خطبة الحذر من أعدائنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين

الحذر من أعدائنا
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيراً ونذيرا وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا وختم به النبوة فلا نبي بعده ولكن رسول الله وخاتم النبيين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيرا

أما بعد

أيها الناس اتقوا الله ربكم وتيقظوا لما يريده أعداء المسلمين من القضاء على الإسلام والمسلمين بكل وسيلة وما يدبره هؤلاء الأعداء من مكائد (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (الصف:8) أيها المسلمون لقد تنوعت أساليب أعداء المسلمين في محاولة القضاء على دينهم ووجهوا إليه ألواناً من الأسلحة وغزوا المسلمين من كل وجه غزوا المسلمين بالسلاح العسكري والقتال الدموي وغزوهم بالسلاح الفكري وغزوهم بالسلاح الخلقي وغزوهم بالسلاح العاطفي غزوا المسلمين بالسلاح العسكري فأعلنوا الحرب على المسلمين وشنوا الغارة عليهم بأقوى الأسلحة التي تمكنهم الفرصة من استعمالها وغزوا المسلمين بالسلاح الفكري فأفسدوا أفكاراً من المسلمين وعقيدة يحاولون تشكيك المسلمين في دينهم وزعزعة العقيدة من قلوبهم لما ينشرونه من كتب ورسائل وما يلقونه من خطب ومقالات بالطعن في الإسلام وقادته أحياناً وبتزين ما هم عليه من الباطل والكفر أحيانا فإن اعتنق المسلم ما هم عليه من الكفر والضلال فذلك غاية مناهم وتمام رضاهم قال الله عز وجل وهو الخلاق العليم بما تخفي الصدور قال (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً )(النساء: من الآية89) وقال عالم الغيب والشهادة (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (البقرة:120) وإذا لم يعتنق المسلم ما هم عليه من الكفر والضلال اقتنعوا منه بالشك في دينه والارتياب وفي ذلك خروجه من الدين فإن الشك في الدين كفر ولقد صرح بعض هؤلاء المخدوعين ولقد صرح بعض هؤلاء الأعداء بعض هؤلاء الأعداء بذلك فقالوا إننا نستبعد من المسلم أن يدخل في ديننا ولكن يكفينا أن يشك في دينه ثم يخرج منه إلى أي دين شاء ذلك لأن هؤلاء الأعداء يعلمون علم اليقين أن عز الإسلام هو ضلهم والقضاء عليهم وأن انتصار الإسلام خذلانهم وأن قيام دولته سقوط دولهم وغزا هؤلاء الأعداء غزا هؤلاء الأعداء المسلمين بالسلاح الخلقي فنشروا بين المسلمين ما تفسد به أخلاقهم وتفسد به وتفسد به آدابهم قيمهم نشروا في المسلمين ما يشير الغرائز والشهوة إما بالأغاني والألحان وإما بالكلمات الماجنة والقصص الخليعة وإما بالصور الفاتنة حتى يصبح المسلم فريسة لشهوته يتحلل من كل خلق فاضل وينزل إلى مستوى البهائم وحتى لا يكون للمسلم هم سوى إشباع غريزته من حلال أو حرام وبذلك ينسى دينه ويهدر كل فضيلة وينطلق مع شهواته ولذاته إلى غير حدود شرعية ولا عرفيه فيتنكر للشرع  وللعادة وغزوا المسلمين بالسلاح العاطفي سلاح المحبة والعطف فيتظاهرون بمحبة المسلمين والولاء لهم والعطف عليهم ومراعاة مصالحهم حتى يغتر بهم من يغتر من المسلمين وتنزع من قلوب المؤمنين العاطفة الدينية فيميلون إلى هؤلاء الأعداء بالمودة والإخاء والقرب والولاء وينسون قول ربهم عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقّ)(الممتحنة: من الآية1) ونسي هؤلاء المائلون إلى أولئك الأعداء نسوا قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51) فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة وينسى هؤلاء المائلون إلى أولئك الأعداء ينسون قول الله عز وجل (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)(المجادلة: من الآية22) أيها المسلمون إنه يجب علينا مع هذه التوجيهات الإلهية الصادرة عن علم وحكمة ورحمة أن لا نتجاهل دليلاً واقعياً يوجب علينا الحذر من أعدائنا ومن مولاتهم ذلك هو ما حصل للإسلام من عز وتمكين فإن أعداءنا لن ينسوا ذلك العز الذي أسقط دولهم وأزال سلطانهم واجتاح بلادهم وظهر على دينهم ولم يهدأ لهم بال حتى يأخذوا بالثأر منه بشتى الوسائل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً أيها المسلمون إن أعداء الإسلام لا ينحصرون في طائفة معينة ولا حزب معين إن الكافرين كلهم أعداء الإسلام وأولياء بعضهم بعضا يقول الله تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) (لأنفال:73) فالكفر جنس تحته أنواع ولكل نوع منه أمة تسير به ما بين يهود ونصارى ومجوس وصابئين ومشركين ودهرين وكلهم أولياء بعضهم لبعض لإتفاقهم على الخروج عن طاعة الله تشابهت قلوبهم واختلفت عباراتهم وأساليبهم قالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله قالت اليهود إن الله فقير وقالت النصارى إن الله ثالث ثلاثة قالت اليهود يد الله مغلولة وقالت النصارى إن الله هو المسيح بن مريم أيها المسلمون إن علينا أن ننتبه وعلينا أن نحذر وإن علينا أن نعتبر بالأحزاب وإن علينا أن نكون أقوياء في التخطيط والعمل فالمؤمن خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير إن علينا أن نعد لأعدائنا لكل نوع من هجومهم سلاحه المقابل له حتى نتمكن من صد هجماتهم في كل وجه إن علينا أن نتدرع بالحذر البالغ خصوصاً في هذا العصر الذي كثر اختلاط غير المسلمين بالمسلمين حتى أصبح الإنسان لا يميز الكافر من المسلم إن علينا أن نحذر فإن هذا هو ما أمرنا الله به قال الله تعالى ( وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً)(النساء: من الآية102) هكذا يقول الله سبحانه في دفاعهم ويقول في طلبهم (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ )(النساء: من الآية104) اللهم إنا نسألك نسألك اللهم ان تنصرنا على أنفسنا حتى نستقيم على أمرك ونسألك اللهم أن تنصرنا على أعدائنا حتى نسعد ونسر بظهور دينك ونسألك اللهم اليقظة في الأمور والحكمة في التدبير وحسن العاقبة والمصير اللهم اجعلنا ممن يحبون فيك ويوالون ويبغضون من أجلك اللهم هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب واغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين جميعاً إنك أنت الغفور الرحيم

الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومشعر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدى الفجر وأنور وسلم تسليماً كثيرا

أما بعد

أيها الناس فاعلموا عظم منة الله عليكم ببعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (آل عمران:164) نعم كان الناس قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم في ضلال مبين عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وكان أولئك الأميون الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم العرب كانوا على أعلى ما يكون من درجات الجهل حتى إن بعضهم ليبقى في الأرض فيأخذ أربعة أحجار ثلاثة منها ينصب عليها القدر وواحد منها يقيمه رباً له فيعبده وكانوا يعبدون اللات والعزه ومناة وكانوا يئدون البنات خوفاً من العار ويقتلون الأولاد ذكرواً وإيناثاً خوفاً من الفقر والإكثار وكانوا يحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله بأهوائهم وكانوا على غاية من الجهل والسفه حتى بعث الله فيهم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس عامة فأخرجهم به من الظلمات إلى النور وتحقق في ذلك قول الله عز وجل (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الانبياء:107) فكانت رسالته من رحمة الله عز وجل التي رحم الله بها عباده وهذا أمر لا شك فيه ولا أحد من المؤمنين ينكره لأنه يشاهد ذلك بعينه ويسمع عما مضى بأذنه ولكن هل هذه المناسبة مناسبة بعثته أو مناسبة ولادته تستلزم منا أو تسيغ لنا أن نحدث في دينه ما ليس منه لا إن مودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته وتعظيمه وتوقيره إنما تكون بتحقيق المتابعة له فعلا لما فعل أو أمر به وتركاً لما نهى عنه أو حذر منه وإن أكثر المسلمين اليوم وللأسف يحدثون في هذا الشهر وفي الليلة الثانية عشرة منه يحدثون بدعة ما أنزل الله بها من سلطان ولا أمر بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولا فعلها خلفاؤه الراشدون ولا الصحابة ولا التابعون لهم بإحسان بل القرون المفضلة الثلاثة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) لم يفعلوا هذه البدعة وهي بدعة عيد الميلاد وإنما نشأت في القرن الرابع بعد ثلاثمائة سنة من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت أول ما ظهرت يصنع الطعام ويطعم منه الفقراء ولكنها تطورت تطوراً فاحشاً عظيماً حتى أصبحت يسهر الناس تلك الليلة ويأتون بالقصائد والمدائح والثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا يستحقه إلا رب العالمين يقولون في قصائدهم ومدائحهم وإن من جودك يعنون الرسول صلى الله عليه وسلم وإن من جودك الدنيا وذرتها ومن علومك علم اللوح والقلم الدنيا هي الدنيا وذرتها هي الآخرة يقولون يخاطبون رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الدنيا والآخرة كلتاهما من جودك وإن علم اللوح والقلم من علمك إذن الدنيا والآخرة بعض جود الرسول صلى الله عليه وسلم وعلم اللوح المحفوظ والقلم بعض علم الرسول صلى الله عليه وسلم وحينئذ لا يبقى لرب العالمين دنيا ولا أخرى والله يقول (وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى) (الليل:13) أما أولئك الغالون فإنهم يقولون إن الآخرة والأولى من جود الرسول صلى الله عليه وسلم وليست من جود الله هذه الكلمات الكفرية يرددونها في ليلة عيد المولد بالإضافة إلى أن إحداث عيد بهذه المناسبة هو من البدع لماذا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعله ولا أمر به ولا أرشد إليه والخلفاء الراشدون ما فعلوه والصحابة ما فعلوه والتابعون ما فعلوه فهل يقال إن هذه الشريعة أو هذا العيد لم يعلم به الرسول صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه ولا أصحابه أو يقال إنهم علموا بذلك لكن تركوه تهاوناً وتخاذلاً وتكاسلاً كلا الأمرين باطل لا يمكن أن ينسب إلى رسول الله وخلفائه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إذن فلماذا نفعل شيئاً لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه ولا أصحابه ولا التابعون لهم أنحن نستدرك على النبي صلى الله عليه وسلم في دينه أنحن نقول له بلسان الحال إنك غفلت عن هذه المناسبة القيمة العظيمة لم تقم بها احتفالاً ونحن الذين نقيم بها احتفالاً أنحن نقول مثل ذلك للخلفاء الراشدين والصحابة إن لسان حال هؤلاء يقولون هكذا بلا شك ومن العجب أن هؤلاء الذين يقيمون عيداً لمولد الرسول صلى الله عليه وسلم لو سئلوا أن يقيموا على ذلك دليلاً ما استطاعوا إليه سبيلاً ومع ذلك فهناك عبادات عظيمة إما واجبة أو مستحبة دلت النصوص عليها تجدهم يتثاقلونها ويتباطئون في تنفيذها فإقامة هذه الموالد إذن ما هي إلا هواً في النفس وإلا فلو رجعوا إلى أنفسهم لعلموا أن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم حق المحبة وتعظيمه حق التعظيم هو باتباع شريعته والكف عما لم يشرعه واسمعوا قول الله تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ )(آل عمران: من الآية31) أيها الأخوة هذه البدعة والحمد لله لا توجد في بلادنا لا توجد ظاهرة في هذه البلاد وذلك بما من الله عليها من علماء مرشدين ومن ولاة يحرصون على تنفيذ ما وجههم إليه أهل العلم ولكنها توجد في كثير من البلاد الإسلامية ولا ريب أنه يحضرنا الآن كثير من أفراد هؤلاء الأمم ووصيتي لهم أن ينصحوا من كان في بلادهم ممن يقيمون هذه البدعة التي ما أنزل الله بها من سلطان وأن يعلمون أن العبادات كل العبادات لابد فيها من شرطين أساسيين هما الإخلاص لله عز وجل والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم فكل شئ لا يخلص فيه لله فيخلص فيه معه غيره فإنه باطل وكل شئ ليس على إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه باطل لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ولتحريره من البدع وإخباره بأن كل بدعة ضلالة إني أسمع بعض الأحيان من يقول إنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ) ويقولون إن هذا العيد من البدع الحسنة فنقول لهم لو كان هذا من البدع الحسنة أو من الاعمال الحسنة لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه وأصحابه أولى الناس به ولو كان ذلك مما يقرب إلى الله ما ما أغفله الله عز وجل لأن الله يقول ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً)(المائدة: من الآية3) ويقول ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(النحل: من الآية89) ثم نقول إن معنى الحديث من سن في الإسلام سنة حسنة معناه من فعل حسنة ثابتة في أصل الشرع غفل عنها الناس فكان أول من فعلها فإن له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ويدل لذلك سبب الحديث فإن سببه أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على الصدقة وجاء رجل بمال كثير فألقاه بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ) أو يحمل هذا الحديث على ما كان وسيلة لأمر مشروع فيتبع الإنسان بفعله وسيلة لا غاية فهذا أيضاً لا بأس به أما أن يشرع شيء لم يرد به الشرع فإن هذا من البدع وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) فنسألك اللهم أن تمن علينا وعلى المسلمين بالإخلاص لك وبالمتابعة لرسولك صلى الله عليه وسلم ونسألك اللهم أن تهدي المسلمين لإقامة دينهم الصحيح وأن تبعدهم من البدع كلها ظاهرها وخفيها يا رب العالمين اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سئ الأخلاق والأعمال لا يصرف عنا سيئها إلا أنت عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون