الفائدة: نونيه ابن القيم: في قدوم ركب الإيمان وعسكر القرآن

الإمام : محمد ابن القيم الجوزية شمس الدين

المصدر :

تاريخ النشر:14-06-2020

شاهده :873

قال محمد ابن القيم الجوزية شمس الدين : (

في قدوم ركب الإيمان وعسكر القرآن
***************************
وأتى فريق ثم قال ألا اسمعوا  قد جئتكم من مطلع الإيمان

من أرض طيبة من مهاجر أحمد بالحق والبرهان والتبيان

سافرت في طلب الإله فدلني ال هادي عليه ومحكم القرآن

مع فطرة الرحمن جل جلاله وصريح عقلي فاعقلي ببيان

فتوافق الوحي الصريح وفطرة الـ ـرحمن والمعقول في إيماني

شهدوا بأن الله جل جلاله متفرد بالملك والسلطان

وهو الإله الحق لا معبود إلا وجهه الأعلى العظيم الشان

بل كل معبود سواه فباطل من عرشه حتى الحضيض الداني

وعبادة الرحمن غاية حبه مع ذل عابده هما قطبان

وعليهما فلك العبادة دائر ما دار حتى قامت القطبان

ومداره بالأمر أمر رسوله لا بالهوى والنفس والشيطان

فقيام دين الله بالإخلاص والإ حسان إنهما له أصلان

لم ينج من غضب الإله وناره إلا الذي قامت به الأصلان

والناس بعد فمشرك بإلهه أو ذو ابتداع أو له الوصفان

والله لا يرضى بكثرة فعلنا لكن بأحسنه مع الإيمان

فالعارفون مرادهم إحسانه والجاهلون عموا عن الإحسان

وكذا قد شهدوا بأن الله ذو سمع وذو بصر هما صفتان

وهو العلي يرى ويسمع خلقه من فوق عرش فوق ست ثمان

فيرى دبيب النمل في غسق الدجى ويرى كذلك تقلب الأجفان

وضجيج أصوات العباد بسمعه ولديه لا يتشابه الصوتان

وهو العليم بما يوسوس عبده في نفسه من غير نطق لسان

بل يستوي في علمه الداني مع الـ قاصي وذو الإسرار والإعلان

وهو العليم بما يكون غدا وما قد كان والمعلوم في ذا الآن

وبكل شيء لم يكن لو كان كيـ ـف يكون موجودا لدى الأعيان

وهو القدير فكل شيء فهو مقـ دور له طوعا بلا عصيان

وعموم قدرته تدل بأنه هو خالق الأفعال للحيوان

هي خلقه حقا وأفعال لهم حقا ولا يتناقض الأمران

لكن أهل الجبر والتكذيب با لأقدار ما انفتحت لهم عينان

نظروا بعيني أعور إذ فاتهم نظر البصير وغارت العينان

فحقيقة القدر الذي حار الورى في شأنه هو قدرة الرحمن

وأستحسن ابن عقيل ذا من أحمد لما حكاه عن الرضا الرباني

قال الإمام شفا القلوب بلفظة ذات اختصار وهي ذات بيان

فصل
*****
وله الحياة كمالها فلأجل ذا  ما للمات عليه من سلطان

وكذلك القيّوم من أوصافه ما للمنام لديه من غشيان

وكذاك أوصاف الكمال جميعها ثبتت له ومدارها الوصفان

فمصحح الأوصاف والأفعال والأ سماء حقا ذانك الوصفان

ولأجل ذا جاء الحديث بأنه في آية الكرسي وذي عمران

اسم الإله الأعظم اشتملا على اسـ ـم الحي والقيوم مقترنان

فالكل مرجعها إلى الاسمين يد ري ذاك ذو بصر بهذا الشان

وله الإرادة والكراهة والرضا وله المحبة وهو ذو الاحسان

وله الكمال المطلق العاري عن التـ ـشبيه والتمثيل بالإنسان

وكمال من أعطى الكمال لنفسه أولى وأقدم وهو أعظم شان

أيكون قد أعطى الكمال لنفسه أولى وأقدم أذاك ذو امكان

أيكون إنسان سميعا مبصرا متكلما بمشيئة وبيان

وله الحياة وقدرة وإرادة والعلم بالكلي والأعيان

والله قد أعطاه ذاك ليس هـ ـذا وصفه فاعجب من البهتان

بخلاف نوم العبد ثم جماعة والأكل منه حاجة الأبدان

إذ تلك ملزومات كون العبد محـ ـتاجا وتلك لوازم النقصان

وكذا لوازم كونه جسدا نعم ولوازم الأحداث والإمكان

يتقدس الرحمن جل جلاله عنها وعن أعضاء ذي جسمان

والله ربي لم يزل متكلما وكلامه المسموع بالآذان

صدقا وعدلا أحكمت كلماته طلبا وإخبارا بلا نقصان

ورسوله قد عاذ بالكلمات من لدغ ومن عين ومن شيطان

أيعاذ بالمخلوق حاشاه من الـ إشراك وهو معلم الإيمان

بل عاذ بالكلمات وهي صفاته سبحانه ليست من الأكوان

وكذلك القرآن عين كلامه المـ ـسموع منه حقيقة ببيان

هو قول ربي كله لا بعضه لفظا ومعنى ما هما خلقان

تنزيل رب العالمين وقوله اللفظ والمعنى بلا روغان

لكن أصوات العباد وفعلهم كمدادهم والرق مخلوقان

فالصوت للقاري ولكن الكلا م كلام رب العرش ذي الإحسان

هذا إذا ما كان ثم وساطة كقراءة المخلوق للقرآن

فإذا انتفت تلك الوساطة مثل ما قد كلم المولود من عمران

فهنالك المخلوق نفس السمع لا شيء من المسموع فافهم ذان

هذا مقالة أحمد ومحمد وخصومهم من بعد طائفتان

إحداهما زعمت بأن كلامه خلق له ألفاظه ومعاني

والآخرون أبوا وقالوا شطره خلق وشطر قام بالرحمن

زعموا القرآن عبارة وحكاية قلنا كما زعموه قرآنان

هذا الذي نتلوه مخلوق كما قال الوليد وبعده الفئتان

والآخر المعنى القديم فقائم بالنفس لم يسمع من الديان

والأمر عين النهي واستفهامه هو عين إخبار وذو وحدان

وهو الزبور وعين توراة وإنـ ـجيل وعين الذكر والفرقان

الكل شيء واحد في نفسه لا يقبل التبعيض في الأذهان

ما إن له كل ولا بعض ولا حرف ولا عربي ولا عبراني

ودليلهم في ذاك بيت قاله فما يقال الأخطل النصراني

يا قوم قد غلط النصارى قبل في معنى الكلام وما اهتدوا لبيان

ولأجل ذا جعلوا المسيح إلههم إذ قيل كلمة خالق رحمن

ولأجل ذا جعلوه ناسوتا ولا هوتا قديما بعد متحدان

ونظير هذا من يقول كلامه معنى قديم غير ذي حدثان

والشطر مخلوق وتلك حروفه ناسوته لكن هما غيران

فانظر إلى ذاك الاتفاق فإنه عجب وطالع سنة الرحمن

وتكايست أخرى وقالت إن ذا قول محال وهو خمس معان

تلك التي ذكرت ومعنى جامع لجميعها كالأس للبنيان

فيكون أنواعا وعند نظيرهم أوصافه وهما فمتفقان

أن الذي جاء الرسول به لمخـ ـلوق ولم يسمع من الديان

والخلف بينهم فقيل محمد أنشاه تعبيرا عن القرآن

والآخرون أبو وقالوا إنما جبريل أنشاه عن المنان

وتكايست أخرى وقالت إنه نقل من اللوح الرفيع الشأن

فاللوح مبدؤه ورب اللوح قد أنشاه خلقا فيه ذا حدثان

هذي مقالات لهم فانظر ترى في كتبهم يا من له عينان

لكن أهل الحق قالوا إنما جبريل بلغه عن الرحمن

ألقاه مسموعا له من ربه للصادق المصدوق بالبرهان

 

فصل

وأتى فريق ثم قال ألا اسمعوا***قد جئتكم من مطلع الايمان

من أرض طيبة من مهاجر أحمد*** بالحق والبرهان والتبيان

سافرت في طلب الاله فدلني ال*** هادي عليه ومحكم القرآن

مع فطرة الرحمن جل جلاله*** وصريح عقلي فاعقلي ببيان

فتوافق الوحي الصريح وفطرة الـ***ـرحمن والمعقول في أيماني

شهدوا بأن الله جل جلاله*** متفرد بالملك والسلطان

وهو الاله الحلق لا معبود الا*** وجه الأعلى العظيم الشان

بل كل معبود سواه فباطل*** من عرشه حتى الحضيض الداني

وعبادة الرحمن غاية حبه*** مع ذل عابده هما قطبان

وعليهما فلك العبادة دائر***ما دار حتى قامت القطبان

ومداره بالأمر أمر رسوله*** لا بالهوى والنفس والشيطان

فقيام دين الله بالاخلاص والا***حسان انهما له أصلان

لم ينج من غضب الاله وناره *** الا الذي قامت به الأصلان

والناس بعد فمشرك بالهه***أو ذو ابتداع أو له الوصفان

والله لا يرضى بكثرة فعلنا*** لكن بأحسنه مع الايمان

فالعارفون مرادهم إحسانه*** والجاهلون عموا عن الاحسان

وكذا قد شهدوا بأن الله ذو*** سمع وذو بصر هما صفتان

وهو العلي يرى ويسمع خلقه*** من فوق عرش فوق ست ثمان

فيرى دبيب النمل في غسق الدجى*** ويرى كذلك تقلب الأجفان

وضجيج أصوات العباد بسمعه*** ولديه لا يتشابه الصوتان

وهو العليم بما يوسوس عبده*** في نفسه من غير نطق لسان

بل يستوي في علمه الداني مع الـ*** قاصي وذو الأسرار والاعلان

وهو العليم بما يكون غدا وما*** قد كان والمعلوم في ذا الآن

وبكل شيء لم يكن لو كان كيـ***ـف يكون موجودا لدى الأعيان

وهو القدير فكل شيء فهو مقـ*** دور له طوعا بلا عصيان

وعموم قدرته تدل بأنه *** هو خالق الأفعال للحيوان

هي خلقه حقا وأفعال لهم*** حقا ولا يتناقض الأمران

لكن أهل الجبر والتكذيب با***لاقدار ما انفتحت لهم عينان

نظروا بعيني أعور اذ فاتهم*** نظر البصير وغرات العينان

فحقيقة القدر الذي حار الورى*** في شأنه هو قدرة الرحمن

وأستحسن بن عقيل ذا من أحمد*** لما حكاه عن الرضا الرباني

قال الامام شفا القلوب بلفظه*** ذات اختصار وهي ذات بيان

)