خطبة بيان أحكام الطهارة - بيان أحكام المسح على الخف والجورب الشيخ محمد بن صالح العثيمين

بيان أحكام الطهارة - بيان أحكام المسح على الخف والجورب
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

الخطبة الأولى:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله بنفسه وماله وعلمه وجاهه، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: "الطهور شطر الإيمان"(1) أي: نصفه وذلك أن الإيمان يشتمل على أمرين نفي وإيجاب فالنفي شطر الإيجاب ولذلك جعل النبي صلى الله عليه وسلم الطهور شطر الإيمان والطهارة نوعان طهارة معنوية وطهارة حسية فأما الطهارة المعنوية فهي تطهير القلب من الشرك إلى الإيمان والإخلاص وطهارة القلب من النفاق إلى اليقين والإيمان الثابت الراسخ وطهارة القلب من الابتداع إلى اتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وطهارة القلب من الغل والحقد على المسلمين إلى محبة الخير لهم والنصح ومن العداوة والبغضاء إلى المحبة والولاء هكذا يجب على المؤمنين أن يكونوا كذلك أخوة متآلفين متحابين في دين الله عز وجل أيها الأخوة أما النوع الثاني فهي الطهارة الحسية وهي طهارة الأبدان والثياب ومواضع الصلاة من النجاسات والأقذار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه"(2) هكذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: استنزهوا من البول والغائط بالاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالأحجار أو نحوها حتى ينقى المحل بثلاثة مسحات فأكثر في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مر بقبرين فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير" بلى إنه كبير قال: "ما يعذبان في كبير" أي في أمر شاق عليهما بل هو سهل وهو كبير من كبائر الذنوب قال: "أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة" يسعى بالإفساد بين الناس يأتي إلى فلان فيقول له إن فلان يقول فيك كذا وكذا من أجل أن يفسد بينهما قال: "وأما الآخر فكان لا يستنزه من البول"(3) أو "لا يستبرئ من البول"(4) لأنه لا يهتم به أصاب ثوبه أم بدنه لا يهتم بتطهيره وتنظيفه وإن من الخطأ الفادح أن بعض الناس يبول ثم يقوم من بوله لا يبالي بما أصابه منه ولا يستنزه منه بماء ولا استجمار ثم يذهب يصلي وهو متلوث بالنجاسة وهذا من كبائر الذنوب ولا تصح الصلاة على هذه الحال.

أيها الإخوة تطهروا من الحدث الأصغر "بإسباغ الوضوء"(5) كما أمركم الله به وكما جاءت به السنة عن نبيكم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم "سموا عند الوضوء"(6) استحباباً "ثم اغسلوا أكفكم ثلاثة مرات استحباباً ثم تمضمضوا واستنشقوا واستنثروا ثلاث مرات بثلاث غرفات ثم اغسلوا وجوهكم ثلاث مرات من الأذن إلى الأذن عرضا ومن منحى الجبهة نحو الرأس إلى أسفل اللحية ثم اغسلوا اليد اليمنى ثلاثة مرات من أطراف الأصابع إلى المرفق وهو مفصل الذراع من العضد ثم اليد اليسرى مثل ذلك والمرفقان داخلان في الغسل ثم امسحوا جميع رؤوسكم من منحنى الجبهة مما يلي الوجه إلى منابت الشعر من القفى والأذنان من الرأس وأما العنق فليس من الرأس فامسحوا الأذنين أدخلوا السبابتين في صماخيهما وامسحوا بإبهاميكم ظاهرهما ثم اغسلوا الرجل اليمنى ثلاث مرات من أطراف أصابعها إلى الكعبين وهما العظمان البارزان في أسفل الساق ثم الرجل اليسرى مثل ذلك والكعبان داخلان في الغسل ويسن تخليل الأصابع ولا سيما أصابع الرجلين هذا هو الوضوء الأكمل"(7) "والواجب من ذلك أن تغسلوا الوجه مرة وتمضمضوا مرة وتستنشقوا مرة وتغسلوا اليدين إلى المرفقين مرة وتمسحوا الرأس مع الأذنين مرة وتغسلوا الرجلين إلى الكعبين مرة"(8) واعلموا أيها الإخوة أن كل شيء يمسح في الطهارة فإنه لا يُسن تكرار مسحه بل يمسح مرة واحدة لأن الشارع كما خفف فيه في الكيفية فإنه خفف فيه في الكمية أيضا "وإذا كان على الرأس عمامة أو قبعة يشق مسحه فامسحوا عليه بدلاً عن مسح الرأس وامسحوا على الأذنين إن خرجتا معه وكذلك الناصية وإذا كان على الرجلين خف أو جورب أو نحوهما مما يلبس على الرجل والجورب هو الشراب فامسحوا عليه سواء كان من القطن أو الصوف أو الجلود أو غيرها مما يجوز لبسه وسواء كان صفيقاً لا يرى من ورائه الجلد أو كان رقيقاً وسواء كان سليماً أو كان مخرقا مادام يسمى خفاً"(9) لأن السنة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيها شيء من هذه الشروط وما جاء عن الشارع مطلقا فإنه لا ينبغي أن يقيد بشروط لأننا إذا قيدناه بشروط ضيقنا على عباد الله ما كان واسعاً في شريعة الله ولكن لا يجوز المسح على الجوربين والخفين ونحوهما إلا بشروط:

الشرط الأول: أن يكون الملبوس طاهراً فإن كان نجساً لم يجز المسح عليه فإذا كان من جلود غير جلود ما يؤكل لحمه فإنه نجس لا يجوز المسح عليه ولا لبسه في الصلاة لأن مسح النجس بالماء لا يزيده إلا نجاسة ولأن الغالب أن الماسح سوف يصلي ولا تصح الصلاة في شيء نجس لأن النبي صلى الله عليه وسلم "حين صلى وفي نعليه قذر أخبره جبريل بذلك فخلعهما صلى الله عليه وسلم وهو يصلي"(10).

الشرط الثاني: أن يلبس ذلك على طهارة فإن لبس على غير طهارة لم يجز المسح لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه حين أراد أن ينزع خفي النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: "دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين"(11) وفي هذا الحديث نص صريح على أن من عليه جوارب أو خفان فإن السنة أن يمسح وأن لا يخلعهما ليغسل القدمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة: "دعهما".

الشرط الثالث: أن يكون ذلك في الحدث الأصغر فإن أصابته نجاسة لم يجز المسح على الجوارب ونحوهما ووجب خلعها وغسل الرجلين الشرط الرابع أن يكون في المدة المحدودة شرعاً وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر قال صفوان بن عسال رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفراً إي مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاث أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم"(12) وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "جعل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوم وليلة للمقيم"(13) وهذه المدة تبتدئ من أول مرة مسح بعد الحدث على القول الراجح من أقوال العلماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المسح ولا يكون المسح واقعاً حقيقة إلا إذا مسح فعلاً وعلى هذا فما مضى من المدة قبل المسح أول مرة فإنه لا يحتسب من المدة فإذا تطهر الرجل لصلاة الفجر مثلاً ولبس خفيه ونُقِضَ وضوؤه في الضحى ثم توضأ لصلاة الظهر عند الساعة الثانية عشرة فإنه لا تبتدئ مدة المسح إلا من الساعة الثانية عشرة وما قبل ذلك لا يحسب من المدة وعلى هذا فيمسح المقيم إلى اليوم الثاني في الساعة الثانية عشرة والمسافر إلى تمام ثلاثة أيام من ابتداء المسح إلا إذا حصلت جنابة فإنه يجب الخلع وغسل الرجلين مع سائر الجسد وإذا تمت المدة والإنسان على طهارة لم تنتقض طهارته بتمام المدة إلا أن يحصل ناقض للوضوء من بول أو غيره ومن مسح على شيء ثم خلعه بعد مسحه فطهارته باقية لا تنتقض بذلك لأنه لا دليل على انتقاض الوضوء بتمام المدة ولا على انتقاض الوضوء بخلع ما مسحه وإذا لم يكن دليل وقد ثبتت الطهارة بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يمكن أن يرتفع ما ثبت بدليل شرعي إلا بدليل شرعي ولكن إذا خلع خفيه وهو على طهارة وبقيت طهارته ثم انتقضت فإنه إذا أراد أن يتوضأ فلابد أن يغسل قدميه وكذلك إذا تمت المدة فلابد عند الوضوء بعد تمام المدة من خلعهما وغسل الرجلين أيها الأخوة المسلمون أسبغوا الوضوء رحمكم الله على الوجه المطلوب منكم ولا سيما في أيام البرد والسبرات فإن ذلك من الرباط وهو مما يغفر الله به الخطايا ويكفر به السيئات وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما سوف تسمعونه اسمعوا إن شئتم قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء"(14) وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره"(15) رواه مسلم وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إسباغ الوضوء في المكاره وإعمال الأقدام إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلاً"(16) هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية ثلاثة من الخلفاء الراشدين الأول عن عمر والثاني عن عثمان والثالث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وحشرنا معهم مع النبيين والصديقين أيها الإخوة تطهروا من الجنابة وبادروا بالطهارة منها فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب"(17) وفي حديث آخر: "لا تقرب الملائكة جنباً إلا أن يتوضأ"(18) ولا تناموا على جنابة فإن تيسر لكم الاغتسال قبل النوم فهو أفضل وإن لم يتيسر فتوضؤوا كما تتوضؤون للصلاة ثم ناموا واغتسلوا إذا قمتم والواجب في الاغتسال أن يعم الإنسان جميع بدنه بالماء مرة واحدة وهو كافي مع المضمضة والاستنشاق وعلى هذا فلو إن الإنسان نوى ثم أنغمس في بركة ناوياً رفع الحدث وتمضمض واستنشق ثم خرج ارتفع عنه الحدثان الأكبر والأصغر ولكن الأفضل عند الغسل من الجنابة أن يغسل كفيه ثلاثا ثم يغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءاً كاملا ثم يغسل رأسه فيخلل أصول شعره بالماء حتى يبلغ ثم يفيض عليه ثلاثة مرات ثم يغسل سائر جسده ولا يحتاج إلى إعادة الوضوء بعد الغسل لأن الغسل كافي عن الوضوء لقوله تعالى: +وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا" [المائدة: 6] ولم يذكر وضوءاً؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة لا يعيد الوضوء بعد الاغتسال ومن كان في أعضاء طهارته جرح لا يضره الماء وجب عليه غسله فإن كان يضره الغسل دون المسح وجب عليه مسحه فإن كان يضره المسح تيمم عنه وإذا كان على أعضاء طهارته التي يجب تطهيرها جبس مغلف على كسر أو لصقة مشدودة على جرحٍ أو ألم مسح عليه حتى يبرأ سواء في الحدث الأصغر أم الجنابة والمريض الذي يتعذر عليه استعمال الماء لعجزه عنه أو تضرره باستعماله يجوز له أن يتيمم حتى يزول عذره والمسافر الذي ليس معه ماء زائد عن حاجته يجوز له أن يتيمم حتى يجد الماء لقول الله تعالى: +وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة: 6] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض لي مسجداً وطهورا فأيما رجلٌ أدركته الصلاة فليصل"(19) فسمى الله تعالى التيمم طهارة وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الأرض طهورا وعلى هذا فمن تيمم بشرطه فإنه كالذي توضأ أو اغتسل فيبقى على طهارته إلى الصلاة الأخرى ولا يحتاج إلى إعادة التيمم عند كل صلاة لأن التيمم يطهر كما سمعتم في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تنتقض الطهارة به إلا بناقض ينقض طهارة الماء أو بزوال العذر المبيح للتيمم أيها الأخوة تعلموا أحكام شريعة الله ثم اذكروا نعمة الله عليكم بالتيسير والتخفيف والتسهيل فلو شاء الله لأعنتكم ولكن رحمته سبقت غضبه فالحمد لله رب العالمين اذكروا قول الله تعالى: +يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ" [الأنفال: 20-23] احذروا أن تكونوا من هؤلاء واجتهدوا بقدر ما استطعتم لأجل أن تكونوا ممن قال الله تعالى فيهم: +فَبَشِّرْ عِبَادِ *الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ" [الزمر: 17-18] اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه اللهم اهدنا سبل السلام اللهم جنبنا سبل الضلال والشقاء يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الإخوة، فقد سمعتم كثيراً من أحكام المسح على الخفين والجوربين وهنا مسائل متعددة لا يمكن أن نصوغها في هذه المكان ولكن نذكر شيئاً منها من ذلك أن الإنسان إذا لبس شراباً ومسح عليها ثم أراد أن يضيف إليها شراباً أخرى فلا بأس بذلك مثاله رجلاً لبس شراباً لصلاة الفجر بعد استكمال الطهارة ثم مسح عليها لصلاة الظهر وفي آخر النهار اشتد البرد وأراد أن يلبس عليها شراباً أخرى فلبس الشراب الأخرى وهو على طهارة فإنه يمسح على الشراب الأخرى ولكن ابتداء المدة من المسح على الشراب الأولى هذه مسألة المسألة الثانية إذا لبس الإنسان شراباً ثم مسح عليها ثم خلعها بعد المسح فإنه لا يعيد المسح عليها مرة ثانية لكنه باقي على طهارته حتى تنتقض فإذا أراد أن يتوضأ فإنه لابد أن يغسل قدميه حتى لو فرض أنه قد لبس شرابتين ثم مسح على الأولى ثم خلعها لخفة البرد فإنه لا يمسح على الثانية لأنه متى خلع الممسوح أولاً أو آخراً المهم أنه متى خلع الممسوح فإنه لا تمكن إعادة المسح إلا بعد غسل القدمين في الوضوء أيها الإخوة إن المهم كل المهم أن تعبدوا الله تعالى على بصيرة ولا يمكن أن تعبدوا الله على بصيرة إلا بالعلم الشرعي الذي تتلقونه من الكتب إن كنتم من ذوي الإفهام أو من العلماء الموثوق بهم إذا كنتم لا تعلمون لقول الله تعالى: +فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" [النحل: 43] أما أن يكون الإنسان إمعة يفعل ما يفعل الناس بلا دليل أو يقول ما يقول الناس بلا دليل فإن هذا نقص بلا شك لأن بعض أفعال الناس ليس على الشريعة ولكنه على العادات ولهذا نرى كثيراً من الأمور التي فيها إخلال بالقول أو بالفعل بل وربما في العقيدة لأن الناس اعتادوها ولم يجدوا من ينبههم عليها "إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة" عليكم بالجماعة عليكم بالجماعة وهي أن تجتمعوا على دين الله متآلفين متحابين متعاونين على البر والتقوى متآمرين بالمعروف متناهين عن المنكر إخواناً في الله وعوناً على طاعة الله هذه هي الجماعة ومنها أي من أسباب الاجتماع أن تجتمعوا في المساجد في الصلوات الخمس فإنه لا يتخلف عنها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا منافق كما ثبت ذلك في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق أو مريض أو معذور"(20) "إن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار"(21) وأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم الذي جعل الله هدايتكم على يديه فهو الذي دلكم على كل خير وحثكم عليه وبين كل شر وحذركم منه فحقه أعظم عليكم من حقوق الآباء والأمهات فصلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به وبإخوانه النبيين والمرسلين مع الذين أنعمت عليهم يا رب العالمين إنك على كل شي قدير اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم صغيرهم وكبيرهم يا رب العالمين اللهم أرزق ولاتهم بطانة خير تأمرهم بكل ما ينفع البلاد والعباد في المعاش والمعاد يا رب العالمين اللهم إنا نسألك إيماناً لا كفر معه ويقيناً لا شك معه وإخلاصاً لا شرك معه واتباعاً لا ابتداع معه يا ذا الجلال والإكرام اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر إنك على كل شيء قدير اللهم أذل الشرك والمشركين اللهم أذل الشرك والمشركين اللهم أذل الشرك والمشركين اللهم دمر أعداء الدين من الكفار واليهود والنصارى والملحدين والمنافقين يا رب العالمين اللهم سلط ولاة أمورنا على كل من لا خير فيه حتى يقمعوه عن غيه وضلاله إنك على كل شيء قدير +رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر: 10] عباد الله +إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ" [النحل: 90-91] عباد الله اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم +وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ" [العنكبوت: 45].

 

 

(1) أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء (223)، من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.

(2) رواه الدارقطني في سننه، في كتاب الطهارة، باب نجاسة البول والأمر بالتنزه منه والحكم في بول ما يؤكل لحمه (7) 1/1/12 وقال الصواب: مرسل من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(3) رواه البخاري، في كتاب الوضوء، باب من الكبائر أن لا يستنزه من بوله (216) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه مسلم، في كتاب الوضوء، باب الاستبراء والاستتار من البول (113) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما، وفي رواية عند مسلم "لا يستنزه" في كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه (439) ت ط ع.

(4) أخرجه النسائي رحمه الله تعالى في سننه، في كتاب الجنائز، باب وضع الجريد على القبر، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (2041) ت ط ع.

(5) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، في كتاب الوضوء، باب إسباغ الوضوء، وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: إسباغ الوضوء الإنقاء، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (136)، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، في كتاب الحج، باب الإفاضة من عرفات، من حديث أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما (2256) ت ط ع.

(6) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسنده، في باقي مسند الأنصار، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (9050)، وأخرجه أبو داود في سننه، في كتاب الطهارة، باب التسمية عند الوضوء (92)، وابن ماجه في سننه، في كتاب الطهارة، باب التسمية عند الوضوء (392) ت ط ع.

(7) هذا الحديث أخرجه البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه من حديث حمران مولى أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم (155)، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في كتاب الطهارة (331)، ت ط ع.

(8) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، في كتاب الوضوء، باب الوضوء مرة مرة (153)، وأخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسنده، في مسند بني هاشم (2291)، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، واللفظ لأحمد ت ط ع.

(9) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الوضوء من حديث أبي أمية رضي الله تعالى عنه (198)، وأخرجه الإمام الترمذي رحمه الله تعالى في سننه من حديث المغيرة بن شيبة رضي الله تعالى عنه في كتاب الطهارة (92)، ت ط ع.

(10) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسنده، في باقي مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين (10726)، وأخرجه أبو داود رحمه الله تعالى في سننه، في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل (555)، وأخرجه الدارمي رحمه الله تعالى، في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعلين (1343)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه ت ط ع.

(11) رواه البخاري (206) من كتاب الوضوء، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، ورواه مسلم (274) من كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

(12) رواه الترمذي، في أبواب الطهارة، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم (96) 1/159 وغيره.

(13) رواه مسلم، في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين (276) 1/232.

(14) روه مسلم، في كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء (534) 1/209-210، والترمذي في أبواب الطهارة، باب فيما يقال بعد الوضوء (55) 1/77-78 من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

(15) رواه مسلم، في كتاب الطهارة، باب إخراج الخطايا مع ماء الوضوء (245).

(16) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، في كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (3691)، وأخرجه الحاكم رحمه الله تعالى في المستدرك، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه تعليق الذهبي في التلخيص على شرط مسلم جـ1 ص223 (456)، وأخرجه أبو يعلى رحمه الله تعالى في مسنده، جـ1 ص379 (488)، وأخرجه البزار رحمه الله تعالى في مسنده، جـ2 ص161 (528)، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.

(17) رواه أبو داود في السنن، كتاب اللباس (4152)، والنسائي في كتاب الطهارة (261) وأحمد (598).

(18) أخرجه أبو داود في السنن بلفظ "ثَلاَثَةٌ لاَ تَقْرَبُهُمُ الْمَلاَئِكَةُ جِيفَةُ الْكَافِرِ وَالْمُتَضَمِّخُ بِالْخَلُوقِ وَالْجُنُبُ إِلاَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ" في الترجل (4180) عن عمار بن ياسر وانفرد به.

(19) رواه البخاري (438) كتاب الصلاة ،باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً"، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

(20) رواه مسلم من كتاب الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (323).

(21) أخرجه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في مسنده، في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين (14455)، ومسلم رحمه الله تعالى، في كتاب الجمعة (1435)، والنسائي، في كتاب صلاة العيدين (1560)، وأبو داود، في كتاب الخراج والإمارة والفيء (2565)، وابن ماجه، في كتاب المقدمة (44)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه.