خطبة نعمة المطر الشيخ محمد بن صالح العثيمين

نعمة المطر
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا أرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته فأنشأ بها سحابا ثقالا وكان ذلك على الله يسيرا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و كان الله على كل شيء قديراً وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا فبلغ الرسالة وأدى الأمة ونصح الأمانة وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ...

أما بعد

أيها الناس اتقوا الله تعالى اتقوا ربكم الذي خلقكم ورزقكم . قال الله تعالى ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلَا تَجْعَلُواْ لِلَِّه أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ( البقرة : 22 ) وقال الله تعالى ﴿الله الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُِثيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ¼ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَاِلِه فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِروُنَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لمَحُيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرُ ( الروم : 48 - 50 )  وقال الله عز وجل ﴿حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَالْبَلَدُ الطَّيِبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ ¼بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآََيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴾( الأعراف : 57 - 58 )  أيها الناس أيها المؤمنون بالله ورسوله إن في كل شيء من هذا الكون لآية تدل على وحدانية الله وعلى كمال ربوبيته وعظمته وعلى تمام علمه وقدرته وعلى بالغ رحمته وحكمته وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا هذه الرياح اللطيفة يرسلها الله تعالى فتحمل تلك السحب الثقيلة المحملة بالمياه الكثيرة بحارا جوية تجري بين السماء والأرض ثم تكون أنهارا أرضية تجري في فجاج الأرض أودية وشعاب من رذاذاً يرسله الله قطرة، قطرة فترى الودق يخرج من خلاله ترى هذا السحاب المتفرق يؤلف الله بينه فيجمعه حتى يتراكم كالجبال فيحجب نور الشمس لكثافته وتظلم الأرض من سواده وتراكمه يتجمع ويتثاقب ويتسع وينقبض وإذا شاء الله فرقه سريعا فأصبحت السماء صحواً كأن لم يكن بها سحاب﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إَنَّهُ¼ خَبِيُر بِمَا تَفْعَلُونَ﴾   ( النمل : 88)  قال أنس ابن مالك رضي الله عنه أصاب الناس سنة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يعني جذبا قلة مطر وعدم نبات الأرض فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قام أعرابي فقال: (  يا رسول الله هلك المال وجاع العيال وانقطعت السبل فادعوا الله يغيثنا فرفع يديه وما نرى في السماء قطعة غيم قال أنس رضي الله عنه فوا الذي نفسي بيده ما وضعهما حتى صارت السحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته ) صلى الله عليه وسلم فمطرنا يومنا ذلك ويوم الغد وبعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى وقام ذلك الأعرابي أو قال غيره فقال: يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال فادعوا الله لنا فرفع يديه وقال: اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر فما يشير بيده في ناحية من السماء إلا انفرجت فتمزق السحاب فما نرى منه شيئا على المدينة وسال الوادي قناة شهرا ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجو )(1) أيها الناس إن في هذا الحديث الصحيح وفيما نشاهده نحن في هذا السحاب تجمعا وتفرقا وكثافة وخفة وبطئاً في المسير وسرعة وغزارة في المطر وقلة في هذا كله أكبر دليل على عظمة الله عز وجل وعلى قدرته وأنه إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون يكون بمرةٍ واحدةٍ من غير تكرار ومن غير تأخر ولا بطء واستمعوا إلى قول الله عز وجل ﴿ وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ﴾ ( القمر : 50 )  وإن هذا السحاب مسخر بأمر الله لا يتجاوز ما أمره به خالقه ومنشئه وقد حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ( عن رجل في فلاة من الأرض سمع صوتا في سحابة أسق حديقة فلان فأفرغت السحابة مائها في حره وقال المطر منها إلى حديقة الرجل فجاء الذي سمع الصوت في السحابة إلى هذا الرجل فقال له يا عبد الله ما اسمك قال اسمي فلان بالاسم الذي سمعه في السحابة فقال الرجل فلما تسألني عن اسمي قال إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماءه يقول أسق حديقة فلان باسمه فما تصنع في حديقتك قال أما إذا قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثاً وأرد فيها ثلثا)(2) يعني لحرثها وعمارتها أيها المسلمون إننا بهذا الحديث نؤمن لأنه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى وإننا بهذا الحديث يتبين لنا أن هذا السحاب ينشأ بإرادة الله وقدرته ويسير بإرادة الله وقدرته ويتجه إلى حيث أمره الله تعالى بحكمته وينزل الماء بإذن الله ويمسكه بإذن الله قال الله عز وجل: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً *  وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً ﴾ ( الفرقان : 48 - 50 )  نعم صرف الله هذا المطر بين عباده ما بين قليل وكثير ووقت وآخر ليذكروا ويتعظوا ويشكروا ولكن أبى أكثر الناس إلا كفورا بنعمة الله لا يتفطنون لنعمة الله ولا يستعينون بها على طاعته حتى إنهم مع الخير الكثير ومع الأمطار الغزيرة  ينسبون ذلك إلى الظواهر الطبيعية يقولون هذا ضغط جوي هذا جاءنا من ناحية الفلانية ومن ناحية الفلانية وكأنهم لا يعلمون أن الخالق هو الله وإذا تنزلنا معهم وقلنا إنه ضغط جوي أو كما يقولون فإننا نقول من أوجد هذا الضغط ومن الذي قدر هذا الأمر حتى ينزل المطر أليس هو الله الواحد القهار إننا لا ننكر أن يكون للشيء أسبابا ولكننا ننكر أن يضاف الأمر إلى هذه الأسباب دون خالق الأسباب فإن الله تعالى هو الواحد القهار وليستمع هؤلاء إلى ما ثبت في صحيح البخاري عن زيد ابن خالد الجهني قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبيه فأصابنا مطر ذات ليلة فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحب فلما انصرف أقبل علينا فقال أتدرون ماذا قال ربكم قلنا الله ورسوله أعلم قال: (قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب ونحن نقول مؤمنين بذلك نقول الحمد لله مطرنا بفضل الله ورحمته قال صلى الله عليه وسلم: ( وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا يقوله النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب) (3) ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا نزل المطر حسر عن ثوبه أي كشف عن شيء من بدنه فقالوا لما صنعت هذا يا رسول الله قال: لأنه حديث عهد بربه يعني أن الله خلقه الآن فلذلك أحب  النبي صلى الله عليه وسلم أن يصيب بدنه من هذا المطر وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى المطر قال: (اللهم صيبا نافعا )(4) فيا أيها الناس تدبروا آيات الله واستعينوا بها على معرفته والتعرف إليه واعلموا أن من تدبر آيات الله ونظر فيها ازداد بها إيماناً ويقيناً ونشاطاً على العمل الصالح وبعدا عن العمل السيئ وكونوا من أولي الألباب ﴿ الَّذِينَ يَذْكُُرُونَ الله قِيَاماً وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ  وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَِقنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ* رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يِوْمَ الْقِيَامَةِ ِإنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾  ( آل عمران : 191 - 194 ) اللهم وفقنا لتدبر آياتك والانتفاع بها في مرضاتك اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدنا اللهم وفقنا لما تحب وترضى وجنبنا ما تبغضه ولا ترضى عنه يا رب العالمين أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ...

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى أصحابه خير صحب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدا البدر وأنور وسلم تسليما كثيرا

أما بعد

أيها الناس اتقوا الله تعالى واستعينوا بنعمه على طاعته وذكره فإن الذي بكم من النعم من الله عز وجل وإذا مسكم الضر فإليه تجأرون ولقد استسقى بعض إخواننا في الأمس الذين لم يكونوا قد اسألوا  من قبل وبهذا أجاب الله دعائهم ولله الحمد فحصل هذا المطر الغزير الذي نرجو الله أن يكون صيباً نافعا فاشكروا الله على هذه النعمة ولا تجعلوها وسيلة للمعاصي وإن من المهم في مثل هذه الأيام أيام المطر أن يراعي السائقون للسيارات أحوال المشاة إذا أقبلوا عليهم وحولهم بقعة من الماء فإنه ينبغي أن يمسكوا بفرامل السيارة حتى تسير رويداً رويدا لألا يحصل رشاش الماء على المشاة فيؤذيهم فإن أذية إخوانك المسلمين من أسباب الإثم المبين قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً﴾ ( الأحزاب : 58 ) وأنت يا راكب السيارة تصور أنك الذي تمشي على الأرض وأن هذا الذي يمشي هو الذي في السيارة فهل ترضى أن يسير بسرعة حتى يؤذيك رشاش الماء إنك لا ترضى وإذا كنت لا ترضى لنفسك فإن من تمام الإيمان بالله أن لا ترضاه لإخوانك المسلمين لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )(5) فاتقي الله أخي المسلم ولا تجعل ما أنعم الله به عليك من هذه السيارات لا تجعلها سبباً لإثمك وعقوبتك يوم القيامة بإيذاء إخوانك المسلمين في مثل هذه الأحوال وإن من نعمة الله وتيسيره أن رخص لعباده إذا كان يلحقهم مشقة للصلاة في وقتها أن يجمعوا بين الصلاتين الظهر والعصر والمغرب والعشاء إذا شق عليهم ذلك للمطر أو الوحل لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر صح عنه ذلك في صحيح مسلم فقيل لابن عباس راوي الحديث لما صنع ذلك فقال رضي الله عنه: ( أراد أن لا يحرِّج أمته أي أراد أن لا يلحق أمته حرج في دينها)(6) وهذا مصداق قول الله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ ( الحج : 78 ) فإذا أتى الإنسان إلى المسجد وهم يصلون فليدخل بنية المغرب سواءً كان الإمام يصلي المغرب أو يصلي العشاء فإذا قدر أن الإمام يصلي المغرب فالأمر واضح وإذا قدر أن الإمام يصلي العشاء فلا حرج على المأموم إذا خالفت نيته نية إمامه لأنه لا دليل على اشتراط اتحاد نية الإمام والمأموم وإنما الدليل دل على اتحاد أفعال الإمام والمأموم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه )) ولم يقل فلا تختلفوا عنه بل قال فلا تختلفوا عليه ثم قدر هذا الاختلاف بقوله: ( فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد وإذا صلى قائما فصلوا قياماً وإذا صلى قاعدا فصلوا قعوداً )(7) فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم ما يحصل به الاختلاف على الإمام وهو الاختلاف في الأفعال والمتابعة لا في النيات فإذا دخلت والإمام يصلي العشاء مثلا فانوي المغرب ثم إن كنت قد دخلت في أول ركعة فإذا قام الإمام إلى الرابعة فاجلس وانوي مفارقته واقرأ التحيات وسلم ثم قم معه لتصلي مع الإمام ما بقي من صلاة العشاء أما إذا دخلت مع الإمام في صلاة العشاء في الركعة الثانية فما بعدها فالأمر واضح إن دخلت في الركعة الثانية فإنك تسلم مع الإمام وإن دخلت في الركعة الثالثة صليت مع الإمام ركعتين ثم أتيت بالثالثة للمغرب وإن دخلت معه في الرابعة صليت معه ركعة وأتيت بركعتين بعد ذلك وهذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنما جعل الإمام ليأتم به واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ، شذ في النار واعلموا أن الله بدأكم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ ( الأحزاب : 56 ) اللهم صلي وسلم على عبدك ونبيك محمد اللهم ارزقنا محبته وإتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أسقنا من حوضه اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن أصحابه أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وأرضى اللهم عنا معهم بمنك وكرمك يا رب العالمين اللهم ارزقنا شكر نعمتك على ما أنعمت به علينا من هذا الغيث واجعله اللهم صيباً نافعاً عاما للمسلمين واجعله عونا لنا على طاعتك يا رب العالمين ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون وإنني أبشر إخواننا الذين يصلون الآن في المطر ويشق عليهم ذلك بأن الله سيضاعف لهم الأجر وإن كان قد فاتهم خير كثير بسبب تأخرهم ولكن لعلهم معذورون فأسأل الله أن يثيبهم على ما أصابهم من هذه المشقة ...

 

 

(1)   أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في ك الجمعة من حديث أنس ابن مالك رضي الله تعالى عنه ( 881 ) والإمام مسلم رحمه الله تعالى في ك صلاة الاستقاء ( 14493 ) .

(2)    أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في ك الزهور والرقائق من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( 5399 ) ت ط ع .

(3)   أخرجه البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الأذان ( 801 ) رواه زيد بن خالد الجهنى رضي الله تعالى عنه . وأخرجه الإمام مسلم  رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان ( 104 ) رواه زيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنه . ت ط ع 

(4)   أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الجمعة ( 974 ) من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها .

(5)   أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في ك الإيمان (12) من حديث أنس ابن مالك رضي الله تعالى عنه . ت ط ع

(6)   أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في كتاب صلاة المسافرين وقصرها ( 1147 ) من حديث بن عباس رضي الله تعالى عنهما .

(7)   أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الأذان ( 680 ) من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى ومسلم رحمه الله تعالى في كتاب الصلاة ( 625 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأبي داود رحمه الله تعالى في كتاب الصلاة ( 511 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . ت ط ع