خطبة هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الشيخ محمد بن صالح العثيمين

هجرة النبي صلى الله عليه وسلم
السبت 24 رمضان 1420 هـ   الموافق لـ : 1 جانفي 2000 م
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

الحمد الذي الحمد الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ونشكره على ما أولانا من واسع كرمه وفضله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدى من هدى بفضله وأضل من ضل بحكمته وعدله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى  من خلقه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله واتباعه وصحبه

أما بعد

ففي هذا الشهر شهر ربيع الأول من العام الثالث عشر من البعثة وصل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى مهاجره إلى طيبة إلى المدينة النبوية مهاجراً من مكة البلد الأول للوحي وأحب البلاد إلى الله ورسوله خرج من مكة مهاجرا بإذن الله بعد أن أقام بمكة ثلاثة عشر سنة يبلغ رسالة ربه ويدعو إليه على بصيرة فلم يجد من أكثر قريش واكابرهم سوى الرفض لدعوته والأعراض عنها والإيذاء الشديد للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولمن أمن معه حتى آل الأمر بهم إلى تنفيذ خطة المكر والخداع لقتل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث اجتمع كبراءهم في دار الندوة وتشاوروا ماذا يفعلون برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوا أصحابه يهاجرون إلى المدينة وأنه لا بد أن يلحق بهم ويجد النصرة والعون من الأنصار الذين بايعوه ؛ بايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه أبنائهم ونسائهم وحينئذ تكون له الدولة على قريش فقال عدو الله أبو جهل الرأي أن نأخذ من كل قبيلة فتى شاباً جلداً ثم نعطي كل واحداً سيفاً صارماً ثم يعمدوا إلى محمد فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه ونستريح منه فيتفرق دمه في القبائل فلا يستطيع بنوا عبد مناف يعني عشيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يحاربوا قومهم جميعاً وحينئذ يرضى  بنو عبد مناف  بالدية فنعطيهم  أياها هكذاأيها المسلمون يخطط أعداء الله للقضاء على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبهذا القدر من المكر والخديعة ولكنهم يمكرون ويمكر الله كما قال الله عز وجل:(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (لأنفال:30) فأعلم الله نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بما أراد المشركون به وأذن له بالهجرة وكان أبو بكر رضي الله عنه قد تجهز للهجرة من قبل  إلى المدينة فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي فتأخر أبو بكر رضي الله عنه ليصحب النبي صلى الله عليه وسلم . قالت عائشة فبينما نحن في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة في منتصف النهار إذا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الباب متقنعا فقال أبو بكر فداء له أبي وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر فدخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم  وقال يا أبا بكر أخرج من عندك فقال أبوبكر إنما هم أهلك بأبي أنت وأمي فقال النبي صلى الله عليه وسلم  إنه قد أذن لي في الخروج يعني في الهجرة فقال أبو بكر الصحبة يا رسول الله قال نعم فقال أبو بكر يا رسول الله فخذ إحدى راحلتي هاتين فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالثمن ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج هو وأبو بكر فأقاما في غار ثور ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله ابن أبي بكر وكان رضي الله عنه  غلاماً شاباً ذكياً واعياً ينطلق في أخر الليل إلى مكة فيصبح مع قريش فلا يسمع بخبر حول النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلا وعاه حتى يأتي به إليهما حين يختلط الظلام فجعلت قريش تطلب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كل وجه وتسعى بكل وسيلة ليدركوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى جعلوا لمن يأتي بهما أو بأحدهما ديته كاملة مائة من الإبل ولكن الله عز وجل كان معهما يحفظهما بعنايته ويرعاهما برعايته حتى إن قريشا ليقفون على باب الغار فلا يرون رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا صاحبه أبا بكر قال أبو بكر قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا فقال: ( لا تحزن إن الله معنا ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما ) حتى إذا سكن الطلب عنهما قليلا خرجا من الغار بعد ثلاث ليال متجهين إلى المدينة على طريق الساحل فلحقهما سراقة بن مالك المدلجي على فرس له فالتفت أبو بكر فقال يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تحزن إن الله معنا ) فدنا سراقة منهما حتى إذا سمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم غاصت يدا فرسه في الأرض حتى مس بطنها الأرض وكانت أرضا صلبة ولكن الله تعالى أرخاها كرامة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحماية له فنزل سراقة وزجر الفرس فنهضت فلما خرجت صار لها أثر عثان ساطع في السماء مثل الدخان قال سراقة فوقع في نفسي أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فناديتهم بالأمان فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه فركبت فرسي حتى جئتهم وأخبرتهم بما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فقال النبي صلى الله نعم وعرضت عليهم الزاد والمتاع وقال ؛ قال أي سراقة للنبي صلى الله عليه وسلم إنك تمر على إبلي وغنمي بمكان كذا  فخذ منها حاجتك فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا حاجة لي في ذلك وقال اخفي عنا فرجع سراقة وجعل لا يلقى أحداًَ من الطلب إلا رده وقال كفيتم هذه الجهة فسبحان الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر رجل ينطلق على فرسه طالباً للنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه ليظفر بهما فيفخر بتسليمهما إلى أعدائهما من الكفار فلم ينقلب حتى عاد ناصراً معيناً مدافعاً يعرض عليهما الزاد والمتاع وما يريدان من إبله وغنمه ويرد عن جهتهما كل من أقبل نحوها وهكذا كل من كان الله معه فلم يضره أحد وستكون العاقبة له اللهم كن معنا يا رب العالمين اللهم كن معنا يا رب العالمين اللهم كن معنا يا رب العالمين على أعدائنا وكن مع إخواننا المضطهدين والمقاتلين في كل مكان من الأرض ولما سمع أهل المدينة لما سمع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار بخروج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إليهم كانوا يخرجون صباح كل يوم إلى الحرة إلى حرة المدينة ينتظرون قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه حتى يطردهم حر الشمس فلما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعالى النهار واشتد الحر رجعوا إلى بيوتهم وإذا رجل من اليهود على أطم من آطام المدينة ينظر لحاجة له فأبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مقبلين يزول بهم السراب فلم يملك أن نادى بأعلى صوته يا معشر  الجد يا معشر العرب هذا جدكم يعني هذا حظكم وعزكم الذي تنتظرون فهب المسلمون للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم السلاح تعظيماً وإجلالاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإيذانا لاستعدادهم للجهاد والدفاع دونه رضي الله عنهم فتلقوه تلقوا النبي صلى الله عليه وسلم بظاهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين ونزل في بني عمر بن عوف في قباء وأقام فيهم بضع ليال وأسس المسجد مسجد قباء ثم ارتحل إلى المدينة والناس معه و آخرون يتلقونه في الطرقات قال أبو بكر رضي الله عنه خرج الناس خرج الناس حين قدمنا المدينة في الطرقات وعلى البيوت والغلمان والخدم يقولون الله أكبر جاء رسول الله ؛ الله أكبر جاء رسول الله؛  الله أكبر جاء محمد وقال أنس بن مالك رضي الله عنه إني لاسعى بين الغلمان وإنا يومئذ غلام والناس يقولون جاء محمد جاء محمد هكذا يردد الناس صغارا وكبارا هذه الكلمات فرحا بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أحب الناس إليهم والذي يفدونه بآبائهم وأبنائهم وأنفسهم فياله من مقدم ياله من مقدم ملأ القلوب فرحاً وسرورا وملأ الأفاق بهجة ونورا فقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وكل قبيلة من الأنصار تنازع الأخرى زمام ناقته النزول عندنا يا رسول الله النزول عندنا يا رسول الله في العدد والعدة والمنعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دعوها فإنها مأمورة وإنما أنزل حيث أنزلني الله عز وجل فلما انتهت به لما انتهت به ناقته إلى مكان مسجده بركت فلم ينزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وثبت ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أطلق لها الزمام فسارت غير بعيد ثم التفتت خلفها فعادت إلى مكانها الأول فبركت فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا إن شاء الله المنزل وكان هذا المكان لغلامين يتيمين فدعاهما رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فساومهما ليشتريه منهما فيتخذه مسجداً فقالا بل نهبه لك يا رسول الله فأبى أن يقبله أن يقبله منهما هبة حتى اشتراه منهما وقال أي بيوتناً أقرب قال أبو أيوب أنا يا رسول الله هذه داري وهذه بابي قال فانطلق فهيئ لنا مقيلاً ففعل ثم جاء فقال قوما على بركة الله ثم جاء عبد الله بن سلام رضي الله عنه وكان حبرا من أحبار اليهود عالماً من علمائهم الكبار فقال أشهد أنك رسول الله وإنك جئت بحق وقد علمت يهود إني سيدهم وابن سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم فأدعهم فسألهم عني قبل أن يعلموا أني أسلمت فإنهم إن علموا أني أسلمت قالوا فيّ ما ليس فيّ فأرسل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم  إلى اليهود فأتوا إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( يا معشر يهود ويلكم اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون إني رسول الله حقا وإني جئتكم بحق) قالوا ما نعلم ذلك قال(  فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام فقالوا سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا قال لهم أرايتم إن أسلم قالوا حاشا لله ما كان ليسلم فأعاد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم قال فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام فقالوا سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا وكان عبد الله بن سلام قد اختبأ لينظر ما يقول اليهود للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد الله ابن سلام أخرج إليهم فخرج فقال لهم يا معشر اليهود اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون إنه رسول الله وأنه جاء بحق فقالوا له كذبت فأخرجهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخرجهم من عنده فقال عبد الله بن سلام يا رسول الله ألم أخبرك إن اليهود قوم بهم أهل غدر وكذب وفجور ) ثم استقر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة حتى رجع إلى مكة فاتحا لها منصورا مظفرا في السنة الثامنة من الهجرة ثم عاد إلى المدينة ثم عاد إلى المدينة وبقي فيها حتى توفاه الله عز وجل يا عباد الله هذه هجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلماذا هاجر من بلد هي أحب البلاد إليه وهي أحب البلاد إلى الله وهي مكة لماذا خرج منها إلى المدينة إنما خرج ليقيم دين الله ويدعوة  عباد الله ويصلح الله به عباده وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم  من جملة إصلاحاته ومن أهم ما يهتم به إقامة المساجد قبل المساكن فإنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بني مسجده قبل أن يبني بيوتا لأهله وهذا يدل بل ويؤخذ من هذا أنه ينبغي للأمة الإسلامية إذا خططت ارضا للسكنى أنه يكون أول ما تبدأ به  تخطيط المساجد إغتداء برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتقديما لبيوت الله على بيوت عباد الله فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .

الحمد لله حمداً كثيراً طيبا مباركا فيه واشهد إلا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجي قائلها يوم يلاقيه وأشهد أن محمداًَ عبده ورسوله صلي الله عليه وعلى آله واصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

أما بعد

فقد استمعتم عباد الله إلى هجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهجرة أصحابه من بلادهم التي ولدوا فيها وأقاموا فيها وشبوا فيها هاجروا إلى الله ورسوله هاجروا لدين الله هاجروا لإقامة شعائر الله هاجروا للقتال في سبيل الله هاجروا لإصلاح عباد الله فهل منكم أحد يهاجر كما هاجر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إن عقيدة كل عبد مؤمن أن يقول أن يقول بقلبه متي دعت الهجرة من بلاد إلى بلاد أخري فإنني مصر على ذلك ومقيم عليه لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هاجر من مكة إلى المدينة ولكني أبشركم أن هناك هجرة نص عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هي أعم وأشمل من الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام ألا وهي ما قاله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( المهاجر من هجر ما حرم الله عليه  فمن هجر المحارم من هجر المحارم فهو مهاجر فهل منا من هجر ما حرم الله عليه هل منا من هجر الكذب هل منا من هجر هل منا من هجر الغيبة هل منا من هجر النميمة هل منا من هجر النظر المحرم هل منا من هجر الكلام المحرم هل منا من هجر أذية إخوانه هل منا من هجر ما حرم الله عليه إن الإجابة على هذه الأسئلة أن يقال فينا ولله الحمد الكثير ممن هجر ما حرم الله ولكن النفوس تحتاج إلى مجاهدة تحتاج إلى معالجة  تحتاج إلى ترويض على العبادات وعلى ترويض عن فعل المحرمات لأن الهوى والشيطان يحملان العبد على مخالفة الله عز وجل ورسوله فيا أخواني اهجروا ما حرم الله عليكم أهجروا قطيعة الأرحام اهجروا عقوق الوالدين أهجروا الكذب أهجروا الغش اهجروا الغيبة اهجروا النميمة اهجروا التفريط في الواجبات أقيموا ما أوجب الله عليكم لتكونوا من المهاجرين وأنتم في بلادكم فإن المهاجر ما هجر ما حرم الله عليه واعلموا أن الإنسان إذا اتبع هواه فإن ذلك نوع من الشرك لقول الله تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (الجاثـية:23) ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( تعس عبد الدينار تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة إن أعطي رضي وإن لم يعطي سخط ) فجعل النبي صلى الله عليه وسلم من كان همه الدينار والدرهم والخميصة والخميلة جعله عابدا لها وهو إن كان لم يسجد لها وإن كان لم يذبح لها لكن لما شغلت قلبه وكان يقدمها على طاعة الله ورسوله كان هذا نوعا من العبادة يا أخواني أوصي نفسي واياكم بأن نجتهد غاية الإجتهاد بفعل ما أمر الله به  ورسوله وبترك ما نهي الله عنه ورسوله حتى يرسخ إيماننا في قلوبنا وحتى ننتفع به ونحن أشد ما نكون حاجة إليه وذلك إذا حضر أحدنا الموت فإن الإنسان إذا حضره الموت فإنه ربما يزيغ قلبه اذا علم  الله تعالى في قلبه أنه ليس عنده إيمان حقيقي راسخ يصل إلى القلب نعوذ بالله من ذلك اللهم إنا نسألك أن ترزقنا إيمانا كاملا لا كفر معه ويقينا كاملا لاشك معه وإخلاصا كاملا لا شرك معه وإتباعا كاملا لا ابتداع معه اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها اللهم أجعل مستقبلنا خيرا من ماضينا اللهم أحسن عواقبنا في امورنا وأجعل خير  أعمالنا أخرها وخير أعمالنا خواتمها أيها الأخوة إن خير الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة وهي الاجتماع على دين الله لا تتفرقوا فيه فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذّ في النار واكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو أعظم الخلق حقا عليكم لأن الله تعالى أنجاكم به من النار وأنقذكم من الضلالة فممن تبعه على الوجه الذي يرضاه الله عز وجل كان من أصحاب الجنة وزحزح عن النار, اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أدخلنا في شفاعته  اللهم اسقنا من حوضه اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم وأجعلنا فيها على سرر متقابلين لا يمسنا فيها نصب وما نحن منها بمخرجين يا أرحم الراحمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أزل الشرك والمشركين اللهم دمر أعداء الدين  اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا ونحن في انتظار فريضة من فرائضك  نسألك اللهم أن تنصر أخواننا في البوسنة والهرسك اللهم أنصرهم على عدوهم الصرب المجرمين الطاغين الخائنين يا رب العالمين اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب أهزم الصرب المعتدين اللهم أنزل بهم البلاء وألقي بينهم العداوة والبغضاء اللهم سلط عليهم من يسومهم سوء العذاب يذبح أبنائهم ويستحي نسائهم ويحتل بلادهم وأجعل عاقبة ذلك كله للمسلمين يا رب العالمين اللهم  أنا نسألك أن تنصر أخواننا الشيشان على أعدائهم الملحدين الروس يا رب العالمين يا ذا الجلال والإكرام إنك على كل شيء قدير اللهم أنصر أخواننا المسلمين في كل مكان أنصرهم على عدوهم وعدوك يا رب العالمين يا قوي يا عزيز يا أرحم الراحمين عباد الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (النحل:90-91) واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ...