خطبة قصص وعبر الشيخ محمد بن صالح العثيمين

قصص وعبر
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

الحمد لله العلي الجبار القوي القهار له العزة جميعا وله القوة جميعا وبيده ملكوت كل شيء يكور النهار على الليل ويكور الليل على النهار وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العظمة والاقتدار وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار وسلم تسليما كثيرا

أما بعد

فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أنكم آخر أمة وأنكم أفضل أمة عند الله قال النبي صلى الله عليه وسلم نحن الآخرون السابقون يوم القيامة وقد جعل الله تعالى في سيّر الأمم السابقة لنا عبرة كما قال الله تعالى (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)(يوسف: من الآية111) وأمر الله تعالى أن نسير في الأرض بقلوبنا وأفكارنا نسير فيها في العصور الخالية وفي العصور الحاضرة نسير فيها لننظر كيف كان عاقبة المكذبين بالله ورسوله المستكبرين عن عبادته نسير فيها لننظر كيف كانت هذه العاقبة وكيف كانت عاقبة المؤمنين بالله ورسوله لقد كانت عاقبة الذين كذبوا الله ورسوله واستكبروا عن عبادته كانت أسوأ العواقب أخذوا بالعذاب في الدنيا (وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)(طـه: من الآية127) أيها المسلمون يا أمة محمد يا آخر أمة يا أسبق أمة يا أفضل أمة سيروا بنا لننظر كيف كانت العاقبة لأولئك المكذبين لرسلهم ولنبدأ بقصة نوح أول الرسل حيث كذبه قومه إلا قليلا منهم يقول الله عز وجل في آيات مختصرات لكنها عظات عظيمة (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ *فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ*فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ*وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) (القمر:9-12) تصوروا هذه الصورة المزعجة فتحت أبواب السماء كلها فتحت أبواب السماء كلها بماء غزير متدفق بقوة وفجرت الأرض كلها عيونا حتى كان التنور الذي هو أيبس الأرض وأحرها يفور بالماء الذي هو رطب بارد فتبارك الله رب العالمين فالتقت المياه مياه الأرض وماء السماء حتى علا الماء قمم الجبال وهل أنجاهم ذلك من عذاب الآخرة لا والله واستمعوا الجواب من القرآن الكريم قال الله عز وجل (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَاراً) (نوح:25) أما نوح ومن معه فقد قال الله عز وجل (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ* تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ) (القمر:13-14) أما الثانية أما القصة الثانية فهي قصة عاد ومن عاد عاد هم قوم هود عاد (إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ*الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ) (الفجر:7-8) لقوتهم وشدة بأسهم حتى إنهم قالوا بغيا وطغيانا واستكبارا في الأرض بغير الحق قالوا (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)(فصلت: من الآية15) قال الله عز وجل ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً )(فصلت: من الآية15) وما كان وماذا كان مصير هؤلاء الأقوياء العتاة استمعوا كان مصيرهم أن أهلكهم الله تعالى بالهواء الذي هو من ألطف الأشياء كثافة الهواء الذي لا يرى في العيون قال الله عز وجل (كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ*إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ*تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) (القمر:18-20) وقال الله عز وجل (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) (الحاقة:7) أيها المسلمون هل كفاهم هذا العذاب عن عذاب الآخرة استمعوا الجواب من كلام الله قال الله عز وجل (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) (فصلت:16) القصة الثالثة قصة ثمود وما أدراك ما ثمود ثمود هم قوم صالح هداهم الله عز وجل بما بين لهم من الآيات هداهم هداية بيان وعلم ولكنهم استحبوا العمى على الهدى وكذبوا نبيهم صالحا إلا قليلا منهم وعقروا الناقة التي جعلها الله لهم آية فماذا كان عاقبتهم قال الله عز وجل (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) (القمر:31) وقال عز وجل (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) (لأعراف:78) فاهلكوا بصيحة ورجفة كانوا فيها جاثمين في ديارهم إنهم هشيم صاحب الحضار أما ثمود اما صالح فنجاه الله ومن معه القصة الرابعة قصة قوم لوط وما أدراك ما قوم لوط قوم لوط قوم جمعوا إلى  الكفر بالله ورسوله تلك الفاحشة النكراء التي تدل على انقلاب فطرهم وعقولهم فكانوا يأتون الذكران يأتون الذكور ويذرون النساء فذكرهم نبيهم بذلك ووبخهم عليه وقال (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ*وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ) (الشعراء:165-166) (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) (النمل:56) وماذا فعل الله بهؤلاء استمعوا إلى قول الله عز وجل (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) (العنكبوت:34) وقال (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ*  مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) (هود:82-83) أما لوط وأهله إلا من سبق عليه القول منهم فقد نجاه الله عز وجل حين خرج من القرية بأمر الله أما القصة الخامسة فهي قصة فرعون فرعون المتكبر الجبار الذي بغى وطغى وأنكر الملك العلي الأعلى وقال لقومه (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى)(النازعـات: من الآية24) وقال لهم (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي)(القصص: من الآية38) وقال مفتخرا بما أوتي من الملك والرفاهية والبساتين المثمرة والزروع النضرة والكنوز وغيرها قال لهم (يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ)(الزخرف: من الآية51) وقال محتقرا لموسى رسول رب العالمين (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ*فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) (الزخرف:52-53) وماذا كانت عاقبة فرعون وقومه استمعوا إليها من قول الله عز وجل (فَلَمَّا آسَفُونَا)(الزخرف: من الآية55) أي أغضبونا (انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ)(الزخرف: من الآية55) وقال (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ*وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ *وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ) (الدخان:25-27) وقال أيضا (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (الدخان:25) (وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ) (الشعراء:58) وهل أ نجاهم الله ذلك من عذاب الآخرة استمع إلى قول الله عز وجل (فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ*يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ*وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) (هود:97-99) أيها  المسلمون سيروا بقلوبكم وأفكاركم في الأمم السابقين واعتبروا بما جرى للمكذبين المستكبرين وتأملوا حكمة الله عز وجل فيمن أتاهم العذاب صباحا حين استقبال حياتهم في نهارهم وانفتاح أملهم في أفكارهم ليكون ذلك أعظم صدمة وأشد أخذا يقول الله عز وجل (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ*أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ*أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (لأعراف:97-99) أيها المسلمون اعتبروا بما في هذه القصص وأمثالها ثم اعتبروا مرة أخرى كيف أهلكت عاد وهم الذين قالوا (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً )(فصلت: من الآية15) أهلكوا بالريح التي هي من ألطف الأشياء وأخف الأشياء وتأملوا أيضا بماذا أهلك فرعون الذي افتخر بأنهاره فقال ( وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي)(الزخرف: من الآية51) كيف أهلك بمثل هذ بجنس هذه الأنهار وهو الماء فإن الله تعالى أغرقه وقومه أيها المسلمون احذروا أن يصيبكم ما أصاب هؤلاء المكذبين وإذا لم  يصبكم هذا الدمار الحسي فإن أعظم منه ذلك الدمار المعنوي الذي قال الله عنه (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ)(المائدة: من الآية49) أيها المسلمون إن الناس ينقسمون في هذه القصص وأمثالها إلى قسمين قسم عالمون بالله وآياته يرون ذلك واقعا بأمر الله عز وجل فيعتبرون بمن مضى ويرجعون إلى الله خوفامن خوفا أن يصيبهم ما أصابهم قال الله تعالى (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا) (محمد:10) وقسم جاهلون بالله عز وجل قلوبهم خالية من الإيمان أو قاسية من العصيان يقولون إن هذه كوارث طبيعية فلا يهتمون ولا يرون ذلك من عواقب الله عز وجل وهو عاقبة المكذبين لله ورسله فنسأل الله بآياته فنسأل الله بأسمائه وصفاته أن يجعلنا وإياكم من المعتبرين بآياته الخائفين من عقوباته وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب ونسأل الله تعالى أن يديم أمننا وإيماننا وأن يصلح لنا رعاتنا ورعيتنا إنه جواد كريم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الحمد لله أحمده وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

أما بعد

أيها الأخوة المسلمون فإنكم سمعتم شيئا مما فعله الله عز وجل وأنزله من العقاب بالأمم السابقة الذين كذبوا رسلهم وإن الذي فعل ما فعل وأنزل ما أنزل فيمن سبق من الأمم لقادر على أن ينزل مثل ذلك أو أعظم منه في الأمم الحاضرة ولقد سمعتم في وسائل الإعلام ما حصل في أمريكا في الولايات المتحدة من الإعصار الشديد الذي دمر كثيرا من المنازل والذي قلّع الأ والذي قلّع الأشجار ودمر الديار وأفسد عليهم أمورهم حتى قيل إنه ليقلب السيارات ويجتث الأشجار الكبيرة العظيمة وأنه أطاح بالسفن التي حول رصيف البحر حتى رماها بالبر وأنه أتى على قاعدة جوية فدمرها تدميرا وأنه أتى على الأرصاد الجوية منحرفا إليها حتى دمرها عن آخرها هذا فعل الله شديد العقاب لمن عصاه حتى يعلم الناس أنه ما من قوة في الأرض ما من قوة في الأرض تعجز الله عز وجل (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82) هذا الدمار الذي يلحق بالكافرين بأمر الله هذا عبرة لنا نحن المسلمين فعلينا علينا أن نعتبر بذلك وأن نرجع إلى الله رجوعا حقيقيا وإن هذا الدمار الذي يلحق أولئك الكافرين المستكبرين لهو أدل دليل على أن الله تعالى هو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء حتى ترغم أنوفهم لعزة الله وقوته وحتى يعلموا إن كانوا عاقلين أن الله عز وجل  فوق قدرتهم وقوتهم ولقد بدد الله الدولة الشيوعية الكبرى بددها الله عز وجل حتى صارت دويلات بأمر من عنده بما ألقى في قلوبهم من التنافر والتباغض حتى تفرقوا وكانوا كما تسمعون والله عز وجل قادر على أن يلقي في قلوب الآخرين مثل ما ألقى في قلوبهم حتى يتفرقوا فلا يخيفوا الناس بقوتهم ونحن المؤمنين بالله عز وجل نشهد الله تعالى أنه لا قوة فوق قوة الله وأن الله على كل شيء قدير وأن أمره كما قال عن نفسه (وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) (القمر:50) وإذا كانت العاصفة المدمرة التي أصابت الولايات المتحدة في خلال أربع ساعات كما ذكر فإن الله تعالى قادر على أن يدمرها بأقل من ذلك ولكنه له الحكمة البالغة في كل ما يفعل كما أن له الحكمة البالغة في كل ما يحكم من شرعه (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) (التين:8) أيها المسلمون إن مثل هذه الأمور توجب للمؤمن أن يتعلق قلبه بالله عز وجل وأن يكون متوكلا على الله وحده وأن لا ينظر لدفع الضر الذي نزل به ولا لجلب النفع الذي فقده إلا إلى الله عز وجل وأن يكون البشر أمامه أن يكون البشر أمامه على حقيقتهم فهم بشر والله تعالى فوق قوتهم كما قال الله تعالى في قوم في قوم هود (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً)(فصلت: من الآية15) بلى والله إن  الذي خلق البشر هو أشد منهم قوة فنسأل الله تعالى أن يقينا جميعا أسباب سخطه وعقابه وأن يدمر الكافرين حتى تكون العزة للمؤمنين (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ)(المنافقون: من الآية8) أيها المسلمون إنكم تسمعون في الأخبار ما يجري في البوسنة والهرسك ما يجري فيهما من القتل الشديد من النصارى الصرب الذين يقتلونهم كقتل كقتل البهائم ويفعلون بهم أفاعيل لا يقرها العقل البشري فضلا عن المسلم فعليكم أيها المسلمون عليكم بالدعاء لإخوانكم المسلمين بالنصر وعليكم بالدعاء بالذل والهوان لأعدائهم الصرب أكثروا من الدعاء أكثروا من الدعاء في السجود أكثروا من الدعاء في صلاة الليل أكثروا من الدعاء بين الآذان والإقامة تحروا ساعة الجمعة بالدعاء وهي أرجى ما يكون ما بين أن يأتي الإمام إلى الجمعة وأن تفرغ الصلاة فأكثروا في هذا الوقت من الدعاء لإخوانكم المسلمين لإخوانكم المسلمين في يوغسلافيا بأن ينصرهم الله على أعدائهم وأن يمكن لهم في الأرض اللهم إنا نسألك أن تنصر إخواننا المسلمين في يوغسلافيا على أعدائهم الصرب اللهم أنصرهم عليهم اللهم أمنحهم رقابهم اللهم أورثهم ديارهم وأموالهم اللهم أرنا ما يسرنا في هذا قريبا غير بعيد يا ذا الجلال والإكرام اللهم تقبل منا اللهم تقبل منا اللهم تقبل منا اللهم مجري السحاب ومنزل الكتاب وهازم الأحزاب أهزم أعداءنا أعداء المسلمين في يوغسلافيا وأنصر إخواننا عليهم عاجلا غير آجل يا رب العالمين اللهم كما سلطتهم بحكمتك عليهم فانصر إخواننا عليهم برحمتك وعزتك وقوتك يا رحيم يا عزيز يا قوي إنك على كل شيء قدير اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وأكثروا أيها المسلمون من الصلاة والسلام على نبيكم كما أمركم الله به في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(الأحزاب: من الآية56) اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضَ عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضَ عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(البقرة: من الآية201) عباد الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ*وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (النحل:90-91) واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.