خطبة من أحكام الطهارة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

من أحكام الطهارة
السبت 24 رمضان 1420 هـ   الموافق لـ : 1 جانفي 2000 م
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمداً عبده وخليله وامينه على وحيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا واسال الله تعالي أن يجعلني وإياكم من من تبعوهم بإحسان
أما بعد

فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وطهروا قلوبكم من الشرك والشك والنفاق في عبادة الله ومن والحقد ومن إرادة السوء في معاملة عباد الله فان النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: ( الطهور شطر الإيمان ) فطهروا أبدانكم وثيابكم ومواضع صلاتكم من النجاسات من النجاسات والأقذار استنزهوا من البول والغائض بالاستنجاء بالماء أو بالاستجمار بالأحجار حتى ينقى المحل بثلاث مسحات فأكثر فإن عدم التنزه من البول من أسباب عذاب القبر كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه و علي اله سلم مر بقبرين وقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أي لا يعذبان فيما يشق عليهما تركه ثم قال أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول وأما الأخر فكان يمشي بالنميمة ) وإن من الخطأ والخطر الذي يؤسف له أن بعض الناس يبول ثم يقوم من بوله لا يستجمر ولا يستنجي ولا يبالي مما أصابه منه ولا يبالي بما أصابه منه ثم يتوضأ فيصلى وهو متلوث بالنجاسة وهذا من كبائر الذنوب حتى إن بعض العلماء وهو المشهور من مذهب الإمام احمد قال إن الإنسان إذا توضأ قبل أن يستنجي أو يستجمر استجمارا شرعيا فان وضوئه لا يصح وعلى هذا فمن لم يستجمر استجمارا شرعيا أو يستنجي استنجاء بالماء منقيا فان صلاته لا تصح لانه صلي بغير وضوء أيها الاخوة المسلمون تطهروا من الحدث الأصغر بأصباغ الوضوء كما أمركم الله به و جاءت به السنة النبوية فان الله تعالي يقول: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم و أرجلكم إلى الكعبين) أيها الاخوة إن صفة الوضوء نوعان نوع مجزئ ونوع كامل وسنذكر ذلك إنشاء الله إذا أردتم الوضوء فسموا عند الوضوء فالتسمية عند الوضوء سنة ثم أغسلوا أكفكم ثلاث مرات ثم تمضمضوا واستنشقوا واستنثروا ثلاث مرات بثلاث غرفات ثم أغسلوا وجوهكم ثلاث مرات من الأذن إلى الأذن عرضا ومن منحنى الجبهة نحو الرأس إلى أسفل اللحية ثم أغسلوا اليد اليمنى ثلاث مرات من أطراف الأصابع إلى المرفق وهو مفصل الذراع من العضد والمرفق داخل في الغسل والكف داخل في الغسل فلا بد أن يغسل الإنسان من أطراف الأصابع وما يفعله بعض الناس يغسل الذراع فقط بناء على انه غسل كفيه قبل أن يبدأ فهذا غلط لان غسل كفيه قبل أن يبدأ إنما هو سنة واما غسل اليدين بعد الوجة فهو فرض ثم أمسحوا جميع رؤوسكم من منحى الجبهة مما يلي الوجه إلى منابت الشعر من القفا والأذنان من الرأس فيجب مسحهما يدخل يدخل الإنسان سبابتيه من سماخهما أي في ثقبيهما ويمسح بأبهاميه ظاهرهما وهو الظاهر الذي يلي الرأس ولا يحتاج أن يكرر إدارة السبابة في السماخ لانه إذا كررها فقد كرر المسح وتكرار المسح مما يكره كما ذكر ذلك أهل العلم ثم اغسلوا الرجل اليمنى ثلاث مرات من أطراف أصابعها إلى الكعبين وهما العظمان البارزان في أسفل الساق ثم الرجل اليسرى مثل ذلك والكعبان داخلان في الغسل وينبغي للإنسان أن يخلل أصابعه في الوضوء ولاسيما أصابع الرجلين لأنها متلاصقة ولان الوسخ فيها يكثر فخللوا بينها ابداو بالخنصر من الرجل اليمني وبالإبهام من الرجل اليسرى لتكونوا متيامنين فان النبي صلي الله عليه وسلم يعجبه التيامن في تنعله وتطهره وإذا كان على رأس الرجل عمامة أو كبر يشق نزعه كنزع العمامة فامسحوا عليه بدلاً عن مسح الرأس وأمسحوا على الأذنين إن خرجتا وإن كان على الرجلين ساجر من خف أو جورب أو نحوهما ونعني بالجورب الشراب وما أشبهها من يلبس على الرجل سواء كان من القطن أو الصوف أو غيرهما مما يجوز لبسه فامسحوا عليه سواء كان رقيقاً فامسحوا أو تخينا امسحوا عليه بدلاً عن غسل الرجل فان الله تبارك وتعالي خفف عنكم في ذلك ولكن لا يجوز المسح على ذلك الا بشروط الشرط الاول أن يكون الملبوس طاهرا فإن كان نجسا لم يجوز المسح عليه لان مسحه بالماء لا يزيده الا تلوثا ولان الغالب إن الإنسان يمسحه لوضوء الصلاة والصلاة لا تصح في خف نجس لان النبي صلي الله عليه وسلم فلما صلي في نعليه وفيهما قذر لم يعلم به فاخبره جبريل في أثناء الصلاة فخلعهما عليه الصلاة والسلام الشرط الثاني أن يلبسهما على طهارة فإن لبس على غير طهارة لم يجوز المسح لقول النبي صلي الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه حين أراد أن ينزع خفي النبي صلي الله عليه وسلم ليغسل رجليه قال: ( النبي صلي الله عليه وسلم دعهما فاني ادخلتهما طاهرتين) الشرط الثالث أن يكون المسح في الحدث الأصغر الأصغر فان أصابته نجاسة أو طهرت امرأة من الحيض فانه لا يجوز المسح لانه لان الغسل لابد أن يعم جميع البدن غسلا بدون مسح الشرط الرابع الشرط الرابع أن يكون في أن يكون في المدة المحدودة وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر قال: ( صفوان بن عفان رضي الله عنه: ( كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يأمرنا إذ كنا سفراً أن لا ننزع خففنا ثلاث أيام ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ) ولكن ، من غائط وبول ونوم وقال علي بن أبي طالب: ( جعل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوم وليلة للمقيم يعني في المسح على الخفين) هذه تبتدئ المدة من أول مرة مسح بعد الحدث هذه المدة تبتدئ من أول مرة مسح بعد الحدث وما مضي من المدة قبل هذا المسح فانه لا يحسب لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف المسح ولا يقوم مسح إلا بحقيقة ه فعلاً وعلى هذا فلو انه لبس الخف للطهارة الصلاة الفجر واحدث في الساعة العاشرة ثم توضأ لصلاة الظهر في الساعة الثانية عشر ومسح فان ابتداء المدة يكون من الساعة الثانية عشر وليس من الساعة العاشرة ويمسح المقيم يمسح المقيم إلى مثل الساعة التي مسح عليها أول مرة من اليوم التالي إن كان مقيماً أو إلى تمام اثنتي عشرة ساعة أما المسافر فانه يمسح إلى ثلاثة أيام إلا إذا كانت الجنابة فإنه لابد من خلعهما وغسل الرجلين لان طهارة الجنابة لا مسح فيها الا في الجبيرة وإذا تمت المدة والإنسان على طهارة فان طهارته لا تنتقض بذلك حتى يحصل ناقض للوضوء من بول أو غيره وذلك لأن الطهارة التي مسح فيها على الخف طهارة شرعية ثابتة بدليل شرعي فلا يمكن أن تنقض هذه الطهارة إلا بدليل شرعي لا يرتفع إلا بدليل شرعي ولا دليل شرعي يدل على إن المدة إذا انتهت انتقض الوضوء وإنما الدليل يدل على أن المدة إذا انتهت فلا مسح بعد انتهائها ومن مسح على شئ ثم خلعه فطهارته باقية لا تنتقض بذلك لانه لا دليل على انتقاض الوضوء بخلع الخف وقاسه بعض أهل العلم على شعر الرأس إذا مسحه الإنسان ثم إذا مسحه الإنسان في الوضوء ثم بعد وضوئه حلق الشعر فان هذا المسوح قد زال ومع ذلك فطهارته باقية باتفاق أهل العلم ولكن ولكنه ولكنه إذا خلعه و أراد أن يتوضأ مرة أخرى فانه لابد أن يغسل قدميه في الوضوء لان المسوح إذا خلع فانه لا يعاد مسحه الا بطهارة تامة, أيها الاخوة المسلمون أصبغوا الوضوء على الوجه المطلوب منكم فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( أن النبي صلي الله عليه وسلم قال :ما منكم من أحد يتوضأ فيصبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم أجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء) لان هذا الرجل طهر نفسه طهارة بالوضوء وطهارة بالتوحيد فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء أيها الاخوة اذكروا الله تعالي بهذا الذكر عند انتهاء الوضوء واستشعروا أن الجنة تفتح لكم أبوابها تدخلون من أيها شئتم اللهم حقق لنا ذلك بمنك وكرمك يا ارحم الراحمين يا ذا الجلال والإكرام هذا الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه احد الخلفاء الراشدين أما الثاني فهو عن عثمان بن عفان رضي الله عنه الخليفة الثالث لرسول الله صلي الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره) رواه مسلم أما الحديث الثالث فهو عن الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إصباغ الوضوء في المكاره وأعمار الأقدام إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة ) يغسل الخطايا غسلاً هولاء ثلاثة من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم حدثوا بهذه الأحاديث عن رسول الله صلي الله عليه وعلى اله وسلم كلها تدل على فضيلة احسان الوضوء و إحسان الوضوء أن يتوضأ الإنسان كما جاءت به السنة أما الزيادة على الثلاث فإنها أما مكروهة و أما محرمة لان النبي صلي الله عليه وسلم لا ن النبي صلي الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاث ثلاثة وقال : ( من زاد على هذا فقد اساء وتعدي وظلم ) أيها الاخوة تطهروا من الجنابة وبادروا بالطهارة منها فقد جاء في الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال (لا تقرب الملائكة جنباً إلا أن يتوضأ فبادروا بالطهارة من الجنابة فلا تدرون لعلكم تموتون على جنابة وانتم لم تتطهروا احرصوا على المبادرة بها على احرصوا على المبادرة بإطهاره من الجنابة لينفسح لكم المقام في قراءة القرآن لان الجنب لا يحل له أن يقرأ شئ من القرآن , أيها الاخوة لا تناموا علي فإن تيسر لكم الاغتسال قبل النوم فهو أفضل وإن لم يتيسر فتوضؤا كما تتوضئون للصلاة ثم ناموا و اغتسلوا إذا قمتم والواجب في الغسل أن يعم الإنسان بدنه بالماء مرة واحدة ولكن الأفضل أن يغسل كفيه ثلاثا ثم يغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً ثم يغسل رأسه فيخلل أصول شعره بالماء حتى يبلغ ثم يفيض عليه ثلاث مرات ثم يغسل سائر ولا يحتاج إلى إعادة الوضوء بعد الغسل لأن الغسل كافي عن الوضوء لقوله الله تبارك وتعالي تعالى (وإن كنتم جنباً فاطهروا) ولم يذكر الله وضوءاً ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الرجل الذي كان جنبا أعطاه الماء وقال : ( أفرغه على نفسك ) ولم يذكر له وضوءا ولكن الوضوء قبل الغسل افضل كما سمعتم ومن كان في أعضاء طهارته جرح لا يضره الماء وجب عليه غسله فإن كان يضره غسله دون مسحه وجب عليه مسحه فإن كان يضره الغسل دون المسح وجب عليه مسحه فان كان يضره حتى المسح تيمم عنه وإذا كان على أعضاء طهارته جبس مغلف على كسر أو لصقة مشدودة على جرحٍ أو على ألم مسح عليه حتى يبرأ سواء في الحدث الأصغر أم في الجنابة والمريض الذي يتعذر عليه استعمال الماء لعجزه عنه أو لتضرره باستعماله يجوز له أن يتيمم حتى يزول عذره والمسافر الذي ليس معه ماء زائد عن حاجته يجوز له أن يتيمم حتى يجد الماء لقول الله تبارك تعالى: ( يا أيها الذين أمنوا ا ذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم و أرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفرٍ أو جاء أحد منكم من الغائض أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيدكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) اللهم ارزقنا شكر نعمتك وحسن عبادتك وقال النبي صلى الله عليه وعلى اله سلم : ( جعلت الأرض لي مسجداً وطهورا فأيما رجلٌ أدركته الصلاة فليصلي) وهذا الحديث بعمومه يدل على أن الأرض كلها صالحة أن يتيمم منها سواء كانت رملا أم ترابا أم أحجارا أم غير ذلك كل ما تصاعد من الأرض فانه يجوز التيمم به ومن تيمم لصلاة وبقي على طهارته إلى الصلاة الأخرى فهو على طهارته ولا يحتاج إلى إعادة التيمم لأن التيمم طهور كما دل على ذلك الكتاب والسنة فلا تنتقض طهارته به الا بما تنتقض به طهارة الماء أو بزوال العذر المبيح للتيمم وعلى هذا إذا تيمم الإنسان لصلاة الظهر وبقي لم يحدث حتى دخل وقت العصر فانه يصلي بتيممه لصلاة الظهر ولا يحتاج إلى إعادة التيمم لان التيمم طهارة كما قال الله تعالي في ما سمعتم ( فتيمموا صعيدا طيبا وامسحوا بوجوهكم وايديكم منه لا يريد الله أن يجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم)فدل هذا علي إن طهارة التيمم تطهير وكذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم : (جعلت ليّ الأرض مسجدا وطهورا ) والطهور ما يتطهر به وعلى هذا من ادعي إن خروج الوقت يبطل به التيمم فان عليه الدليل والا فان الأدلة الشرعية تدل على إن التيمم لا ينتقض الا بما تنتقض به طهارة الماء أو بزوال العذر المبيح للتيمم أيها الاخوة المسلمون أشكروا الله على نعمه اشكروا الله على نعمه وتيسره وقوموا بما أوجب عليكم من الطهارة من غير غلو ولا تقصير فإن الله تبارك وتعالي يقول في كتابه : (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون) وكونوا أيها الاخوة كونوا كمن قال الله فيهم :(فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب) اللهم اجعلنا من من يتبعون يستمعون القول فيتبعون أحسنه اللهم اجعلنا من الهداة المهتدين الصالحين المصلحين اللهم انا نسالك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم والفوز بالجنة والنجاة من النار أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم لكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه أنه هو غفور رحيم . الحمد لله وكفي وسلام على عباده الذين اصطفي وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفي وخليله المجتبي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدي وسلم تسليما كثيرا
أما بعد

أيها الاخوة فقد سمعتم جملا من الطهارة بالماء وبالتيمم ولكنه ينبغي أن نعلم ماهي الأشياء التي يتطهر منها فلنذكر شيئا منها فمن ذلك ما جاء في حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه البول والنوم والغائط فالبول ناقض للوضوء قليله وكثيره إلا إذا كان الإنسان لا يتحكم فيه و لا يدري متي ينزل أو يكون مستمرا دائما فانه في هذه الحال ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها ) وقد قال العلماء رحمهم الله في من به سلس البول انه يتوضأ للصلاة بعد دخول وقتها ويصلي ما شاء من الفروض والنوافل حتى يخرج الوقت كالمستاحضة تماما والغائض كذلك ناقض للوضوء قليله وكثيره ودلت السنة أيضا على إن الريح ناقض للوضوء وهو الذي يخرج من الدبر لقول النبي صلي الله عليه وسلم : ( لا ينصرف ) يعني من صلاته ( حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) أما النوم فان النوم ينقسم إلى قسمين نوم عميق فينقض الوضوء ونوم خفيف فلا ينقض الوضوء والضابط في ذلك انه لو نام حتى انه لا يحس بنفسه لو احدث فانه ينتقض وضوئه أما لو كان يحث بنفسه لو احدث فانه لا ينتقض ولو طال نعاسه سواء كان مضطجعا أو جالسا أو قائما العبرة بزوال الوعي فمتي زال وعيه بحيث لا يحس بنفسه لو احدث فانه يجب عليه أن يتوضأ لان هذا النوم أما ناقض للوضوء واما مظنة نقض الوضوء هذه بول غائض ريح نوم الخامس أكل لحم الإبل فانه ناقض للوضوء لان النبي صلي الله عليه وسلم سئل أنتوضأ من لحوم الغنم قال: ( إن شئت قيل له أنتوضأ من لحوم الإبل قال نعم ) فلما جعل الوضوء راجع إلى مشيئة الإنسان في أكل لحوم الغنم أما الإبل فقال نعم يعني أن نتوضأ دل ذلك انه لا خيار للإنسان في الوضوء من لحم الإبل وانه يجب عليه إذا أكل لحم إبل أن يتوضأ سواء إن كان قليلا أم كثيرا وسواء كان نيا أم مطبوخا وسواء كان هبرا أم كبدا أم كرشا أم امعائا أم شحما كل ما حمل حف البعير فهو ناقض ولا دليل على التفريق بين هذا وهذا والنبي صلي الله عليه وسلم أطلق الوضوء من لحم الإبل ولم يفصل وهو صلي الله عليه وسلم اعلم إن الإبل تحمل الهبر والشحم والكرش والأمعاء والكبد وغير ذلك هذه أشياء خمسة كلها ناقضة للوضؤ إذا حصلت للإنسان وجب عليه أن يتوضأ ولكن احذروا من الوسواس فان بعض الناس يوسوس يقول خرج مني شئ أما ريح أو بول أو غائط فاحذروا هذا الوسواس فانه من الشيطان ولا تنخدعوا به واعرضوا عنه وتعوذوا بالله من الشيطان ولا تفتشوا أيضا لان الأصل بقاء الطهارة قد يحس الإنسان ببرودة على ذكره فيظن إن ذلك شئ خارج ولكنه ليس بشئ فيذهب يعصر ذكره ثم يقول خرج منه شئ ومن المعلوم إن الإنسان إذا فعل هذا سوف يخرج شئ لكن تلهى عن ذلك واعرض عنه وإذا رأي الشيطان إنك غير خاضع له فانه لن يوسوس لك مرة أخرى حتى إن بعض العلماء قال إن الإنسان الذي يبتلي بهذا النوع من الوسواس ينبغي له أن يرش سراويله حتى يحمل ما يجده من البرودة على هذا الماء الذي رش به سراويله على كل حال الأصل بقاء الطهارة لا يمكن أن تنتقض ألا بيقين ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام حين شكي اليه أن الرجل يجد في بطنه شيئا قال: ( لا يخرج حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) فصلوات الله وسلامه عليه أيها الاخوة إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلي اله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة يعني في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة عليكم بالجماعة والإتلاف والمحبة فإنكم بذلك أمرتم عليكم بالجماعة فان يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار واكثروا من الصلاة على اعظم الخلق حقوقا عليكم وهو رسول الله صلي الله عليه وسلم فان حقه علينا اعظم من حق الأم والأب والأخ والأخت والابن والبنت هو اعظم الناس حقوقا علينا فصلوات الله وسلامه عليه اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلي على عبدك ورسولك محمد اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم ارضي عن خلفاءه الراشدين وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي افضل اتباع المرسلين اللهم ارضي عن بقية الصحابة أجمعين اللهم ارضي عن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم ارضي عن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم ارضي عنا معهم اللهم ارضي عنا معهم اللهم ارضي عنا معهم بمنك وكرمك وجودك يا رب العالمين اللهم اعز الإسلام والمسلمين و أذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل بلدنا هذا آمنا وسائر بلاد المسلمين اللهم أمنا في أوطاننا واصلح رعيتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا في من خافك واتبع رضاك يا رب العالمين اللهم ادفع عنا البلاء والوباء الربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم اجعلنا هداه مهتدين صالحين مصلحين ناصرين لدينك متبعين لرسولك محمد صلي الله عليه وسلم ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالأيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا انك رؤوف رحيم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب ربنا ظلمنا أنفسنا فان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونا من الخاسرين عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون و أوفوا بعهد الله إذا عاهدتم و لا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها ولقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله تعالي كثيرا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا اذكروا الله يذكركم واسألوه شكرا يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون .