خطبة الأمانة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

الأمانة
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يقضي بالحق ويأمر بالعدل وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيرا

أما بعد

فقد قال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (النساء:58) وقال جل ذكره (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب:72) الله أكبر ما أظلم الإنسان وما أجهله إن الأمانة عرضت على السماوات والأرض والجبال فامتنعن عن حملها ثم أتى الإنسان فتحملها نعم إن الإنسان هو الذي تحملها بما وهبه الله من عقل وما أعطاه من إرادة وتصرف (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا) (لأعراف:172) (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (الروم:30) فيا عباد الله يا من أمنوا بالله ورسوله يا من يقومون لله تعالى بعباداته بالصلوات كل يوم وليلة خمس مرات بأداء الزكاة بصيام رمضان بحج البيت الحرام بعد تحقيق التوحيد والشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة أيها المسلمون إن الأمانة مسؤولية عظيمة وعبئ ثقيل على غير من خففه الله عليه إن الأمانة إلتزام الإنسان بالقيام بحق الله وعبادته على الوجه الذي شرعه مخلصاً له الدين متبعاً بذلك سيد المرسلين وإن من الأمانة أن يلتزم الإنسان بالقيام بحقوق الناس من غير تقصير كما يحب أن يقوموا بحقه من غير تقصير ونحن بنو الإنسان قد تحملنا الأمانة وحملناها على عواتقنا والتزمنا بمسئوليتها وسنسأل عنها يوم القيامة فيا ليت شعري ما هو الجواب إذا سئلنا في ذلك اليوم العظيم اللهم إنا نسألك تثبيتاً وجواباً صوابا أيها المسلمون إن الله أمرنا أن نؤدي الأمانات إلى أهلها وأمرنا إذا حكمنا بين الناس أن نحكم بالعدل وإننا الآن على أبواب اختبارات الطلبة من ذكور وإناث وإن الاختبارات أمانة وحكم فهي أمانة في ثلاثة مواضع أمانة حين وضع الأسئلة وأمانة حين المراقبة وحكم حين التصحيح وهو جمع بين الأمانة والحكم أمانة حين وضع الأسئلة فيجب على واضع الأسئلة مراعاتها بحيث تكون على مستوى الطلبة المستوى الذي يبين مدى تحصيل الطالب بحيث لا تكون سهلة  لا تكشف عن تحصيل ولا صعبة تؤدي إلى العجز والتقصير والاختبارات أمانة حين المراقبة فعلى المراقب أن يراعي تلك الأمانة التي ائتمنته عليها إدارة المدرسة ومن ورائها وزارة أو رئاسة وفوق ذلك دولة وفوق ذلك المجتمع كله وفوق ذلك رب العالمين جل وعلا على المراقب أن يكون مستعيناً بالله يقظاً في رقابته مستعملاً حواسه السمعية والبصرية والفكرية يسمع وينظر ويستنتج من الملامح والإشارات وعلى المراقب أن يكون قوياً لا تأخذه في الله لومة لائم وعلى المراقب أن يمنع الطالب من أي غش أو محاولة للغش وذلك لأن تمكين الطالب من الغش هو الغش وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من غش فليس منا ) وإن تمكين الطالب من الغش ظلم لزملائه الحريصين على العلم المجدين في طلبه الذين يرون من العيب والنقص أن ينالوا درجة النجاح بالطرق الملتوية إنه ظلم لزملائه لأن هذا الغاش إذا مكن من الغش وأخذ درجات قوية مع كونه ضعيفاً كان في ذلك ظلم لزملائه حيث قدم عليهم مع تأخره عنهم إن المراقب أيها المراقبون إذا مكن أحد من هؤلاء المهملين الفاشلين في دراستهم إذا مكن أحداً منهم من الغش فأخذ درجة نجاح يتقدم بها على الحريصين المجدين كان ذلك ظلماً لهم بلا شك وكان كذلك ظلماً للطالب الغاش لأنه وإن كان غاشاً فهو في الحقيقة مغشوش حيث انخدع بدرجة نجاح وهمية لم يحصل بها على ثقافة ولا علم ليس له من ثقافته ولا علمه سوى بطاقة يحمل بها شهادة مزيفة وليست حقيقية إذا بحثت معه في أدنى مسألة مما تنبئ عنه هذه البطاقة لم تحصل منه على علم أيها المراقبون إن تمكين الطالب من الغش خيانة لإدارة المدرسة وللوزارة أو الرئاسة التي من ورائها وخيانة للدولة وخيانة للمجتمع كله وإن تمكين الطالب من الغش أو تلقينه جواب بتصريح أو تلميح ظلم للمجتمع وهضم لحقه حيث تكون ثقافة المجتمع ثقافة ضعيفة مهلهلة يظهر فشلها عند دخول ميادين السباق ويبقى مجتمعنا دائماً في تأخر وفي حاجة إلى الغير ذلك لأن كل من نجح عن طريق الغش لا يمكن إذا رجع الأمر إلى اختياره أن يدخل مجال التعليم والتثقيف لأنه يعلم أنه فاشل فيه ولن يغني فيه شيئا أيها المراقبون إن تمكين الطالب من الغش كما يكون خيانة وظلماً من الناحية العلمية والتقديرية  يكون كذلك خيانة وظلماً من الناحية التربوية لأن الطالب بممارسته الغش يكون مستسيغاً له هيناً في نفسه فيتربى عليه ويربو عليه فيتربى عليه ويربي عليه أجيال المستقبل ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة أيها المراقبون إن عليكم أن لا تراعوا شريفاً لشرفه ولا قريباً لقرابته ولا غنياً لماله ولا فقيراً لفقره إن عليكم أن تراقبوا الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور إن عليكم أن تؤدوا الأمانة كما تحملتموها لأنكم مسؤولون عنها يوم القيامة ولربما قال مراقب ناصح إذا أديت واجب المراقبة إلى جنب من يضيع ذلك فقد أرى بعض المضايقات وجوابنا على هذا القول أن نقول له إذا اتقيت الله عز وجل فيما وليت عليه فإن ذلك لن يضرك وسيكون لك من الله عون عليهم اقرأ قول الله عز وجل ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)(الطلاق: من الآية2) ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)(الطلاق: من الآية4) واقرأ قول الله عز وجل ( فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)(هود: من الآية49) أيها المسلمون إنما أطلت في باب المراقبة لأننا نسمع أن بعض المراقبين لا يخافون الله نسمع أن بعض المراقبين قد يلقنون الطلبة الجواب وقد يهمسون في آذانهم سراً وقد يمكنونهم من الغش بحمل الكتب أو بسؤال زملائهم وهذا والله خيانة وسوف يسألون عنها يوم القيامة أيها المسلمون إن الاختبارات حكم حين التصحيح فإن المعلم الذي يقدر درجات أجوبة الطلبة ويقدر درجات سلوكهم هو حاكم بينهم لأن أجوبة الطلبة بين يديه بمنزلة حجج الخصوم بين يدي القاضي فإذا أعطى طالباً درجات أكثر مما يستحق فمعناه أنه حكم له بالفضل على غيره مع قصوره وهذا جور في الحكم وإذا كان الإنسان لا يرضى أن يقدم على ولده من هو دونه فكيف يرضى لنفسه أن يقدم على أولاد الناس من هو دونهم إن من الأساتذة من لا يتقي الله عز وجل في تقدير درجات الطلبة فيعطي أحدهم ما لا يستحق إما لأنه ابن لصديقه أو قريب له أو ابن شخص ذي شرف أو مال أو رئاسة ويمنع بعض الطلبة ما يستحق إما لعداوة شخصية بينه وبين الطالب أو بينه وبين أبيه أو غير ذلك من الأسباب وهذا كله خلاف العدل الذي أمر الله به ورسوله فإقامة العدل واجبة بكل حال على من تحب ومن لا تحب فمن استحق شيئاً وجب إعطاؤه إياه ومن لا يستحق شيئاً وجب حرمانه منه أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة إلى اليهود في خيبر ليخرص عليهم الثمار والزروع ويضمنهم ما للمسلمين منها فأراد اليهود أن يعطوه رشوة فقال رضي الله عنه منكراً عليهم تطعموني السحت والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير ولا يحملني بغضي لكم وحبي إياه أن لا أعدل عليكم فقال اليهود بهذا قامت السماوات والأرض فتأملوا عباد الله هذا الكلام العظيم من عبد الله بن رواحة رضي الله عنه كان يحب النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من محبة أي إنسان ويبغض اليهود أشد من بغض القردة والخنازير حب بالغ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبغض شديد لليهود يصرح بذلك رضي الله عنه لليهود ثم يقول لهم لا يحملني بغضي لكم وحبي إياه أن لا أعدل عليكم رضي الله عن عبد الله بن رواحة وعن جميع الصحابة إن العدل أيها الأخوة لا يجوز أن يضيع بين عاطفة الحب وعاصفة البغض يقول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة:8) ويقول تعالى (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(الحجرات: من الآية9) ويقول تعالى ( وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) (الجـن:15) والقاسطون هم الجائرون وهم من حطب جهنم أما المقسطون فهم العادلون وهم من أحباب الله وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم وعفيف متعفف ذو عيال ) رواهما مسلم أيها المسلمون إننا إذا قلنا هذا في العدالة في الحكم بين الطلبة فإنه يشمل العدالة في الحكم بين الناس في كل ميادين الحكم من قضاء وإمارة وإدارة ووزارة ورئاسة وغيرها فاتقوا الله عباد الله وكونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تجعلنا ممن وفقتهم لأداء الأمانة والحكم بين الناس بالعدل والاستقامة اللهم ثبتنا على الهدى وجنبنا أسباب الهلاك والرداء إنك جواد كريم والحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيرا

أما بعد

فيا عباد الله استبشروا بما رزقكم الله تعالى من هذا المطر هذا المطر الكثير الغزير الهادئ الذي من الله به علينا وعلى كثير من بلادنا استبشروا به أيها المسلمون واشكروا الله تعالى على هذه النعمة واعرفوا بها تمام قدرة الله تعالى ورحمته وإحسانه وحكمته جل وعلا واسألوا الله تعالى أن يجعله غيثاً مغيثا ينبت به الزرع ويدر به الضرع وأن لا يقطع عنا توابعه إنه جواد كريم أيها المسلمون إنه إذا نزل المطر حصل على الناس بعض المشقة في الذهاب إلى المساجد ولهذا جاءت السنة بجواز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إذا كانت المشقة في المطر قال ابن عباس رضي الله عنهما جمع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر فسألوه لما صنع ذلك فقال رضي الله عنه أراد أن لا يحرج أمته فمتى كان الحرج والمشقة في أداء العبادة جاء التسهيل والتيسير لأن الله عز وجل يقول حين ذكر الصيام ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(البقرة: من الآية185) ويقول تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(الحج: من الآية78) ويقول تعالى حين ذكر الطهارة (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(المائدة: من الآية6) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن هذا الدين يسر ) فمتى وجدت المشقة في ذهاب الناس إلى المساجد في الظهرين أو العشاءين فإنه يجوز لهم الجمع لكن بشرط أن تتحقق المشقة إما بأن يكون الطريق وحلاً زلقا أو كثير المياه أو تكون السماء ممطرة فمع وجود المشقة تثبت الرخصة ولله الحمد وإن كان بعض العلماء يقول إنه لا يجوز الجمع بين الظهر والعصر من أجل المطر لأن المشقة فيه هينة فليست كمشقة الليل وهذا أمر لا شك فيه أن المشقة في الليل أشد ولكن ما دام النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر فإن قوله رضي الله عنه أعني ابن عباس من غير خوف ولا مطر يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الظهرين وبين العشاءين من أجل المطر وهذا موافق للقاعدة العامة في الشريعة وهي التيسير على عباد الله فاشكروا الله تعالى على هذه النعمة على نعمته بتيسير دينكم وتسهيله ولكن لا تستغلوا هذا التسهيل والتيسير بالتلاعب به بحيث تجمعون بدون أمر يكون مسوغاً للجمع فإن الإنسان إذا جمع بدون مسوغ للجمع فإن صلاته التي قدمها عن وقتها لا تصح أيها المسلمون بلغني أن بعض الناس جمعوا بالأمس بين الظهر والعصر وقصروهما فصلوا الظهر ركعتين والعصر ركعتين وهذا خطأ بلا شك لأن القصر من خصائص السفر فلا يجوز القصر للمرض ولا للمطر ولا لغيرهما من المشقة إلا في السفر فقط والسفر يجوز فيه القصر سواء شق على الإنسان الإتمام أم لم يشق بل قال بعض العلماء كثير منهم إن القصر في السفر واجب وأن من أتم في السفر فإن صلاته باطلة وعلى هذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله ومذهب الظاهرية ولكن الذي يظهر لي وليس ذلك الظهور الكثير هو أن القصر في السفر أوكد وأن الإتمام فيه مكروه وأما الوجوب فإنني لا أميل إليه على كل حال القصر إنما يكون في السفر لا يكون في الإقامة أبداً فمن كان مقيماً في بلده فإنه لا يقصر ولو كان في أشد المرض بل عليه أن يتم أما الجمع فإنه تابع للمشقة فمتى وجددت المشقة في حضر أو في سفر جاز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فيا عباد الله احمدوا الله تعالى على هذه النعمة على ما أنعم به عليكم من هذا المطر الذي نرجو الله أن يكون غيثاً مغيثا وعلى ما أنعم به من تيسير شرائع دينكم واسألوا الله تعالى الثبات عليه إلى أن تلقوا ربكم أيها الأخوة بقي علي شئ واحد هو أن أسواقنا كما تشاهدونها مزفلتة ويكثر فيها النقع نقع الماء وبعض أهل السيارات نسأل الله لهم الهداية يأتون بالسيارات بسرعة يمرون بالناس وهم يمشون في السوق ولا يبالون إذا أصابهم هذا الماء وتأذوا به ولطخ ثيابهم وهذا أمر يجب التنبه له فإن أي أذية تلحقها بأخيك المسلم فإنك محاسب عنها يوم القيامة وكن دائماً متذكراً لقوله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (الأحزاب:58) وكن متذكراً دائماً لقول نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) أفترض أن تمر بك السيارة بسرعة حتى تلوث ثيابك بالماء وربما يكون الوقت بارداً فتبرد بذلك أترضى بهذا أن يفعل بك إذا كنت لا ترضى أن يفعل بك هذا فكيف ترضى أن تفعله بغيرك فاتق الله يا أخي بنفسك وهدئ السرعة إذا أقبلت على ماءٍ ناقع وحوله رجال فإن ذلك يضرهم بل فإن ذلك يؤذيهم وأعلموا أيها الأخوة أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) فأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم يعظم الله لكم بها أجرا فإن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطناً يا رب العالمين اللهم احشرنا في زمرته اللهم أسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضا عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين اللهم ارضا عن أولاده وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم ارضا عنا معهم بمنك وكرمك يا رب العالمين اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في تعلم شريعتك وتعليمها وفي الذود عن بلاد المسلمين يا رب العالمين إنك على كل شئ قدير أيها الأخوة ذكرني بعض الناس بما إذا جمعت العصر مع الظهر هل يجوز للإنسان أن يصلي راتبة الظهر بعد صلاة العصر المجموعة والجواب على ذلك أن هذا جائز فيجوز للإنسان أن يصلي الركعتين اللتين يصليان بعد الظهر إذا جمع العصر إليها وكان في وطنه أما المسافر فإنه من المعلوم أنه لا يصلي الراتبة للظهر ولا للمغرب ولا للعشاء عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم