خطبة حكم تهنئة الكفار بأعيادهم ـ الأمر بالعدل الشيخ محمد بن صالح العثيمين

حكم تهنئة الكفار بأعيادهم ـ الأمر بالعدل
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله ختم الله به الأنبياء ونسخ دينه جميع الشرائع السابقة ومن يبتقي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين فبين صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين دين الحق وترك أمته على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ...

 أما بعد

أيها المؤمنون أيها المؤمنون بالله ورسوله اتقوا الله تعالى (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102)  واشكروه على ما انعم به عليكم من نعمة الإسلام التى أضل الله عنها أمما كثيرة تلك النعمة التي لا يعدلها نعمه تلك النعمة هداكم الله إليها عشتم عليها وعاش عليها آباءكم وأجدادكم فلم يجرى على بلادنا هذه ولله الحمد لم يجرى عليها استعمار مستعمر جاث خلال الديار بجنوده ؛ بجنوده وعتاده فخرب الديار وافسد الأديان إن هذه لنعمة كبري على هذه البلاد نسأل الله أن يديمها وأن يثبتنا على الحق وأن يجعلنا من أنصار دينه الذين نصروا الدين وانتصروا به أيها المسلمون أيها المؤمنون اشكروا الله تعالى على هذه النعمة وحافظوا عليها واسألوا الله الثبات عليها وإياكم إن تتعرضوا لما يزيلها ويسلبها عنكم فتخسروا دينكم ودنياكم أيها المسلمون إنه ليس بغريب على كل ذي دين أن يرجع قليلا لينظر في التاريخ الإسلامي ماذا كان عليه من أعدائه الذين يتربصون به  الدوائر فإن دينكم دين الإسلام منذ بزغت شمسه وتألق نجمه واعدائه الذين هم أعدائكم حقيقة يحاولون القضاء عليه بكل ما يستطيعون من قوة (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة:32) فأتم الله نوره ولله الحمد وزلزل عروش الجبابرة وأتي بهم أسرى بأيدي المسلمين ولله الحمد ولكن ذلك حين كانت الأمة الإسلامية متمسكة بهدي رسولها صلى الله عليه وسلم وبشريعة ربها عقيدة وقولا وعملا أيها المسلمون أيها المؤمنون لقد حاول هؤلاء الأعداء أن يقضوا على دينكم في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم في عهد خلفائه الراشدين ثم في العصور التالية إلى وقتنا هذا بالسلاح الذي يرونه مناسبا للقوم ومناسبا للزمن ومناسبا للمكان تارة يغذون الدين الإسلامي بالفكر سواء كان عقديا أم خلقيا أم اقتصاديا أم عسكريا ولسنا نجازف لسنا نجازف حينما نقول ذلك ولسنا نتخرص ولكن قول الله عز وجل  يشهد بذلك والتاريخ السابق واللاحق يشهد بذلك إن الله سبحانه وتعالى يقول : يقول في وحيه الذي جاء به محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما يثبت ذلك وإن هذه المحاولة للقضاء على دينكم دين الإسلام ليست من صنف واحد من أصناف الكفرة بل هي من كل صنف من المشركين  ومن اليهود ومن النصارى ومن المنافقين ومن سائر الكفار اسمعوا ما قال الله تعالى عن المشركين( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(البقرة: من الآية217) وإننا لنشكر الله عز وجل إن قال (حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) وهذه الجملة الشرطية تفيد أنهم لن يستطيعوا ذلك وهذا هو الواقع ولله الحمد ولولا أن الله يثبت المسلمين بما هم عليه من الدين لقضي عليه الأعداء لأنهم أكثر عددا واقوي عدة ولكن الله  تعالى يحمي دينه ولا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله إنني إذا قرأت هذه الجملة الشرطية (حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ) علمت بأنهم لن يستطيعوا ذلك لأن الله تعالى أتي بمثلها في سورة الرحمن في قوله : (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض ِفأنفذوا) (الرحمن:33) هذا يعني أنهم لا يستطيعون ولذلك لا يستطيع أحد أن ينفذ من أقطار السموات والأرض أيها المسلمون اسمعوا ما قال الله عن اليهود والنصارى (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (البقرة:120) وكانوا يدعوننا إلى ملتهم  ويموهون فيها وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قال الله تعالى: ( قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) واسمعوا قول الله عز وجل عن المنافقين : (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً*وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ) و اسمعوا ما قال الله ما قال الله عن سائر الكافرين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ*بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن تولاه في الدنيا والآخرة وممن نصره على أعدائه إنه على كل شيء قدير أيها المسلمون هذه شهادة من الله تعالى على أعدائكم بما يتمنونه لكم وبما يريدونه منكم وبما يدعونكم إليه من صدكم عن دينكم وموافقتهم على كفرهم فأي شهادة بالله عليكم أي شهادة اكبر واعظم من شهادة الله إي شهادة اصدق من شهادة الله إي شهادة أراد بها الشاهد خيراً ابلغ من شهادة الله إن شهادة الله تعالى شهادة صدق من عالم بالخفيات يعلم خائنه الأعين وما تخفى الصدور إنها شهادة ممن يريد لكم الهداية دون الضلالة (ِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(النساء: من الآية176) (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (النساء:26) أيها المسلمون المؤمنون إن التاريخ في ماضيه وحاضره ليثبت ما قرره الله تعالى في هذه الآيات الكريمة فإياكم إياكم ؛ إياكم أن تنخدعوا بما عليه أعدائكم من الكفر بالله ورسوله وأنحلال الإخلاق وفساد الأفكار وإن زينوا ذلك في أعينكم وسهلوه في نفوسكم ولقد اغتر السفهاء البسطاء اغتر السفهاء البسطاء بما عليه هؤلاء الأعداء من قوة  من قوة  مادية فصاروا يداهنونهم ويتوددون إليهم الله تعالى يقول (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (المجادلة:22) ومن ذلك أي من المداهنة التي يقع فيها السفهاء البسطاء أن بعض الناس يهنئ هؤلاء الكفار بأعيادهم الدينية وهذا حرام بالاتفاق قال بن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة قال وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن نهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا يقول ابن القيم فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من الحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك اعظم إثما عند الله واشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب يعني انتهاك الفرج المحرم ونحوه قال وكثير يقوله ابن القيم وكثير ممن لا قدر للدين عندهم يقع في ذلك ولا يدرى قبح ما فعل فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعه أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه انتهي كلامه رحمه الله أيها المسلمون أيها المؤمنون إن تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية كالعيد المقبل في هذا الشهر إن تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية وشعائرهم الدينية تعبر عن إقرارهم عليها والرضى بما هم عليه من الكفر بل وإدخال السرور عليهم بما رضوه لأنفسهم من الكفر بالله ورسله وهذا خطر عظيم على دين العبد حتى وإن كان المهنئ لهم لا يرضى أن يكون على ملتهم وذلك أن الرضى بكفر الغير رضا بما لا يرضاه الله عز وجل أنت إذا هنأت رجلا على كفره فهذا يعني أنك رضيت الكفر له بل أعظم من ذلك أنك هنأته على كفره بالله عز وجل فكيف ترضي لشخص بما لا يرضاه الله كيف تهنئ شخصا على أمر توعد الله عليه بالنار أهذا من الدين أهذا من محبة الله عز وجل كيف يحب الإنسان أعداء الله كيف يدعي الإنسان انه يحب الله وهو يحب أعداءه ويهنئهم على ما لا يرضاه الله عز وجل أيها المسلمون أن الله تعالي لا يرضي بدين سوى دين الإسلام كما قال الله تعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عليكم نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ) وقال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وقال تعالى: (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) فكيف يرضى المؤمن بدين أو بشعائر دين لا يرضاه الله عز وجل كيف يدخل السرور على قوم في إقامتهم شعائر دين لا يرضاه الله عز وجل أهذا من الإيمان إن هذا بلا شك نقص في الإيمان وهو كما قال ابن القيم ما سمعتموه أن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات أيها المسلمون المؤمنون إذا كانت  تهنئتنا إياهم بأعيادهم الدينية حراماً فإنهم ربما يهنئننا بها جهلا منهم أو إغاظة لنا وإذا هنئونا فإننا لا نجيبهم لأنها ليست بأعياد لنا ولأنها أعياد لا يرضاها الله عز وجل  لأنها غير شرعية فهي إما بدعية في دينهم لم يشرعها الله لهم أصلا وإما مشروعة بدينهم لكنها نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى جميع الناس وفرض على جميع الناس اتباعه وقال عنه أي عن دين الإسلام (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يعني أمة الدعوة وجميع البشر أمة للدعوة بعد بعثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال أي النبي صلى الله عليه وسلم  لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلته به إلا كان من أصحاب النار)  أخرجه مسلم في صحيحه صفحة مائة وأربعة وثلاثين أيها المسلمون إن الأمر خطير أنه يجب أن يكون المؤمن معتزا بدينه لا يرضي بدين سواه أبدا إنه لا يحل لمسلم أن يجيب  دعوتهم إلى حضور هذه الأعياد لأن إجابة الدعوة  أعظم من التهنئة بهذه الأعياد لأن إجابة الدعوة مشاركة لهم فيها وإنه لا يحل للمسلم أن يتشبه بهم بإقامة الحفلات لهذه المناسبة أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى أو أطباق الطعام أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (  من تشبه بقوم فهو منهم )  قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله اقل أحوال هذا الحديث التحريم وان كان  ظاهره يقوله شيخ الإسلام ابن تيميه وان كان  ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم وقال أي قال شيخ الإسلام ابن تيمية مشابهتهم  في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستزلال الضعفاء انتهى كلامه رحمه فمن فعل شيئ من ذلك أى أجاب دعوتهم أو هنئهم بأعيادهم أو تشبه بهم في أعيادهم من فعل شيئا من ذلك فهو آثم سواء فعله توددا أم مجاملة أم حياء أم لغير ذلك من الأسباب لأنه من المداهنة في دين الله ومن اسباب تقوية الكفار واعتزازهم واغترارهم بدينهم فاحذروا أيها المسلمون إنكم والله قادة العالم  إلى الحق والهدى احذروا أن تزلوا فتضلوا إحذروا أن تكونوا تبعا لغيركم إن الناس يجب أن يكونوا  تبعا لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي أنتم سائرون على هديه فاتقوا الله عباد الله احذروا ما حذركم الله ورسوله منه واتقوا الله لعلكم تفلحون اتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله ورسوله لعلكم ترحمون اللهم إنا نسالك في مقامنا هذا أن تعزنا بدينك اللهم أعزنا بدينك اللهم أعزنا بدينك اللهم أعزنا بدينك وأعز دينك بنا اللهم اجعلنا أشداء على الكفار رحماء بيننا اللهم إنا نسألك أن تنصر الإسلام والمسلمين في كل مكان اللهم أنصر اخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك على الصرب والكروات اللهم أجعل بأس الصرب والكروات بينهم اللهم أجعلهم متقاتلين متناحرين واجعلهم غنيمة للمسلمين يا رب العالمين اللهم أزل من أعز هؤلاء النصارى المعتدين إنك على كل شيء قدير اللهم صلي وسلم على عبدك ورسول محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلي يوم الدين.

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وأشهد إلا إله الله وحده لا شريك له شهادة تنجي قئلها يوم يلاقي ربه ويناجيه واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله واصحابه واتباعه بإحسان إلى يوم الدين  ...

أما بعد

فإن من السفهاء من يورد على ما قلناه إيرادا يقول كيف تقولون أنه لا يجوز أن نهنئهم بأعيادنا أن نهنئهم بأعيادهم ولا يجوز أن نقبل منهم التهنئة لنا بأعيادهم مع أنهم يهنئوننا بأعيادنا أفليس من العدل أن نقابلهم بالمثل لأن الله تعالى يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي فإذا كانوا يهنئوننا بأعيادنا فإن من العدل أن نهنئهم بأعيادهم لأننا نعتقد أننا على دين ونحن على دين ولله الحمد وهم يعتقدون أنهم على دين ولكنه دين منسوخ فإن جوابنا على هذه الشبهة أن نقول إذا هنئونا بأعيادنا فغنما يهنئوننا بأعياد شرعية من عند الله وإذا كانوا هم على دين لا يرضاه الله وعلى أعياد لا يرضاه الله فكيف نرضاه نحن ونهنئهم بذلك فالفرق واضح جدا والعبيد والخلق كلهم عبيد الله يجب عليهم أن يدينوا لله  بالحق فإذا خرجوا عن دين الله إلى دين منسوخ إلى دين قال فيه عيسي ابن مريم الذي يزعمون أنهم اتباع له قال عنه (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) (الصف:6) هكذا أيها المسمون عيسى ابن مريم يبشر النصارى بأنه يأتي من بعده رسول اسمه أحمد فما ظنكم هل يبشرهم برسول لا يلزمهم اتباعه هل يمكن لنبي بل لرسول من أولي العزم أن يبشر أقوام برسول يأتي من بعده ولا يلزمهم اتباعه إذا ما الفائدة ما الفائدة من رسالته إذا كان لا يلزمهم اتباعه ولا ينتفع به لأنهم سوف يتبعون نبيا أفضل الأنبياء وخاتم الأنبياء ودينه أفضل الأديان وأقومها بمصالح العباد ولهذا بشرهم عيسى بذلك كما قال الله عنه (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) بل إن الله تعالى قد كتب أوصاف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في التوراة والانجيل كتابا واضحا بينا فقال عز وجل (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (لأعراف:157) ولهذا قال الله تعالى (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة:146) أما فريقا أخر فإنهم يكتمون الحق وهم جاهلون لأن علمائهم قد لبسوا عليهم وأضلوهم قد يقول قائل من النصارى أن عيسى ابن مريم بشرنا برسول يأتي من بعده اسمه أحمد وأما الذي بعث في العرب فاسمه محمد وهذا ليس هو الرسول المبشر به فنقول إن من أسماء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحمد ومن أسمائه محمد واختار الله عز وجل أن ينطق عيسى ابن مريم بقوله أحمد لأن أحمد اسم تفضيل وهذا يعني أن طريقه أفضل الطرق وأن شريعته أحمد الشرائع وفي تسميته بأحمد إشارة إلى أنه يجب على النصارى أن يتبعوه لأنه احمد الخلق لله ولأن شريعته أحمد الشرائع وأكمل الشرائع  ثم نقول إن الله تعالى قال ( فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ)(الصف: من الآية6) من الذي جاءهم الذي جاءهم هو هذا الرسول المبشر ونحن نعلم علم اليقين أنه لم يأتي أحد بعد عيسى ابن مريم  من الرسل ليس بين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبين عيسى ابن مريم عليه السلام رسول أبدا إذا فالذي جاءهم بالبينات هو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبهذا نعرف أنه يجب على كل إنسان أن يؤمن بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه نعلم أن جميع الأديان سوى الدين الإسلامي عز وجل ولهذا نقول هناك فرق بين أن يهنئونا بأعيادنا وبين أن نهنئهم بأعيادهم الدينية لأن أعيادهم الدينية لا يرضاها الله عز وجل ولا يمكننا أبدا أن نهنئ أحدا من البشر بدين لا يرضاه الله تعالى أبدا أيها المسلمون إني أدعوكم ونفسي إلى الرجوع إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإلى هدى الخلفاء الراشدين حتى نعرف دين الله حق المعرفة وحتى نميز بين عدو لنا وبين من هو مثلنا فمن كان مثلنا في دين الله فهو ولينا ونحن أوليائه ومن لم يكن على دين الله فليس ولي لنا ولسنا من أوليائه بل هو عدو الله ونحن أعداء له كما أنه عدو لله فاطر السموات والأرض أسأل الله تعالى أن يرنا وإياكم  البصيرة في ديننا واعلموا أيها المسلمون أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الإمور محدثاتها وكل محدثه  في الدين بدعه وكل بدعه ضلاله فعليكم بالجماعة فان يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم يعظم الله لكم بها أجراً فان من صلى عليه مره واحده صلى الله عليه بها عشرا اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واجعلنا أحب الناس اللهم اجعله أحب إلينا من نفوسنا ومن أولادنا ووالدينا اللهم ارزقنا اتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته  اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضَ عن خلفائه الراشدين أبى بكر وعمر عثمان وعلى افضل اتباع المرسلين اللهم أرضَ عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضِ عنا معهم واصلح أحوالنا كما أصلت أحوالهم يا رب العالمين اللهم اصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم اصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أهدي ولاة أمور المسلمين إلى ما فيه خير العباد والبلاد في الدنيا والدين يا ذا الجلال والإكرام اللهم وهيئي لولاة أمور المسلمين بطانة صالحه  تدلهم على الخير وتحثهم عليه وتبن لهم الشر وتحذرهم منه اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم والفوز بالجنة والنجاة من النار أيها المسلمون أكثروا من الدعاء لإخوانكم في البوسنة والهرسك أنهم في ضيق شديد  .