خطبة المسجد الأقصي الشيخ محمد بن صالح العثيمين

المسجد الأقصي
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

أما بعد

فيا أيها الناس لقد مضى على احتلال اليهود لقد مضى على احتلال اليهود لشرقي القدس الذي يحتوي على المسجد الأقصى سنوات عديدة وهم يعيثون به فسادا وبأهله عذابا وفي سنة ألف وثلاثمائة وستة وتسعين أصدرت محكمة يهودية حكما بجواز تعبد اليهود في نفس المسجد الأقصى ومضمون هذا الحكم اليهودي الطاغوتي إظهار شعائر الكفر في مسجد من أعظم المساجد الإسلامية حرمة فإنه المسجد الذي أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ليعرج من هناك إلى السماوات  العلا إلى الله جلا وتقدس وعلا وإنه لثاني مسجد وضع في الأرض لعبادة الله عز وجل وتوحيده ففي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول قال: ( المسجد الحرام قلت: ثم أي قال: المسجد الأقصى قلت: كم بينهما قال: أربعون سنة ) وإن المسجد الأقصى لثالث المساجد المعظمة التي لا تشد الرحال إلا إليها والمساجد الثلاثة هي المسجد الحرام بمكة ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة والمسجد الأقصى في القدس وإنه المسجد الذي يقع في الأرض المقدسة المباركة مقر أبي الأنبياء إبراهيم الخليل ومقر بنيه سوى إسماعيل هي مقر اسحق بن إبراهيم ويعقوب بن اسحق إلى أن خرج بأهله إلى ابنه يوسف في مصر فبقوا هناك حتى صاروا أمة بجانب الأقباط آل فرعون الذين يسومونهم سوء العذاب يقتلون أبناءهم ويستحيون نسائهم حتى خرج فيهم نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم وقد ذكر الله نعمته بذلك على بني إسرائيل حيث يقول (وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) (لأعراف:141) وذكرهم موسى نعمة الله عليهم بذلك وبغيره إذ جعل فيهم أنبياء وجعلهم ملوكا وآتاهم ما لم يؤت أ حد من العالمين في وقتهم وأمرهم بجهاد الجبابرة الذين استولوا على الأرض المقدسة وبشرهم بالنصر حيث قال لهم (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ )(المائدة: من الآية21) وإنما كتب الله الأرض المقدسة لبني إسرائيل في ذلك الوقت لأنهم كانوا أحق الناس بها لأنهم أهل الإيمان والصلاح والشريعة القائمة وأرض الله وأرض الله تعالى لا يرثها لا ترفعه الحين وأرض الله تعالى لا يرثها من عباد الله إلا من كان قائما بأمره كما قال الله عز وجل (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ*إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ) (الانبياء:105-106) ولكن بني إسرائيل مع بشارة موسى لم يستجيبوا لمو لم يستجيبوا لموسى ونكلوا عن الجهاد وقالوا لموسى (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)(المائدة: من الآية24) ولنكولهم عن الجهاد ومخاطبتهم نبيهم بهذا العناد حرم الله عليهم دخول الأرض المقدسة فتاهوا في الأرض تاهوا في الأرض ما بين مصر والشام أربعين سنة حتى مات أكثرهم أو كلهم إلا من ولدوا في التيه وذكر المؤرخون أن موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام ماتا في خلال هذه المدة وخلفهما يوشع في من بقي من بني إسرائيل من النشء الجديد وفتح الله عليهم الأرض المقدسة حتى آل الأمر إلى داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام فجدد بناء بيت المقدس وكان يعقوب قد بناه قبل ذلك ولما عتى بنو إسرائيل عن أمر ربهم سلط الله عليهم ملكا من الفرس يقال له بختنصر فدمر بلادهم وبددهم قتلا وأسرا وتشريدا وخرب بيت المقدس للمرة الأولى ثم رد الله الكرة لبني إسرائيل وأمدهم بأموال وبنين وجعلهم أكثر نفيرا ولكنهم نسوا ما جرى عليهم وكفروا بالله ورسله (كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ)(المائدة: من الآية70) فسلط الله عليهم بعض ملوك الفرس أو الروم مرة ثانية فاحتلوا بلادهم وأذاقوهم العذاب ثم بقي المسجد الأقصى بأيدي النصارى من الروم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ثلاثمائة سنة حتى أنقذه الله من أيديهم بالفتح الإسلامي على يد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك في السنة الخامسة عشرة من الهجرة فصار المسجد الأقصى بيد أهله الذين ورثوه بحق وهم المسلمون كما قال الله عز وجل (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور:55) وبقي المسجد الأقصى في أيدي المسلمين حتى استولى عليه النصارى من الإفرنج أيام الحروب الصليبية التي جرت بين النصارى والمسلمين فاستولى عليه النصارى في الثالث والعشرين من شعبان سنة أربعمائة وأثنتين وتسعين دخلوا القدس في نحو مليون مقاتل وقتلوا من المسلمين نحو ستين ألفا واستولوا على ما في المسجد من ذهب وفضة وكان يوما عصيبا على المسلمين أظهر النصارى شعائرهم على المسجد الأقصى فنصبوا الصليب وضربوا الناقوس وحلت فيه عقيدة التثليث (إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ)(المائدة: من الآية73) وعقيدة الاتحاد والحلول (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)(المائدة: من الآية17) وعقيدة الأب والابن (الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ)(التوبة: من الآية30) هذه عقائد النصارى عليهم لعنة الله وعلى اليهود أيضا لعنة الله إلى يوم القيامة وهذه والله من أكبر الفتن وأعظم المحن أن ينصب على المسجد الأقصى أن ينصب على المسجد الأقصى شعار النصارى اليهود وتضرب النواقيس فيه وتحل فيه عقيدة الشرك ولكن الله حكيم عليم بعباده وبقي النصارى محتلين للمسجد الأقصى أكثر من تسعين سنة حتى استنقذه الله من أيديهم على يد المل على يد الملك صلاح الدين الأيوبي يوسف بن أيوب في سبع وعشرين من رجب سنة خمسمائة وثلاث وثمانين فكان فتحا مبينا ويوما عظيما مشهودا أعاد الله تعالى فيه للمسجد الأقصى كرامته وكسرت فيه الصلبان ونودي فيه بعد النواقيس بالآذان وأعلنت فيه عبادة الواحد الديان ثم إن النصارى أعادوا الكرة على المسلمين وضيقوا على الملك ابن أخي صلاح الدين فصالحهم على أن يعيد إليهم بيت المقدس ويخلوا بينه وبين البلاد الأخرى وذلك في ربيع الآخر سنة ستمائة وست وعشرين فعادت دولة الصليب إلى المسجد الأقصى مرة أخرى (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً)(الأحزاب: من الآية38) وحتما مفعولا واستمرت أيدي النصارى عليه حتى استنقذه منهم الملك الصالح أيوب سنة ست واثنتين وأربعين من الهجرة وبقي في أيدي المسلمين وفي ربيع الأول من عام ألف وثلاثمائة وسبعة وثمانين احتله اليهود أعداء الله ورسله بمعونة أوليائهم من النصارى وفي عام ألف وثلاثمائة وستة وتسعين أصدروا حكما بجواز تعبد اليهود في المسجد الأقصى وما زالوا مصرين على احتلالهم له ولقد قالت رئيسة وزرائهم حين احتلالهم له فيما بلغنا قالت إن كان من الجائز أن تتنازل إسرائيل عن تل أبيب فليس من الجائز أن تتنازل عن أورشليم القدس نعم لن يتنازل اليهود عن القدس إلا بالقوة ولا قوة إلا بنصر من الله عز وجل ولا نصر من عند الله إلا بنصر دينه إن الله تعالى لا ينصر من يقاتلون حمية وإنما ينصر من يقاتل لدينه من يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا كما قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد:7) أيها المسلمون إن نصر الله عز وجل لا يكون إلا بعبادته والتمسك بشريعته ظاهرا وباطنا والاستعانة به وإعداد ما أمر به من القوة المادية والمعنوية بكل ما نستطيع ثم القتال من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا أما أن نحاول طرد أعداء الله من بلاد المسلمين ثم نسكنهم قلوبنا بالميل إلى منحرف أفكارهم والتلطخ بسافل  أخلاقهم أما أن نحاول طردهم من بلاد الإسلام ثم يلاحقهم رجال من مستقبل أمتنا اقصروا شوية ثم يلاحقهم رجال من مستقبل أمتنا يتجرعون أو يستمرئون صديد أفكارهم ثم يرجعون يتقيئونه بيننا أما أن نحاول طردهم من بلاد الإسلام ثم نستقبل ما يرد منهم من أفلام فاتنة وصحف مضلة أما أن نحاول طردهم من بلاد الغسلام ونحن نمارس هذه الأمور فإن ذلك من محاولة الجمع بين النقيضين وكل من حاول ذلك فقد سلك مسلكا خاطئا غير سليم إن الفجوة بيننا وبين النصر واسعة إن سلكنا هذا المسلك لأن للنصر شروطا لن يتحقق بدونها واسمعوها من قول من بيده ملكوت السماوات والأرض وبأمره النصر والخذلان حيث يقول تعالى (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)(الحج: من الآية40) فمن الذي ينصر الله استمعوا إلى الجواب استمعوا إلى الجواب من كلام الله لا من كلام فلان وفلان الذين ينصرون الله هم الذين وصفهم الله بقوله (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج:41) نعم هؤلاء هم المستحقون للنصر الذين إن مكنهم الله أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر إن هؤلاء لا يحملهم التمكين في الأرض على الأشر والبطر والفرح والمرح وإنما يحملهم على الصلاح والإصلاح أيها المسلمون اتقوا الله عز وجل وانظروا في أمركم  وانظروا هل أنتم أتيتم بشروط النصر أم غفلتم عن ذلك أم قست قلوبكم فهي كالحجارة أو أشد قسوة اللهم إنا نسألك أن تنصر الإسلام والمسلمين اللهم أنصر الإسلام والمسلمين اللهم أنصر الإسلام والمسلمين اللهم طهر المسجد الأقصى من اليهود والنصارى والمنافقين اللهم طهر المسجد الأقصى من اليهود والنصارى والمنافقين يا رب العالمين اللهم اجعلنا من أنصار دينك اللهم انصرنا بالإسلام وأنصر الإسلام بنا يا رب العالمين اللهم اجعلنا من جنودك المفلحين اللهم اجعلنا من جنودك المفلحين اللهم لا تقسي قلوبنا بمعاصينا اللهم أغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم والحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الحمد لله القوي القهار العزيز الغفار مكور النهار على الليل ومكور الليل على النهار وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العزة والاقتدار وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار وعلى التابعين لهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار وسلم تسليما كثيرا

أما بعد

أيها المسلمون اتقوا الله تعالى اتقوا الله ربكم وكما كانت الضجة العظيمة  الكبرى مما حصل من اليهود في المسجد الأقصى وهي جديرة بأن تنكر وأن تستنكر فإن دماء المسلمين أعظم وأعظم من ذلك فإن تعظيم دم المسلم أعظم من تعظيم هذه الأماكن التي عظمها الله عز وجل وإن تعظيم شريعة الله والحكم فيها بين الناس أعظم وأعظم من تعظيم هذه الأماكن بل إن هذه بل إن تعظيم هذه الأماكن جزء من تعظيم الشريعة الإسلامية وإن بعض المسلمين اليوم بل كثيرا من المسلمين اليوم صاروا يعرضون عن حكم عن الحكم بما أ نزل الله عز وجل يحكمون بين الناس بغير شريعة الله يحكمون بينهم بقوانين وضعية نابذين كتاب الله وراء ظهورهم وهذا هو الأمر العظيم الذي يجب أن يثأر له جميع المسلمين وأن يطالبوا حكامهم بالرجوع إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم إن الحكم بين الناس بشريعة الله هو الذي أمر الله به عز وجل فقال لرسوله صلى الله عليه وسلم (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ)(المائدة: من الآية49) وأنكر على من خالف هذا الحكم وسمى ما خالفه حكما جاهليا فقال عز وجل (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50) وحكم على من خالف حكم الله وحكم بغيره حكم عليه بالكفر تارة وبالظلم تارة وبالفسق تارة أخرى فقال (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ*وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(المائدة: من الآية44-45) (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)(المائدة: من الآية47) أيها المسلمون إن الواجب على الأمة الإسلامية أن تطالب حكامها وولاة أمورها بالحكم بشريعة الله لأنه لا يمكن صلاح الأمة إلا بالرجوع إلى ذلك إلا بتحكيم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يكون تعظيم المساجد الثلاثة بعض من تحكيم هذه الشريعة أما تحكيم الأماكن مع ضرب كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وراء الظهر وعدم الالتفات إليهما بالحكم بين الناس فإن هذا بلا شك طريق خاطئ ضال لأن الواجب على المسلمين جميعا أن يحكموا بالشريعة في جميع أمورها وأن يعظموا حرمات الله عز وجل واسمعوا إلى قول الله تعالى في قتل النفس وإلى قول الله تعالى في الإلحاد في الحرم المكي الذي هو أشرف المساجد الثلاثة أما قتل النفس فقد قال الله عز وجل (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93) وأما الإلحاد في الحرم فقال الله عز وجل ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)(الحج: من الآية25) والفرق بين الوعيدين ظاهر جدا فعلينا أيها الأخوة أن نعظم ما عظمه الله عز وجل من النفوس والدماء والأموال والأزمان والأماكن لأن هذا من مقتضى دين الله عز وجل بل هو مقتضى الإيمان بالله فمن لم يعظم حرمات الله فإن قلبه خال من التقوى بمقدار ما نقص من تعظيم حرمات الله (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج:32) (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّه)(الحج: من الآية30) أيها المسلمون إنكم مغزوون من كل جانب إنكم مغزوون من أعداء يتظاهرون بالعداوة ومغزوون من أعداء ينافقون يظهرون الصداقة ويظهرون المحبة ولكنهم أشد الناس عداوة أشد الناس عداوة لكم لأن العدو الذي يبطن العبادة الذي يبطن العداوة أعظم ضررا من العدو الذي يظهرها لأن الذي يظهر العداوة يمكن التحرز منه بخلاف الذي يبطنها ولهذا قال الله عز وجل في المنافقين (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(المنافقون: من الآية4) أسأل الله تعالى أن يجعل إيماننا صريحا إيمانا خالصا لله عز وجل لا تأخذنا في الله لومة لائم نعظم ما عظمه الله ونهين ما أهانه الله (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)(الحج: من الآية18) أيها المسلمون إن خير الكتاب كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضَ عن خلفائه الراشدين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضَ عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم اصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح لولاة الأمور بطانتهم اللهم هيئ لهم بطانة صالحة تدلهم على الخير وتحثهم عليه اللهم أبعد عنهم كل بطانة سوء وأبدلهم بخير منها يا رب العالمين يا ذا الجلال والإكرام اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك الذين يقاتلون لتكون كلمتك هي العليا اللهم أنصرهم في كل مكان يا رب العالمين اللهم من أراد بنا سوءا فاجعل كيده في نحره اللهم من أراد بنا سوءا فاجعل كيده في نحره اللهم من أراد بنا سوءا فاجعل كيده في نحره وفرق جمعه وأهزم جنده وشتت كلمته وأذقه عذاب الذل والهون يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير اللهم إنا نسألك أن تقتص للمظلومين من الظالمين اللهم اقتص من الظالمين للمظلومين اللهم أهزم الظالمين وانصر المظلومين عليهم اللهم رد المظلومين إلى بلادهم سالمين موفقين يا رب العالمين (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)(الحشر: من الآية10) عباد الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ*وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (النحل:90-91) واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .