خطبة كيف نقضي الإجازة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

كيف نقضي الإجازة
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد

فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واعرفوا قدر الأوقات التي هي خزائن أعمالكم وبادروها بالأعمال الصالحة قبل فوات الزمان وانصرام الزمان إن كل يوم بل كل ساعة بل كل دقيقة بل كل لحظةٍ تمر بكم فلن ترجع إليكم أبداً وإن كل يومٍ وساعة ودقيقةٍ ولحظة تمر بكم فإنها قصرٌ في أعماركم ودنوٌ لآجالكم فانتبهوا لهذه الحقيقة الواقعة التي نغفل عنها كثيراً ويغفل عنها كثيرٌ من الناس أيها المسلمون بل أيها  الناس جميعاً أيها المسلمون إن المعلمين منا والمتعلمين يستقبلون في هذه الأيام إجازة نصف السنة الدراسية فيا ترى ماذا سيقضون هذه الإجازة إن منهم من يقضيها في  بلده لا يغادرها لا في رحلاتٍ ولا أسفار ولكن يتفرغ لأعماله الخاصة وإنني أوجه الخطاب لهؤلاء أن يحرصوا على أن تكون إجازتهم إجازة عملٍ بنّاءٍ نافع تحصل به مصالحهم الدينية والدنيوية إما في مراجعة علومٍ يودون التخصص فيها وإما في اجتماعٍ على درس ثقافةٍ عامة وإما في الحضور إلى المكتبات للاستزادة من العلم وإما في اشتغالٍ في مصالح دنيوية مع أوليائهم لا ينبغي لهم أبداً ولا يليق بهم أن يضيعوا أعمارهم الثمينة في التسكع في الأسواق وقتل الزمن بلا فائدة إنهم سوف يندمون على ما أضاعوا من أوقاتهم إذا لم يشغلوها بمصالحهم ومن الناس من يقضي الإجازة بالسفر إلى مكة والمدينة للعمرة والصلاة في المسجد الحرام وللصلاة في المسجد النبوي ثم زيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم وهذا من أفضل الأعمال فإن العمرة إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما والصلاة في المسجد الحرام المسجد الذي فيه الكعبة أفضل من مائة ألف صلاة وإنما يختص هذا الفضل في المسجد الذي فيه الكعبة دون غيره من مساجد مكة وبقاعها لأن الله عز وجل يقول (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)(الاسراء: من الآية1) وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به من المسجد من الحجر الذي أقتطع من الكعبة وهو المحجّر عليه كما شاهدتموه هذا المكان هو الذي أسري منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صحيح مسلمٍ عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن المسجد النبوي (صلاةٌ فيه أفضل من ألف صلاةٍ فيما سواه إلا مسجد الكعبة) وهذا نصٌ  صريح على أن مساجد مكة لا تضاعف فيها الصلاة كما تضاعف في المسجد الحرام وإن كانت الصلاة في مساجد مكة أو في الحرام كله أفضل من الصلاة في الحل لكن مائة ألف صلاة لا تكون إلا في المسجد الذي فيه الكعبة فقط وإنني أوجه الخطاب إلى هؤلاء الذين يذهبون إلى مكة والمدينة أن يخلصوا النية لله عز وجل وأن يحرصوا على تطبيق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وإتباع هديه فإن العبادة لن تكون صحيحة ولن تكون مقبولة حتى تبنى على هذين الأساسين الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليحرصوا على الصلاة في  أوقاتها يصلون قصراً من حين الخروج من بلدهم إلى أن يرجعوا إلا أن يصلوا خلف إمامٍ يتم الصلاة فإنه يلزمهم  الإتمام تبعاً له سواءٌ أدركوا الصلاة معه من أولها أم من أثنائها لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) وإذا كانوا في البلد لزمهم حضور الجماعة وإن كانوا مسافرين أما الجمع للمسافر فإن كان سائراً فهو أفضل من تركه فيجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إما جمع تقديمٍ أو تأخيرٍ حسب الأيسر له فكلما كان له أيسر فهو أفضل أما إذا كان المسافر نازلاً فإن ترك الجمع له أفضل ولو جمع فلا بأس وإذا وصلوا الميقات أو حاذوه في الطائرة فليحرموا أي ينووا الدخول في النسك والأفضل أن يغتسلوا في الميقات فإذا وصلوا مكة بادروا بأداء العمرة فطافوا بالبيت وصلوا ركعتين خلف المقام إن تيسر وإن لا في أي مكانٍ من المسجد ثم سعوا بين الصفا والمروة يبدءون بالصفا ويختمون بالمروة ومن المعلوم لنا جميعاً أن الطواف والسعي كل واحدٍ منهما سبعة أشواط وبعد السعي يقصرون  أو يحلقون رؤوسهم ويكون التقصير شاملاً لجميع الرأس لا لجهةٍ واحدة منه ثم إن كان من نيتهم أن يخرجوا من مكة من حين انقضاء عمرتهم كفاهم الطواف الأول عن طواف الوداع وإن مكثوا في مكة فلا يخرجوا حتى يطوفوا للوداع لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا ينصرف أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت) وقم سمّ النبي صلى الله عليه وسلم العمرة حجاً أصغر وإذا كانت المرأة حائضاً عند الوصول إلى الميقات فإن كانت ترجو أن تطهر قبل رجوعهم من مكة فإنها تغتسل وتنوي الدخول في النسك ولكن لا تطوف ولا تسعى حتى تطهر وإن كانت لا ترجو أن تطهر قبل رجوعهم من مكة فلا حرج عليها أن تترك الإحرام وتدخل مكة بدون إحرامٍ ولا عمرة لكن إن قدر أن تطهر قبل خروجهم من مكة فلها أن تأتي بالعمرة فيخرج بها محرمها إلى التنعيم وتحرم بالعمرة من هناك أما في المدينة فالصلاة في المسجد  النبوي أفضل من ألف صلاةٍ فيما سواه إلا المسجد الحرام مسجد الكعبة فيصلي الإنسان فيه أي في المسجد النبوي ما أحب ولا يتقيد بخمس صلوات بل إن صلى خمسة صلوات أو صلاتين أو أقل أو أكثر فكله على خير ثم يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم وإلى جنبه قبري صاحبيه أبي بكرٍ وعمر رضي الله عنهما والمرأة لا تزور القبور  فهذان صنفان من الناس في قضاء الإجازة الصف الأول من يبقى في بلده والثاني من يذهب إلى مكة والمدينة الصف الثالث من يسافر إلى قريبٍ له ليزروهم ويغرس المودة بينه وبينهم وهذا من صلة الرحم التي يثاب عليها الإنسان ويؤجر وقد تعهد الله عز وجل للرحم أن يصل من وصلها ويقطع من قطعها الصنف الرابع من يقضي هذه الإجازة بالرحلات إلى  البر للأنس مع إخوانه وإذهاب الملل والكلل عنهم وهذا من الأمور الجائزة وإنني أوجه الخطاب إلى هؤلاء بالأمور التالية أولاً أن تكون الرفقة على سننٍ متقارب فإنهم إذا كانوا على فارقٍ بينٍّ في السن لا يحصل بينهم التئامٌ وتناسق فإنهم إذا كانوا على فارق بينٍّ في السن لا يحصل بينهم التئامٌ ولا تناسق لتفاوت ما بينهم في المستوي العقلي والفكري والعلمي والبدني فيكون الصغار عالةً على الكبار وربما أدى ذلك إلى مفاسد وانحدارٍ في الأخلاق ثانياً أن يحرصوا على أداء الواجبات الشرعية كالطهارة والصلاة جماعة في أوقاتها فيتوضئوا من الحدث الأصغر ويغتسلوا من الحدث الأكبر كالجنابة وينبغي أن يتخذوا مكاناً خاصاً لقضاء الحاجة والاستنجاء ومكاناً خاصاً ساترا ً مصوناً عن عواصف الرياح للاغتسال وأن يخصصوا خيمةً للصلاة فيها ويحسن أن يجعلوا فيها مصاحف وكتباً لمن أراد قراءة القرآن أو المطالعة ثالثاً أن يتأدبوا بالآداب الشرعية عن نزول المنزل والأكل والشرب فيقولوا إذا نزلوا منزلاً أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فإن من قالها عند نزوله المنزل لم يضره شيءٌ حتى يرتحل من منزله كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الآداب الشرعية أن يسموا الله عند الأكل والشرب ويحمدوه إذا فرغوا ويأكلوا بأيمانهم ويشربوا بها ولا يحملهم الأشر والبطر على امتهان النعمة والسخرية بها كما يفعله بعض السفهاء رابعاً أن يتحاشوا ما يخل بالدين والأخلاق فلا يستمعوا إلى الأغاني المحرمة ولا يتلفظوا بالألفاظ البذيئة أو الساقطة ولا يأتوا بحركاتٍ بينهم لا تليق بالرجل ولا حرج عليهم أن يترفهوا بالمسابقة على الأقدام  أو المصارعة أو اللعب بكرة القدم أحياناً بشرط أن لا يلهيهم ذلك عن واجب وأن يكون عليهم سراويل تستر ما بين السرة والركبة لأن الشاب لا يجوز له أن يخرج شيئاً من فخذه لأنه فتنة حتى وإن قلنا بأن الفخذ ليس بعورة فإنه بالنسبة للشباب فتنة فلا يجوز للشاب أن يخرج شيئاً من فخذه وعلى هؤلاء أيضاً أن لا يأتوا بكلماتٍ نابية إذا غلبوا أو غُلبوا كما يفعلوه بعض اللاعبين خامساً أن يجعلوا عليهم أميراً ليترتب أمورهم وينزل كل إنسانٍ فيما يليق به من عمل الرحلة وليكن الأمير من خيارهم في الدين والخلق والتدبير وقوة الشخصية وإذا كان هذا الأمير أقرأهم لكتاب الله فليكن هو الإمام في الصلاة  لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله) الصنف الخامس من يقضي هذه الإجازة بالسفر إلى الخارج إلى بلادٍ دمرت بالكفر والفجور والمجون ومسكرات العقول ومفسدات القلوب فيرجع من هذه البلاد وقد تلوث بهذه الأعمال ونقص إيمانه أو كاد يسفقد وسلب عقله بما أفتتن به فيكون ممن بدلوا نعمة الله كفراً واستعانوا بما أعطاهم الله من المال على معصيته فخسر دينه ودنياه ولهذا تجد هؤلاء المترفين التالفين المفتونين تجدهم إذا رجعوا من هذه البلاد تجدهم قلوبهم معلقةً بها هم في بلادهم ولكن قلوبهم في بلاد الكفر والمجون والفجور والمسكرات ومفسدات القلوب فيخسرون دينهم ودنياهم فليحذر العاقل اللبيب أن يكون من هذا الصنف وليعلم أن هؤلاء وإن نعّموا أبدانهم بما نالوه من الترف فقد أتلفوا أرواحهم وفقدوا راحتهم بما حصل لهم من التعب الفكري والقلق النفسي إلا أن يكونوا قد طبع على قلوبهم فإنهم لن يشعروا بذلك لأنهم لا يفقهون ولا يشعرون أيها المسلمون إنني أختم خطبتي هذه بما وجّهه الله إلى عباده المؤمنين في قوله )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (البقرة:172) واسأل الله عز وجل في هذا المقام ونحن في انتظار فريضةٍ من فرائض الله أسأل الله لي ولكم أن يعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يصلح لنا القلوب والأعمال والأولاد والأهل وأن يجعلنا هداةً مهتدين وصالحين مصلحين وأن يصلح ولاة أمورنا وبطانتهم إنه جوادٌ كريم والحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ وسلم تسليماً كثيراً .

أما بعد

أيها المؤمنون اتقوا الله تعالى عباد الله إن الله عز وجل يقول في كتابه (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30)  فما أصاب الناس من المصائب في أبدانهم أو أموالهم أو أهلهم فإن ذلك بسبب ما كسبوا من الأعمال السيئة وما يعفو الله عنه فهو كثيرٌ في جانب ذلك فاتقوا الله أيها المسلمون وفكروا في أنفسكم أصيب الناس بتأخر نزول المطر هذا العام إذ لم ينزل شيءٌ في أيام الموسم إلا قليلاً ولا فيما بعده إلا قليلاً وإذا كان كثيراً ففي بلادٍ قليلة وأصيب بعض الناس أيضاً بموجة البرد التي جاءت في الأسبوع الماضي حتى قيل لنا إنه مات كثيرٌ من الماشية في شمال هذه البلاد حتى إن من عنده نحو ثلاثمائة رأس لم يصبح عنده إلا عشرة أو خمسة عشرة رأساً من الغنم وهذه أيها المسلمون مصائب عظيمة وإذا كان ربنا عز وجل يقول (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ )(الشورى: من الآية30) فإن علينا أن نراجع أنفسنا وأن ننظر فيما فرطنا فيه من واجبات وفي ما انتهكانه من محرمات وليكن بعضنا لبعضٍ عونا على البر والتقوى كما أمرنا الله تعالى به في قوله ) وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )(المائدة: من الآية2) إننا نسمع أن كثيراً من الناس يتهاونون بالصلاة ومنهم من لا يصليها مع الجماعة ومنهم من لا يصليها في الوقت ومنهم من يجمع الخمسة جميعاً عند نومه فيصلي ومنهم من لا يصلي أبداً وهذه أعظم المصائب الدينية بعد فقد التوحيد والشهادة بالرسالة فإنه قد دلت النصوص القرآنية والسنة النبوية والآثار المروية عن الصحابة أن من ترك الصلاة ولو تهاوناً فإنه كافرٌ خارجٌ عن دين الإسلام مرتدٌ مباح الدم والمال لا تحل له زوجته حتى يعود إلى دين الله فيصلي وإذا مات فإنه لا يغسّل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين وإنما يحفر له حفرة في أي طائفةٍ من الأرض ويرمس فيها رمساً لأنه لا احترام له ولا حق له وسيحشر يوم القيامة مع أئمة الكفر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف أيها المسلمون اتقوا الله تعالى وانظروا في أهليكم انظروا في أهليكم وأولادكم من بنينٍ وبنات وفي أقاربكم وفي جيرانكم لا تتهاونوا بهذا الأمر وإني أهمس في أذن كل واحدٍ منكم إذا كان لا يحب أن يسمعها جهراً أقول إنه لا يحل لأحد يموت عنده ميت وهو يعلم أنه لا يصلي لا يحل له أن يقدّمه إلى إخوانه المسلمين ليصلوا عليه لأن الله قال لرسوله صلى الله عليه وسلم (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِه)(التوبة: من الآية84) إذا مات لك قريبٌ ولو كان أباك أو ابنك أو أخاك وأنت تعلم أنه لا يصلي فأخرج به مع من يساعدك على دفنه اخرج به خارج البلد واحفر له حفرةً وارمسه فيها ولا تقدمه إلى المسلمين ليصلوا عليه لأنك تكون بذلك خادعاً لهم أيها المسلمون اتقوا الله في أموالكم انظروا هل أديتم زكاتها على الوجه الواجب عليكم لأنه ما منع قومٌ زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء فاتقوا الله عباد الله انظروا في زكاة أموالكم النقدية وفي زكاة أموالكم العروضية أعني عروض التجارة و في زكاة أموالكم الماشية وفي زكاة أموالكم من الثمار من الزروع والنخيل وغيرها اتقوا الله تعالى وأخرجوا الزكاة ولا تظنوا أن الزكاة غرمٌ بل هي غنٌ هي إبراءٌ للذمة وقيامٌ بركنٍ من أركان الإسلام وسببٌ لطهارة المال وتزكيته وبركته ونمائه فاتقوا الله عباد الله اتقوا الله تعالى في أنفسكم في معاملة الدولة في ما منحتكم به من القروض الزراعية والقروض العقارية لا تكذبوا على الدولة لا تعيروا أسماءكم لغيركم لا تحتالوا على الأنظمة التي يجب عليكم أن تراعوها امتثالاً لأمر الله عز وجل حيث يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )(النساء: من الآية59) فكل نظامٍ ينظمه ولي الأمر وهو ليس متضمناً لمعصية الله عز وجل فإن الواجب علينا تنفيذه امتثالاً لأمر ربنا عز وجل وهو أعلم بمصالحنا فلو لا أن طاعة ولاة الأمور سببٌ لصلاح المجتمع في دينه ودنياه ما أوجبها الله تعالى على عباده إن بعض الناس يتوهم ويجادل بالباطل يقول هذه أنظمة مخلوق والمخلوق ليس معصوماً من الخطأ فلا يجب علينا أن نقبل هذه الأنظمة وأقول إنها إذا كانت أنظمة مخلوق فإن المخلوق لا يسلم الخطأ بل الخطأ جائزٌ عليه بلا شك ولكن إذا قدر أن في الأنظمة خطاً فإن الواجب أن يراجع ولاة الأمور فيها حتى يتبين الحق ومع هذا فإنها إذا لم تكن معصيةً لله ورسوله فإن الواجب علينا أن ننفذها لطاعة الله عز وجل في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )(النساء: من الآية59) وإنه ليحزنني ويحزن غيري من المخلصين أن نجد في شعبنا من يتحايل على أنظمة الدولة ويكذب حتى يقرر بأخيه وهذا الذي يكذب ويخون الدولة قد تضمن كذبه عدة مفاسد منها الكذب ومنها الخيانة لولاة الأمور ومنها إطعام هذا الأخ إطعامه مالاً لا يحل له ويكون ذلك أكلاً للمال بالباطل فاتقوا الله يا عباد الله اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والدٌ عن ولده ولا مولودٌ هو جازٍ عن والده شيئاً إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور وأعلم يا أخي المسلم أنك إذا حصلت مالاً من وجهٍ حلال بارك الله لك فيه واطمأنت نفسك واستغنى قلبك أما إذا أخذته أو اكتسبته بطريقٍ غير حلال فإن قلبك يكون دائماً فقيراً ولا يبارك لك فيه وتكون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كالذي يأكل ولا يشبع وهذا أمرٌ مشاهد تجد الذين فتنوا بأكل المال الحرام تجدهم دائماً يلهثون وراء الدنيا لا يشبعون أبدا ولو كانت عندهم الملائيين اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تجعلنا من المتقين الذين يتقون المحارم فلا يقعون فيها ويتقون مخالفة الواجبات فيقومون بالواجبات اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا اللهم أصلح لنا ولاة أمورنا اللهم أصلح بطانتهم ليكونوا عوناً لهم على طاعة الله ونفع عباد الله اللهم من كان من بطانتهم غير ناصحٍ لهم ولا لشبعهم فأبعده عنهم يا رب العالمين وأبدلهم بخيرٍ منه إنك على كل شيءٍ قدير عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون..