خطبة دلائل النبوة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

دلائل النبوة
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا  وأن الحمد لله الذي أرسل رسوله بالحق وأيده بالآيات البينات لتقوم الحجة على المعاند وليهلك من هلك عن بينه ويحيي من حيي عن بينه وإن الله لسميع عليم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله وأمينة وسيد أنبيائه ورسله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وعلى التابعين لهم بإحسان من أهتدى بهديه وسلم تسليما كثيرا

أما بعد

 فيا أيها الناس أتقو الله عز وجل واعلموا أن الله أرسل الرسل مبشرين ومنذرين أرسلهم لأن لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ومن حكمته ورحمته أن أيدهم بالآيات البينات الدالة على صدقهم وصحة رسالتهم يقول الله تعالى ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ ) (الحديد: من الآية25) أي بالآيات البينات الواضحات التي لا تبقي شكاً ولا مجال للشك في قلوب من أرسل إليهم أن الرسل حق ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) (الحديد: من الآية25) ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما من الأنبياء نبياً إلا قد أعطي من الآيات ما مثله أمن عليه البشر هكذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما من الأنبياء نبي وهذه نكرة في صياغ النفي فتكون للعموم أيد الله تعالى الرسل بالبينات لتقوم الحجة على كل معاند وليأمن من أمن عن اقتناع وبصيره فينشرح صدره للإيمان وليطمئن إليه قلبه ولقد كان لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي من هذه الآيات أعظمها وأجلها فكان له صلى الله عليه وعلى آله وسلم آيات شرعية وآيات كونية أما الآيات الشرعية فأعظمها هذا القرآن العظيم يقول الله تعالى للذين يطلبون آيات للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (العنكبوت:51) ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي فأرجوا أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة نعم أن هذا القرآن العظيم لآيةٌ كبرى لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنه أي القرآن جاء مصدقاً لكتب الله السابقة وحاكماً عليها وناسخاً لها يقول الله تعالى ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ) (المائدة: من الآية48) كان هذا القرآن آية كبرى لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنه كان على وصف رسالة الرسول إن رسالة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رسالةٌ عامةٌ شاملةٌ صالحةٌ مصلحة وهذا الكتاب أعني القرآن الكريم عام شامل صالح مصلح فهو صالح لكل زمان ومكان تصلح به أمور الدنيا والآخرة فهو أساس الشريعة والشريعة شاهدة له كان القرآن آية كبرى للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما يشتمل عليه من الأخبار الصادقة الهادفة القصص الحسنة المملوءة عبرةً وتربية والأحكام العادلة المرضية والإصلاحات الاجتماعية والفردية وكان آية كبرى في لفظه ومعناه وأثره في النفوس وأثاره في الأمة فهو آية للأمة كلها من أولها إلى أخرها كل المسلمين اليوم يتلونه كما يتلوه أول هذه الأمة ويمكن لأخر هذه الأمة أن ينهلوا من معين أحكامه وحكمه كما نهل منها الرعيل الأول ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) ومن آيات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه الشريعة الكاملة في العقيدة والعبادة والأخلاق والآداب والمعاملة وتنظيم سلوك العبد فيما بينه وبين ربه وفيما بينه وبين الخلق فلو اجتمع العالم كلهم أذكياهم وعلماءهم على أن يأتوا بمثل هذه الشريعة ما استطاعوا لذلك سبيلا لأنها شريعة الله العليم بما يصبح خلقه الحكيم بما يشرعه لهم الرحيم بما يكلفهم به وإنما كلما جاء من صلاح أو إصلاح في أي نظام أو دستور فإن في الشريعة المحمدية الإسلامية ما هو أصلح منه وأنفع وإذا كان البشر لا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذه الشريعة في صلاحها وإصلاحها كان ذلك أيةً وبرهاناً على أن شريعة محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم هي شريعة الله تبارك وتعالى ومن الآيات الشرعية ما يحصل بالعبادات من صلاح القلوب والإنابة إلى الله وصلاح السلوك والمعاملة الحسنة وأما الآيات الكونية الدالة على رسالته صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكثيرة جدا لا تمكن الإحاطة بها فمنها ما جبله الله عليه من مكارم الأخلاق ومعالي الآداب ومحاسن الأعمال قال ملك غسان وقد دعاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الإسلام والله لقد دلني على هذا النبي الأمي أنه لا يأمر بخير إلا كان أول أخذاً به ولا ينهى عن شراً  إلا كان أول تاركاً له وأنه يغلب فلا يقتر ويغلب فلا يضجر ويفي بالعهد وينجز بالموعود وأشهد أنه نبي وقال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمة الله في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح وهو كتاب قيم ينبغي للمسلم قرأته لاسيما في هذا العصر الذي كثر فيه انتشار النصارى بين المسلمين في القطاع الحكومي والشعبي مع الأسف الشديد أقول ذلك وأنا متضجر غاية التضجر والله يعلم إني كاره ذلك أكره أن يكون النصارى وغيرهم من الكفار بيننا في القطاع الحكومي والشعبي في أمور يمكن أن يقوم بها المسلمون ليست من الأمور الخاصة النادرة التي لا يقوم بها إلا الكافر لو كان الأمر كذلك لكان أهون و لكنها أمور طفيفة يسيره يقوم بها أي مسلم  ومع ذلك نجدهم في القطاع الحكومي وفي القطاع الشعبي متواجدين كثيرين لا كثرهم الله ولا أنزل في أعمالهم البركة وأنني من هذا المكان أبلغكم وأقيم عليكم الحجة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرض موته وهو على شفى وداعاً من هذه الدنيا قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وقال أخرجوا اليهود النصارى من جزيرة العرب وقال لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما وقومنا بالحكومة وغير الحكومة يبادرون ويتسارعون إلى توظيف هؤلاء في أمور يمكن أن يقوم بها المسلم فحسبنا الله ونعم الوكيل ولا أدري ماذا يقول هؤلاء إذا خاطبهم الرب عز وجل يوم القيامة ألم يبلغكم قول رسولي أخرجوا المشركين من جزيرة العرب أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا يكون فيها إلا مسلم هذا أو معناه أيها المسلمون أتقو الله تعالى في أنفسكم أتقو الله تعالى في شعبكم أتقو الله تعالى في بلادكم إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما أخبر أن للعرب شراً قد اقترب قالوا أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث وكثرة الخبث لها معنيان المعنى الأول أن يكثر العمل السيئ لأن كل عمل سيئ فهو خبيث والمعنى الثاني أن يكثر الخبث أي الكفار لأن الكفار كلهم خبث لقول الله تبارك وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) (التوبة: من الآية28) ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إن المؤمن لا ينجس فإن مفهومه أن غير المؤمن نجس وهو ما كان صريحاً في كتاب الله يا أيها الناس اتقوا الله اتقوا الله اتقوا الله لا تدعوا النصارى في بيوتكم ولا غير النصارى لا تدعوا الكفار في أرضكم اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وأنكم ميتون ثم مبعوثون ثم مسؤولون فاتقوا الله يا عباد الله أخرجوا المشركين من جزيرة العرب أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب لا تدعوا في هذه الجزيرة إلا مسلما فما كان هذا هدف نبيكم صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإلا والله لتندمون إذا حسبتم على أعمالكم فاتقوا الله عباد الله إن الإنسان ليتفتت قلبه إذا قال أحد الناس أن عندي خادمة مسيحية أو يهودية أو ما أشبه ذلك كيف تجعل عدو الله يبيت في بيتك كيف تجعل عدوك يبيت في بيتك ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقّ) (الممتحنة: من الآية1) أترضون أيها الأخوة أن يكون الرجل عند المسجد يقال له صلي فيقول أنا لست بمسلم أن هذا ليوجع القلب ويدمي الكبد نسأل الله أن يهدي قومنا إلى ما فيه صلاح الأمة وحماية الإسلام من هؤلاء الأعداء لا كثرهم الله في بلادنا أيها المسلمون إني أقول إن كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح كتاب قيم ينبغي للمسلم قراءته لاسيما في هذا العصر الذي كثر فيه انتشار النصارى بين المسلمين في القطاع الحكومي والشعبي ليكون الإنسان على بصيرة من أمرهم نسأل الله بمنه وكرمه وكمال صفاته نسأل الله أن يخلي بلادنا من غير المسلمين اللهم أخلي بلادنا من غير المسلمين اللهم أخلي بلادنا من غير المسلمين اللهم أحمها بحمايتك وأحفظها بحفظك يا رب العالمين اللهم بصر قومنا في الحكومة وفي غير الحكومة بخطر هؤلاء على ديننا وعلى عقيدتنا وعلى أخلاقنا وعلى عباداتنا اللهم طهر بلادنا منهم ومن كل ملحد منافق يا رب العالمين قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمة الله في هذا الكتاب أن سيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم و أخلاقه وأقواله وافعاله وشريعته من آياته فإنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان من أشرف أهل الأرض نسبا من صميم سلالة إبراهيم وكان من أكمل الناس تربية ونشأة  لم يزل صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يزل معروفاً بالصدق والبر والعدل ومكارم الأخلاق وترك الفواحش والظلم لا يعرف له شيء يعاب به ولا جرت عليه كذبة قط ولا ظلم ولا فاحشة بل كان أصدق الناس وأعدلهم وأوفاهم بالعهد مع اختلاف الأحوال عليه من حرب وسلم وأمن وخوف وغنى وفقر وظهور على العدو تارة وظهور العدو عليه تارة هكذا كانت أخلاق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن آيات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الكونية ما شاهده الناس في الآفاق السماوية والآفاق الأرضية ففي الآفاق السماوية كثرت الشهب في السماء لإحباط الشياطين التي تستمع أخبار السماء كثرة الشهب حماية لوحي الله الذي ينزله على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال الله تعالى عن الجن (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً) (الجـن:9) وطلبت قريش من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم آية فأراهم القمر شقين حتى رأوا غار حراء بينهما وكانت كل شقة منه على جبل وأسري بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهذه من الآيات الكونية أسري به من المسجد الحرام وكان نائماً في الحجر فأسري به من هناك من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وأجتمع إليه الأنبياء فصلى بهم إماماً ثم عرج به إلى السماوات فقابل في كل سماء من قابل من الأنبياء والرسل صلى الله عليهم وسلم, وسلم عليهم فردوا عليه وحيوه وبلغ صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة بلغ سدرة المنتهى ومكان سمع فيه صريف الأقلام وكلمه رب العزة بما أراد وتراجع بين الله وبين موسى فيما فرض الله عليه من الصلوات و عرضت عليه الجنة وأدخلها وعرضت عليه النار فرأها كل هذا كان في ليلة بل في بعض ليلة وهو من أعظم آيات الله الدالة على صدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال الله تعالى مشيرا إلى الإسراء (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الإسراء:1) ومشيراً إلى المعراج في قوله ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) إلى قوله ( لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) (لنجم:18) ومن آياته الكونية أنه دخل رجلاً وهو يخطب صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم الجمعة فقال يا رسول الله أدعو الله أن يغيثنا فدعى فصار السحاب أمثال الجبال فما نزل صلى الله عليه و سلم عن المنبر حتى كان المطر يتحادر على لحيته فبقي اسبوعاً حتى دخل رجلاً في الجمعة الأخرى فقال أدعو الله أن يمسكها عنا فدعى وجعل يشير إلى السحاب فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت فخرج الناس يمشون في الشمس وفي الآفاق الأرضية شاهد الناس من آيات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم شيئاً كثيراً فمنه ما روآه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال عطش الناس فكان بين يدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ركوة والركوة إناء من جلد يتخذ فيه الماء فجهش الناس نحوه فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال مالكم قالوا ليس عندنا ماء نشربه ولا نتوضأ إلا ما بين يديك فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور بين أصابعه كأمثال العيون فشربنا وتوضئانا قيل لجابر كم كنتم قال كنا ألف وخمسمائة ولو كنا مائة ألف لكفانا وأتى أنس لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو في زمرة من أصحابه وقد عصب بطنه من الجوع الذي عصب بطنه من الجوع هو محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولو شاء أن تسير الجبال معه ذهباً لسرت بأذن الله فذهب أنس إلى أبي طلحه وهو زوج أمه فأخبره بما شاهد من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال أبو طلحة لأم سليم وهي زوجته هل من شيء قالت نعم كسر من خبز وتمرات إن جاء رسول الله  صلى الله عليه وسلم وحده أشبعناه وإن جاء معه آخر قل عنهم قال أنس فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنظر إلي فقال أجب أبا طلحة فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمن معه قوموا فإذا أبو طلحة على  الباب فقال يا رسول الله إنما هو شيء يسير قاله أبو طلحة أنه رأى مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جمعا فخاف أن يقل عليه فقال يا رسول الله إنما هو شيء يسير فقال هاتة فإن الله سيجعل فيه البركة ثم أمر بسمن فصب عليه ودعا فيه ثم قال إذن لعشرة فأتوا فقال كلوا وسموا الله ثم أدخلهم عشرة ، عشرة وكانوا ثمانين رجلاً حتى شبعوا جميعاً ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأهل البيت حتى شبعوا وأهدوا البقية إلى الجيران ومن آياته الكونية أنه كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يخطب الجمعة إلى جذع نخلة في المسجد فلما صنع له المنبر وهو من الأسيل أو ما يشبه قام عليه النبي صلي الله عليه وعلى آله وسلم أول جمعة فحني الجذع إلى رسول الله كما تحن العشار يعني الإبل حتى نزل النبي صلي الله عليه وسلم إليه فوضع عليه يده يسكنه حتى سكن وكان من آيات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما أخبر به من أمور الغيب التي وقعت طبقاً لما أخبر فصلوات الله وسلامه عليه وقعت طبقاً لما أخبر كأنما يشاهدها بعينه كقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأتي في أخر الزمان قوم حد ثاء الأسنان يعني أنهم صغار سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم مثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك أسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم بمّنه وكرمه ، ولقد كان هذا ولله الحمد فما زالت في هذه الأمة أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم على كثرة ما هذي به دينهم من أعدائهم حتى في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من اليهود والنصارى والمشركين ولا سيما في زماننا هذا فإن أعداءنا من اليهود والنصارى والمشركين والملحدين والمنافقين  لما رأوا إبنعاث الإسلام في هذه الصحوة المباركة شرعوا يقومون ضد هذه الصحوة المباركة إما بدهاء ماكر يحيكون للإسلام ويحيلون دون تقدمه وإما بأمر مكشوف بين فنسأل الله أن يكون في نحورهم نسأل الله أن يكون في نحورهم وأن يقي المسلمين شرورهم إنه على كل شيءً قدير ومن آيات النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان رجل نصراني فأسلم أستمع للقصة قال كان رجل نصراني فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران وكانت البقرة وآل عمران صورتين عظيمتين معظمتين فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم عاد نصرانياً وكان يقول ما يدري محمد إلا ما كتبت له فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض فقالوا هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا له وأعمقوا فأصبح وقد لفظته الأرض فقالوا يعني يا أصحاب هذا النصراني الذي أسلم ثم أرتد قالوا هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا له فأعمقوا في الأرض ما استطاعوا أن يعمقوا فأصبح وقد لفظته الأرض فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه وتركوه منبوذاً وهكذا ينتصر الله عز وجل من أعداء الله ويري الناس فيهم آياته حتى يتبين لهم الحق فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من منْ رأى آياته أتنتفع بها اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا أتباعه وأرنا الباطل باطلاً ارزقنا اجتنابه اللهم أهدي قومنا لما فيه صلاحهم وصلاح دينهم ودنياهم يا رب العالمين أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم .

الحمد لله الحمد لله أحمد وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد

 أيها الناس فإن دين الله الإسلام الذي ارتضاه لنا ديناً كما قال تعالى(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ) (المائدة: من الآية3) وكان من حكمة الله في هذا الشرع أن جعل للمسلمين عيداً أسبوعياً يترددون فيه إلى المساجد وتنحصر الجماعات في جامع واحد بقدر المستطاع ثم شرع لعلماء المسلمين أن يقوموا خطباء في الناس يبينوا لهم شريعة الله ويقوموا عليهم الحجة فيها حتى لا ينس الناس ما أنزل الله على رسوله لكثرة المشاغل والموانع وإن هذه الخطب التي تسمعونها في الجمع ليست أقوال رنانة تصغي إليها الأذان ولكنها حجج وبرهان تقوم بها عليكم الحجة إذا لقيتم الله يوم القيامة وإنني أقول هذه المقدمة لأبين لكم أن ما تسمعونه من خطباء الجمعة مقرون بكتاب الله أن ما تسمعونه في خطب الجمعة مؤيداً بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه سلاح إما أن يكون عليكم وإما أن يكون لكم فإن أنتم أقمت دين الله على حسب ما سمعتم من كلام خطباء المؤيد بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد أفلحتم ونجحتم وإن أنتم نكصتم على أعقابكم وكنتم من منْ قالوا سمعنا وهم لا يسمعون فأعلموا أنكم خائبون خاسرون وإنني نوهت في الخطبة الأولى عن موضوع تكاثر النصارى بين أظهرنا وتكاثر المشركين من البوذيين وغيرهم بين أظهرنا وبينت لكم خطره مقروناً بكتاب الله بل مؤيداً بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأنني أبرأ إلى الله من منْ يصنعون ذلك أي من منْ يختارون الكفار على المسلمين في أعمال يمكن أن يقوم بها المسلم أتم قيام ولكن الشيطان زين لهم سوء أعمالهم وقد قال الله تعالى   (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) (فاطر: من الآية8) وهذا يعني أن هؤلاء الذين زين لهم سوء أعمالهم قد أضلهم الله عز وجل وإن المسؤولية تقع على كل مسئول يمكنه أنه يمنع هذا الجيوش الجياشة التي غزة بلادنا من هؤلاء المشركين ومن النصارى ستقع عليهم المسؤولية مثل مكاتب الاستقدام وغيرها فأنها مسؤولة  وكذلك الطالبون ولقد بلغني أنه من الناس الطيبين الخيرين من يطلبون من مكاتب الاستقدام أن يكون القادم مسلما ولكن مكاتب الاستقدام لا تجيبهم إلى ذلك فإذا قدم قالوا هذا غير مسلم  وللمستقدم الذي أشترط علي مكتب الاستقدام أن يكون القادم مسلماً له أن يرد هذا القادم الذي ليس بمسلم إلى هذا المكتب وأن لا يقبله منه لان المسلمين علي شروطهم وأنني أحذر مكاتب الاستقدام من هذا وأقول لهم أنتم مسؤولون عن كل نتيجة تكون من هؤلاء الذين قدموا إلى بلادنا وهم غير مسلمين فليعدوا لهذه المسؤولية عدتها إذا وقفوا بين يدي الله يوم القيامة ليس بأيديهم مال يقون به أنفسهم وليس لهم ولي ولا حميم يدافع عنهم مالهم من الله من ولي ولا نصير أنى اكرر ذلك لان عندي من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما يحذر من ذلك وإن الواجب علي أن أبلغكم إياه حتى لا تكون لكم الحجة علي بل تكون الحجة لي عليكم والحجة العظمى لله على عباده لان الله تعالى بين لهم كل ما يحتاجون إليه في أمور دينهم ودنياهم أسال الله أن يعينكم على تنفيذ ما سمعتم وأسال الله تعالى أن يعيذكم من الشيطان الرجيم وأسال الله تعالى أن يعيذكم من تزيين سوء العمل بين أيديكم وأعلموا أيها الاخوة أن خير الحديث كتاب الله وأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأن شر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ ، شذ في النار وأعلموا أن الله أمركم بأمر بدأه بنفسه فقال جل من قائل عليماً ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) فأكثروا من الصلاة و السلام على نبيكم امتثالاً لأمر الله وقضاءاً لبعض حقوق رسول الله وزيادة في أعمالكم وحسناتكم فإن من صلى على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم  مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرة أتدرون ما معنى صلى الله عليه أيدري أحدكم ما معنى قوله اللهم صلي على محمد إن معنى اللهم صلي على محمد اللهم أثني عليه في الملأ الأعلى في الملائكة المقربين عند الله أن يثني الله على نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو أهل للثناء فإذا صليت على نبيك صلى الله عليك بالواحدة عشر مرات أثني عليك في الملأ الأعلى فأقول سمعاً وطاعة لقول ربنا فاللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمداً اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته وأتباعه ظاهراً وباطناً اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم اللهم لا تحول بيننا وبين ذلك بسوء أفعالنا اللهم أعفو عنا وكفر عنا سيئاتنا اللهم أغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا أنصرنا على القوم الكافرين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم بمنك وكرمك وجودك يا رب العالمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أحمي حوزة الدين اللهم أحفظ علينا ديننا اللهم احفظنا به يا رب العالمين اللهم أسكنا بديننا جنات النعيم وأجرنا من العذاب الأليم اللهم أنا نسألك أن تنصر الإسلام والمسلمين في كل مكان اللهم أنصر المسلمين في كل مكان اللهم أنصر إخواننا المجاهدين في البوسنة والهرسك اللهم أنصرهم على عدوهم اللهم أمنحهم رقاب أعدائهم اللهم أورثهم ديارهم وأموالهم ونساءهم وذرياتهم يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير اللهم من قال قولة الحق في كل مكان فأنصره بها وأنصرها به اللهم من قال قولة الحق في كل مكان فأنصره بها وأنصرها به يا رب العالمين ومن أراد بالمسلمين سوءا فاجعل كيده في نحره وشتت شملهم وفرق جمعهم وأهزم جنده وأفسد عليه أمره وأجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون أوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا أن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزيدكم أكثر والله يعلم ما تصنعون .