خطبة الكسب الحلال الشيخ محمد بن صالح العثيمين

الكسب الحلال
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما

أما بعد

فقد قال الله تعالى (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً) (النساء:37-28) هكذا يقرر الله تعالى هذه الكلية العامة الشاملة لكل إنسان أن كل إنسان خلق ضعيفاً فالإنسان ضعيف في نشأته خلقه الله من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين والإنسان ضعيف في علمه (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (الاسراء:85) لا يعلم الغيب ولا يعلم المستقبل حتى في تصرفاته الخاصة (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً)(لقمان: من الآية34) حتى نفسه التي بين جنبيه لا يدري ما هذه النفس (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (الاسراء:85) والإنسان ضعيف في تصوره وإدراكه قد يتصور القريب بعيداً والبعيد قريباً والضار نافعاً والنافع ضارا ولا يدرك النتائج التي قد تنتج عن تصرفاته وأعماله ومن أجل هذا الضعف من أجل هذا الضعف أرسل الله الرسل وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط رحمة بالعباد ليسيروا على سراط الله المستقيم وتثبت شرائع الله بين الناس فلا يحتاجوا إلى تشريعات من عند أنفسهم يسلكون بها مسالك المتاهات في الظلم والجور والنزاع والخلاف فجاءت هذه الشريعة بل جاءت شرائع الله منظمة للناس ليس في العبادة فحسب ولكن في العبادة والآداب والأخلاق والمعاملة وكان أكمل تلك الشرائع وأشملها وأرعاها لمصالح العباد في كل زمان ومكان هذه الشريعة التي ختم الله بها الشرائع شريعة الإسلام لتكون شريعة للخلق كافة ومنهج حياة شاملاً إلى يوم القيامة وفي الشريعة التي جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ورسول رب العالمين إلى الخلق أجمعين فجاءت هذه الشريعة تنظم للناس العبادات والمعاملات والآداب والأخلاق فاتبع الناس فاتبع الناس أهوائهم في معاملاتهم فضلوا وعموا أو تعاموا عن الحق حيث زعموا أن هذه الشريعة إنما تنظم للناس العبادات والأخلاق فقط العبادات والأخلاق فقط واتبعوا القوانين التي وضعها شياطين الخلق ليضلوا بها الناس عن شريعة ربهم وإنني أقول لهؤلاء أفلم يعلم أفلم يعلم هؤلاء الذين عموا أو تعاموا أن في الشريعة الإسلامية نصوصاً كثيرة وافية في تنظيم المعاملات في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل بل إن أطول آية في القرآن كانت في المعاملة بين الناس في بيعهم وشراءهم الحاضر والمؤجل وبيان وسائل حفظ ذلك من كتابة وإشهاد ورهن واقرءوها إن شئتم في آخر سورة البقرة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ)(البقرة: من الآية282) الآية وهي صفحة كاملة لا يوجد في كتاب الله آية أطول منها أفليس هذا أفليس هذا أكبر دليل على أن الشريعة تنظيم للعبادة وتنظيم للمعاملة إن في العبادات أمراً ونهيا وفي المعاملات أمراً ونهيا وفي العبادات ترهيب وترغيب ووعد ووعيد وفي المعاملات ترغيب وترهيب ووعد ووعيد (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (الاسراء:35) (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) (المطففين:1-3) أيها المسلمون إن على المؤمن إن على المؤمن أن يسير في عباداته على الحدود الشرعية من غير تجاوز ولا تقصير وكذلك يجب عليه أن يسير على الحدود الشرعية في معاملة الناس من بيع وشراء وتأجير واستأجار وإرهان وارتهان وبذلك وأخذ وغير ذلك لأن الكل شريعة الله فالإنسان مسؤول عن معاملاته كما هو مسؤول عن عبادته قال الله عز وجل (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِين * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ) (الأعراف:6-7) فاتقوا الله عباد الله وأجملوا في طلب المال سيروا في طلبه على هدى ربكم لا على هوى أنفسكم (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الملك:22) وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم ) وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ( ولا والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوارقه ) قالوا وما بوارقه يا نبي الله قال ( غشمه وظلمه ) ولا يكسب عبد مالاً من حرام فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق به فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار إن الله لا يمحو السئ بالسئ ولكن يمحو السئ بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث أيها المسلمون إن في هذا الحديث لعبرة لمن كان له قلب إنه يدل بوضوح على أن كثرة الدنيا وتنعيم العبد بها ليس علامة على أن الله يحبه فإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب وها هم الكفار يتنعمون بما يتنعمون به من الدنيا وهم أعداء الله وموضع سخطه وبغضه ولكن ولكن العلامة على محبه الله للعبد هو الدين الذي يلتزم به العبد شرائع الله في عباداته ومعاملاته وآدابه وأخلاقه فإذا رأيت الرجل ذا دين فإن الله يحبه لأن الله لا يعطي الدين إلا لمن يحب (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ )(آل عمران: من الآية31) وهذا الحديث يدل بوضوح على أن من كسب مالاً على وجه محرم فهو خاسر مهما ربح لأنه إما أن ينفق هذا المال في حاجاته الدنيوية وإما أن يتصدق به لطلب الثواب في الآخرة وإما أن يبقى بعده بدون إنفاق ولا صدقة وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم هذه الثلاث بأنه إن أنفقه لم يبارك له فيه وإن تصدق به لم يقبل منه وإن بقي بعده كان زاده إلى النار هذه أيها المؤمنون نتائج من اكتسب المال بطريق محرم أضف إلى هذه النتائج نتيجة الطمع واحتراق القلب واحتراق القلب في طلب المال واستمع إلى قول نبينا صلى الله عليه وسلم الثابت عنه في الصحيحين يقول ( إن أكثر ما أخاف عليكم ) أرجو أن تحبوا أسمائكم وقلوبكم الى هذا الحديث ( إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض ) قيل وما بركات الأرض قال ( زهرة الدنيا ) ثم قال صلى الله عليه وسلم ( إن هذا المال خضرة حلوة من أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو وإن أخذه بغير حقه أوفى له ومن لم يأخذه بحقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيداً يوم القيامة ) أخذ المال بحقه أن يكتسبه الإنسان بطريق حلال وأخذ المال بغير حقه أن يأخذه بطريق غير حلال والميزان والميزان لكون الطريق حلالاً أو غير حلال ليس هوى النفس ولا القانون الوضعي وإنما هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما أحله الله ورسوله فهو الحلال وما حرمه الله ورسوله فهو الحرام ولقد صدق النبي صلى الله عليه وسلم وبرهنت الوقائع على صدقه فإن الناس اليوم بما فتح الله عليهم من زهرة الدنيا وبركات الأرض صاروا منغمسين في المال أشد ال أشد الإنغماس كأنما خلقوا للمال مع أن المال هو الذي خلق لهم إن الناس يشاهدون من يكتسب المال بالطرق المحرمة يشاهدونه وقد ملأ صدره الطمع وأحرق نفسه الشح أيديهم مملؤة من المال وقلوبهم خالية منه يقول الناس إنهم يقول الناس إنهم أغنياء ولكنهم أشد في طلب المال من الفقراء لأنهم كانوا كما قال النبي الصادق المصدوق كانوا كالذي يأكل ولا يشبع يشاهدون من يأكل الربا لا يقلع عنه ولا يستر في طلبه يشاهدون من يتحايل على أكل الربا بالمعاملات الصورية وقد زين له سوء عمله فرآه حسنا لا يرأوي عن تحايله ولا يتوانى في ذلك يشاهدون من يكذب في السلعة أو ثمنها منهمكاً في عادته السيئة لا يقلع عنها يشاهدون من يعامل بالغش والتغرير والتمويه على الناس لا يزال مستمراً في عمله يشاهدون من يأخذ الرشوة على أعماله الملزم بها من قبل الدولة فيتوانى في القيام بعمله حتى يعطى رشوة ومع ذلك فهو مسبوق بهذا العمل منهمك فيه يشاهدون من يربحون من وراء المناجشات في المساهمات العقارية في الأراضي أو غيرها ولا يتورعون عن الكسب بهذه الطريق المحرمة فكيف يليق بالمؤمن وهو يعلم بهذه العقوبات ويشاهد تلك النتائج أن يسعى لكسب المال من طريق محرم كيف يرضى أن يخسر دينه من أجل الكسب الظاهري في دنياه كيف يليق به أن يجعل الوسيلة غاية والغاية وسيلة ألم يعلم أن المال وسيلة لقيام الدين والدنيا وأن اكتسابه بطريق محرم هدم للدين والدنيا فاتقوا الله أيها المؤمنون اتقوا الله أيها المؤمنون اتقوا الله أيها المؤمنون واخشوا أن تنزل بكم عقوبة لا تستطيعون دفعها اللهم وفقنا للبصيرة في ديننا والعمل بما يرضيك عنا اللهم احمنا من أسباب سخطك ومعاصيك اللهم اهدنا للتي هي أحسن اللهم هيء لنا من أمرنا رشدا اللهم اجعلنا من المتواصين في الحق المتواصين بالصبر المتواصين بالمرحمة الآمرين بالمعروف والناهيين عن المنكر إنك على كل شئ قدير أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الحمد لله حمداً كثيراً كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله تعالى رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على العبادة أجمعين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين……

أما بعد

أيها الناس فإنه جرت عادة الناس في أيام العطل أن يسافر بعضهم عن بلادهم إلى أقاربهم أو إلى أو إلى الحجاز إلى مكة أو إلى المدينة وهذا عمل طيب إذا أريد به وجه الله فإذا أراد الإنسان في السفر إلى زيارة أقاربه صلة الرحم كان بذلك مأجوراً عند الله وكان له أجر واصل الرحم وقد ثبت أن الله سبحانه وتعالى تكفل للرحم بأن من وصلها وصله الله فينبغي للذين يذهبون لهذا الغرض أن يبتغوا بذلك وجه الله حتى يكونوا من الواصلين المستحقين لوصل الله وجرت عادة الناس أن يذهبوا إلى الحجاز لأداء العمرة أو لزيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فالذين يذهبون إلى العمرة ينبغي لهم أن تكون قد أن تكون العمرة قصدهم الأول حتى وإن كانوا يريدون أن يزورا أقارب لهم هناك فلينوا بذلك الأمرين جميعاً وليبدأوا أولاً بالعمرة حتى لو كان الذين يريدون زيارتهم في جدة مثلاً فليبدأوا أولاً بمكة يحرمون من الميقات ويأدون العمرة فيطوفون ويسعون ويحلقون أو يقصرون ثم يخرجون إلى جدة لزيارة أقاربهم حتى يكون قصد بيت الله هو الأول في القصد وهم مع ذلك لا يفوتهم زيارة أقاربهم في جدة أما من يذهب إلى جدة أولاً وهو عازم على العمرة ثم يتجاوز الميقات بدون إحرام فإن هذا حرام عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت وقال ( هن لهن ولمن مر بهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة ) فمن كان عازماً على العمرة ولو كان يقصد زيارة قريب له في جدة فإنه لا يجوز له أن يتجاوز الميقات حتى يحرم وقد قلت لكم إن الأولى أن يبدأ بالعمرة أما من يريد المدينة فإنه ينبغي أن يكون قصده مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ) والصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام ولكن الصلاة في بيتك وأنت في المدينة إذا كانت نفلاً أفضل من الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المدينة ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يصلي النفل في بيته ولا يصلي النفل في مسجده إلا قليلاً أيها المسلمون بعد الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يذهب الرجال إلى زيارة قبره صلوات الله وسلامه عليه وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيقف أمام قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ويسلم عليه بالسلام الذي علمنا إياه وهو السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ثم يصلي عليه ثم يخطو خطوة عن يمينه ليسلم على أبي بكر رضي الله عنه فيسلم عليه ويترضى عنه ثم يفعل ذلك بالنسبة لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وعن أبي بكر ثم ينصرف ولا يقف لدعاء ولا غيره وإذا أحب أن يخرج إلى مسجد قباء خرج متطهراً وصلى فيه ركعتين أو ما شاء الله ثم يزور البقيع ويسلم على من كان هناك من موتى المسلمين ويزور أحداً أيضا فيسلم على الشهداء هناك وعلى رأسهم حمزة أسد الله وأسد رسوله وعم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد الشهداء رضي الله عنه ولكن النساء لا يزرن القبور لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور وأعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يدا الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار وأعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جلا من قائل عليما ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد اللهم اجزه عنا أفضل ما جزيت نبياً عن أمتك اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم وليس لهم شفعاء اللهم ارزقنا محبته يا رب العالمين اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أصلح المسلمين ولاة أمورهم اللهم وفقهم في مؤتمرهم المقبل اللهم وفقهم للخطوات المباركة التي فيها إعزاز المسلمين في كل مكان اللهم اجعله مؤتمراً نافعاً صالحاً للمسلمين اللهم اجعلهم موفقين لكل خير مجنبين كل سوء وكل مكروه  يا رب العالمين اللهم من كان من ولاة أمور المسلمين غير مستقيم على دينك ولا محكماً لشرعك ولا مخلصاً لعبادك اللهم فاهده إلى الحق أو أبدله بخيراً منه يا رب العالمين اللهم أصلح لولاة أمورنا بطانتهم واجعلهم خير بطانة يا رب العالمين اللهم من كان من بطانة ولاة أمورنا غير ناصح لهم ولا لرعيتهم فأبعده عنهم يا رب العالمين وأبدلهم بخير منه إنك على كل شئ قدير ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم عباد الله تعلمون أنكم في آخر موسم الشتاء وأن المطر لم ينزل إلى الآن وما ذلك إلا بسبب الذنوب والمعاصي فإن الله تعالى أكرم الأكرمين وفضله واسع للعالمين ولكنه يعطي لحكمة ويمنع لحكمة فيا ليت شعري هل نحن فكرنا في أنفسنا هل نحن فكرنا فيما منعنا فضل الله من أجله إن من أهم الأمور أن يؤدي الناس زكاة أموالهم فإنه ما منع قوم الزكاة إلا منعوا القطر من السماء وإن الزكاة ليس في أموال التجار فقط ولكنها في أموال التجار وفي الزروع وفي الثمار وقد بلغني أن من الناس من أدوا زكاة ثمارهم تمراً لا يأكله الآدميون لا يأكله إلا البهائم وذلك لأنه خبيث وقد قال الله تعالى ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ )(البقرة: من الآية267) حتى أنه تكرر السؤال عن تمر تبع إلى القائمين على توزيع التمر ولكنني لا أدري هذا السؤال هل هو من عنيزة أو من غيرها إنما يسألون عن هذا التمر هل يوزع على الفقراء أو يباع فيصرف دراهم فقلت لهم الأولى أن توزعوه على الفقراء فقالوا إنه لا يستطيع الآدميون أكله لأنه رديء جداً أيها المسلمون كيف يليق بإنسان يؤمن بالله واليوم الآخر وأن الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة كيف يليق به أن يدفع عن الثمر الطيب ما هو رديء بالنسبة إليه يأكل هذه الأشياء الطيبة إما مباشرة أو بواسطة بيعها ثم يؤدي الزكاة من الرديء إن هذا حرام عليه وإن زمته لا تبرأ بذلك وإنه سوف يعاقب على هذا يوم القيامة بما يعاقب به مانع الزكاة وهو والذي لم يدفع الزكاة على حد سواء بل إنني أتصور الآن في موقفي هذا أن الذي يصرف الرديء من ثمره أخبث من الذي يمنع الزكاة بتاتاً وذلك لأن الذي يدفع الرديء كالمستهزئ بالله عز وجل كأنه يقول لا أعطي الله إلا هذا الرديء عصياناً لقوله (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ)(البقرة: من الآية267) وهو مع ذلك يمن يمني نفسه أنه قد أدى الزكاة فتجده مطمئناً كأن لم يفعل بأساً أما الذي منعها فإنه لم يحصل منه هذا الأمر وربما تأنبه نفسه حتى يؤديها فاتقوا الله أيها المسلمون وأدوا الزكاة وأدوا المظالم فيما بينكم وأعلموا أن فضل الله أوسع من ذنوبكم ولكنه يمنع ذلك ليذيقكم بعض الذي عملتم لعلكم ترجعون اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا