خطبة غدر اليهود في كل عصر الشيخ محمد بن صالح العثيمين

غدر اليهود في كل عصر
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وعد بالنصر من ينصره بإقامة دينه وإعلا قوله وجعل لذلك النصر أسباباً ليشمّر إليها من أراده من خلقه ) وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)(الحج: من الآية40) )الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج:41) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير وأشهد أن محمداًَ عبده ورسوله المبعوث رحمةً للعالمين وقدوةً للعاملين وحجةً على العباد أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلم تسليماً..

أما بعد

فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وفيها ثلاث قبائل من اليهود كانوا يسكنون المدينة وهم بنو قينقاعٍ وبنو النضير وبنو قريظة قدمت هذه القبائل من الشام إلى المدينة لأنها أي المدينة هي البلدة التي ينطبق عليها وصف مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم وكان اليهود يجدون صفة النبي صلى الله عليه وسلم وصفة البلد التي يهاجر إليها يجدون صفته في التوراة التي نزلت على موسى نبيهم صلى الله عليه وسلم فسكنوا المدينة ليتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ولكن لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم من العرب انتقضت عزيمتهم وتغيرت حالهم عندما جدّ الجد فلم يؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم منهم إلا القليل وكان ممن آمن حبرهم عبد الله بن سلامٍ رضي الله  عنه ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم عقد معهم عهد أمانٍ أن لا يحاربهم ولا يخرجهم من ديارهم وأن ينصروه إن دهمهم عدوٌ بالمدينة وأن لا يعينوا عليه أحداً فهذه أربعة بنودٍ جرت بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يحاربهم وأن لا يخرجهم من ديارهم وأن ينصروه إن دهمهم عدوٌ بالمدينة وأن لا يعينوا عليه أحدا ولكن اليهود وهم أهل الغدر والخيانة نكسوا ذلك العهد خيانة  وحسدا فقد نقضت كل قبيلةٍ عهدها إثر كل غزوة كبيرةٍ للنبي صلى الله عليه وسلم فإثر غزوة بدر أظهر بنو قينقاعٍ العداوة والبغضاء للنبي فإثر غزوة بدر وهي في السنة الثانية من الهجرة أظهر بنو قينقاعٍ العداوة والبغضاء للمسلمين واعتدوا على امرأةٍ من الأنصار فدعا النبي صلى الله عليه وسلم كبارهم وحذرهم من عاقبة الغدر والخيانة والبغي ولكنهم ردوا عليه أبشع رد فقالوا له لا يغرنك من قومك ما لقيت يعنون قريشاً في بدر فإنهم قوم ليسوا بأهل  حرب ولو لقيتنا لعلمتنا أننا نحن الناس ، وكانت هذه القبيلة بنو قينقاعٍ حلفاء للخزرج فقام عبادة بن الصامت الخزرجي رضي الله عنه فتبرأ من حلفهم ولايةً لله ورسوله وعداءاً لعداء الله ورسوله لأنه يؤمن بالله ورسوله أما عبد الله بن أبيّ الخزرجي رأس المنافقين فإنه لنفاقه وكفره باطناً تشبث بمحالفة هؤلاء اليهود ودافع عنهم وقال إني أخشى الدوائر فأبطن اليهود الشر وتحصنوا بحصونهم فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم بضعة عشرة ليلة حتى نزلوا على حكمه فهم بقتلهم ولكن أستقر الأمر بعد ذلك على أن يجلوا من المدينة بأنفسهم وذريتهم ونسائهم ويدعوا أموالهم غنيمةً للمسلمين فجلوا إلى أزرعاتٍ في الشام وكان ذلك في ذي القعدة من السنة الثانية من الهجرة وإثر غزوة أحد نكس بنو النضير العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم وكانت غزوة أحد في شوالٍ في السنة السادسة من الهجرة فبينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسواق اليهود مع بعض أصحابه تآمروا على قتله وقال بعضهم لبعض إنكم لم تجدوا الرجل على مثل حاله هذه فأنتدب أحدهم إلى أن يصعد على إحدى سطوح بيوتهم فيلقي على النبي صلى الله عليه وسلم صخرة من فوقها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم الخبر من الله عز وجل فرجع من فوره إلى المدينة وأرسل إلى اليهود يخبرهم بنكسهم العهد ويأمرهم بالخروج من جواره وبلده فتهيأ القوم للرحيل لعلمهم بما جرى لإخوانهم بني قينقاع ولكن الذين نافقوا بعثوا إليهم يحرضونهم على البقاء ويعدونهم بالنصرة ويقولون لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبداً وإن قوتلتم لننصرنكم فأغتر اليهود بهذا الوعد من أهل النفاق ومتى صدق الوعد أهل النفاق. إن من شارات المنافقين وعلاماتهم أنهم يخلفون الوعد وينقضون العهد ويخونون الأمانة قال الله تعالى في هؤلاء الذين التزموا لليهود بأنهم إن أخرجوا خرجوا معهم ولن يطيعوا فيهم أحداً أبداً وإن قوتلوا نصروهم قال الله عز وجل ) وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)(الحشر: من الآية11) )لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) (الحشر:12) )لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) (الحشر:13) أغتر اليهود بهذا الوعد الكاذب من المنافقين الذي شهد الله تعالى بكذبه فلم ينصاعوا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالرحيل فتهيأ النبي صلى الله عليه وسلم لقتالهم وخرج إليهم فحاصرهم في ديارهم فقذف الله في قلوبهم الرعب فطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكف عن دمائهم ويجليهم على أن لهم ما حملت إبلهم من الأموال إلا السلاح فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك فخرجوا من بيوتهم بعد أن خربوها حسداً للمسلمين أن يسكنها أحدٌ منهم من بعدهم ثم تفرقوا فمنهم من ذهب إلى الشام ومنهم من أستوطن خيبر وما زال ألم هذه النكبة في قلوبهم حتى ذهب جمعٌ من أشرافهم إلى مشركي العرب من قريش وغيرهم يحرضونهم على حرب النبي صلى الله عليه وسلم ويعدونهم النصرة فتألبت الأحزاب من قريشٍ وغيرهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمعوا لقتاله في نحو عشرة آلاف مقاتل حتى حاصروا المدينة في شوالٍ سنة خمس من الهجرة وأنتهز حُييّ بن أخطب وهو من رؤساء بني النضير هذه الفرصة وأتصل ببني قريظة  الذين في المدينة من اليهود وحسّن لهم نقض العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وما زال بهم حتى أجابوه إلى ذلك فنقضوا العهد وهم آخر القبائل في المدينة من اليهود الناقضين لمعاهدة النبي صلى الله عليه وسلم فلما هزم الله الأحزاب ورجعوا بقيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال بما أرسل على عدوهم من الجنود والريح العظيمة الباردة التي زلزلت بهم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ووضع السلاح فأتاه جبريل فقال قد وضعت السلاح والله ما وضعناه فأخرج إليهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى أين فأشار جبريل إلى بني قريظة فأنتدب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وندب أصحابه للخروج إلى بني قريظة فخرجوا وحاصروا اليهود نحو خمسٍ وعشرين ليلة فطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا على ما نزل عليه إخوانهم من بني النضير من الجلاء بالأموال وترك السلاح فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فطلبوا أن يجلوا بأنفسهم وذريتهم ونسائهم ويدعوا الأموال كما فعل إخوانهم من بني قينقاع فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وكانت بنو قريظة حلفاء للاوس فجاء حلفائهم من الأوس إلى النبي صلى الله عليه وسلم يكلمونه فيهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألا ترضون أن ينزلوا على حكم رجل منكم قالوا بلى فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إلى سعد بن معاذ وكان سعدٌ رضي الله عنه سيد الأوس وقد أصيب في أكحله في غزوة الأحزاب فضرب عليه النبي صلى الله عليه وسلم خيمةً في المسجد وقد قال رضي الله عنه حين سمع نقض العهد من بني قريظة اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة فجيء بسعدٍ رضي الله عنه من خيمته في المسجد راكباً على حمار فلما نزل عند النبي صلى الله عليه وسلم قال له النبي صلى الله عليه وسلم أحكم فيهم يا سعد فألتفت سعدٌ إلى اليهود فقال لهم عليكم عهد الله وميثاقه إن الحكم إلا ما حكمت قالوا نعم فألتفت إلى الجهة التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غاضٌ طرفه إجلالاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وعلى من هاهنا فقالوا نعم فقال رضي الله عنه أحكم أن تقتل الرجال وتسبى النساء والذرية وتقسم الأموال فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة يعني من فوق سبع سماوات رضي الله عن سعد بن معاذ لم تأخذه في الله لومة لائم حكم على حلفائه بهذا الحكم القسط العدل الذي كان موافقاً لحكم الله عز وجل من فوق سبع سماوات وبهذا تحققت دعوة سعدٍ رضي الله عنه فأجاب الله دعاه وجعل الحكم فيهم على يده وحكم فيهم بهذا الحكم الموافق لحكم الله يقتل المقاتلون وكانوا ما بين سبعمائة إلى ثمانمائة فقتلوا وسبي النساء والذرية أيها المسلمون إن اليهود ما زالوا أهل غدرٍ وخيانة وبهتٍ وكذب لا يأمن مكرهم ولا يوثق عهدهم ولقد شهد عليهم عبد الله بن سلامٍ رضي الله عنه وكان من أحبارهم شهد عليهم حين أسلم أنهم قومٌ بهت ولا يمكن أبداً أن يكون النصر لنا عليهم ولا على غيرهم من الكفار إلا بالرجوع إلى دين الله رجوعاً حقيقياً ظاهراً وباطناً في العقيدة وفي القول وفي العمل وفي السلوك وفي المعاملة وفي جميع أحوال الحياة لا يمكن أن ينصر عليهم أي على اليهود ولا على الكفار إلا بالرجوع إلى دين الله بالتوبة إلى الله عز وجل مما صنعناه من المظالم وبالعمل الصالح المبني على الإيمان السالم من الشك والتوحيد الخالص من الشرك والإتباع النقي من الابتداع والطاعة لله ورسوله بقدر المستطاع فاتقوا الله عباد الله وأطيعوا الله ورسوله وكونوا مع الصادقين كونوا مع الذين صدقوا الله تعالى في قولهم وفعلهم أيها المسلمون إنه لا يخفى عليكم ما ينشر في التلفزيون من مشاهداتٍ لهؤلاء اليهود بما يفعلونه في الفلسطينيين يفعلون أفعالاً لا يفعلها من كان عنده ضميرٌ وعقل إنهم يفعلون ذلك حقداً وعداوةً وبغضاء لا سيما وأن زعمائهم يصرحون بأن هذه الانتفاضة من الفلسطينيين انتفاضةٌ إسلامية ولهذا خافوا منها هذا الخوف وصاروا يسومونهم سوء العذاب ومع ذلك بغريبٍ على اليهود الذين نقضوا العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت هذه الأفعال كانت كامنةً في نفوسهم لأن آل فرعون كانوا يسومونهم سوء العذاب يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم فبقيت هذه العقد النفسية في قلوبهم إلى الآن وبقي الحقد منهم على المسلمين في كل زمانٍ ومكان يعتدون على المسلمين بالقوة البدنية ويعتدون عليهم بالأفكار السيئة وببث الأخلاق المشينة فنسأل الله عز وجل أن يدمرهم تدميراً وأن يجعل تدبيرهم تدميراً عليه وأن يعيد المسلمين إلى دينهم ليقاتلوهم بالله وفي الله ولله ليقاتلوهم باسم الإسلام لا باسم العروبة والقومية ليقاتلوهم لتكون كلمة الله هي العليا وليقوم دين الله تعالى في أرضه حتى يحل الأمن والاطمئنان اللهم انصرنا عليهم يا رب العالمين اللهم أجعل بأسهم بينهم اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين وأكتب ذلك لكل عدوٍ للإسلام والمسلمين يا رب العالمين ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون..

الحمد لله على إحسانه وأشكره على توفيقه وإمتنانه وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق فبلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وبين لها ما تحتاجه في أمور دينها ودنياها وتركها على محجةً بيضاء ليلها كنهارها فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ..

أما بعد

فيا أيها المسلمون قد سبق لنا من على هذا المكان أن شهر رجبٍ هو أحد الأشهر الأربعة الحرم وأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تخصيصه بصومٍ ولا صلاة ولا غير ذلك بل كغيره من الأشهر الحرم لا يختص بشيءٍ عنها أبداً وإن مما أشتهر عند الناس أن المعراج الذي حصل لرسول الله صلى الله عليه كان ليلة السابع والعشرين من شهر رجب من هذا الشهر ولكن هذا لا أصل له من الناحية التاريخية فإنه لم يثبت في حديثٍ أبداً أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به في شهر رجب لا في الليلة السابعة والعشرين ولا في غيرها وأقرب ما قيل في التاريخ أن المعراج كان في شهر ربيع الأول ثم لو ثبت من الناحية التاريخية أنه عرج به في هذا الشهر في الليلة السابعة والعشرين فإنه لا يجوز لنا أن نحدث لها شيئاً من العبادات لا صوم اليوم الذي قبلها ولا قيام ليلتها ولا أن نعطل فيها أعمالنا لأن ذلك من البدع التي حدثت بعد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد أصحابه رضي الله عنهم وبعد القرون المفضلة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) فمن أحدث في هذا الشهر تعبدا لله عز وجل بصومٍ أو قيام ليلٍ أو صدقةٍ أو غير ذلك فهو مبتدع لا يزيده عمله عند الله إلا بعداً لأن كل من تعبد لله بما لم يشرع فقد افترى على الله كذباً فيما زعم أنه من التعبد له لأن التعبد أمرٌ موقوفٌ على ما تقتضيه الشريعة وقد أنكر الله على من شرع في دينه ما ليس منه فقال )أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)(الشورى: من الآية21) وأخبر أنه لن يقبل شيئاً إلا ما جاء في الإسلام فقال تعالى )وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)(آل عمران: من الآية85) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله فهو رد ، وقال (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )، أي مردودٌ على صاحبه وإذا كان مردوداً عليه لم يبقى له من العمل إلا التعب والعمنا والابتداع في دين الله ما ليس منه أيها المسلمون عليكم بالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن فيها الخير والكفاية والنجاة لمن تمسك بها مع الإخلاص لله عز وجل وأعلموا أيها المسلمون أن الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائلٍ عليماً )إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته وأتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً  للذين أمنوا ربنا إنك رؤوفٌ رحيم أيها الأخوة قبل أن أنزل من هنا أخبركم أنه بلغني أن قوماً من الناس يأتون إلى المسجد هنا ويجلسون في بعض نواحيه ويتكلمون ويتحدثون والإمام يخطب وهذا حرامٌ عليهم فلا يجوز لأحدٍ أن يتكلم مع أحدٍ والإمام يخطب إلا مع الخطيب نفسه فيما فيه مصلحة ومن تكلم والإمام يخطب فإنه آثم مكتسبٌ للإثم ومحرومٌ من فضل يوم الجمعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت) ومعنى اللغو أن الإنسان يحرم من فضيلة يوم الجمعة وهذا حرمانٌ عظيم فلا يحل لأحدٍ أن يتكلم مع أحد لا بالسلام ولا برد السلام ولا بقول يرحمك الله إذا عطس وحمد الله لا يتكلم مع أحدٍ بشيء ومن سلّم عليكم والإمام يخطب فإن شئت أن تمد يدك له بدون كلام فلا بأس وإن تركته فلا بأس ولكن إذا انتهت الخطبة فأخبره بأنه لا يجوز لأحدٍ أن يتكلم حال خطبة الإمام ولهذا لا يجوز لأحدٍ أن يقوم يتطوع بعد أن يشرع الإمام في الخطبة إلا إذا دخل الإنسان والإمام يخطب فإنه يصلي تحية المسجد ركعتين خفيفتين ثم يسلم ويستمع الخطبة هكذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أسأل الله لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح والرزق الطيب الواسع والذرية الطيبة الصالحة إنه جوادٌ كريم والحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين ..