خطبة استغفروا ربكم الشيخ محمد بن صالح العثيمين

استغفروا ربكم
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

الحمد لله الملك الوهاب الرحيم الرحمن التواب خلق الناس كلهم من تراب وهيأهم لما يكلفون بما أعطاهم من العقول والألباب وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بلا شك ولا ارتياب وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أنزل عليه الكتاب تبصرة وذكرى لأولي الألباب صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآب وسلم تسليما

أما بعد

فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وتوبوا إليه وانظروا في أموركم في شؤونكم الدينية والدنيوية هل أنتم قمتم بها بما أوجب الله عليكم هل أنتم قمتم بما أوجب الله عليكم هل تركتم ما حرّم الله عليكم هل أنتم فرطتم في الأوامر فأضعتموها واعتديتم في النواهي فانتهكتموها إن الإنسان كما وصفه ربه (إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)(الأحزاب: من الآية72) عرض الله الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملتها أنت أيها الإنسان فإتق الله في نفسك وانظر ماذا تحملت وماذا حملت وكيف أديت ما أُمنت عليه أيها المسلمون إنه لا يخلو إنسان من خطأ لا يخلو إنسان من تفريط في واجب لا يخلو إنسان من انتهاك لمحرم كل بني آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون  (َتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(النور: من الآية31) توبوا إلى  ربكم واستغفروه فإن الله (يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(البقرة: من الآية222) استغفروا ربكم اسألوه أن يغفر ذنوبكم مع فعل الأسباب الموجبة لذلك فإن الله خير الغافرين توبوا إلى الله تعالى بألسنتكم وقلوبكم وجوارحكم إن التوبة ليست قولا باللسان ولا تزينا بالثياب والهيئات إن التوبة رجوع إلى الله تعالى بالباطن ورجوع إلى الله تعالى بالظاهر فتوبوا إلى ربكم بالإقلاع عن المعاصي والندم على فعلها والعزم على أن لا تعودوا إليها افعلوا ذلك مخلصين لله لا متزينين أمام عباد الله ولا متزلفين متقربين لأحد سوى الله عز وجل واسمعوا ربكم تعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التحريم:8) أيها المسلمون إن التوبة ليست أن يقول الإنسان بلسانه أتوب إلى الله وأستغفره أو أن يقول اللهم تب عليّ واغفر لي وهو مصر على معصية الله ليست التوبة أن يقول ذلك وهو متهاون غير مبال بما جرى منه من معصية الله ليست التوبة أن يقول ذلك وهو عازم على أن يعود إلى معصية الله أيها المسلمون توبوا إلى الله عز وجل قبل أن يغلق باب التوبة عنكم فإن الله يقبل التوبة من عبده ما لم يغرغر بروحه فإذا بلغت الروح الحلقوم فلا توبة  (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً*وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) (النساء:17-18) أيها المسلم إنك تعلم أن التوبة واجبة  عليك لأن إلهك أمرك بها في قوله (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(النور: من الآية31) أيها المؤمن إنك تعلم أن التوبة يمحو الله بها ما فات من الذنوب وييسر الله العبد لفعل الخيرات فيما يستقبله فبادر أيها المسلم بادر أيها المسلم قبل أن يأتيك قبل أن يفجأك الموت فإنك لا تدري متى يفجأك الموت ولا تدري على أي حال يفجئك أيها المسلمون بادروا بالتوبة فإن الله يقول (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ*أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ*أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (لأعراف:97-99) عباد الله عباد الله عباد الله أنتم اليوم ترفلون بالنعم ترفلون بالأمن ترفلون بالعيش الرغيد الواسع الذي لا يتيسر لأكثر عباد الله فهل أمنتم مكر الله هل أمنتم مكر الله أن يمدكم بالنعم المتنوعة وأنتم تبارزون الله بالمعاصي هل أمنتم مكر الله وأنتم بل إن بعضكم يتهاون بالصلاة يتهاون بأدائها في وقتها يتهاون بأدائها في الجماعة يتهاون بأهله وأولاده لا يأمرهم بمعروف ولا ينهاهم عن منكر أما ترون ما وقع بالعالم في كثير منهم من الضيق في العيش والمحن من الضيق في العيش والمحن والفتن والبلاء وإن الذي أنزل بالعالم ما أنزل قادر على أن ينزل بالآخرين ما شاء وما اقتضته حكمته أفلا تخافون أيها الناس أن يحل ذلك بكم إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102) اللهم إنا نسألك أن تعاملنا بما أنت أهله وأن لا تؤاخذنا بما نحن أهله إننا نحن أهل الإسا إننا نحن أهل الإساءة والظلم وأنت أهل العفو والمغفرة اللهم عاملنا بالعفو والمغفرة يا رب العالمين أيها المسلمون إن العقوبات ليست بالأمور المادية الحسية من قلة في الأموال وخوف في الأوطان بل إن العقوبات متنوعة وإن من أعظم العقوبات قسوة القلوب ومرضها إن من أعظم العقوبات قسوة القلوب ومرضها إن من أعظم العقوبات قسوة القلوب ومرضها وإنني أسأل هل قلوبكم اليوم كقلوبكم بالأمس من اللين لذكر الله والخشية لله والخشوع لله أم أن الكثير اليوم قلوبهم قاسية يسمعون المواعظ والزواجر يقرؤونها في كتاب الله وفي سنة رسول الله وكأنهم لا يسمعون ذلك كأنها كلمات عابرة لا معنى لها ولا هدف لها الجيد من هؤلاء إذا سمع الموعظة وعاها حين سماعها فقط فإذا فارقها خمدت نار حماسه واستولت الغفلة على قلبه وعاد إلى ما كان عليه من عمل فتجد الواحد من هؤلاء يسمع المواعظ تقرع أذنيه في عقوبة ترك الصلاة وإضاعتها يسمع قول الله عز وجل (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً*إِلَّا مَنْ تَاب)(مريم: من الآية59-60) ولكنه لا يتوب وكأنه لا يسمع يسمع المواعظ في عقوبة مانع الزكاة وفي عقوبة من يتبع الرديء من ماله فيزكي به وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة لا يؤتون زكاة النفس بالبراءة من الشرك ولا زكاة المال حيث قدموا الشح على البذل في طاعة الله وتيمموا الخبيث منه ينفقون ولن يأخذوه إلا أن يغمضوا فيه كأنهم لم يسمعوا قول الله عز وجل (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (آل عمران:180) كأنهم  لا يسمعون قول الله عز وجل (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)(البقرة: من الآية267) يأخذ الرديء من ثمر نخله فيزكي به عن الجيد الذي يفرق بينه وبينه شيء كثير يكون الكيلو من هذا بدرهم واحد والكيلو من الآخر بخمسة أو ستة من الدراهم فيخرج من الرديء عن الطيب وكأنه لا يسمع قول ربه الذي من عليه بالخبيث والطيب كأنه لم يسمع قوله عز وجل (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيه)(البقرة: من الآية267) أيها المسلمون إن هؤلاء المصرين على منع الزكاة أو على إخراج الرديء عن الطيب يحرمون أنفسهم خيرات أموالهم ويدخرونها لغيرهم وفي الحديث ( ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين أي بمنع ال أي بمنع المطر وشدة المؤونة وجور السلطان ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولا نقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوا من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم ) إنني أعيد هذا الحديث لما فيه من الموعظة والعبرة ( ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولا نقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوا من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم ) اللهم جنبنا هذه العيوب وأرزقنا التوبة إليك يا علام الغيوب أيها الناس إنه لا توبة مع الإصرار كيف يكون الإنسان تائبا من ذنب وهو يصر عليه وكيف يكو تائبا من غش المسلمين وهو لا يزال يغش المسلمين في بيعه وإجارته وجميع معاملاته كيف يكون تائبا من الغيبة من أكل لحوم الناس وهو يغتابهم في كل مجلس سنحت له الفرصة فيه كيف يكون تائبا من أكل أموال الناس بغير حق وهو يأكلها تارة بدعوى ما ليس له وتارة بإنكار ما عليه وتارة بالكذب في البيع وغيره وتارة بخيانة الدولة وتارة بخيانة من فوقه وإن لم يصل إلى حد مستوى الدولة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من كان لأخيه عنده مظلمة من مال أو عرض فليتحلله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إلا الحسنات والسيئات)  أيها السلمون إن التوبة الكاملة كما تتضمن الإقلاع عن الذنب والندم عليه والعزم على أن لا يعود إليه كذلك تتضمن العزم على القيام بالمأمورات ما استطاع العبد فبذلك يكون من التوابين الذين استحقوا محبة الله ورضاه (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(البقرة: من الآية222) اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا يا ذا الجلال والإكرام أن تمن علينا بالتوبة النصوح التي تردنا إليك ردا جميلا اللهم من علينا بالتوبة اللهم من علينا بالتوبة وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وأغفر لنا يا ذا الجلال والإكرام إنك أنت الغفور الرحيم اللهم صلى وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

الحمد لله الفعال لما يريد الحاكم في خلقه وبين خلقه بما تقتضيه حكمته وعدله وهو الولي الحميد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المصير وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد

أيها الناس فما كنت أتوقع أن تكون البادية في حال شديدة من الفقر والإقتار ولكن حدثني من أثق به أنه تجول فيما بين القصيم فيما بين القصيم والمدينة فوجد أناسا من البادية على أشد ما يكون من الفقر على الفقر الأول الذي نسمع به ونسأل الله أن لا يعيده ذلك لأن الواحد ليس عنده إلا غنيمات يسيرة قد عكف نفسه عليها يتحرى فضل الله ورحمته بإنزال الغيث والمطر لأن الأرض ليس فيها ما تأكله هذه البهائم وإنما يشتري لها من السوق ما يعلفها ومع ذلك فهي على غاية ما يكون من الضعف وهؤلاء على غاية ما يكون من القلة مع أن ذممهم مشكولة لغيرهم فنسأل الله تعالى أن يفرج كرباتهم نسأل الله تعالى أن يرحمنا برحمته ونسأل الله تعالى أن لا يؤاخذنا بما فعلنا وأن يتوب علينا ويغفر لنا ويرحمنا ونسأله تعالى أن يعيننا على ما يرضيه عنا حتى نكون كأسلافنا أيها المسلمون لقد سمعنا فيما سبق أن الناس إذا أصابهم القحط ثم استسقوا الله عز وجل لا يمضي إلا أيام قليلة فإذا الأمطار غزيرة وإذا الأرض مخصبة وذلك لأن قلوبهم سليمة لأن قلوبهم متجهة إلى الله عز وجل لأنهم عرفوا قدر الحياة عرفوا قدر الدنيا عرفوا أنهم ما خلقوا من أجل أن يعمروا هذه الدنيا التي هم مفارقون لها عن قريب عرفوا أنهم إنما خلقوا لعبادة الله التي إذا قاموا بها نالوا سعادة الدنيا والآخرة وأحيوا حياة طيبة وجوزوا بأحسن ما كانوا يعملون كما قال الله عز وجل (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97) أيها المسلمون إن الذي قال هذا هو الله عز وجل أصدق القائلين وأوفى الواعدين (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ)(التوبة: من الآية111) إنكم والله لو عملتم عملا صالحا مع إيمان خالص لأحياكم الله حياة طيبة حياة سرور وحبور وانشراح وجزاكم الله أحسن ما كنتم تعملون في الدار الآخرة ولكن ران على القلوب ما كسبت اسودت القلوب وأظلمت فلا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون اللهم نوّر قلوبنا بالعلم والإيمان اللهم نور قلوبنا بالعلم والإيمان يا ذا الجلال والإكرام أيها المسلمون سمعنا هذا من آبائنا ومن يكبروننا في السن أنهم يغاثون في أيام قليلة وسمعنا ما هو أبلغ وأبلغ حين دخل رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادعو الله يغيثنا ) فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه إلى ربه وقال: اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا ثلاث مرات)  قال أنس بن مالك راوي الحديث رضي الله عنه قال: ( والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة لا يرون سحابا واسعا ولا قطعا من السحاب وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار وسلع جبل صغير في الدينة تأتي من نحوه السحاب فلم يكن في السماء سحاب ولا قطع من سحاب فخرجت من وراء سلع سحابة مثل الترز فارتفعت وتوسطت السماء وانتشرت ورعدت وبرقت وأمطرت فما نزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته ) سبحان الله ما أعظم قدرة الله ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم آية عظيمة آية عظيمة على قدرة الله (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82) أمر الله السحاب فثار أمثال الجبال وأمطر بإذن الله قبل أن ينزل الصادق المصدوق من منبره ما نزل من منبره إلا والمطر يتحادر على لحيته سبحان الله ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكثر الآيات التي تدل على  صدقه وما أعظمها وما أبينها فصلوات الله وسلامه عليه ونسأل الله أن يميتنا على ملته وأن يحشرنا في زمرته أيها المسلمون هكذا أجاب الله عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ما نزل من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته وبقي المطر أسبوعا كاملا وهو يمطر المدينة وما حولها وفي الجمعة الثانية دخل رجل أو الرجل الأول فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (يا رسول الله غرق المال وتهدم البناء فادعو الله يمسكها عنا فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال اللهم حوالينا ولا علينا وجعل صلوات الله وسلامه عليه يشير إلى النواحي يمينا وشمالا فما يشير إلى ناحية إلا انفرج السحاب بإذن الله عز وجل) تصديقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتأييدا له وتثبيتا لنبوته ورسالته فصلوات الله وسلامه عليه وبعد ذلك في هذه اللحظة حين قضيت الصلاة خرج الناس يمشون في الشمس بعد أن دخلوا يتوقون المطر فسبحان الله العليم القدير العزيز الحكيم أيها المسلمون إن الله عز وجل يقول (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) وقال تعالى  (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186) لا بد من الاستجابة لله لا بد من الإيمان بالله حتى يحقق الله لنا ما وعدنا من الإجابة اللهم إنا نسألك الإيمان بك والاستجابة إلى أمرك حتى نحصل على ما وعدتنا فإنك لا تخلف الميعاد أيها المسلمون إنكم إذا سمعتم بأحوال إخوانكم فإن ما أصاب إخوانكم كالذي أصابكم تماما لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم أو قال مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) إنك أيها الإنسان لو اشتكى منك طرف من بدنك إصبع صغير من أصابعك لتداعى له الجسد كله لوجدت فتورا ووجدت سخونة ووجدت مرضا ووجدت سهرا من أجل هذا العضو الصغير فهكذا المسلمون بعضهم مع بعض كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر إنه لا ينبغي أن ننسى إخواننا وأن تموت قلوبنا عن ذكرهم في هذه الحال ونحن نرفل على الفرش الوطيئة وفي النعم الكثيرة بل نحس بإحساسهم ونسأل وندعو الله لهم سرا وعلنا فرادى وجماعات بأن الله يفرج كرباتهم ويجعلهم بعد الفقراء أغنياء وأن يوفقهم لشكر النعمة إنه جواد كريم أيها المسلمون (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً*وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) (نوح:10-12) اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تغيثنا غيثا مغيثا اللهم أغثنا غيثا مغيثا اللهم أغثنا غيثا مغيثا اللهم أغثنا غيثا مغيثا غيثا تحيي به البلاد وترحم به العباد وتجعله بلاغا للحاضر والباد اللهم إنا مقرون بالإساءة وأنت أهل العفو والمغفرة اللهم فاعفوا عنا اللهم أعفو عنا اللهم أعفو عنا اللهم أغفر لنا وارحمنا اللهم أغفر لنا وارحمنا اللهم أنت الغني ونحن الفقراء اللهم أنت الغني ونحن الفقراء اللهم أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته قوة لنا وبلاغا إلى حين اللهم أرحم العباد وأحيي البلاد وأزل عنا النكد والسوء يا رب العباد اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا يا من يقول للشيء كن فيكون أمنن علينا بالغيث المغيث اللهم أغث بلادنا اللهم أغث قلوبنا اللهم وفقنا لما تحب وترضى (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)(لأعراف: من الآية23) اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أيها المسلمون إنه في يوم الاثنين القادم سوف تقام صلاة الاستسقاء إن شاء الله امتثالا لأمر من أمرنا الله بطاعتهم من ولاة الأمور واحتسابا للأجر وارتقابا لثواب الله عز وجل ودعاء لله تعالى فإن الدعاء عبادة ولن يخيب عبد دعا ربه إن الدعاء عبادة فادعوا الله مخلصين له الدين وستكون إقامة الصلاة في تمام الساعة السابعة إن شاء الله تعالى بالتوقيت ؛ بالتوقيت الزوالي فمن سمع منكم ذلك فليبلغه إلى من لم يسمعه لأن الخبر جاء متأخرا أسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .