خطبة يوم القيامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

يوم القيامة
السبت 1 جانفي 2000    الموافق لـ : 24 رمضان 1420
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد

ففي الجمعة الماضية تكلمنا على شيء من أهوال يوم القيامة وفي الجمعة التي قبلها تكلمنا عما يحصل للمحتضر الذي حضر أجله وما يكون في القبر أما هذه الجمعة فإننا سنتكلم على إحدى الدارين التي يؤول  إليها الخلائق فإن مآل بني أدم و مآل الجن إلى دارين لا ثالث لهما إما إلى الجنة وإما إلى النار أبد الآبدين في هذه الجمعة نبين إحدى الدارين التين مآل الإنس والجن إليهما فيا عباد الله إتقوا الله تعالى استقيموا على طاعته افعلوا ما أمركم به اجتنبوا ما نهاكم عنه لان الله تعالى أرسل إليكم الرسل مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه أرسل الله الرسل حتى لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فبين الرسل عليهم الصلاة والسلام بينوا للناس ما نزل إليهم من ربهم وحذروهم من أسباب الهلاك فمن الناس من نجى ومنه من هلك فأتقو الله عباد الله أتقو النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون إنه لا نجاة لكم من النار إلا بطاعة الله امتثالاً لأمره واجتناباً لنهيه فأتقو النار فإنها دار البوار دار البؤس والشقاء و الخزي والعار دار من لا يأمن بالله واليوم الأخر ساكنوها شرار خلق الله من الشياطين وأتباعهم قال الله تعالى مخاطب لإبليس قال الله له ( قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) (صّ:85) إنها دار فرعون ودار هامان ودار قارون ودار أبي بن خلف ودار أبي لهب وغيره من طغاة الخلق وفجارهم دار عبد الله بن أبي وإضرابه من منافقين هذه الأمة هؤلاء أيها المسلمين سكان دار جهنم كفار فجرة وطغاة ظلمه ومنافقون خونه ولإن سألتم عن مكانها فإنها في أسفل السافلين وأبعد ما يكون عن رب العالمين فهي دار عقاب الله وأبعد ما يكون عن رحمة الله وعن دار أوليائه يأتي بها أي بالنار يوم القيامة لها سبعون ألف ذمام مع كل ذمام سبعون ألف ملك يجرونها حرها شديد وقعرها بعيد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال ناركم هذه ما يوقد بني أدم جزء واحد من سبعين جزءً من نار جهنم قالوا يا رسول الله إنها أي نار الدنيا لكافية قال إنها أي نار الأخرى فضلت عليها أي على نار الدنيا بتسعة وستين جزء كلهن مثل حرها وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسمعنا وجبة أي صوت شيءً سقط فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أتدرون ما هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال حجرٌ أرسله الله في جهنم منذ سبعين خريفاً يعني منذ سبعين سنة فالآن حين انتهى إلى قعرها أخرجه مسلم في صحيحه وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال يقال لليهودي والنصارى ، والنصارى هم الذين يسمون أنفسهم الآن بالمسيحيين وهم أبعد الناس عن دين المسيح  لأنهم كفروا بالمسيح حين كفروا بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن المسيح بشرهم به ولكنهم أنكروا هذه البشارة وكذبوها وكفروا بمحمد وكفروا بعيسى وكفروا بجميع الرسل إنهم يسمون أنفسهم بالمسيحيين وهم أبعد الناس عن دين المسيح بل هم من أبعد الناس عن دين المسيح أعود قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقال لليهود والنصارى ماذا تبغون فيقولون عطشنا ربنا فاسقنا فيشار إليهم ألاتردون فيحشرون إلى جهنم كأنها شرابٌ يحطم بعضها بعضاً فيتساقطون في النار قال الله تعالى ( وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً) (مريم:86) عباد الله ما ظنكم بقوم قاموا على أقدامهم خمسين ألف عام لم يأكلوا فيها أكلة ولم يشربوا فيها شربه قد تقطعت أكبادهم جوعا واحترقت أجوافهم عطشا ثم أنصرف بهم إلى النار وهم يطمعون في الشراب فلا يجدون إلا النار يلقون فيها ( إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ) (الملك:7) اللهم أجرنا من النار اللهم أجرنا من النار اللهم أجرنا من النار إن الله تعالى قد ملأ هذه النار غيظاً وحنقاً على أهلها تكاد تميز من الغيظ يلقون فيها أفواجاً يقابلون بالتقريع والتوبيخ ( كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ(8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ) (الملك :11) هذا ما يقابلون به عند دخول النار توبيخ وتقرير وإهانة وتنديم فحينئذ تتقطع قلوبهم أسفا وتذوب أكبادهم كمداً وحزنا ولكن ذلك لا ينفعهم فإذا دخلوها فما أعظم عذابهم وما أشد عقابهم يخشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عبادي فاتقون طعامهم الزقوم وهو شجر خبيث مر الطعم منتن الريح كريه المنظر يتزقمونه تزقماً لكراهته وقبحه ولكنهم يلجئون إلى ذلك لشدة جوعهم فلا يسمنهم ولا يغني من جوع وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال اتقوا الله حق تقاته فلو أن قطرة من الزقوم قطرة في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معيشتهم رواه النسائي والترمذي وقال حسن صحيح فإذا ملئوا بطونهم من هذا الطعام الخبيث الذي لا يسمن ولا يغني من جوع إلتهبت الأكباد عطشا فلا يهيئ لهم الشراب وإنهم ليستغيثون  وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ هو الرصاص المذاب  يَشْوِي الْوُجُوهَ حتى تتساقط لحومها بِئْسَ الشَّرَابُ يشربونه على كره واضطرار شرب الهيم ، والهيم هي الإبل العطاش التي لا تروى من الماء فإذا سقط في أجوافهم في هذه الحرارة الشديدة قطع أمعائهم فهذا أيها الناس شرابهم كالمهل في حرارته وكالصديد في نتنه وخبثه قال الله عز وجل ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ(15)مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ(16) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) (إبراهيم:17) اللهم أجرنا من النار ، اللهم أجرنا من النار ، اللهم أجرنا من النار يا رب العالمين أما لباسهم فلباس الشر والعار قطعت لهم ثياب من نار على قدر أبدانهم لا تقيهم حر جهنم ولكنها تزيدها اشتعلاً  وحرارة ( سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) (إبراهيم:50) في عذابٍ مستمر دائم( لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) (الزخرف:75)  كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْهُمْ الله جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً وكلما خبت نار جهنم زادها الله سعيرا ( كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى ) (المعارج:18) يرتفع بهم لهبها إلى أعلها فكلما أردوا أن يخرجوا منها وتمنت أنفسهم أعيدوا فيها وقيل هم ذوقوا عذاب النار الذي كنت به تكذبون وينوع عليهم العزاب فلا يستريحون فيقولون لخزنة جهنم يقولون لخزنة جنهم أدعو ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب فتأمل تأمل يا أخي المؤمن كيف يقولون أدعو ربكم لأنه لا وجه لهم يدعون الله عز وجل ولكن لأنهم إذا دعوه ( قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ) (المؤمنون:108)  يقولون لخزنة جهنم أدعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب والله ما سألوا أن يخرجوا من النار لأن الله قال ( قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ)  ولا سألوا أن يخفف عنهم العذاب دائما ولكنهم سألوا أن يخفف عنهم العذاب يوماً واحداً ولكن الملائكة لا تجيبهم إلا بالتوبيخ والتهكم تقول لهم ( أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى ) (غافر: من الآية50) فالرسل عليهم الصلاة والسلام جاءوا بالبينات بالآيات الواضحات الدالة على رسالتهم وصدقهم ولكن هؤلاء عاندوا فتقول لهم الملائكة أدعو وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ فلم يستجاب لهم لأنهم لم يستجيبوا للرسل حين دعوهم إلى الله وإلى عبادة الله وحينئذ يتمنون الموت من شدة العذاب فيقولون يا مالك وهو خازن النار ليقضي علينا ربك أي ليهلكنا ويميتنا فيقول لهم إنكم ماكثون وذلك لأن الحق جاءهم ولكن أكثرهم للحق كارهون ( كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (البقرة:167) يقولون لله عز وجل للعظمة والجلال والعدل في الحكم والفعال ( رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ) (المؤمنون:107) فيقول الله لهم ( اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ (108)  إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) (المؤمنون:110) أيها المسلمون هذا جزء يسير من ما ورد عذاب النار أجارني الله وإياكم منها عباد الله قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلى المرجل يعني القدر ما يرى أن أحد أشد منه عذابا وإنه لأهونهم عذابا وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأتي بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيسبغ في النار سبغه أي يغمس فيها ثم يقال يا أبن أدم هل رأيت خيراً قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول لا والله يا رب إنه ينسي كل نعيم مر به في الدنيا حين غمس في النار هذه الغمسه نعوذ بالله منها إنها غمسه واحدة فكيف به وهو مخلد فيها أبدا يقول الله عز وجل ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) (النساء:169) ويقول تعالى ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ) (الجـن: 23) ويقول تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً(65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (ا67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ) (الأحزاب:68) اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار ، اللهم أجرنا من النار اللهم أدخلنا الجنة دار المتقين الأبرار اللهم أدخلنا الجنة دار المتقين الأبرار اللهم أدخلنا الجنة دار المتقين الأبرار واغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن أحببناه فيك ولمن أحبنا فيك ولجميع المسلمين إنك غفور رحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين أصطفى وأشهد ألا اله ألا الله وحده لا شريك له ، منه المبتدأ وإليه المنتهى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليماً كثيرا .

 أما بعد

 أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه وأتقو النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون إحذروا كل سبباً يقربكم من النار وإن الله تعالى قد بين في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأسباب التي يكون بها دخول النار وهي معلومة ولله الحمد في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمن ذلك أكل الربا فإن الله سبحانه وتعالى لما ذكر الربا قال ( فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:275) أي من عاد بعد أن جاءته الموعظة وبين له الأمر فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون فبين الله تعالى أن الذين يأكلون الربا بعد أن علموا به هم أصحاب النار هم فيها خالدون وإن الذين يأكلون الربا أشبه باليهود من غيرهم لأن اليهود هم أكلت الربا أكلت السحت فهل ترضى أيها المسلم هل ترضى أن تكون شبيه باليهود من أجل لعاعة من الدنيا تصيبها لا تدري أتحصل لك أو لا تحصل فإن هذا الذي قد رابيت عليه ربما يؤتيك وربما لا يأتيك ثم إذا قدر أنه أوفي في الأجل المحدد فإنك قد تموت قبل أن يحل هذا الأجل فيكون لغيرك ظلم ما كسبت وعليك ظلمه فأتق الله أخي المسلم ثم لا تتحيلوا على الربا بأنواع الحيل التي لا تخفى على البسطاء من الناس فكيف تخفى على رب العالمين إن من الربا أن يحتاج إنسان إلى سيارة فيأتي إلى التاجر ويقول إني أريد السيارة الفلانة فيهذب التاجر ويشتريها من المعرض ثم يبيعها على هذا الذي طلبها بأكثر مما اشتراها به مع التأجيل هذه حيلة مكشوفة واضحة لا تخفى إلا على من ابتلوا بالشح والطمع وإلى فإن معنى هذا تماماً إن هذا الرجل أغرضك قيمة السيارة بربح ولولاك ما أشترى السيارة ولا نظر إليها فكيف نتحيل على ما حرم الله علينا بأنواع الحيل مع أن الله عز وجل يقول في كتابه ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر:19) لو سألنا هذا التاجر لما اشتريت هذه السيارة أرفقاً بأخيك الذي احتاجها لقال لا إنما اشتريتها لأنني سأربح فيها اثنين أو ثلاثة أو عشره في المائة ولولا هذا الربح ما اشتريتها هذا أيها المسلمون هو الواقع ولا يضرنكم كثرة استعمالها في الناس فإن الكثرة في الاستعمال لا تؤدي إلى تحليل الحرام أيها المسلمون فكروا في هذا الأمر تفكير عاقل جاد بقطع النظر عن كون الحيل المحرمة حراماً في شريعة الله فكروا هل هذا التاجر يريد أن يشتري هذه السيارة أو هذا البيت أو هذه الأرض لولا أنك أتيت وأقنعته أن تأخذه منه بفائدة إنني أجزم جزماً والعلم عند الله أنه لولاك ما اشتراها نعم لو كان عند التاجر سيارة أو بناء أو أرض أو شيء أخر يحتاجه الناس فيبيعه على من يشتريه نقداً بكذا وعلى من يشتريه مؤجلاً بكذا أي بأكثر فإن هذا لا بأس به وهو من التجارة التي أباحها الله عز وجل أما ما ذكرناه أنفاً فإنه لا شك فيه إنه حيلة فليتق الله أمرؤ عرف قدر نفسه ليتقي الله أمرؤ عرف أنه راحل عن هذه الدنيا ليتقي الله عرف أنه سيحاسب على ما بلغه من شريعة الله  اللهم إنا نسألك أن تقنا شح أنفسنا اللهم قنا شح أنفسنا وارزقنا رزقاً حلال نستعين به على طاعتك يا رب العالمين ونقدم منه ما شاء لحياتنا الأخرى إنك على كل شيء قدير وأعلموا أيها المؤمنون أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة وماهي الجماعة أيها المسلمون أتظنون أنها الاجتماع في الصلوات الخمس في المساجد هي من الجماعة لا شك ولكن المراد بذلك الاجتماع على دين الله وعدم التفرق فيه الاجتماع على كلمة الحق إتلاف القلوب في كل ما من شأنه أن يكون فيه زيادة الإيمان والتقوى فكونوا أيها المسلمون على الجماعة فمن شذ ، شذ في النار وأكثروا من الصلاة والسلام على إمامكم ونبيكم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي دلكم على كل خير ورغبكم فيه وبين لكم كل شر وحذركم منه فصلوات الله وسلامه عليه وأسأل الله أن يجزيه عن أمته خير الجزاء وأن يجعلني وإياكم يوم القيامة تحت لوائه شاربين من حوضه داخلين في شفاعته مجتمعين به في جنات النعيم مع الذي أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين إن محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم نور يقتدي به علماً يهتدى به فهو صلى الله عليه وعلى آله وسلم دلنا على كل خير وبين لنا كل خير وحثنا على كل خير وهو صلى الله عليه وسلم بين لنا الشرور وأسبابها وحذرنا منها ولم يتوفاه الله حتى بين لنا الدين وأكمله فتركنا على محجه بيضاء ليلها كنهارها لا يذيق عنها إلى هالك فصلوات الله وسلامه عليه اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم بمنك وكرمك وجودك وإحسانك يا رب العالمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين في كل مكان اللهم أعز الإسلام والمسلمين في كل مكان اللهم أجمع كلمتهم على الحق اللهم أنصرهم على أعدائهم من اليهود والنصارى والمشركين والملحدين والمنافقين يا رب العالمين اللهم أنصر إخواننا في البوسنة والهرسك اللهم أنصرهم على عدوهم اللهم عليك بصرب البوسنة فإنهم اعتدوا على إخواننا المسلمين وتجاوزوا الحدود اللهم عليك بهم اللهم أكبدتهم  اللهم أردهم على أعقابهم خائبين اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن قومك المجرمين يا رب العالمين اللهم أرنا فيهم ما يسرنا يا ذي الجلال والإكرام إنك على كل شيء قدير اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أجمع كلمة إخواننا المسلمين في أفغانستان اللهم أجمع كلمتهم على الحق اللهم أنصرهم على عدوهم وهو أنفسهم التي حملتهم على الجشع والطمع وعلى أن يقتل بعضهم بعضا اللهم أجمع كلمتهم على الحق اللهم أصلح ذات بينهم اللهم اصلح لهم الأمور ويسر لهم العسير يا رب العالمين اللهم من قام بكلمتك يريد أن تكون كلمتك هي العليا فأنصره وأيده يا رب العالمين ومن أراد خلاف ذلك اللهم أردده على عقبه خاسئاً يا أرحم الراحمين عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم و اشكروه علي نعمه يزيدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .