خطبة أهمية العمل للدار الآخرة ـ آيات الله في الكون الشيخ محمد بن صالح العثيمين

أهمية العمل للدار الآخرة ـ آيات الله في الكون
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

الحمد لله الحمد الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب والحمد الذي جعل الليل والنهار خلفةًً ً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له  له الملك وله الحمد ومنه المبتدأ واليه المآب واشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من تعبد لله وأناب صلي الله عليه وعلى اله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا ...

أما بعد...

فيا عباد الله اتقوا الله تعالي أما بعد فيا عباد الله اتقوا الله تعالي وتبصروا في هذه الأيام والليالي فإنها مراحل تقطعونها إلي الدار الآخرة حتى تنتهوا إلي أخر سفركم وإن كل يوم يمر بكم بل كل ساعة بل كل لحظة فإنها تبعدكم من الدنيا وتقربكم من الآخرة وإن هذه الأيام وإن هذه الأيام والليالي خزائن لأعمالكم ومحفوظة لكم شاهدة عليكم بما عملتم فيها من خير أو شر فطوبي لعبد اغتنم فرصها بما يقرب إلي الله وطوبي لعبد شغلها بالطاعات واجتناب المعاصي وطوبي لعبد اتعظ بما فيها من تقلبات الأمور والأحوال فاستدل بذلك على ما لله تعالي من الحكم البالغة والأسرار قال الله عز وجل: ( يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ) عباد الله الم تروا إلي هذه الشمس تطلع كل يوم من مشرقها وتغرب في مغربها فان في ذلك أعظم اعتبار فان في ذلك أعظم اعتبار وابتكار إن طلوعها ثم غروبها إيذان بان هذه الدنيا ليست بدار قرار إنما هي طلوع ثم غيوب وإدبار بين تري الإنسان فيها مخبرا حتى يري خبر من الأخبار الم تروا إلي هذا القمر يطلع هلالا صغيرا في أول الشهر كما يولد الأطفال ثم ينموا رويدا رويدا كما تنموا الأجسام حتى إذا تكامل في النمو اخذ في النقص والاضمحلال وهكذا جسم الإنسان وحياته تماما فاعتبروا يا أولي الأبصار قال الله عز وجل: (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبا يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) الم ترى لهذه السنوات تجدد عام بعد عام يجئ أول العام فينظر الإنسان إلى آخره نظر البعيد ثم تمر به الأيام سريعة كلمح البصر فإذا هو في أخر العام هكذا هو عمر الإنسان يتباعد الموت يتطلع إلى العمر تتطلع البعيد فإذا به قد باغته الأجل (وجاء ت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) ربما يأمل ربما يأمل الإنسان بطول العمر ويتسلى بالأمان فإذا بحبل الأمل قد انصرم وببناء الأماني أنهدم أيها الناس إنكم في هذا اليوم تودعون عاما ماضيا شهيدا وتستقبلون عاما مشرقا جديدا فيا ليت شعري أي ليتني اشعر ماذا أودعنا في العام الماضي وماذا نستقبل به العام الجديد فليحاسب العاقل نفسه ولينظر في أمره فان كان فرط في شئ من الواجبات فليتوب إلي الله ويستدرك ما فات وإن كان ظالما لنفسه بفعل المحرمات فليقلع عنها قبل حلول الأجل والفوات وإن كان من من منّ الله عليه بالاستقامة قدر الاستطاعة فليحمد الله على ذلك وليسأله الثبات عليه إلي الممات أيها الاخوة أيها الاخوة انه ليس الإيمان بالتمني ولا بتحلي إنما الإيمان ما وقر في القلب وحل فيه وصدقته الأعمال ليس التوبة مجرد قول باللسان ولكنه ندم على ما فعل من الذنوب وترك لما كان عليه من المعاصي والعيوب وانابة إلي الله بإصلاح العمل ومراقبة علام الغيوب فحققوا أيها المسلمون حققوا إخواني الإيمان واخلصوا التوبة إلي الرحمن ما دمتم في زمن الإمهال والامكان وعظ النبي صلي الله عليه وعلى اله وسلم رجلا فقال:(اغتنم خمس قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك ) ففي الشباب عزيمة وقوة فإذا هرم الإنسان فترت العزيمة وضعفت القوة ولم يستطيع التخلص مما شب عليه وفي الصحة انشراح ونشاط فإذا مرض الإنسان ضاقت نفسه وانحط نشاطه وثقلت عليه الأعمال وفي الغني راحة وفراغ فإذا افتقر الإنسان قلق فكره وانشغل بطيب العيش لنفسه وعياله وفي الحياة ميدان فسيح للأعمال فإذا مات الإنسان انقطعت عنه أوقات العمل وفات زمن الامكان فاعتبروا أيها الاخوة المسلمون اعتبروا بهذه المواعظ وقيسوا ما بقي من أعماركم بما بقي منها فإنما بقي منها سوف يمضي سريعا كما مضي ما سبق واعلموا إن كل أتٍ قريب وان كل شئ من الدنيا زائل قال الله تعالي: ( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية أو ضحاها ) أيها الاخوة تذكروا إخوانا لكم كانوا معكم في مثل هذه الأيام يودعون عاما ماضيا ثم انتقلوا من القصور إلي القبور وودعوا الزمان قبل أن يودعهم بل ودعهم الزمان قبل أن يودعوه صاروا من أهل القبور بعد أن كانوا من أهل القصور رحلوا عن الأهل والأموال إلي الجزاء عن الأعمال فأصبحوا مرتهنين باعملهم يتمنون زيادة حسنة واحدة في أعمالهم فلا يستطيعون يتمنوا أن يتوبوا من سيئات أعمالهم وإنهم عن التوبة بعد الموت محجوبون رؤيا بعد الأموات في المنام فقال قدمنا على أمر عظيم نعلم ولا نعمل وانتم تعملون ولا تعلمون أي لا تعلمون ما حل بالمفرط والله لتسبيحه أو تسبيحتان أو ركعة أو ركعتان في صحيفة احدنا أحب اليه من الدنيا وما فيها فيا عباد الله بادروا بالتوبة واعرفوا قدر ما انتم فيه اليوم وما ستقدمون عليه غدا قال النبي صلي الله عليه وعلى اله وسلم: ( لموضع صوت أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها خير من الدنيا كلها من أولها إلي أخرها فموضع الصوت في الجنة خير من ذلك كله قال الله عز وجل: ( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا ) وقال الله عز وجل: ( بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وابقي ) وقال تعالي: ( افرايت إن متعناهم سنينا ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما اغني عنهم ما كانوا يمتعون ) اعتبروا رحمكم الله اعتبروا بمضي الأيام والليالي واتخذوا منها فرصة لصالح الأعمال واقرأوا قول الله عز وجل: ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوي على العرش يدبر الأمر ما من شفيع الا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون اليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا انه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزئ الذين امنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب اليم بما كانوا يكفرون * هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك الا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون* إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون) فاعتبروا يا أولي الأبصار اعتبروا يا أولي الأبصار واعملوا ليوم تشخص فيه القلوب والأبصار واعلموا واعلموا إن الدنيا سريعة الزوال وانه لا عمر للإنسان الا أمضاه في طاعة الكبير المتعال اللهم إنا نعوذ بك من الغفلة ونسألك التوفيق للتوبة ونسألك المزيد من فضلك ورحمتك وان تجعلنا من أولي الألباب الذين يعتبرون ومن أهل العقول الذين يتبصرون واغفر لنا ولوالدين ولجميع المسلمين برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى اله وصحبه أجمعين...

 

الحمد الله وكفي على عباده الذين اصطفي واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولي واشهد إن محمدا عبده ورسوله المصطفي وخليله المجتبي صلي الله عليه وعلى اله وأصحابه ومن بهداهم اهتدي وسلم تسليما كثيرا إلي يوم الدين ...

أما بعد

أيها المسلمون لقد انصرم العام الماضي ولم يبقي فيه الا ساعات نسال الله إن يجعله شاهد لنا لا شاهد علينا وان يرزقنا القوة في طاعة الله بما يستقبل من أعمارنا في العام الماضي حدثت آية من آيات الله وذلك بتساقط الشهب من السماء كما نشرته الصحف وكما حدثني من أثق به حينما قال ما اتلوه عليكم الآن يقول انه كان ومعه ثلاثة في رحلة نحو تبوك قبل سبعين كيلو منه وإنهم في ليلة الثلاثاء الثامن والعشرين من شهر رجب عام تسعة عشر وأربعمائة وألف قاموا في الليل الساعة الثالثة فوجدوا السماء تقذف بالشهب متواصلة من كل جانب من الشمال والجنوب من الشرق والغرب ومن فوق الرأس تتخابط ولكنها مع كثرتها وسرعتها لا تتصادم إنها بإحجام مختلفة تضئ منها الأرض حتى تكاد تلتقط منها الإبرة وبعض هذه الشهب يكون لها ذيل ابيض ابيض حتى اخفي نور الشمس من هذه الشهب الساعة السادسة صباحا فتبارك الله رب العالمين هكذا قال لي وقد قيل إن بعضها يمس الأرض بشرق أسيا وقد حدثني شخص كبير قد توفي رحمه الله عن مثل هذا قال كنا في رحبة بيتنا بعد صلاة المغرب وإذا بالشهب تتهاوي وتتساقط وتختلف يمينا وشمالا وشككت في خبره مع ثقته عندي مع ثقته عندي ولكن شهد هذا الشاهد الذي حدث في هذا العام وفي هذا دليل على كمال قدرة الله عز وجل وانه هو الفعال لما يريد ولهذا خفي سبب هذا عن الناس ما سبب هذا الحادث والله تعالي بكل شئ عليم وحدث في أخر هذا العام ذلك العدوان الصربي على إخواننا المسلمين في ألبانيا في كسوفا هذا العدوان الغاشم في كوسوفا هذا العدوان الغاشم الذي يشبه من بعض الوجوه ما حدث في البوسنة قبل سنوات وانه لحدث جلل  انه لحدث جلل انه لحدث عظيم أن يقتل الرجال وان تفرق العوائل وان يطردوا من بيوتهم  وأملاكهم وان تستباح نسائهم فانا لله وإنا اليه راجعون لقد كان حق على ولاة أمور المسلمين من رؤساء وغيرهم انه يهبوا لنصرة هؤلاء وان يعقدوا المؤتمرات الكبيرة الواسعة للتنديد بهؤلاء المجرمين الصربيين حتى تهتز الأمم من مؤتمرات المسلمين ويعرفوا إن المسلمين بعضهم لبعض أولياء كما قال الله عز وجل : ( إن المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) ولكن مع الأسف الشديد لا يوجد الا من شاء الله تحرك لهذه الفاجعة العظيمة نسال الله إن يجمع قلوب المسلمين على الحق وان حق إخواننا علينا إن ندعوا لهم في السجود وعند التشهد وكذلك في أخر الليل وبين الآذان والإقامة إن ينصرهم الله وان يجمع شملهم بعد الشتات وان ينصرهم بعد إن خذلهم هؤلاء الكفار فنسال الله تعالي إن يردهم إلي ديارهم وان يجمعهم فيها وان ينصرهم على عدوهم وإذا تأملت الموضوع تأملا دقيقا وجدت إن الكفار لا يريدون إن تقوم دوله إسلامية في اروبا وإنهم يريدون إن يفرقوا المسلمين يمينا وشمالا حتى تضعف سلطتهم لأنه بلا شك إذا تفرقت الأمم قل شانها في أعين أعداءها فنسال الله تعالي إن يدمر الصرب تدميرا تقر به أعيننا وان يجمع كلمة المسلمين على الحق انه على كل شئ قدير اعلموا عباد إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلي الله عليه وعلى اله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة فان يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار وأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد صلي الله عليه وعلى اله وسلم يعظم لكم بها أجرا فان من صلي عليه مرة واحدة صلي الله بها عليه عشرة اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته وإتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اسقنا من حوضه اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم ارضي عن خلفاءه الراشدين وزوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين اللهم ارضي عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم اللهم لا تأخذنا بما فعلنا وعافنا وأعفو عنا واغفر لنا وارحمنا اللهم انزل علينا الغيث والرحمة اللهم انزل علينا الغيث والرحمة اللهم انزل علينا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من القانطين اللهم في البلاد في بعضهم من لامأوى له من والشدة والضنك وموت المال  ما لا يدفعه الا أنت يا رب العالمين اللهم فرحمتك نرجو اللهم رحمتك نرجو اللهم رحمتك نرجو اللهم اسقنا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من القانطين اللهم فما منعت من ذلك فبعدلك و ما ا مننت به فمن فضلك اللهم فجود علينا بفضلك يا رب العالمين اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى اله وصحبه أجمعين عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي ألقربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون و أوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها  وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله  العظيم  الكريم يذكركم واشكروه علي نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون ...