبياء، فإن تلك قد وجد فيها نص، وهو قوله تعالى: (( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض )) ، الآية، وقوله تعالى: (( ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض )). وقد تقدم الكلام في ذلك عند قول الشيخ:" وسيد المرسلين "، يعني النبي صلى الله عليه وسلم. والمعتبر رجحان الدليل، ولا يهجر القول لأن بعض أهل الأهواء وافق عليه، بعد أن تكون المسألة مختلفا فيها بين أهل السنة. وقد كان أبو حنيفة رضي الله عنه يقول أولا بتفضيل الملائكة على البشر، ثم قال بعكسه، والظاهر أن القول بالتوقف أحد أقواله. والأدلة في هذه المسألة من الجانبين إنما تدل على الفضل، لا على الأفضلية، ولا نزاع في ذلك. وللشيخ تاج الدين الفزاري رحمه الله مصنف سماه" الإشارة في البشارة "في تفضيل البشر على الملك، قال في آخره: اعلم أن هذه المسألة من بدع علم الكلام، التي لم يتكلم فيها الصدر الأول من الأمة، ولا من بعدهم من أعلام الأئمة، ولا يتوقف عليها أصل من أصول العقائد، ولا يتعلق بها من الأمور الدينية كثير من المقاصد. ولهذا خلا عنها طائفة من مصنفات هذا الشأن، وامتنع من الكلام فيها جماعة من الأعيان، وكل متكلم فيها من علماء الظاهر بعلمه، لم يخل كلامه عن ضعف واضطراب. انتهى، والله الموفق للصواب..." مع تعليق الشيخ.
  3. تعليق الشيخ على ما تقدم قراءته من الشرح : " ... وأما الأنبياء والمرسلون، فعلينا الإيمان بمن سمى الله تعالى في كتابه من رسله، والإيمان بأن الله تعالى أرسل رسلا سواهم وأنبياء، لا يعلم أسماءهم وعددهم إلا الله تعالى الذي أرسلهم. فعلينا الإيمان بهم جملة؛ لأنه لم يأت في عددهم نص. وقد قال تعالى: (( ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك )) . وقال تعالى: (( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك )) . وعلينا الإيمان بأنهم بلغوا جميع ما أرسلوا به، على ما أمرهم الله به، وأنهم بينوه بيانا لا يسع أحدا ممن أرسلوا إليه جهله، ولا يحل خلافه. قال تعالى: (( فهل على الرسل إلا البلاغ المبين )) . (( فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين )) . (( وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين )) . (( وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين )) . وأما أولو العزم من الرسل فقد قيل فيهم أقوال أحسنها: ما نقله البغوي وغيره عن ابن عباس وقتادة: أنهم نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى ومحمد، صلوات الله وسلامه عليهم. قال: وهم المذكورون في قوله تعالى: (( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم )) . وفي قوله تعالى: (( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله )) ...".
  4. قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... وأما الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، فتصديقه واتباع ما جاء به من الشرائع إجمالا وتفصيلا. وأما الإيمان بالكتب المنزلة على المرسلين، فنؤمن بما سمى الله تعالى منها في كتابه، من التوراة والإنجيل والزبور، ونؤمن بأن لله تعالى سوى ذلك كتبا أنزلها على أنبيائه، لا يعرف أسماءها وعددها إلا الله تعالى. وأما الإيمان بالقرآن، فالإقرار به، واتباع ما فيه، وذلك أمر زائد على الإيمان بغيره من الكتب. فعلينا الإيمان بأن الكتب المنزلة على رسل الله أتتهم من عند الله، وأنها حق وهدى ونور وبيان وشفاء. قال تعالى: (( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا )) إلى قوله: (( وما أوتي النبيون من ربهم )) ، (( الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) إلى قوله: (( وأنزل الفرقان )) . وقال (( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ))، زقال تعالى (( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )) . إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الله تكلم بها، وأنها نزلت من عنده. وفي ذلك إثبات صفة الكلام والعلو. وقال تعالى: (( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق )) ، وقال (( وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ))، وقال تعالى (( ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق )) ، وقال (( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين )) . (( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء )) . (( فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا )) وأمثال ذلك كثيرة في القرآن ..." مع تعليق الشيخ.
  5. قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... قوله: " ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين، ما داموا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معترفين، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم، له ما لنا وعليه ما علينا ) ويشير الشيخ رحمه الله بهذا الكلام إلى أن الإسلام والإيمان واحد، وأن المسلم لا يخرج من الإسلام بارتكاب الذنب ما لم يستحله. والمراد بقوله:" أهل قبلتنا "، من يدعي الإسلام ويستقبل الكعبة، وإن كان من أهل الأهواء، أو من أهل المعاصي، ما لم يكذب بشيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. وسيأتي الكلام على هذين المعنيين عند قول الشيخ:" ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله ". وعند قوله:" والإسلام والإيمان واحد، وأهله في أصله سواء " ..." مع تعليق الشيخ.
  6. قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... قوله: " ولا نخوض في الله، ولا نماري في دين الله ". يشير الشيخ رحمه الله إلى الكف عن كلام المتكلمين الباطل، وذم علمهم، فإنهم يتكلمون في الإله بغير علم وغير سلطان أتاهم. (( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى )) . وعن أبي حنيفة رحمه الله، أنه قال: لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء، بل يصفه بما وصف به نفسه. وقال بعضهم: الحق سبحانه يقول: من ألزمته القيام مع أسمائي وصفاتي ألزمته الأدب، ومن كشفت له حقيقة ذاتي ألزمته العطب، فاختر الأدب أو العطب. ويشهد لهذا: أنه سبحانه لما كشف للجبل عن ذاته ساخ الجبل وتدكدك ولم يثبت على عظمة الذات. قال الشبلي : الانبساط بالقول مع الحق ترك الأدب. وقوله:" ولا نماري في دين الله ". معناه: لا نخاصم أهل الحق بإلقاء شبهات أهل الأهواء عليهم، التماسا لامترائهم وميلهم؛ لأنه في معنى الدعاء إلى الباطل، وتلبيس الحق، وإفساد دين الإسلام..." مع تعليق الشيخ.