خطبة ماذا تسبب المعاصي الشيخ محمد بن صالح العثيمين

ماذا تسبب المعاصي
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

الحمد لله الذي بيده ملكوت السموات والأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء شهيد له الحكمة في أمره في شرعه وقدره يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وأشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له الولي الحميد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم الأنبياء وإمامهم وخلاصة العبيد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما ... 

أما بعد

فقد قال الله عز وجل مبينا تمام قدرته وكمال حكمته وأن الأمر أمره وأنه المدبر لعباده كيف يشاء من أمن وخوف ورخاء وشدة وسعة وضيق وقلة وكثرة قال الله عز وجل : (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (الرحمن:29) فلله تعالى في خلقه شئون يمضي حكمه فيهم على ما تقتضيه حكمته وفضله أحيانا وعلى ما تقتضيه حكمته وعدله أحيانا ولا يظلم ربك أحدا (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) (الزخرف:76) أيها المسلمون إننا نؤمن بالله وقدره إن الإيمان بقدر الله هو أحد أركان الإيمان إننا نؤمن أن ما يصيبنا من خير ورخاء فهو من نعمة الله علينا يجب علينا أن نشكر مسديها وموليها بالرجوع إلى  طاعته باجتناب ما نهى عنه وفعل ما أمر به إننا إذا قمنا بطاعة الله فنحن شاكرون لنعمه وحينئذ نستحق ما وعدنا الله وتفضل به علينا من مزيد هذه النعمة يقول الله عز وجل (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ )(النحل: من الآية53) ويقول تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (إبراهيم:7) أيها المسلمون إننا في هذه المملكة نعيش ولله الحمد في أمن ورخاء ولكن هذا الأمن والرخاء لن يدوم أبدا حتى نرجع إلى الله عز وجل حتى نقوم بطاعة الله حتى نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر حتى نعين من يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لأن هؤلاء الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر هم وجهة الأمة هم الذين يردون عنها أسباب العقاب والعذاب فعلينا أن نناصرهم علينا أن نكون في صفهم علينا إذا أخطئوا أن نعرف الخطأ وأن نحذرهم منه وأن نرشدهم إلى ما فيه الهداية لا أن نجعل ما أخطئوا فيه سببا لإزالتهم وإبعادهم عن هذا المنصب إن هذا لدرء ليس بجيد أيها المسلمون إن ما أصاب الناس من ضر وضيق مالي أو أمني فردي أو جماعي فانه بسبب معاصيهم وإهمالهم لأوامر الله ونسيانهم شريعة الله والتماسهم الحكم بين الناس من غير شريعة الخالق العليم بما يصلح الخلق أيها المسلمون إنني أعيد هذه الجملة لأهميتها ولأعراض كثير من الناس عنها إنني أقول إنما أصاب  الناس من ضر وضيق مالي أو من ضر وضيق أمني فرديا كان أو جماعيا فبسبب معاصيهم وإهمالهم لأوامر الله عز وجل ونسيانهم شريعة الله والتماسهم الحكم بين الناس من غير شريعة الله  من غير شريعة الله  الذي خلق الخلق وكنا أرحم بهم من أمهاتهم وآبائهم  وكان أعلم بمصالحهم من أنفسهم يقول الله عز وجل مبينا ذلك في كتابه حتى نحذر  وحتى نتبين يقول جل وعلا (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30)  ويقول الله تعالى (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ )(النساء: من الآية79) ما أصابنا من حسنة  من الخيرات والنعم والأمن فانه من الله هو الذي تفضل به أولا وأخرا هو الذي تفضل علينا فقمنا بأسبابه وهو الذي تفضل علينا فأسبغه علينا أما ما أصابنا من سيئات من قحط وخوف وغير ذلك مما يسؤنا فإن ذلك من أنفسنا نحن أسبابه نحن الذي أصبنا به أيها الناس إن كثيرا من الناس اليوم إن كثيرا من الناس اليوم يعزون المصائب التي يصابون بها سواء كانت المصائب مالية اقتصادية أو أمنية سياسية يعزون هذه المصائب إلى أسباب مادية بحتة إلى أسباب سياسية أو أسباب مالية أو أسباب حدودية ولا شك أن هذا من قصور أفهامهم وضعف  إيمانهم وغفلتهم عن تدبر كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أيها المسلمون المؤمنون بالله ورسوله إن وراء هذه الأسباب إن وراء هذه الأسباب أسبابا شرعية أسبابا لهذه المصائب أقوى وأعظم وأشد تأثيرا من المصائب المادية لكن قد تكون الأسباب المادية وسيلة لما تقتضيه الأسباب الشرعية من المصائب والعقوبات قال الله عز وجل (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41) أيها الناس أيها المسلمون يا أمة محمد اشكروا نعمة الله عليكم بما أنعم عليكم من  هذه النعمة التي ستسمعونها إنكم يا أمة  محمد أفضل الأمم وأكرمها على الله عز وجل إن الله لم يجعل عقوبة هذه الأمة على معاصيها وذنوبها كعقوبة الأمم السابقة لم يجعلها بالهلاك العام المدمر للأمة كما حصل لثمود حين أهلكوا بالريح العاتية (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ* فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ) (الحاقة:7-8)  لم يجعلها كعقوبة ثمود الذين أخذتهم الصيحة والرجفة (فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) (لأعراف:78) كأن لم ولم تكن كعقوبة قوم لوط الذين أرسل الذين أرسل الله عليهم حاصبا من السماء فجعل ديارهم عليها سافلها أيها المسلمون إن الله بحكمته وبرحمته لهذه الأمة جعل عقوبتهم على ذنوبهم ومعاصيهم أن يسلط بعضهم على بعض فيهلك بعضهم بعضا ويسبي بعضهم بعضا قال الله عز وجل (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ* وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ * لِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (الأنعام:65-67) وقد أورد الحافظ بن كثير رحمه الله في تفسيره أحاديث  عديدة تتعلق بالآية الأولى منها ما أخرجه البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال لما نزلت هذه الآية (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ) (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذه أهون)  أو أيسر وما أخرجه مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال أقبلنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم  حتى مررنا على مسجد بني معاوية فدخل رسول الله صلي الله عليه وسلم  فصلى ركعتين فصلينا معه فناجى ربه عز وجل طويلا ثم قال: ( سألت ربي ثلاثا سألته ألا يهلك أمتي بالغرق فاعطانيها وسألته ألا يهلك أمتي بالسنة يعني بالجدب كما حصل لآل فرعون فأعطانيها وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها ) وعن خباب بن الارت رضي الله عنه قال: وافيت رسول الله صلي الله عليه وسلم  في ليلة صلاها كلها حتى كان مع الفجر فسلم رسول الله صلي الله عليه وسلم من صلاته فقلت: ( يا رسول الله لقد صليت الليلة صلاة ما رايتك صليت مثلها ) قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (أجل إنها صلاة رغب ورهب سالت ربي عز وجل فيها ثلاث خصال فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت ربي عز وجل ألا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا فاعطانيها وسألت ربي وسألت ربي عز وجل  ألا يظهر علينا عدوا من غيرنا فاعطانيها وسالت ربي عز وجل ألا يلبسنا شيعا يعني ويذيق بعضنا بأس بعض فمنعنيها)  أخرجه الإمام أحمد والنسائي والترمذي أيها المسلمون إنكم تؤمنون بهذه الآيات وتؤمنون بالأحاديث التي صحت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم  فلماذا لا تفكرون فيها لماذا لا تعزون هذه المصائب التي تحصل إلى تقصير في دينكم حتى ترجعوا إلى ربكم وتنقذوا أنفسكم من أسباب الهلاك من أسباب الهلاك المدمرة فاتقوا الله عباد الله وانظروا في أمركم وتوبوا إلى ربكم وصححوا إليه مسيرتكم واعلموا أن هذه العقوبات التي تنزل بكم أيها الأمة وهذه الفتن وهذه الفتن التي تحل بكم إنما هي من أنفسكم وبذنوبكم فأحدثوا  لكل عقوبة توبة ورجوعا إلى الله واستعيذوا بالله  تعالى من الفتن ؛ الفتن المادية التي تكون في النفوس والأموال بالقتل والجرح والتشريد وبالأموال بالنقص والدمار والفتن الدينية التي تكون في القلوب بالشبهات والشهوات التي تصد الأمة عن دين الله  وتبعدها عن نهج سلفها وتعصف بها إلى الهاوية فان فتن الدين أعظم وأشد وأسوأ عاقبة من فتن الدنيا لأن فتن الدنيا إذا وقعت لم يكن فيها الا خسارة الدنيا والدنيا سوف تزول إن عاجلا وإن آجلا أما فتن الدين فإن بها خسارة الدنيا والآخرة (ِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)(الزمر: من الآية15) اللهم إنا نسألك ونحن في انتظار فريضة من فرائضك أن تجعلنا من المعتبرين بآياتك المتعظين عند نزول عقوباتك اللهم اجعلنا من المؤمنين حقا  الذين يعزون ما أصابهم من المصائب إلى أسبابه الحقيقية الشرعية التي بينتها  في كتابك وعلى لسان رسولك محمد صلى الله عليه وسلم  اللهم ارزق الأمة الإسلامية  وولاتها رجوعا إليك رجوعا حقيقيا في الظاهر والباطن في القول و الفعل حتى تصلح الأمة فان صلاح الولاة صلاح للأمة أي سبب لصلاح الأمة اللهم إنا نسألك أن تصلح ولاة أمورنا وأن ترزقهم الاعتبار بما وقع وأن توفقهم لما تحب وترضى يا رب العالمين اللهم إنا نسألك أن تبعد عنهم كل بطانة سوء إنك على كل شئ قدير اللهم أبدلهم ببطانة خيرة تدلهم على الخير وتأمرهم به وتحثهم عليه يا رب العالمين اللهم من كان من بطانة ولاة أمور المسلمين  ليس ناصحا لهم ولا لرعيتهم فأبعده عنهم وأبدلهم بخير منه يا رب العالمين  يا ذا الجلال والإكرام والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وحده لا شريك له ؛ له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليما كثيرا

أما بعد

يا عباد الله اتقوا الله عز وجل وإياكم والغفلة عن شريعة الله إياكم والغفلة عن آيات الله  إياكم والغفلة عن تدبر كتاب الله إياكم والغفلة عن معرفة سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم  فان بكتاب الله وسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم  سعادتكم في الدنيا والآخرة إن التزمتم بهما تصديقا بالأخبار وامتثالا للأوامر عباد الله إن كثيرا من الناس يشك أو يتشكك في كون المعاصي سببا للمصائب وذلك لضعف إيمانه وقلة تدبره لكتاب الله عز وجل وإني أتلو على هذا وأمثاله قول الله عز وجل ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ* أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ* أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ* أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (لأعراف:95-99) قال بعض السلف إذا رأيت الله ينعم على شخص ورأيت هذا الشخص متماديا في معصيته فاعلم أن ذلك من مكر الله به وأنه داخل في قوله تعالى : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ* وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (لأعراف:102-103) أيها المسلمون يا عباد الله والله إن المعاصي لتؤثر في أمن البلاد وتؤثر في رخاءها واقتصادها وتؤثر في قلوب الشعب إن المعاصي لتوجب نفور الناس بعضهم من بعض إن المعاصي لتوجب أن يرى كل مسلم أخاه المسلم وكأنه على ملة أخرى غير ملة الإسلام ولكن إذا كنا مصلحين لأنفسنا ولأهلنا ولجيراننا ولأهل حاراتنا ولكل من نستطيع إصلاحه  وكنا نتآمر بالمعروف ونتناهى عن المنكر ونؤازر من يقوم بذلك بالحكمة والموعظة الحسنة فان بذلك يكون الاجتماع والائتلاف يقول الله عز وجل (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران:104-105)  إني  أدعو نفسي وإياكم أيها الاخوة إلى أن نتآلف في دين الله عز وجل وأن نتكاتف على إقامة شريعة الله  وأن ينصح بعضنا بعضا بالحكمة والموعظة الحسنة وأن نجادل من يحتاج إلى المجادلة بالتي هي أحسن في الأسلوب والإقناع  بالحجج الشرعية والحجج العقلية وألا ندع أهل الباطل في باطلهم لان لهم حقا علينا أن نبين لهم الحق وأن نرغبهم فيه وأن نبين لهم الباطل وأن نحذرهم منه أما أن نكون أمة متفرقة لا يلوي بعضنا على بعض ولا  يهتم بعضنا ببعض فان من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم أيها المسلمون إنني أكرر وأقول إنه يجب علينا ونحن ولله الحمد مسلمون مؤمنون أن ننظر إلى الأحداث والمصائب نظرة شرعية مقرونة بكتاب الله وسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم لأننا لو نظرنا إليها نظرة مادية لكان غيرنا من الكفار أقوى منا من الناحية المادية وأعظم  منا وبها يتسلطون علينا ويستعبدوننا ولكننا إذا نظرنا إليها نظرة شرعية من زاوية الكتاب والسنة فإننا سوف نرجع عن ما كان سببا لهذه المصائب ونحن إذا رجعنا إلى الله ونصرنا دين الله عز وجل فان الله يقول في كتابه وهو أصدق القائلين وأقدر الفاعلين يقول عز وجل ( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج:40-41) وتأمل يا أخي المسلم كيف قال الله عز وجل (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز) فأكد هذا النصر بمؤكدات لفظية وهي القسم المقدر واللام التي تدل على التوكيد ونون التوكيد وأكد ذلك بمؤكدات معنوية وهي قوله (إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز) فبقوته وعزته ينصر من ينصره  وتأمل كيف ختم الآيتين بقوله (وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)(الحج: من الآية41)فإن الإنسان قد يقول بفكره الخاطئ كيف ننتصر على هذه الأمم الكافرة  وهي أقوى منا واعتي منا فبين الله تعالى أن الأمر إلى الله وحده وأنه على كل شئ قدير ولا يخفى علينا جميعا ما يحدثه ما تحدثه الزلازل التي تكون بأمر الله عز وجل بان يقول ( كُنْ فَيَكُونُ)(يّـس: من الآية82) فيحدث من الدمار العظيم الشامل في لحظة واحدة ما لا تحدثه قوى هذه الأمم والله لو نصرنا الله حق النصر لو نصرنا الله حق النصر لانتصرنا على كل عدو لنا في الأرض ولكن مع الأسف أن كثيرا منا كانوا أذيالا لأعداء الله وأعداء رسوله ينظرون ماذا يفعلون من المحادة لله ورسوله فيتبعونهم على ذلك وربما يذهبون إلى بلادهم فيلقون بأفلاذ أكبادهم من الأولاد  بنين وبنات ومن الأهل في تلك الديار التي لا تسمع فيها إلا النواقيس لا تسمع فها آذانا لا تسمع فيها ذكرا لله عز وجل لا ترى فيها  إلا مسارح اللهو والمجون فنسأل الله تعالى أن يرد ضال هذه الأمة  إليه ردا جميلا  وان يجعلنا جميعا متكاتفين على الحق متعاونين  على البر والتقوى حتى نعيد لهذه الأمة ما اندثر من مجدها وكرامتها إنه ولي ذلك والقادر عليه اللهم تقبل منا أنك أنت السميع العليم اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد  اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم على آل إبراهيم إنك حميد مجيد  ....