خطبة قصة موسى مع فرعون الشيخ محمد بن صالح العثيمين

قصة موسى مع فرعون
السبت 24 رمضان 1420 هـ   الموافق لـ : 1 جانفي 2000 م
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

الحمد لله العلي الكبير المتفرد بالخلق والتدبير الذي أعز أولياءه بنصره وأزل أعداءه بخذله فنعم المولى ربنا ونعم النصير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير وأشهد أن محمداً عبده ورسوله  البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه  وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلم تسليماً..

أما بعد

فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى اتقوا الله الذي خلقكم من العدم ورزقكم وأسبغ عليكم النعم اتقوا الله تعالى واذكروا أيام الله لعلكم تذكرون اذكروا أيام الله بنصر أنبيائه وأتباعهم لعلكم تشكرون واذكروا أيام الله بخذل أعدائهم ومن ولاءهم لعلكم تتقون واذكروا أيام الله إذا نزل للقضاء بين عباده يوم القيامة لعلكم توقنون أيها المسلمون إن نصر الله لأوليائه في كل زمانٍٍ ومكانٍ وأمة انتصارٌ للحق وزلةٌ للباطل وأخذٌ للمتكبر ونعمةٌ على المؤمنين إلى يوم القيامة لأن المؤمنين يسرون بنصر الحق في أي مكان وفي أي زمان وينعمون بذلك بالاً وفي هذا الشهر شهر المحرم كانت نجاة موسى عليه الصلاة والسلام وقومه من فرعون وجنوده فلقد أرسل الله موسى إلى فرعون بالآيات البينات والبرهان القاطع على نبوءته أرسله الله إلى فرعون وقومه إلى فرعون الذي تكبر على الملأ وقال أنا ربكم الأعلى فجاءه موسى صلى الله عليه وسلم بالآيات البينات ودعاه إلى توحيد الله خالق السماوات والأرض رب العالمين فقال له فرعون منكراً مكابراً وما رب العالمين أنكر الرب العظيم الذي قامت بأمره السماء والأرض وفي كل شيءٍ له آيةٌ تدل على وجوده وعلى ربوبيته وعلمه وقدرته وحكمته تدل على أن الله وحده هو الرب الواحد الذي يجب إفراده بالعبادة كما هو منفردٌ بالخلق والتدبير فأجابه موسى صلى الله عليه وسلم رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين فإن في السماوات والأرض وما بينهما من الآيات ما يوجب الإيمان واليقين فرد فرعون رد على موسى ساخراً به ومستهزئاً  به ومحتقراً له قال لمن حوله ألا تستمعون فأجاب موسى صلى الله عليه وسلم يذكرهم بأصلهم وأنهم مخلوقون من عدم مرببون لله عز وجل وكما خلقوا من العدم فهم صائرون إلى العدم طريقة آبائهم الأولين فقال صلى الله عليه وسلم ربكم ورب آبائكم الأولين وحينئذٍ بهت فرعون فأدعى دعوى الكاذب المغبون فقال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون فطعن بالرسول وطعن بمن أرسله وهكذا المكذبون بالرسل )كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (الذريات:52) فأجاب موسى صلى الله عليه وسلم من الأحق بوصف الجنون أهو المؤمن بالله خالق السماوات والأرض ومالك المشرق والمغرب أم هو المنكر لذلك فقال صلى الله عليه وسلم قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون وهذا لمزٌ من موسى صلى الله عليه وسلم لفرعون وقومه بأنهم غير عقلاء ولو كان عقلاء لعلموا أن الله سبحانه هو الرب وحده فلما عجز فرعون عن مقاومة الحق وأفحمه موسى بالحجة والبرهان لجأ إلى ما يلجأ إليه العاجزون المتكبرون من الإرهاب والوعيد فتوعّد موسى بالاعتقال والسجن قائلا لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين تأمل أيها الأخ لم يقل لأسجننك ولكن قال لأجعلنك من المسجونين ليزيد في إرهاب موسى حيث يظهر له أن له من القوة والسلطان ما مكنه من سجن الناس الذين سيكون موسى من جملتهم على حد تهديده إن اتخذ إلهاً غيره وما زال موسى صلى الله عليه وسلم يأتي بالآيات واضحة وضوح النهار وفرعون يحاول بكل جهوده ودعاياته أن يقضي عليها بالرد والكتمان حتى قال لموسى أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى فلنأتينك بسحرٍ مثله فاجعل بيننا وبينك موعداً لا نخلفه نحن ولا أنت مكاناً سوى أي مكاناً مستوياً لا يحجب عن الرؤية فيه وادٍ ولا جبل فواعدهم موسى موعد الواثق بنصر الله واعدهم يوم الزينة وهو يوم عيدهم في رابعة النهار ضحى قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى فأجتمع الناس وأتى فرعون بكل ما يستطيع من كيدٍ ومكر فقال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذابٍ وقد خاب من افترى فوقعت هذه الكلمة الواحدة الصادرة عن إيمانٍ ويقين وقعت بينهم أشد من السلاح الفتاك فتنازعوا أمرهم بينهم وتفرقت كلمتهم وصارت العاقبة لنبي الله موسى صلى الله عليه وسلم وأعلن خصومه من السحرة إيمانهم به فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون وقالوا لفرعون حين توعّدهم لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فأقض ما أنت قاض إنما تقض هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خيرٌ وأبقى أيها المسلمون تأملوا هذه القضية العجيبة قومٌ جاءوا معلنين بالعداوة لموسى صلى الله عليه وسلم يريدون الغلبة عليه لينالوا القربى والأجر من فرعون فما برحوا حتى آمنوا بموسى وتحدوا فرعون ذلك التحدي الذي يدل  على الإيمان واليقين وما زال فرعون ينابذ دعوة موسى صلى الله عليه وسلم حتى أستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين قال الله عز وجل )فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ) (الزخرف:55) )فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) (الزخرف:56) أي لما أغضبونا انتقمنا منهم وهكذا غضب الله عز وجل إذا غضب على قومٍ بعد أن قامت عليهم الحجة وكان من قصة إغراقهم أن الله أوحى إلى موسى أن يسري بقومه ليلاً من مصر فأهتم بذلك فرعون اهتماماً عظيماً حين بلغه فأرسل في جميع مدائن مصر أن يحشر الناس للوصول إليه لأمرٍ يريده الله عز وجل فاجتمع الناس إلى فرعون من جميع البلاد فخرج بهم في إثر موسى وقومه ليقضي عليهم حتى أدركهم عند البحر الأحمر فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون البحر أمامنا وإن خضناه غرقنا وفرعون وقومه خلفنا وسيقتلوننا فقال لهم موسى صلى الله عليه وسلم كلا أي لستم مدركين إنما مع ربي  سيدهين أي سيدلني على ما فيه النجاة وهذا والله غاية الإيمان والثقة بوعد الله ونصره فأوحى الله عز وجل إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فضرب البحر بعصاه فانفلق بإذن الله عز وجل وقدرته أثني عشر طريقاً صار هذا الماء السيال بينها ثابتاً كأطواب الجبال فدخل موسى وقومه يمشون بين جبال الماء في طرقٍ يابسة أيبسها الله تعالى بلحظة دخلوا آمنين فلما تكاملوا خارجين  تبعهم فرعون بجنوده داخلين فأمر الله البحر أن يعود إلى حاله فأنطبق على فرعون وجنوده حتى غرقوا عن أخرهم فلما أدرك فرعون الغرق قال آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ولكن لم ينفعه الإيمان حينئذ فقيل له توبيخاً )آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (يونس:91) قال الله تعالى )فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (الشعراء:57) )وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ) (الدخان:26) )وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ) (الدخان:27) )كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ) (الدخان:28) )فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) (الدخان:29)  فأورث الله بني إسرائيل أرض فرعون وقومه المجرمين لأن بني إسرائيل حين ذاك كانوا على الحق سائرين ولوحي الله الذي أنزله على موسى متبعين فكانوا وارثين لأرض الله كما وعد الله ) إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(لأعراف: من الآية128) )وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (الانبياء:105) )إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ) (الانبياء:106) أيها المسلمون من أمة محمد إن في هذه القصة التي وقعت لموسى وقومه التي تتضمن نصر الله لهم ولفرعون وقومه التي تتضمن خذلان الله إنها لجديرةٌ أن يتأمل الإنسان فيها وأن يراجع عليها ما كتبه المفسرون حتى تتبين له العبر وحتى يخلص من ذلك إلى أن الأمر كله لله عز وجل فالله عز وجل هو مالك الملك يؤتي الملك وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيءٍ قدير أيها المسلمون إن نجاة نبي الله موسى وقومه من عدو الله فرعون وجنوده لنعمةٌ كبرى تستوجب الشكر لله عز وجل ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ووجد اليهود يصومون اليوم العاشر من هذا الشهر شهر المحرم فقال ما هذا قالوا يومٌ صالح نجا الله فيه موسى وقومه من عدوهم فصامه موسى فقال النبي صلى الله عليه وسلم فأنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر الناس بصيامه وسئل عن فضل صيامه فقال : (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) إلا أنه صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أمر بمخالفة اليهود بأن يصام العاشر ويوماً قبله وهو التاسع أو يوماً بعده وهو الحادي عشر وعلى هذا فينبغي أن يصوم الإنسان يوم العاشر ويوم التاسع وإن أضاف إليهما الحادي عشر كان أفضل فإذا صام الأيام الثلاثة التاسع والعاشر والحادي عشر أجزأته عن صيام الأيام الثلاثة من كل شهر أجزأته عن صيام الأيام الثلاثة التي تصام من كل شهر وفقني الله وإياكم لشكر نعمته وحسن عبادته وحمانا من شرور أنفسنا برعايته إنه جوادٌ كريم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم..

الحمد لله حمداً كثيرا كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحبٍ ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسانٍ ما بدا الفجر وأنور أما بعد أيها المسلمون أتقوا الله تعالى وأعلموا أن الله عز وجل له الأمر فيما أخذ وفيما أبقى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (وأعلموا أن الله تعالى بيده ملكوت كل شيء وهو الذي يدبر الأمور على ما يشاء بحكمته) وإن الأمة الإسلامية في آخر هذا الأسبوع وفي التحديد في يوم الأربعاء الماضي الموافق الخامس من هذا الشهر شهر المحرم عام تسعٍ وأربعمائة وألف فقدت زعيماً إسلامياً يؤم أكثر من مائة مليون شخص تحت جمهوريةٍ إسلامية ذلكم الزعيم العالمي الذي أبدى عديد من الشخصيات العالمية الأسف لفقده ألا وهو الجنرال محمد ضياء الحق رئيس جمهورية باكستان الإسلامية ذلكم الزعيم المسلم الذي حزن المسلمون بموته لأنه زعيمٌ شجاع أقدم على أمورٍ يجبن عن الإقدام عليها كثيرٌ من الزعماء فلقد أقدم رحمه الله بشجاعةٍ وحزم على أن يحول القوانين الوضعية الباطلة إلى الأحكام الشرعية الصحيحة العادلة وما زال جاداً في ذلك ولقد كانت له اليد الطولى في مساعدة الجهاد الإسلامي الأفغاني حيث آووى في بلاده ملائيين اللاجئين من الأرامل والأيتام وغيرهم من الأفغانين ولم يقف حائلاً بين وصول الإمدادات المالية والبشرية إلى المجاهين الأفغانيين وكانت له يدٌ طولى في المؤتمرات الإسلامية في دعم وتقوية القضايا الإسلامية والانتصار له وكانت له يدٌ أخرى في المؤتمرات العالمية في دعم القضايا العاجلة ولذلك كان محل تقديرٍ من الجميع فأصدر الديون الملكي هنا بالمملكة العربية السعودية بياناً جاء فيه إن مصرعه يعني الجنرال محمد ضياء الحق إن مصرعه مما يشكل خسارةً فادحة للأمة الإسلامية التي فقدت بغيابه رجلاً يعتبر من أكبر المجاهدين في سبيل نصرة قضاياها ومن أشد القادة المسلمين حماساً وإخلاصاً وأكثرهم خبرةً ودرايةً بشؤون العالم الإسلامي مما تشهد به مواقفه العظيمة في المحافل الدولية ومؤتمرات القمم الإسلامية بالإضافة إلى جهوده ومساعيه الحميدة التي أسهم بها في حل النزاعات بين الأشقاء هكذا جاء في البيان الصادر من الديوان الملكي وقد أمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله أن تقام صلاة الغائب عليه أي على الجنرال محمدٍ ضياء الحق في المسجدين في المسجد الحرام والمسجد النبوي هذه اليوم إثر صلاة الجمعة وتنقل إلى العالم الإسلامي على الهواء تقديراً لجهوده وتشجيعاً لقادة المسلمين أن يفعلوا ما يستحقون به الثناء أخذاً برأي كثير من العلماء في الصلاة على الميت الغائب الذي انتصر للإسلام وحماية المسلمين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك حين مات النجاشي رحمه الله زعيم الحبشة الذي أووي المهاجرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم يعني في اليوم الذي توفي فيه النجاشي رحمه الله قال أي النبي صلى الله عليه وسلم (قد توفي اليوم رجلٌ صالحٌ من الحبش فهلم فصلوا عليه) وقد خرج بهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فلم يصلي عليه في المسجد بل صلى عليه في المصلى أي مصلى العيد فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم وصفهم صفوفاً قال جابر فكنت في الصف الثاني أو الثالث أيها المسلمون لقد حزنا كثيراً على فقدان هذا الزعيم الباكستاني وليس بيننا وبينه نسبٌ ولا حسبٌ ولا معرفة لكن لما بلغنا عنه من الانتصار للمسلمين ومن إصراره البالغ على أن تطبق الشريعة الإسلامية في ذلك الجمع الجم الكثير من المسلمين في بلاد باكستان ومن أجل مساعدته للمجاهدين الأفغانيين فقد ترك رحمه الله فراغاً كبيراً في الأمة الباكستانية وفراغاً في الأمة الإسلامية عموماً فنسأل الله تعالى أن يجمع كلمة إخواننا في الباكستانيين أن يجمع كلمتهم على الحق وأن يلم شعثهم وأن يهيئ لهم بعده قادةً صالحة بكل ما أسسه ذلك الزعيم الفقيد رحمه الله من تحكيم كتاب الله وسنة رسوله الله صلى الله عليه وسلم ونسأل الله عز وجل الذي قدّر ما قدّره بحكمته أن يتغمد الفقير ومن صحبه من المسلمين برحمته وأن يسكنهم فسيح جنته وأن يجعله في درجات الشهداء الذين هم عند ربهم يرزقون أيها المسلمون إن فقد مثل هذا الزعيم في العالم الإسلامي لأمرٌ يجب الاعتبار به وأن يعلم المسلمون أنهم لم يفقدوا مثل هذا إلا من أجل أمورٍ يحتاجون إلى النظر فيها والتبصر بها اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تهيئ للمسلمين قادةً صالحين يقودونهم إلى كتاب الله بكتاب الله ونسألك اللهم أن تهيئ لولاة أمور المسلمين بطانةً صالحة تدلهم على الخير وتأمرهم به عباد الله اتقوا الله عز وجل وفكروا في أنفسكم وانظروا في أمركم وقوموا لله تعالى شهداء بالقسط أدبوا أولادكم على طاعة الله قوموهم هذبوهم جنبوهم معصية الله عز وجل فإنكم مسؤولون عنهم يوم القيامة واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ في دين الله بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار فعليكم أيها المسلمون بالجماعة اجتمعوا على دين الله لا تتفرقوا فيه فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار وأعلموا أن الله أمركم بأمر بدأه بنفسه فقال جل من قائلٍ عليماً )إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) فسمعاً لك اللهم وطاعة اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته وإتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ذنوبا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من  لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين..