خطبة هذا نذير - يوم الجمعة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

هذا نذير - يوم الجمعة
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله أرسله الله تعالى بالهدي ودين الحق فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده وبين لأمته ما تحتاج إليه في معاشها ومعادها بين ذلك بياناً شافياً كاملة حتى قال أبو ذر رضي الله عنه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

 أما بعد

 فإن الله عز وجل يقول : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) ويقول عز وجل : (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدا عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) لقد أمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الخلق عنده أن يعلن للملأ بأنه صلى الله عليه وسلم لا يعلم متى يقع ما يوعدون به من العذاب سواء كان ذلك في يوم القيامة أو عند الموت فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم متى تكون الساعة ولا يعلم متى يموت الخلق وإنما علم ذلك عند علام الغيوب عالم الغيب والشهادة رب العالمين إلا أنه سبحانه قد يظهر على الغيب الذي يعلمه من يرتضيه من خلقه من الرسل ليبلغ رسالات الله ولقد أظهر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم على غيب كثير مجمل ومفصل فيما أوحاه إليه من الكتاب والسنة وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم من ذلك إلا ما أوحاه الله إليه كما قال الله تعالى : (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ) وكما قال عز وجل : ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) وقال الله عز وجل مخاطباً نبيه : ( وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) وبهذا نعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرٌ لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه ومن ذلك ما في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة دعوتهما واحدة وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله وحتى يقبض العلم وحتى تكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل وحتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبض صدقته وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب لي به وحتى يتطاول الناس في البنيان وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه وحتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها ولم تكن آمنة من قبل أو كسبت في إيمانها خير ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ولا فلا يطعمه ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ولتقومن الساعة وقد رفع الإنسان أكلته إلى فمه فلا يطعمها أيها المسلمون المؤمنون بالله لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن اثني عشر أمراً يكون قبل قيام الساعة فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان دعوتهما واحدة وفسر بعض العلماء هذا بما جرى في زمن علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما حيث كان كل من الفئتين يدعو إلى ما يرى أنه الحق فقتل منهم نحو سبعين ألفاً على ما ذكر وربما يفسر في أمر آخر لأن الساعة متى لم تقم فإنه لا يمكن الجزم بالواقع علي أنه مراد النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون يزعم كل واحد منهم أنه نبي وقد ظهر كثير من هؤلاء ولكن ولكن لا رسالة بعد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل : (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) فمن أدعى النبوة بعده فإنه كافر مرتد يقتل إلا أن يتوب ومن صدقه في ذلك فهو كافر مرتد يقتل إلا أن يتوب لأن ذلك تكذيب لكلام الله عز وجل وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم والمراد بذلك العلم الشرعي علم كتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم ولكن كيف يقبض أيقبض من الكتب أم يقبض من صدور الرجال أم ماذا استمع إلى تفسير ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقي حتى إذا لم يُبقي عالما اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا هكذا يقبض العلم أن يقبض العلماء الذين هم حملة شريعة الله والذين هم مصابيح الدجى ومشاعل النور الذين بهم يهتدي الخلق إلى سبيل الله عز وجل فإذا قبض هؤلاء العلماء الربانيون لم يبقي إلا لم يبقي إلا جهال يسألون فيفتون بغير علم فيضلون عن سبيل الله ويضلون عباد الله وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل أى زلازل الأرض بأهلها وذلك أن الله تعالى جعل الأرض قراراً لعباد ولكنهم إذا عصوا وعتوا وبغوا أمر الله الأرض فاهتزت بهم فأهلكت من شاء من عباده إن هذه الزلازل التي تهز الأرض فتدمر القرى والمساكن وتهلك من شاء الله إنها لا تقع إلا بأمر الله ولو شاء الله تعالى ما وقعت ونحن لا ننكر أن يكون لها أسباب حسية ولكن من الذي أوجد هذه الأسباب الحسية إن الأسباب الحسية لا تكون إلا بأمر الله عز وجل والله بحكمته جعل لكل شي سببا إما سبباً شرعي وإما سبباً حسياً هكذا جرت سنه الله عز وجل وإن المصائب التي تصيب الخلق من هذه الزلازل إنها بما كسبت أيديهم إنها بمعاصيهم وخروجهم عن طاعة الله وتحكيم غير كتاب الله وسنه رسوله والاعتداء على عباد الله المؤمنين ومضايقتهم لأن الله عز وجل قال في الحديث القدسي من عاد لي ولياً فقد آذنته بالحرب أي أعلنت الحرب عليه وأي معادة تكون أشد من التضييق على دعاة الخير في البلاد التي أصيبت التي أصيبت ونكبت وإن سنة الله تعالى في عباده واحدة فمتى عتا الناس عن أمر الله ومتى ضلوا عن سبيل الله ومتى صدوا الناس عن طريق الله فإنهم حريون أن يصيبهم ما أصاب غيرهم من الناس يقول الله عز وجل : ( وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا) فنسأل الله تعالى أن يقيم في أرض المسلمين دينه حتى تقوم حتى تصلح الأمة وتستقيم الملة ونسأل الله تعالى أن يهدي أولئك الذين تسلطوا على العباد المؤمنين أن يهديهم إلى الحق أو يبدلهم بخير منهم إنه ولي ذلك والقادر عليه أيها المسلمون إن بعض الناس يورد على ما قلناه من أن المصائب بسبب الذنوب ونحن إنما قلنا ذلك لقول الله تعالى : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) ويخاطب الصحابة رضي الله عنهم فيقول : (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) يقول بعض الناس إننا نرى المصائب تصيب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فنقول له إن المصائب إذا أصابت المستقيمين على دين الله الداعين إلى الله على بصيرة فإنما تصيبهم من أجل أن يكمل الله لهم أنواع الصبر لأن أنواع الصبر ثلاثة صبر على طاعة الله وهو أكملها وأتمها وصبر عن معصية الله وهو في درجة الثانية وصبر على أقدار الله المؤلمة وهو في الدرجة الثالثة فإذا أصاب فإذا أصاب الأنبياء مثل هذه المصائب فإنما ذلك من أجل أن تتم لهم أنواع الصبر الثلاثة حتى ينالوا درجة الصابرين على الكمال وذلك لأن الصبر درجة عالية لا يناله إلا ذو حظ عظيم كما قال الله عز وجل : (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)  أيها المسلمون أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل وقد عرفتم هذه الزلازل وسمعتم بها فهل يمكن أن يحتمل الحديث معني آخر وهي الزلازل المعنوية التي تزلزل الإيمان والعقيدة وتزلزل الأخلاق والسلوك حتى يضطرب الناس في عقائدهم وأخلاقهم وسلوكهم فيعود الحليم العاقل حيران لا يدري ماذا يصنع أقول هل الحديث يحتمل هذا الله أعلم فإن كان لا يحتمل فإنه يكون سبباً للزلازل الحسية نسأل الله أن يجيرنا وإياكم من الزلازل المعنوية والزلازل الحسية إنه جواد كريم أيها الناس وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فيقرب أوله من آخره وذلك بكثرة الغفلة وفشل الأعمال والأوقات حتى يمضي الزمن الكثير وما صنع الإنسان إلا شيئاً قليلا ويحتمل أن يكون المعنى سرعة إنجاز سرعة إنجاز الأمور التي لا تنجز إلا بزمان كثير كما يشاهد اليوم في وسائل النقل ووسائل الإعلام ووسائل وسائر المواصلات والاتصالات فإن الله تعالى قربها قرباً خارجاً عن خيال من لم يدركها إنكم تشاهدون اليوم تتصلون بأبعد مكان في الأرض تخاطبونه كما تخاطبون من إلى جنبكم وإنكم ترسلون الرسائل بواسطة الفاكس وما يوصلها فيما مضي ما يوصلها الإنسان فيما مضي إلا بوقت كثير وهذا بلا شك من تقارب الزمان لأنه لأن فيه تقارب المكان وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن فتن الدنيا فتن الدين وفتن الدنيا أما فتن الدين فكل ما يصد عن الإيمان بالله والقيام بأمره واتباع هدي نبيه صلى الله عليه وسلم من العقائد الفاسد والأفكار الهدامة والسلوك المنحرف والصد عن ذكر الله وعن الصلاة بالاشتغال بالشهوات واللذائذ المحرمة وأما فتن الدنيا فما يحصل من القتل والخوف والسلب والنهب وظهور الفتن دليل على ضعف العلم الصحيح والإيمان الخالص والولاية العادلة وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى يكثر القتل سواء كان ذلك بالحروب أو بالاغتيالات وقد جرى وقد جرى ذلك ولاسيما في الزمن القريب فالحروب والفتن كثيرة من على أيماننا وشمائلنا ولكنني أذكر نفسي وإياكم بهذا الأمن الذي منا الله به على هذه البلاد وذلك بما فيها من الخير وبما فيها من تحكيم شريعة الله والقيام بطاعته بقدر المستطاع فنسأل الله تعالى أن يزيدنا من ذلك وأن يوفق إخواننا المسلمين لمثله وأن يتم النعمة على جميع عباده المسلمين وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنه لا تقوم الساعة حتى يكثر المال فيكم وقد كثرت الأموال وسوف تزداد حتى يهم الرجل من يقبض صدقته وحتى يعرض وحتى يعرض الرجل المال على الرجل هبهً أو صدقة فيقول لا حاجة لي به لأن الأموال كثيرة وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى يتطاول الناس في البنيان سواء كان التطاول بجمال البنيان وتشييده والاعتناء به أو برفعه إلى عنان السماء كل ذلك من التطاول وهو دليلٌ على اشتغال الخلق في أحوال دنياهم دون أحوال دينيهم لأن التطاول في ذلك يشغل القلب والبدن فيلهو به الإنسان عن مصالح دينه نعوذ بالله من فتنة الدنيا وفتنة المحيى والممات وفتنة المسيح الدجال وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنه لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول ليتني مكانه أي يتمني أن يكون هو الميت قال العلماء لما يري من الأمور العظام التي يفضل الموت عليها من عظيم البلاء ورئاسة الجهلاء وخمول العلماء واستيلاء الباطل في الأحكام وعموم الظلم واستحلال الحرام نسأل الله أن يقينا وإياكم الفتن وإذا أراد بعباده فتنة أن يقبضنا إليه غير مفتونين وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنه لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ويختل نظام سيرها فيعلم الناس حينئذٍ أنها تسير بتقدير الله وأمره فيؤمنون جميعا ولكن الإيمان لا ينفع إلا من كان مؤمن من قبل أو كاسباً في إيمانه خيرا ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الساعة تقوم بغتة وضرب لذلك أربعة أمثال تقوم والرجلان بينهما ثوب قد فلاه يتبايعانه فلا يمكنهم البيع ولا طي الثوب بل تقوم الساعة في تلك اللحظة وتقوم الساعة والرجل قد انصرف بلبن ناقته ليشربه فلا فلا يستطيع شربه لأن الساعة تقوم في تلك الساعة وتقوم والرجل والرجل يصلح حوض إبله ليسقيها فلا يسقي فيه وتقوم وتقوم الساعة وقد رفع الرجل اللقمة إلى فمه فلا يطعمها لأن الساعة تقوم في تلك اللحظة أيها المسلمون نسأل الله لنا ولكم حسن الختام وأن يجعل مستقبل أعمارنا خير من ماضيها ونسأله جل وعلا أن يتوفانا جميعاً على الإيمان بالله ورسوله وتوحيده من غير شرك واتباع سنة رسوله من غير بدعة فاتقوا الله عباد الله وآمنوا برسوله وأعدوا ليوم القيامة عدته قبل أن يفجأكم الموت فلا تدركون النجاة ولا الفوت أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الشيخ : الحمد لله حمد كثيراً طيباً مباركاً فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة يوم نلاقيه وأشهد أن محمد عبده ورسوله أشرف الخلق وأكرمهم عند الله فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

 أما بعد

 أيها المسلمون فإن الله تعالى خصكم بيوم أضل فيه من قبلكم ممن أتاهم الكتاب أضل الله عنه اليهود والنصارى هذا اليوم هو يوم الجمعة هو يومنا هذا هدانا الله له وأضل عنه اليهود والنصارى فكان اليهود جمعتهم يوم السبت وكان النصارى جمعتهم يوم الأحد فكانوا لنا تبعاً مع أنهم سابقون علينا زمنا ولكن فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم إن علينا أيها الأخوة المسلمون أن نشكر الله على هذه النعمة وأن نقدر هذا اليوم قدره فإنه أفضل أيام الأسبوع فيه صلاة الجمعة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر هذه الصلاة لها آداب ينبغي لنا أن نراعيها فمن ذلك فمن ذلك أن نتقدم إلى المسجد فإن من أغتسل في بيته ثم خرج إلى المسجد فجاء في الساعة الأولي فكأنما قرب بدنه ومن جاء في الثانية فكأنما قرب بقرة ومن جاء في الثالثة فكأنما قرب كبش أقرن ومن جاء في الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن جاء في الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام وجاءت الساعة السادسة فإن الملائكة التي على أبواب المساجد تطوي الصحف ولا تكتب لأحد سبقا لأنه بحضور الإمام ينتهي السبق فهل منكم أيها الأخوة هل منكم أحدٌ يريد هذا الفضل هل منكم أحد يريد أن يكون كمن قرب بدنه أننا نرى الكثير من الناس مع الأسف لا يحضرون إلا في أثناء الخطبة الأولى وربما يتأخر كثير دون ذلك أيضا وهذا والله هو الحرمان ما هو إلى يوم واحد في الأسبوع وما هي إلى صلاة واحدة من خمس صلوات في هذا اليوم فما بالكم تتأخرون هذا التأخر مع أن الغالب أن الإنسان لا يتأخر لشغل يهمه ولكنه يتكاسل والشيطان يدخل في قلبه يدخل في قلبه التثاقل حتى يثقل عليه التقدم وإنني أدعوكم إلى التقدم بعد أن تغتسلوا ليوم الجمعة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول غسل الجمعة واجب على كل محتلم وتسوكوا فإن للسواك زيادة عناية في يوم الجمعة ولو استعملتم لو استعملتم الفرشة مع المعجون لكان أطيب وأفضل وتطيبوا وألبسوا أحسن ثيابكم فإن ذلك مطلوب لكم في هذا اليوم الذي جعله الله لكم عيدا وأضل الله عنه الذين أوتوا الكتاب من قبلنا اليهود والنصارى وأعلموا أن في هذا اليوم ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شي إلا أعطاه إياه فانتهزوا هذه الفرصة وهي ما بين خروج الإمام إلى الصلاة إلى أن تقضى الصلاة هكذا جاء في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعرى رضي الله عنه وكذلك آخر ساعة من النهار فإنها يرجى أن تكون ساعة الإجابة ولكن ما ذكرناه أولاً أولى لأنه هو الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم ولأن الناس يجتمعون فيه على عبادة من أفضل العبادات وهي صلاة الجمعة والاجتماع على العبادة له مزية له مزية في إجابة الدعاء المهم أنه يمكنكم أن تدعوا بين الخطبتين ويمكنكم أن تدعوا في صلب الصلاة رجاء الإجابة أسأل الله أن لا يرد دعائي ولا دعاكم وأن يستجيب لنا وأن يجعلنا ممن استجابوا لله وأقاموا الصلاة وأمرهم شورا بينهم ومما رزقهم الله ينفقون وأعلموا أيها المسلمون أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار أيها الأخوة رأيت رجلين الآن يتقدمان في الصفوف ويتخطيان رقاب الناس وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فإنه رأى رجل يتخطى الناس في الجمعة فقال له أجلس فقد آذيت وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الذين يتخطون رقاب الناس والإمام يخطب يؤذون المسلمين يؤذونهم بأكتافهم حيث يمرون من بينهم ويؤذونهم بأشغالهم عن استماع الخطبة فيا عجبا كيف يبقي هؤلاء في بيوتهم سادرين غافلين لأهين ثم يأتون إلى مسجد من مساجد الله ليؤذوا عباد الله بتخطيهم إن هؤلاء آثمون فعليهم أن يتوبوا إلى الله مما صنعوا وأن لا يعودوا  لمثل ذلك إذا جاءوا فليجلسوا حيث انتهى حيث انتهى بهم المكان ولا يؤذوا عباد الله ويشغلوهم عن خطبة الجمعة نسأل الله لنا ولهم العافية أن يهدينا للتوبة النصوح وإننا أعيد فاكرر أكرر عليكم الحرص على التقدم إلى الجمعة فإن ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون ولا يفوتكم ولن يفوتكم شيئاً من الدنيا سوف تدركونه بعد ذلك فتحصلون على خير الدنيا والآخرة وأعلموا أن الله أمركم بدأه بنفسه فقال جل من قائل عليما : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يا رب العالمين اللهم أرضا عن خلفائه الراشدين وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل اتباع المرسلين اللهم أرضا عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضا عنا معهم اللهم أرضا عنا معهم اللهم أرضا عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز المسلمين بالإسلام وأعز الإسلام بالمسلمين يا رب العالمين اللهم أنصر المسلمين في البوسنة والهرسك اللهم أنصرهم على صربيا الطغاة المعتدين اللهم انصر المسلمين على كل من ناوئهم من الملحدين والمنافقين واليهود والنصارى والوثنين يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهي فيه عن المنكر يا ذا الجلال والإكرام اللهم تقبل منا اللهم تقبل منا اللهم تقبل منا ولا تحرمنا فضلك بسواء أفعالنا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد